الأيام الأولى لتأسيس نظام الصمود والتصدي

الأيام الأولى لتأسيس نظام الصمود والتصدي

الشرفاء لايموتون... بل يستشهدون

م. هشام نجار

najjarh1.maktoobblog.com

 أعزائي  القراء

منذ ثلاث اعوام كتبت مذكرات حفظت فيها سيرة حياتي بإيجاز تحت عنوان:"محطات صغيره في حياةإنسان عادينشرت في اربع وعشرين حلقه وفي مواقع عربيه عديده دونت فيها احداثاً سياسيه وإجتماعيه هامه

لا أعتبر نفسي رجلاً سياسياً ولكن اعتبر نفسي متابعاً سياسياً ملاحقاً لها بدقه احللها بمنطقيه قدر إستطاعتي. فلدي إعتزاز من أني سليل أسرة وطنية  زرعها فينا والدي رحمه الله منذ ان كان مجاهداً ضد الفرنسيين ولاحقاً عندما قاد المسيره العلميه في مدينتي حلب.

عفويتي في الكتابه تنبع من صدقيتها إن شاء الله..ومن خلال كتابتي لستمائة مقاله في خلال اربع سنوات لم اتلقَ ردوداً تطعن قي مصداقيتها الا فيما ندر.وهذه نتيجة افتخر بها

 سأحكي لكم اليوم قصه تعود الى ايام  السبعينات من القرن الماضي كنت على إحتكاك مباشر بها.تحكي سلوك نظام الصمود والتصدي في بدايات عهده ,لذلك لانستغرب سلوكه اليوم في نهاياته.

اعزائي القراء

في أوائل عام ١٩٧٠ كنت ضابطاً مهندساً أؤدي واجبي الوطني في أحد مصانع مؤسسة معامل الدفاع العسكريه.

يومها كان يطرق مسامعي من اصدقائي في المصنع همسٌ يقترب من السرّيه لإسم يذكرونه بخير كثير بل يترحمون عليه كلما ورد  إسمه على  لسانهم. قلت لهم :ياشباب اخبروني بإلله عليكم من يكون العقيد أركان حرب كمال مقصوصة الذي تتهامسون حوله ؟!  رَدّوا علي بعد وثوقهم بي : العقيد كمال مقصوصة ضابط وطني كفؤ من عائلة دمشقية معروفه كان مديراً لهذا المصنع الذي نعمل فيه.نقلته القياده إلى دمشق ليستلم منصباً هاماً في إدارة التجنيد العامه والذي تقع دعوة الاحتياط في حدود مسئولياته بعد حرب الهروب الكبير بقيادة مهندسه حافظ اسد ...تابعوا قائلين:

وفي احد الأيام  أُستدعي العقيد أركان حرب كمال مقصوصة إلى القيادة العامة (مبنى الأركان العامة في دمشق) ليشهد اجتماعاً عقده الحزبيون وجنرالات الصمود.. ليقرروا سلسلة من الإجراءات والأعمال (للدفاع عن البلاد بعد أن عَموها جاؤا يكحّلونها) وذلك بعد سقوط القنيطرة، وبعد أن أصبحت دمشق مهددة بالغزو الإسرائيلي

وفي خلال المناقشة، قدم الرائد رفعت الأسد طلباً غريباً ومنسقاً  مع أخيه السيد حافظ الأسد بدعوة لوائي احتياط من أبناء (دمشق، حمص، حماة، حلب). فاستغرب العقيد المذكور هذا الطلب.. ونبّه المجتمعين إلى أن دعوة الاحتياط لا يمكن أن تتم على أساس هذا التقسيم (أبناء المدن، ومن الطوائف غير العلوية)، وأن دعوة الاحتياط عادة تتم على أساس مكلفي الأعوام (مثلاً مكلفي الأعوام ١٩٦٠-١٩٦٥ أو على أساس دعوة المعبأة سابقاً (مثلاً: اللواء ٨٠   اللواء ٦٠ احتياط..) إلخ 

أما دعوة الاحتياط من أبناء مدن معينة، ومن أبناء طوائف معينة، واستثناء غيرهم من أبناء المناطق والطوائف الأخرى، فهذا أمر فريد من نوعه في تاريخ الجيش، ومستحيل التطبيق لأن أجهزة شعب التجنيد ومكاتب النفير، لا تملك الإحصاءات الجاهزة التي تمكنها من تنفيذ تلك الدعوة المريبة لبعض قوى الاحتياط. ,وهنا كانت المحكمة الصاخبه التي عقدت لمحاكمة الشرفاء ضد إدعاء دعاة الفتنه والطائفيه.

عندها تصدى منطق التعصب والإجرام لمنطق الحق والإخلاص، فأصروا عليه أن ينفذ ما طلب منه وإلا.. ثم ألحقوه ببعض النعوت التي لا تليق بإنسان كريم.

.فأصر البطل على موقفه ببسالة نادره فما كان من صاحب الإدعاء الاّ ان  أمر حراسه الشخصيين بتنفيذ الخطه فحملوه الى إحدى النوافذ وقذفوه بقوه ورأسه إلى الأسفل امام كل جنرالات الصمود والتصدي وكبار مسؤولي الحزب وكأنهم يشاهدون فلماً لجيمس بوند فأرتطم رأسه بالرصيف وفارق الحياة على الفور,إنفض الجمع وكأن شيئاَ لم يكن

ثم نقلوه من المستشفى إلى بيته بصندوق مغلق محذرين عائلته من فتحه تحت طائلة تصفيتهم , مُدعين إنتحاره..ثم سارت القيادة في جنازته بوداع رسمي موزعين على المشاركين محارم الكلينيكس مجاناً تماماً كما يفعلون اليوم بجنودنا وضباطنا الشرفاء الذين يرفضون قتل إخوانهم.

أعزائي القراء

بعد أن أنهى أصدقائي قصة البطل العقيد الركن كمال مقصوصه قرأنا الفاتحه على روحه الطاهره..

 ثم غادرت إلى مكتبي حذراً  خشية أن يشعر بإجتماعنا( الإنقلابي)المساعد الأول جاسوس الأمن ...وعلى عيني آثار من دموع تأبى علي الرجولة إلاّ أن أخفيها.

مع تحياتي