ثلاثة مبدعين من فلسطين!!

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

بمناسبة تأهل هيثم الخلايلة للمرحلة النهائية من البرنامج الجماهيري "عرب آيدل"، ووفاة الشاعر اللبناني الكبير "سعيد عقيل" وما شاع من عنصريته ضد الفلسطينيين، تبرز من سفر التاريخ الحديث صفحة تتحدث عن أحد أساطين الفن الموسيقي العربي، الذي لمع نجمه في لبنان، إنه الفنان "محمد غازي" عميد المطربين العرب، الذي رافق الرحابنة وفيروز في أداء العديد من الموشحات الأندلسية، فقد نُقل عن الشاعر الراحل سعيد عقل أنه لم يكتب قصيدة (غنيت مكة) إلا إكراما لهذا الفنان (محمد غازي) الذي أرسى بالتعاون مع فناني لبنان قواعد الفن الموسيقي في العصر الحديث، وخاصة فيما يتعلق بالموشحات.

إن هذا التأهل للفنان الفلسطيني العربي "هيثم خلايلة" على أرض لبنان ليس حدثا نادرا وشاذا، فقد رأيناه قبلا في الأسطورة "محمد عساف"، وها نحن نشهده مرة أخرى بهيثم، كما عرفناه في إبداع محمد غازي، لينضم هؤلاء الثلاثة لركب المبدعين الفلسطينيين، الذين احتضنتهم لبنان ليصنعوا علامات دالة في الإبداع الإنساني الثريّ والمتعدد، ولكنه في حقل الغناء والفن الموسيقي هذه المرة، كما رأينه في الشعر العربي الذي صنعه الفلسطينيون في أرض لبنان وهم يتنسمون هواءها العليل، أو بتلك الروايات التي أنتجها الفلسطيني على أرض لبنان!

ربما لن يكون هيثم المحبوب الفلسطيني الثاني للعرب في الدورة الثالثة للبرنامج، مع إمكانية أن يغير التصويت كثيرا من النتائج المتوقعة، إلا أن لبنان بدفئها وجمال الروح في بيروتها العظيمة عوضته عن تحقق ذلك الحلم المتطلع إليه بشغف واستحقاق، فأعطته ما لم يكن يحلم به، ونقلته على أجنحة من رضا إلى تلك الغمامة الممطرة إبداعا وشهرة ومحبة!

إن هذا الحدث ليكشف عن مدى ما في هذا الشعب المقهور من طاقات وإبداعات، وإنجازات على مر التاريخ، قبل النكبة وفي النكبة وما بعدها، شعب لا ينكسر يحب الحياة ويتحدى بصلابة، ويصنع قدرا موازيا لقدر فرض عليه، لهو شعب يستحق أن يعيش، شعب له قدرة على الغناء وصنع الموسيقى في ظل هذا الموت الذي يحيق به ليكون منه محمد غازي سيدا وبارعا في أداء الموشحات، ومحمد عساف محبوبا للجماهير، وهيثم خلايله الذي ينتظر أن يعيش معه الشعب لحظة فرح خاصة، شعب منتم لتاريخه وحضارته لا يفرق بين لبناني ومصري وسوري، شعب بعيد عن الكراهية والعنصرية، ويصنع الفرح، شعب كهذا يستحق أن يغنى له: "لو رملة هتفت بمبدعها شجوا لكنت لشجوها عودا"! فلبنان بلد الفن والجمال والتسامح والتعدد لا أراه يضيق علينا وحدنا أيها الشاعر الراحل!!