صمتٌ مبدعٌ في عبقريةِ سيدةٍ مصرية

سالم الزائدي

[email protected]

من هناك من مصر.. عباقرة تولد وتنشىء تاريخ ، من هناك مبدعون ومخترعون........

هم وجه مصر، حقيقة مصر، معدن مصر الثمين .. هؤلاء هم علامة المرحلة ودلالة على خصوبة الفكر العربي الحديث ، هم عباقرة في التكوين والأداء ولكلٍ  طابعُ خاص يميزه.

في حياتنا مفاهيم  تقليدية كثيرة ومعقدة ، ناتجة عن ظروف مختلفة ..علينا أن ننجو منها كي نستنهض الهمم ، وطريقنا لذلك يبدأ عندما نتخلص من ضعفنا ونكتشف قوتنا. رغم أننا نتصور أن الحياة فى كثيرٍ من الاحيان لا تمنحنا الفرصة لكي نفعل شيئا ً مميزا ً،إلا أن " المهندسة ليلى عبدالمنعم " قالت كلمتها واعطتنا مثالاً مبهرا ً لقدرة الإنسان على النجاح .

حين تقرأ تاريخاً حافلاً بالإنجازات لسيدة عربية مسلمة مشفوعاً بصمت الابداع في عملها وروحها... فذلك يعيدنا إلى زمن علو همة العرب ونجاح علومهم وإنجازاتهم العلمية.

المهندسة ليلى عبدالمنعم، اسم يحفر مجده بكل صبر وايمان، دون استكانة، شغلت الناس وملأت الدنيا باختراعاتها الكثيرة و المتعددة، هي " وطن فى القلب ..وقلب على الوطن " أكثر من مائة اختراع انجزت ونشرت، شهادات وجوائز حصدت، مسيرة عطاء حافلة وزاخرة بحب العمل الجاد وحب الوطن والأمة العربية الإسلامية، يجري هذا الحب فى دمها وقلبها ووجدانها فى حله و ترحاله هذه هي المهندسة الإنسان.

إنني على يقين من أن كلماتي هذه لا تعطي لهذه العبقرية حقها في إبراز علمها واجتهادها واصرارها وارادتها وايمانها ومن إنجازاتها التي تضاف الى رصيد الأمة العربية الإسلامية، هذه الانجازات التي تثبت أنه ما يزال هناك نور واشراقة علم فى مصر والمجتمع العربي وإن كان مغيباً وما زال الاهتمام به في آخر سلم أولوياتنا.

أكتب عن نموذج نسائى بارز فى مجتمعنا الشرقي يمثل قدوة لشبابنا وفتياتنا فى العمل والعطاء والكفاح و الإختراع و الابتكار، فالمرأة هي عصب كل أمة منذ أقدم العصور وهي محفزة لكل تقدم على اختلاف مناحيه وتنوعه.

ونشير إلى ما كتبه محمد عبد العزيز ، تحت عنوان "ليلى عبد المنعم.. أم المخترعين":

 أطلق عليها البعض لقب "أم المخترعين"؛ نظرًا لاختراعاتها الكثيرة مما أهلها في مؤتمر "جلوبل" بلندن الى تسلم وسام استحقاق عالمي، وكان ترتيبها الثالث بين ألف عالم من جنسيات مختلفة في المسابقة التي تقام سنويًّا بلندن، وقالت عنها لجنة التحكيم في المؤتمر "أم المخترعين التي تعمل في صمت أبو الهول وشموخ الأهرامات".

وعلى الرغم من أن جائزة "جلوبل" لا تمنح إلا للعلماء الذين لهم باع طويل في مجال الاختراعات فإن لجنة التحكيم وجدت أن رصيدها من الاختراعات المسجل بأكاديمية البحث العلمي هو اختراع فائق لأي باع من الاختراعات تقدم به عالم في المسابقة فأطلقوا عليها لقب "أم المخترعين" قائلين بأن هذا العدد من الاختراعات غير مسبوق في مصر أو خارج مصر.

ومن أهم الاختراعات التي توصلت إليها "بحيرة صناعية" بها ركائز لإطلاق المركبات الفضائية للقضاء على التلوث البيئي، "إنسان آلي"  مخصص للبحث عن المتفجرات استحقت عليه وسام وزارة الداخلية باعتباره أفضل اختراع مضاد للألغام، ابتكرت مصعدًا لكابينتين رأسيتين، ومعدّة لجمع القمامة بطريقة صحيحة، وكمامة لمنع الشخير، وجهازًا لعلاج الصداع النصفي، ومغسلة ومكنسة بالريموت كنترول وبالكمبيوتر، وجهازًا ضد طفح البالوعات، وقفازًا عازلاً للكهرباء، واخترعت إطارًا للعجلات من النوع الصلب المدعم الممتص للصدمات، وابتكرت سيارة مضادة للانفجار بمكونات تحمي من داخلها من أي لغم أو انفجار، أما اختراعها لخرسانة ضد الزلازل والصواريخ فقد اقتبسته من آية قرآنية في سورة الكهف وتقول عنها: "جاءتني فكرة الاختراع عندما علمت أن مجموعة من العلماء الأمريكيين يجرون محاولات تصميم مبان تتحمل الهجمات الإرهابية، كما شاهدت في الوقت نفسه برنامجًا تليفزيونيًّا علميًّا تحدث فيه مقدمه عن قيام اليابان بتشييد حائط يقاوم الزلازل بقوة 6.4 ريختر بسمك حوالي متر فأكثر. وتضيف المهندسة ليلى قائلة: كل تلك الاختراعات تأتيها من خلال التفكير في الأشياء المحيطة بها، ومتابعتها للبرامج العلمية، وقراءة الموسوعات العلمية، ويكون هدفها هو تسهيل تطبيق الأشياء التي تساعدنا في قضاء حاجاتنا اليومية ومن هنا نجد الارتباط الشديد بين اختراعاتها والواقع الذي نعيش فيه ويحيط بنا.

طريقك للاختراع" أحد كتب أم المخترعين الذي تخاطب فيه أي شخص يريد أن يخوض في مجال الاختراعات ولديه الموهبة، وهو الكتاب الذي تعاقد القائمون على مؤتمر جلوبل لترجمته. وقد حقّق هذا الكتاب نسبة عالية من التوزيع على مدى سبع سنوات، حيث طبع للمرة الخامسة. أما الكتاب الثاني فهو يحمل عنوان "بيئة خالية من التلوث" تتحدث فيه عن التلوث بكل أشكاله حتى التلوث السمعي وطرق الحماية منه. وقد شجّعت "المهندسة ليلى" الصغار والشباب على الاختراع من خلال رئاستها نادي المخترع الصغير "أندية العلوم الآن" لأكثر من ثلاثة عشر عامًا ونفذت الكثير من اختراعاتهم وهي ما زالت تنادي بضرورة الاهتمام بالصغار واكتشاف موهبتهم في الاختراع منذ الصغر، وتُعَدّ تجربتها مع ابنتها "إنجي" دليلاً على ذلك، فقد سجلت وهي طفلة (13)اختراعًا وحصلت على ثلاث ميداليات ذهبية.

بعد الخوض في تجربة المهندسة ليلى والتعريف بها ..علينا أن نفكر أكثر في كيفية الاستفادة من هكذا موهبة ورصيد معرفي للوصول الى أقصى ما يمكن من الفعالية.....إذا أردنا لأنفسنا تقدما ً ونموا ًحقيقياً، فلا مناص لنا مطلقاً من أن نعمل بجد على هذا التقدم و هذا النمو وألا نتركه لعامل الزمن.

و كما قال صديقي الشاعر فرج أبوالجود:

دق النذيرُ فلا كسلُ                 نادى المؤذن يابطل

كي ينهض الجيلُ الذى              سكب الدموع ولم يزل

وليستعيد حقوقه                     ويعيد للناس الأمل

إن النجوم بعيدةُ                     لكن سلمها العمل

كلُ الذين تأخروا                    وصلوا لماذا لم نصل           

إن الاصلاح لا يأتي أبدا ً من تلقاء نفسه، ولايمكن لمجتمع ما أن يحقق خلاصاً من كيانه المريض إلا بجهود المخلصين أفرادا ً وجماعات ، والسعي لفرض انجازات تتفق مع العقلية السليمة الدافعة والهادفة ، الحازمة إلى غاية الارتقاء والتقدم واحترام آدمية الانسان وإنجازاته وإبداعاته.