المرأة في عيون العظماء

1

عمر جلاب

[email protected]

" حبب إلي من دنياكم النساء والطيب. وجعلت قرة عيني في الصلاة"

بهذا الأدب الراقي، وهذا العطر الذي فاحت به مشكاة النبوة، أصحب حضرتكم وزادنا: حب، نساء، طيب ، قرار، سكينة و صلاة.

عالم من البهاء والرقة تذوب لها قلوب جبابرة العالم لو تدبروا لحظة، أي لو أحبوا لحظة...

ودنيا ليست تكون إلا سموا، إذا كانت المرأة عنوانها، فهي-أي المرأة- والطيب كالروح والجسد، إذا انفصلا كان الفناء...

 وهي،هي ذات القرار  لكل من يبحث عن القرار. بل هي الصلة بين السماء والأرض، بين الروح والمادة.

إن الحب هو زاد كل رجل حقيق بكلمة الرجولة وأبعادها، بل هو مورد وموعد طلاب المراقي من الذين تستطيرهم نظرات الإعجاب المؤمنة.

إن حاء الحب هي الحد بين عالم القبح وعالم الجمال، بين دنيا الرذائل ودنيا الفضائل، بين الارتقاء مدارج الصوفية والانحدار مهاوي المادية الغليظة، بين عظيم عرف المرأة فكان أن ختم حياته بأدب لم ينطق به أبلغ من عالج لواعج الحب في أعرم لحظاته، في زهرة الشباب.

أما باءه، فهي سر البدايات لما آنست حواء آدم في وحشته الأولى. فهي البر، والبذل حينما ينطق عقل من تحسب على الضعف، وهي القوة الدافعة للرجل، هي البناء حينما يأنس ذاك الموغل في تلابيب القسوة إلى الدعة والسكون، بل هي البحر  في صفائه وكدره، وصمته وصخبه، وعظمته وتواضعه...

حاءات وباءات لا تسعها المجلدت، ولا أقوال الفلاسفة والعظماء، ووسعتها كلمة رسول لم تشبع طفولته من حب أمة، بيد أنه ظل موصولا بها إلى أن فاضت روحه إلى بارئها.

بل إن أرق كلمة سبقت هذه العبارات الرقيقات، كانت دمعات يتيمات ذرفتها أجمل مقلتين، قبل وبعد أن تطوى السماوات والأرض.

كان ذلك لما وقف ذلك الرجل العظيم على قبر امرأة حملته ذات وعد جميل، وراحت ذكرياته تحمله بألف حب لا يفهمه إلا قلب محمدصلى الله عليه وسلم.

إن من سكنت روحه إلى الآخرة، قد كانت له في هذه الدنيا ذكرى زكية بزت كل عطور الدنيا:

- إنها النساء...وضميمة إليها الطيب.

بل إن ذات الرجل العظيم لم تكن لتسكن للآخرة لو لم تجد في امرأة كخديجة رضي الله عنها دفعا، ومددا روحيا وماديا لها...

إن حضن تلك االمرأة القوية لذلك الرجل الذي هدته غربته، كان قواما لرسالة بشرية خالدة عنوانها: محمد وخديجة...رجل وامرأة...أو قل : حب السماء للأرض...في كلام يندر أن تتراصف حروفه إذا كان بها مس من أخلاط  العجمة.

لقد كانت المرأة أجمل عنوان في سيرة رجل تحدث كثيرا للمرأة وسمع لها ربما أكثر مما تحدث... بنبوته، برسالته، برجولته، بأبوته، بأخوته...بما فطرت عليه ذاته المطهرة، وبما أفاض عليه ربه...

بل إن الرجل الكريم في طبائعه، السخي في عواطفه، لم تطل وقفته في كلامه عما أحبه في دنياه ليعاود الرجوع إلى صلة من بعد أخر: الصلاة...

أي قلب حمل مثل هذا الحب؟

أي رجل فكر، ولو لحظة اكتسحت عاتيات أمواج الحب مرافئ قلبه، في ربه؟

إن ذاك القلب، هو قلب محمد السيد.

وذلك الرجل، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إن  الذي أعلى قدر المرأة في أواخر حياته وأوصى بها خيرا، هو ذاته الذي طلب من حادي الإبل أن يرفق بالقوارير، التي هشمتها أياد عفنة في كل زمان وفي كل مكان مات فيه القلب ونطقت فيه الهمجية.

لقد كان من الرقي أن طلب رسول الحب والحياة من حادي الإبل أن تكون موسيقاه على رهافتها أرق من أن تؤذي مخلوقا رقيقا سهل الانكسار .

أي رقة أبعد غورا من رقة محمد؟

إن الجمال إذا غشيت أنواره قلوب من عرفوا الذات العلية، يصير لحنا جميلا تطرب له المخلوقات طرا.

ذاك جمال المرأة...

أما سيد الجمال، فهو من تفوه ذات خاطر سماوي مر هناك...

لك مني سيدي هذه الكلمات قربات قلب يبحث عن الحب عله يدركه شربة هنية ذات نور...

               

[1] ارتأيت أن افتتح مقالاتي عن المرأة في عيون العظماء ، بسيدهم ، برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدرك قلتي أمام أدب النبوة.