افحصوا عقولهم ونفوسهم وابحثوا عن جذورهم

أحمد الجمّال الحموي

افحصوا عقولهم ونفوسهم

وابحثوا عن جذورهم

أحمد الجمّال الحموي

ماكان يدور في خلد عاقل مهما جمح به الخيال أن يرتكس بعض حكام دولنا العربيه في مستنقع تمويل اسرائيل ودعمها لتدمر غزة وتقتل حوالي ألفين من رجالها ونسائها وأطفالها وتحقق رغبة اولئك الحكام في القضاء على أمل الأمه (حماس)، ونحمد الله الذي خيب آمالهم ونكس رؤوسهم وأماتهم بغيظهم.

ولئن كان لأولئك الحكام حجج يتكئون عليها فهي في نظر شعوب أمتنا أوهن من بيت العنكبوت، وليكن معلوماً أن الشعوب أصدق نظرة وأنقى فطرة من الحكام الفاسدين . وما تلك الحجج التي يظهرونها أو يخفونها إلا مجموعة من المصالح الشخصية والرغبة في البقاء على كرسي الحكم. وويل لمن يدمر أمته ويحارب دينها من أجل شهوة الحكم ومنافع البقاء على كرسيه.

ومن المفارقات أننا قبل أن ننسى كارثة غزة – وهيهات أن ننساها فماهي مما ينسى وقد أمسك عارها بتلابيب أولئك الحكام – يفاجئنا أولئك الحكام أنفسهم بالسقوط مرة أخرى في مؤامرة لاتقل قبحاً عن سابقتها وهي اغداق المال والسلاح على الحوثيين وتمكينهم من اجتياح اليمن مدينة بعد أخرى قاطعين مئات الأميال مكشوفين من غير غطاء جوي وفي الوقت نفسه من غير أن يحرك الجيش اليمني قواته الجوية والبرية وياللعجب ، ويحق لنا هنا أن نسأل: أين الطيران الذي يقطع آلاف الأميال ليضرب المسلمين في ليبيا تأييداً لإنقلاب حفتر - ذلك الرجل الذي هو بقية العهد الفاسد -وتنحية للإسلاميين عن الحكم بالقوة ، فلماذا لم يتحرك ذلك الطيران ليحمي مسلمي اليمن من الإعتداء على أنفسهم وحياتهم ومعاهدهم وليمنع السرقة والنهب الذي مارسه الحوثيون ولا يزالون وهم يحتلون اليمن قطعة إثر قطعة .

ألا يكفي ضياع أندلس واحدة، أم لابد من ضياع أندلسات كثيرة . وياليتنا نعرف كم أندلساً يجب أن نفقد قبل أن يتوقف الحكام المارقون عن محاربة الأمة ودينها. وكم من ملايين الأمتار المكعبة يجب أن تسيل من دماء المسلمين لتروي غليل المجوس ولتخفف من لهيب حقدهم المستعر على أحفاد الذين حطموا عرش كسرى وأنقذوا الفرس وغيرهم من إستبداده وجبروته وطغيانه ونشروا بين تلك الشعوب الاسلام بعدالته ورحمته.

لقد أكثر الروافض في الأرض الفساد والإفساد - يعاونهم أو يسكت عنهم على أقل تقدير بعض الحكام – وهذا الإفساد مقصود متعمد لاعتقاد اولئك المجرمين الحمقى أن الإمام الموهوم لا يخرج من سردابه إلا بعد أن تمتلأ الأرض فساداً وجوراً، فإذا امتلأت بالفساد خرج ذلك الإمام المزعوم الذي لم يخلق أصلاً ليملأ الأرض صلاحاً وعدلاً. إنهم يفسدون عامدين حثاً للإمام الموهوم على الإسراع في الخروج .

إن الحكام الذين أعمى الحقد على الإسلاميين عقولهم ونفوسهم وقلوبهم شركاء الروافض في الإجرام، ولن تغفر لهم الأمه مواقفهم الخيانية، هذا عدا ما ينتظرهم عند الله تعالى الذي نسوه وظنوا أنهم سيفلتون من حسابه وعقابه .

ومن بعض فساد الروافض سرقة سوريا ولبنان والعراق وهاهم يسرقون اليمن ويطمحون ويخططون لسرقة البحرين والسعودية كلها وليس المنطقه الشرقية فقط وهم لا يملون من التصريح بهذا وبأن الخليج بجانبيه لهم بوقاحة عز نظيرها. ومما يدمي القلوب أن الحكام الذين مولوا الحملة اليهودية على غزة ومكنوا الحوثيين من سرقة اليمن لاينشطون إلا في محاربة الإسلام ورجاله وهؤلاء الرجال هم قوة الأمة الحقيقية التي لا يستطيع غيرها أن يقف أمام مد ضلال الروافض وطموحهم في إعادة مجد كسرى، والسيطرة على عالمنا من أقصاه إلى أقصاه

أما ثالثة الأثافي بعد غزة واليمن  فهي أن تساهم بعض دولنا في قمع ثورة المسلمين السنة في العراق وهم يرون أن العالم قد تداعى لإفشالها والقضاء عليها وكل هذا بحجة محاربة دولة العراق والشام الإسلامية. ولكن الناس يعلمون ولا يجهلون أن التحالف يحارب المسلمين السنة لتبقى العراق بأيدي الخونة والعملاء .

 وبناءاً على ماتقدم من مواقف أولئك الحكام المعروفيين عند شعوبنا واحداً واحداً من غير أن أذكر أسماءهم ، فإنني أدعو دعوة جادة وملحة إلى القيام بأمرين:

1- أولهما عرض عقول أولئك الحكام على الأطباء وفحصها، فليس من الممكن أن يقدم عاقل على ما أقدموا عليه من تنفيذ لمخططات الأعداء وحرب للأمة ودينها ورجالها. فإن لم يكونوا مجانين فلعلهم مرضى نفسيون أفسد الحرص على السلطة نفوسهم فحسبوا أنهم بخيانتهم يكتسبون حصانة يجود بها الأعداء عليهم تحميهم من براكين شعوبهم التي لابد أن تنفجر يوماً ما. وإن غداً لناظره قريب.

وإن المرء ليتساءل أين مخابراتهم التي يبددون عليها مليارات الدولارات للتجسس على شعوبهم لتخبرهم بأنه لم يبق لهم في قلوب الناس إلا العداوة والاحتقار. ولقد بلغ الناس مبلغاً من الحقد عليهم يمنعهم من أن يهبوا لنجدة أولئك الحكام حتى لو جاء الروافض فاقتادوهم اسرى أذلاء وأخذوا نساءهم سبايا، ولن تبكي عليهم السماء ولا الأرض ولن تدمع عليهم عين.

إن أولئك الحكام يخسرون سندهم الحقيقي والقوة الكبرى القادرة على أن تفديهم بالمهج إذا ما تعرضوا لعدوان لو أنهم لم يدنسوا أنفسهم بقذارة الخيانة ومحاربة الإسلام ودعاته، ولن ينفعهم عندما يقع الفأس بالرأس أن يقولوا لشعوبهم يجب نبذ الخلاف وترجيح المصلحة العليا لأن الشعوب سترد عليهم قائلة: لقد كنتم أحق أن تقولوا هذا لأنفسكم لكنكم ركبتم رؤوسكم ولم تلتفتوا إلى نصح ولا إرشاد. ولم تكترثوا بالمصلحة العليا بل وطئتموها بالأقدام.

 ذلك هو الأمر الأول

2- أما الأمر الآخر الذي أدعوا إلى القيام به فهو البحث عن جذور أولئك الحكام وأصولهم الدينية والعرقية . فمن غير الممكن أن يتخيل أحد أن مسلماً حقيقياً أو عربياً تجري في عروقه دماء العروبة يعاون اليهود تارة ويؤيدهم ويمولهم ويمول الإنقلاب العميل في مصر ثم يسمح للحوثيين باحتلال اليمن مهما كانت الحجج والذرائع . وأننا نخشى حقاً ألا يكونوا مسلمين ، وألا يكونوا عرباً ، وإن تمسحوا بالعروبة والإسلام ولقد صدق من قال:

ويدعي نسب الأجداد من عرب        انظر إليه أهذا يشبه العربا

إن الأفعال هي الحكم الفصل ، أما الكلام والدعاوى فهي سهلة لكنها مرفوضة إذا كذبتها الأفعال ولن يفيد الحاكم  أن يزكي نفسه ويدعي أنه على حق وصوا ب إذا كانت الأمه كلها تقول فيه غير ما يحكم به على نفسه. قال تعالى:( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) وقال أيضا( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)

إن بعض الحاكمين يحسبون الشعوب قطعان أغنام، لا تفهم ولا تعي وأن الحق والصواب كله عند من يجلس على الكرسي . واعتقاد الحكام هذا استخفاف بالأمة واحتقار لها، وتفرد بالأمور يمنع الأمة من أن تشارك في قرارات مصيرها، وأن يكون لها دور في قضاياها الكبرى وبعد هذا أيعجب أحد أن يظهر التطرف والعنف، بل إن العجب كل العجب ألا يظهر التطرف وألا يتعاظم ويزداد أنصاره يوماً بعد يوم

ومن المضحكات المبكيات أن صانعة الإرهاب في العالم هي التي تدعي أنها تحارب الإرهاب وتقود التحالف لمواجهته مستغفلة شعوبنا التي تعرف حقيقة مايجري ضاربة بما يقوله الإعلام المأجور أو المأسور عرض الحائط .

ويعرف كل مثقف أن الأوروبيين الذين وفدوا إلى أمريكا قتلوا من الهنود الحمر خمسين مليوناً ثم تابعت دولتهم التي أصبح إسمها الولايات المتحدة القتل في هيروشيما وناغازاكي وفيتنام وأفغانستان والعراق فقتلت عشرات الملايين فهل تصلح لمحاربة الارهاب دولة قامت على الإرهاب ومارسته في تاريخها كله.

أما الأوروبيون فإن إحدى كنائسهم يزين جدرانها وسقوفها عشرات آلاف الهياكل العظمية لمسلمين تلذذ النصارى بذبحهم  واحتفظوا بهياكلهم للإفتخار بهذا الإنجاز، ولا تزال هذه الكنيسة مقصد الزوار يؤمونها للتسلية والإعتزاز بماضيهم ماضي القتل والإرهاب، أما محاكم التفتيش فأمرها أشهر من أن نتحدث عنه . كما يعرف جيلنا كله مذابح الجزائر وكوسوفو والبوسنة والهرسك وهي حية ماثلة في العقول والقلوب ولم تصبح من الماضي بعد.كما أن هذه الشعوب المقهورة ترى  ذبح المسلمين في فلسطين وميانمار وتايلند والهند والصين وافريقيا الوسطى ومالي وفي أماكن كثيرة من العالم.

وبعد هذا تهب أوروبا لتعاون أمريكا في محاربة الإرهاب بعد أن عمي هؤلاء جميعاً عن تلك المذابح التي أشرنا إليهاوعن ذبح الشعب السوري والعراقي على يد دواعش الروافض

 أفلا تدفع صليبية الغرب هذه وحقده الأعمى وتعاون بعض حكامنا معهم إلى العنف والتطرف. أليس مايحدث أهم عامل من عوامل نشوء التطرف ومده بأسباب الحياة والنمو.

إنني أجزم أن الغرب وأعوانه من الحكام لن يتمكنوا من القضاء على التطرف مالم يعملوا على تجفيف منابعه وإزالة أسبابه وهذا كفيل أن يغنيهم عن خوض الحروب وتفريغ الخزائن والجيوب إن كانوا صادقين في مزاعمهم

إنني أخاطب كل حاكم يتعاون مع أعداء الأمة أن يصحو من سكرته وأن يعود إلى رشده وهو أجدر بهذه العودة من الشباب المندفع الذي يرى كل يوم من فنون الكيد مايحير الحليم ويقضي على حكمة الحكيم.

ولن ينفعكم والله جيوشكم فهي أخيراً من الشعوب، ولن ينفعكم إعلامكم الكاذب المتهافت فالشعوب شبت عن الطوق ولم تعد تنطلي عليها الأكاذيب وهيهات أن تنفعكم الولايات المتحدة الأمريكية. اكبر داعشية في العالم ، إذ أن طوفان الشعوب اعظم من تدابير الأمن وأسوار الحراس والجنود.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمدلله رب العالمين

أحمد الجمّال الحموي

نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقاً

عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام

عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين

عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين