الانحدار القيمي في المجتمع الإسلامي

الانحدار القيمي في المجتمع الإسلامي

أسبابه- مظاهره- علاجه

السيد شعيب

باحث في الفلسفة الإسلامية

[email protected]

مقدمة:

 شهد المجتمع الإسلامي المعاصر تحولات كبيرة وتغيرات جمة انحرفت به عن الجادة فأربكت عقله وأرهقت قواه، حتى غدا أبعد ما يكون عن الإسلام وإن حمل اسمه ،وعن القرآن وإن تغنى بآياته آناء الليل وأطراف النهار ،وعن نبيه صلى الله عليه وسلم وإن ادعى محبته وتظاهر لأجله.

هذه هي الحقيقة التي لا مراء فيها وإليك شواهد من ذلك:

فتش عن الأخلاق الإسلامية بين أبنائه!

ابحث عن حكم واحد من أحكام الإسلام مطبقة في قوانينه أو دساتيره!

أين القيم الإسلامية التي جاء بها الإسلام وأوصى بها أتباعه؟

هل تحققت المقاصد الأساسية التي جاء من أجلها الإسلام وهي حفظ الدين والعقل والنفس والمال والعرض؟

أين هي الأسرة الإسلامية الصالحة التي يقوم عيها المجتمع الإسلامي؟

أين وأين وأين....

نعم قد تجد بعض من ذلك محققاً ولكن على سبيل الاستثناء لا القاعدة!

لقد غدا المجتمع الإسلامي مبتوت الصلة بماضيه تماماً اللهم إلا من بعض الشكليات أو المظاهر التعبدية التي تعد في حقيقتها وسائل لتحقيق أغراض أسمى ومقاصد أرفع.

كذلك فلا تعجب إذا أصبح لقمة سائغة في فم أعدائه الذين لطالما ترقبوا هذه الفرصة السانحة للانقضاض عليه ،بعدما صدتهم جحافل المسلمين من قبل في حطين وعين جالوت وغيرها وصدق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها. قالوا أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا ولكنكم يومئذ كثير ولكن كغثاء السيل ولينزعن من قلوب أعدائكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت" [أخرجه أحمد في مسنده 45/378 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 2/2684].

وهكذا صدقت نبوءة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتداعى الشرق والغرب على الأمة الإسلامية فأزهقوا أرواحاً، ونهبوا أموالاً ، واغتصبوا أعراضاً وأوطاناً، وفرقوا أوصال المجتمعات الإسلامية إربا إرباً ،وجلبوا إليه نفاياته وسمومه وأوضاره حتى فرغوه من محتواه وقطعوا صلته بالإسلام.

ولكن عناية الله أدركته بعد حين فأخذ يعود إلى الله من قريب وارتفعت أصوات الدعاة والمصلحين إلى العودة إلى الإسلام وإحياء شريعته وحضارته.

وها هو ذا المجتمع الإسلامي يخطو أولى خطواته في البناء والنهضة ،ويحاول المفكرون والدعاة والعلماء أن يقدموا أحسن ما لديهم من مشاريع للنهضة الإسلامية.

نعم هنالك العديد من المشروعات الجادة والأبحاث النافعة التي تقدم بها البعض في محاولة للإسلام والنهوض.

وهذه محاولة متواضعة مني لمعالجة موضوع من الموضوعات المهمة ألا وهو الانحدار القيمي في المجتمع الإسلامي (أسبابه- ومظاهره ، وطرق علاجه) أقدمها إلى القارئ الإسلامي لعل أن تكون فيها إفادة.

والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل

كتبه السيد شعيب

8 /8/2007

 

أولاً: مفهوم القيمة:

يحسن بنا –بادئ ذي بدء- أن نقدم تعريفاً للقيمة لغة واصطلاحاً.

 فالقيمة في اللغة تشمل معاني عدة منها: "ثمن الشيء بالتقويم (لسان العرب- المحيط في اللغة).

والثبات والدوام على الأمر فقوله تعالى "الحي القيوم" تعني الدائم الباقي (الصحاح).

وقوام الأمر بالكسر نظامه وعماده. ويقال: فلان قوام أهل البيت أي: الذي يقيم شأنهم. وقوام الأمر: ملاكه الذي يقوم به (الصحاح).

وقيم القوم: من يسوس أمرهم ويقومهم. والقيمة هي الملة المستقيمة لقوله تعالى: "ذلك دين القيمة" (العين).

وقيما ملة إبراهيم حنيفاً: أي قيمة الأشياء وفيها تقوم أموركم (تهذيب اللغة).

***

أما في الاصطلاح: فقد عرفها البعض بأنها حكم يصدره الإسلام على الأشياء وينبع منه الاعتراض والاحتجاج على الوجود كما هو قائم ومفروض ومن سعى الإنسان لتحويل هذا الوجود وفق ما ينبغي أن يكون..

وعرفها آخر بقوله: القيمة هي تنظيم الاعتقادات والاختيارات بالاستناد إلى مراجع تجريدية أو مبادئ وإلى عادات سلوكية أو أنماط وإلى غايات الحياة.. (من كتاب القيم الإسلامية التربوية في المجتمع المعاصر، عصام بن عبد المحسن سلسلة كتب الأمة. موقع الشبكة الإسلامية).

كما عرفها البعض الآخر بأنها مجموعة من المعايير والأحكام العامة التي تتسم بالثبات والاستقرار وتتفق والتوجيهات العقدية والأخلاقية (ندوة بناء المناهج الأسس والمنطلقات، د/ زيد عمر العيصي).

***

وعلى هذا يمكن تعريف القيم الإسلامية بقولنا: إنها مجموعة المبادئ والفضائل والأحكام والمفاهيم التي جاء بها الوحي الإلهي وأمر المسلمين باتباعها وتحقيقها مثل قيم: العدل والشورى والجهاد والعمل والأخوة وغيرها من القيم الإسلامية التي تعد دعائم أساسية لقيام مجتمع إسلامي.

هذا وتتميز القيم الإسلامية بالعموم والشمول كما أنها تعتمد على القرآن والسنة وليست من نتاج الفكر البشري.

ثانياً: الأسباب الحقيقة وراء الانحدار القيمي:

أدت مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية إلى إحداث انحدار أو انحطاط في منظومة القيم الإسلامية التي جاء بها الوحي وتميز بها الإسلام عن غيره من الأديان والقوانين الوضعية ويمكن إجمالها في الآتي:

أولاً: الصراع بين الشرق والغرب أو بين الإسلام وغيره من الأديان -لا سيما اليهودية والنصرانية- هذا الصراع الذي تمتد جذوره إلى وقت ظهور الإسلام وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولقد أخذ هذا الصراع أشكالاً عديدة ما بين مواجهات عسكرية كانت الغلبة فيها دائماً للدولة الإسلامية ،أو مواجهات ثقافية وفكرية وعقدية استطاع الأعداء أن ينفذوا من خلالها إلى العالم الإسلامي ،وذلك بعد سنوات عديدة من العمل والجهد لتفريغ الإسلام من محتواه، وقتل روح الاعتزاز بالإسلام والانتماء إليه في قلوب أبناءه، وذلك من خلال حملات التبشير بالمسيحية وتصدير الأفكار الغربية ومذاهب الإلحاد إلى العالم الإسلامي ،ولا أدل على ذلك من الأفكار العلمانية والاشتراكية والمادية والشيوعية التي اجتاحت العالم الإسلامي في فترات احتلاله في القرن التاسع عشر والعشرين الميلاديين.

نعم لقد تسللت هذه الأفكار وغيرها إلى العالم الإسلامي في غفلة من أبنائه ونزعة الإعجاب بالغرب وحضارته حتى تمكنت من زحزحة قيم الإسلام ومبادئه وأفكاره وحصرها في نطاق ضيق لا يعدو نطاق المسجد أو علاقة الفرد به، أما قيادة الحياة وتشييد الحضارة وبناء النهضة فهو من شأن الأفكار القومية أم العلمانية أو الاشتراكية .. إلخ.

رأينا ذلك في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والفكر وهذا ما سنبينه في الصفحات القادمة.

ثانياً: سقوط الخلافة الإسلامية:

يعد هذا العامل –في تقديري- أهم العوامل على الإطلاق في انحطاط المجتمع الإسلامي قيمياً وحضارياً، فلطالما حورب العالم الإسلامي من الداخل والخارج ولكنه بقي صامداً ببقاء دولته ،فالكل يعمل للخلافة الإسلامية ألف حساب لما تثيره في النفوس من جزع وهيبة وتقدير في آن واحد.

ويكفي أن نقول: لقد استمرت دولة الخلافة الإسلامية طيلة أربعة عشر قرناً دونما مساس بهيبتها أو وقارها ،وظلت هي السر في بقاء وخلود وانتشار رسالة الإسلام، حتى إذا ما سقطت على يد أتاتورك ذهبت هيبة الإسلام والمسلمين وتجرأت كل من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع على النيل من الإسلام والمسلمين.

ثالثاً: التقليد المذهبي وغياب الاجتهاد:

وهذه هي ثالثة الأثافي، فمنذ خبا تيار العقلانية الإسلامية المتمثل في جهود الفقهاء والأصوليين والفلاسفة وأهل الاعتزال -بغض النظر عن جنوحهم إلى المبالغة والشطط العقلي أحياناً- إلا أن العالم الإسلامي دخل في طور جديد من التقليد المذهبي والعناية بالشروح والمتون والدوران في فلك السابقين دونما إبداع أو اجتهاد وذلك لإحداث نوع من التكيف مع تطورات العصر ومتطلبات الحياة ،اللهم إلا بعض المحاولات التي ظهرت ولم يلتفت إليها أو يستفاد بها كما ينبغي مثل: محاولات ابن تيمية وابن خلدون والشوكاني والدهلوي والأفغاني ومحمد عبده.

ولقد أثر ذلك بدوره سلباً على الدين الذي بدا كما لو كان يحارب الإبداع العلمي والنظر العقلي ،وصار الناس ينفرون منه في الوقت الذي كانت بدأت أوروبا تفيق من سباتها وتتطلع إلى النهضة العلمية.

ثالثاً: التخلف العلمي:

لقد صاحب تخلف العالم الإسلامي عقدياً وفكرياً واجتماعيا تخلف من نوع آخر هو التخلف العلمي في العلوم كافة في: الرياضيات والطب والهندسة والفلك والكيمياء وعجز العالم الإسلامي أن يقدم علماء إسلاميين أمثال ابن سينا وابن الهيثم وجابر ابن حيان وأبو بكر الرازي وابن النفيس في الوقت الذي بدأت أوروبا نهضتها العلمية على يد جاليلو وكوبرنيكس ونيوتن وغيرهم، واختفت في العالم الإسلامي قيم العلم والعمل والاجتهاد والإبداع.

رابعاً: الاستبداد السياسي:

كما ساهم استبداد الحكام وتسلط الملوك على الشعوب في تأخير الشعوب الإسلامية إلى الوراء كثيراً ،وتأزمت العلاقة بين الحكام والشعوب واتسمت بالريبة والشك والقهر والجور غالباً ،وعاد عصر الفراعنة من جديد ليقول الحاكم لشعبه: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ،وانعدم الوعي السياسي لدى الكثير من الشعوب ،فاختفت قيم سياسية كثيرة عند كل من الحاكم والمحكوم مثل: قيمة العدل ،وقيمة النصح ،والأمر بالمعروف ،والمطالبة بالحرية وإقامة الشورى وغيرها.

ثالثاً: مظاهر الانحدار القيمي:

لا نبالغ إذا قلنا إن مظاهر الانحطاط القيمي قد امتدت إلى كل ناصية من نواصي المجتمع الإسلامي ،وعبثت بكل فضيلة إسلامية في كافة الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية والاجتماعية والأخلاقية والفكرية والاقتصادية الأسرية ..إلخ

وإليك توضيح ذلك..

أولاً: في مجال السياسة:

ضاعت القيم السياسية الفاضلة التي أرسى دعائمها الإسلام ،مثل قيمة العدل التي استبدلت بالظلم والجور والعسف ،فلا تكاد تجد حاكماً مسلماً إلا وتراه جباراً قوياً لا يرى إلا نفسه ،ولا يعمل إلا لتوطيد دعائم عرشه بكل سبيل .

كما ضاعت بالتالي قيمة الشورى التي وصف الله بها المؤمنين في قوله تعالى "وأمرهم شورى بينهم"[الشورى:38] كما أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون ديدنه مع صحابته في قوله تعالى "وشاورهم في الأمر"آل عمران:159] وتحولت إلى ديكتاتوريات وأنظمة بوليسية تحكم بالحديد والنار وتسوم شعوبها سوء العذاب.

كما ضاعت قيمة الوحدة والأخوة الإسلامية التي تعد من دعائم الدولة الإسلامية فانحطت هذه القيمة إلى أسفل سافلين ،حيث أصبح العالم الإسلامي الكبير عوالم كثيرة والوطن الواحد أوطاناً ودويلات متصارعة متقاتلة ،حتى على مستوى القطر الواحد انقسم الشعب الواحد إلى طوائف عددا وطرائق بددا وقل في ذلك في الأسرة المسلمة.. وهكذا

كذلك ضاعت قيمة الجهاد في سبيل الله وحب الاستشهاد وتحرير الأوطان وانتشرت السلبية واللامبالاة والخنوع ،اللهم إلا من بعض الطوائف التي لم تزل ظاهرة على الحق لا يضرها من خالفها في فلسطين والعراق والأفغان والشيشان ولبنان.. حتى ضرب الله تعالى الذل على الأمة مصداقاً للحديث الشريف "ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب"[أخرجه الطبراني في الأوسط9/34 وقال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 352].

في المجال الاجتماعي: حدث ولا حرج عن ضياع القدوة الإسلامية المتمثلة في الاقتداء والاحتذاء بالرسوم الكريم صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأعلام الإسلام ورجاله الكرام...

لقد انساق المسلمون عامة والشباب خاصة إلا من رحم الله إلى تقليد الغربيين في أفكارهم وطرائق معيشتهم وأسلوب حياتهم حتى غدا مشاهير الكرة والفن والغناء والمال هم نجوم المجتمع ومهوى القلوب أما الدعاة والصالحون والعلماء والمفكرون فلا وزن لهم ولا اقتداء بهم..

كذلك غدا "التدين" دروشة ورجعية بينما يعد المروق من الدين والخروج على الثوابت الإسلامية تحرراً ومعاصرة وغدا الانسلاخ عن الإسلام تفتحاً وحرية.

كما صارت قيمة الاحتشام لتحجب بالنسبة للمرأة المسلمة دليلاً على التخلف والرجعية بينما السفور والتبرج والبروز والاختلاط هو قمة التحرر والتحضر.

وصارت قيمة الأمومة بالنسبة للمرأة أمراً ثانوياً المهم أن تشعر المرأة بكيانها ومساواة الرجل في مزاولة الأعمال والخروج من المنزل..

أما منظومة الأخلاق والآداب الإسلامية فقد تحررت في أشكال مختلفة واستبدلت بألفاظ أخرى مثل الإنسانية أو "الإتكيت" وغيره، كما تقلصت قيمة "الإيجابية" والرغبة في الإصلاح والتغيير وأصبحت السلبية واللا مبالاة هو سمت المجتمع الإسلامي المعاصر فلا علاقة للناس بما يحدث حولهم من انتهاك صريح لحرمات الله أو الإضرار بمصالح الآخرين أو سفك دمائهم.. إلخ.

وفي المجال الاقتصادي غابت قيمة التكافل بين المسلمين وانتشرت الطبقية الصارخة بين فئات الناس وغدا البون شاسعاً بين الغني والفقير فلا يشعر الأغنياء بالفقراء إخوانهم وبالتالي ينقم هؤلاء على الأغنياء ويودون أن تزول ثرواتهم.

حتى قيمة الكسب الحلال فلم يأبه إلا الأقلون أما التيار الغالب من الناس فانكب على الدنيا ليكسب منها أو يكنز منها ما شاء من حلال كان أو حرام. كذا انتشر التعامل بالربا في المعاملات المصرفية ومعاملات البيع والشراء.

أما في المجال الفكري والثقافي: فقد انحطت قيم فكرية كثيرة بين الناس وأصبح الاعتزاز بالفكر الإسلامي جريمة أو شذوذاً أما الانتساب والتبعية للفكر الغربي و الثقافة الأوروبية هو موضع التميز والافتخار كذلك تصدرت اللغات الأجنبية المحافل والمجامع والندوات وقل الاعتزاز باللغة العربية والهوية الإسلامية.

رابعا:طرق العلاج:

عرضنا فيما سبق للأسباب الرئيسية وراء انحدار القيم في المجتمع الإسلامي وبينا أهم مظاهر ذلك في مجالات السياسة والاجتماع واالقتصاد والفكر.

وهكذا يبدو خطورة ما وصل إليه المجتمع الإسلامي من انحطاط وتحلل عام وشامل في مظاهر الحياة كافة ..

لذلك نقول: إن الطريق إلى الخروج من هذا الوضع لا شك محفوف بالمخاطر والصعوبات الجمة كيف لا وقد قال الشاعر:

متى يصل البنيان يوما تمامه                إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

[البيت لبشار بن برد من بحر الطويل]

فنحن بإزاء بناء نهضة جديدة لا نهضة عمرانية أو مدنية ولكنها نهضة نفسية و وروحية وأخلاقية وعقلية لذلك فهي تحتاج إلى نفس طويل وصبر ومصابرة وتخطيط دقيق وتشخيص سليم واستعانة بالله تعالى وإرادة قويمة وعزيمة ماضية.. وفوق كل ذلك تعاون مشترك من كافة الطوائف والفئات في المجتمع الإسلامي.

- فهناك دور للدعاة يتمثل في التوعية الصحيحة بأهمية وخطورة المشكلة وضرورة الاستمساك بالقيم الإسلامية والاعتزاز بالإسلام والتحصن به في مواجهة الغزو الفكري.

- وهناك دور للإسلاميين والحركات الإسلامية يتمثل في نبذ الخلافات والتعصب بالآراء والأفكار وطرح الانتماءات جانباً والعمل معاً على النهوض بالمجتمع المسلم وتقديم القدوة العملية الصالحة في كافة المجالات.

- كذلك هناك دور مهم للحكام المسلمين يتمثل في الآتي:

-      تحري أوامر الشريعة وتطبيق مبادئ الإسلام في كافة القوانين والنظم.

-  الاستجابة لمطالب الشعوب والإصلاح الجاد للشئون الداخلية في السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية والتعليم.

-      إتاحة جو من الحرية "والديمقراطية" للممارسات المثمرة والإبداعات الإنسانية البناءة.

- كذلك ينبغي على الأحزاب المعارضة والأقليات والتيارات العلمانية والاشتراكية وغيرها أن توحد جهودها وتنبذ التعصب والأهواء والمطامع الشخصية وتتقدم باسم الإنسانية أو العروبة أو الوطنية للاشتراك في إحداث نهضة حقيقية وإحياء القيم الإنسانية المتفق عليها بين الشعوب كافة مثل قيم العدل والرحمة والحكمة والعفة والتسامح والعلم بين أفراد المجتمع.

- كذلك يجب على الشعوب الإسلامية المساهمة الفعالة في إحداث التغيير والنهوض ونبذ السلبية واللامبالاة والسعي على التزود بالعلم واكتساب المهارات ومحاربة الأمية والجهل والفقر والحرمان والتحلي بالإرادة والعزيمة.

وهكذا ينبغي أن تتضافر جهود الشعوب الإسلامية جميعاً بكل شرائحها وطوائفها وألوانها وفئاتها وأجناسها حتى يمكن أن تحدث نهضة حقيقية للمجتمع الإسلامي وتعود القيم الإسلامية لترفرف على الناس من جديد ويسود السلام على ربوع الأرض لأن المجتمع المسلم ليس ملكاً لأحد بعينه أو لطائفة وحدها وإنما هو ملك ووطن للجميع.