حقوق المرأة العربية... إلى أين تسير؟

حقوق المرأة العربية... إلى أين تسير؟

لولوة غازي

بلا أدنى شك , مجتمع كمجتمعنا العربي عامة , تقبع فيه بيئة الظلم والاستغلال والتمييز , وتواجهه  قوة عسكرية  عالمية تعدى عمر وجودها  الستين عاما , تساندها قوى كبرى تهدد مجتمعاتنا  العربية  في كل لحظة وثانية  تؤرق حياته بحروب جديدة  مظلمة ومميتة للآلاف من الاطفال وللكبار أيضا, آخرها حرب غزة 2014

مجتمعات منهكة كهذه عاشت وتعيش أصعب حالاتها  التاريخية تلك  , لا تستنكر ولا تشجب لمثل ما يحدث  بل نلاحظها   تذعن  للأوامر العليا ولا تنبت  بشفة  .وجب عليه أن تقف مع نفسها أولا لتكرس جهدها ووقتها في الدفاع عن حقوق الانسان  كقضية رئيسية في خطابها اليومي الاجتماعي, وأن تسعى لتحقيقه عمليا  على أرض الواقع قبل فوات الاوان , فقرة قد تضحك الكثير منا , لكنها حقيقة لابد له من الإقدام عليها فورا للخروج مما  نحن فيه, هي حل هام بشرط أن نكون مبتعدين عن تعصب الذي يحدث باسم الدين الاسلامي وما يستند اليه أصحابه من نصوص تؤول حسب الرغبات والأفق الضيق البالي ,وآخر صرعة لديهم   هم يتشدقون بضرورة وجود الدولة الاسلامية المتناثرة  هنا وهناك هي وعلمها الاسود المتفحم وكلمة لا اله الا الله البريئة من كل ما يفعلونه باسمها.

وفي ظل هذه المعمعة الدائرة, والأحاسيس المتشابكة , تتنسى حقوق الانسان العربي عامة , مثلا لا نفكر ولا نبالي بحقوق المرأة من الأساس , لنقرأ في مجلة روز اليوسف المصرية في عدد قديم لها في شهر يوليو من عام 1996فتوى على لسان الشيخ عبدالعزيز الباز رئيس البحوث والافتاء بالسعودية تجعل من عمل المرأة أيا كان نوعه من أعظم وسائل الزنا قائلا:( فالدعوة إلى نزول المرأة الى الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الاسلامي ,ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك في المجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه) ولا يعلم هذا الشيخ ان كلامه هو الخطير والذي أنشأ معه جيل همهم اخراس وقمع المرأة بكل الوسائل البيئية المتاحة  , للتزامن بعدها ممارسات طالبان في افغانستان ضد المرأة , حيث جعلوا مسألة تغطية جسد المرأة ووجهها  ومن ثم حبسها في المنزل هي همهم الاكبر وعلى رأس أولوياتهم الاصلاحية,  ليظهر كتاب الشيخ محمد ناصر الالباني أحد علماء السلفية المعاصرين , والذي حرم مشاركة المرأة في الحياة السياسية ويستشهد بآيات قرآنية من سورة الاحزاب , قال عنها الاستاذ فهمي هويدي في مقال له ( تطبيع علاقة المرأة بالمجتمع)  في جريدة الاهرام 1996  أنها تخص زوجات الرسول فقط , وتأتي بعدها مالالا  يوسف زاي الباكستانية في عام 2012 بكل ما أوتيت من عزيمة وإصرار وتتحادهم  جميعا وطالبان خاصة ليطلقوا عليها النار في مظاهرة سلمية لأنها طالبت بحق الفتيات في التعليم وتنجو من وحشيتهم  بأعجوبة , وتؤلف كتابا عالميا وتحصد جوائزا عالمية,   آخرها جائزة  نوبل للسلام 2014 النرويجية حول  الحق في تعليم الاطفال دون استغلالهم ماديا. ولا ننكر كذلك جهود المفكرين الرجال الاسلامين المعاصرين كنصر حامد أبو زيد في كتابه الفريد من نوعه ( دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة ) الذي هي عبارة عن اجتهادات عقلية دفاعية مطروحة للنقاش  تخص المرأة عامة ونظرة رجال  الدين الذين أولوا الآيات القرآنية تأويلا غير منصف للمرأة, والنظرة الدينية الضيقة لأهمية وجودها الحقيقي في الحياة . ومن ثم اتهامها دينيا بأنها غير قادرة البتة على الحكم والادارة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعنى العام للمفهوم . لتصادفنا نفس المرأة العربية المتعلمة في بيئة غربية, لكن نجدها  قادرة قدرة لا حد لها في الاصلاح ورئاسة الحقائب الوزارية الهامة في الدول الاوروبية, فهنا في المجتمع الفرنسي عربيات كل يوم نراهن قادرات على خلق عمل جماعي سياسي  هام وضروري وإدارته بحنكة وفعالية عالية , قادرين بثقافتهم ونشاطهن نقل ما يعانيه شعبهم من ويلات الحروب وسلطة القوى المتطرفة في بلادهم , مؤسسين -مثلا -هيئة اعلامية لسوريا حرة وديمقراطية, تنقل الوضع المأساوي بشفافية وموضوعية الى الشعب والهيئات النقابية والعمالية والقوى الديمقراطية الفرنسية المتعطشة لمعرفة كل ما يدور حوله من تناقضات الربيع العربي  الذي اصبح مختلطا وغير واضح المعالم,  تظهر بقوة في المجتمع الليوني خاصة د.( نجوى سحلول) الاستاذة الاكاديمية في جامعة ليون , والتي استطاعت هي وزملائها من الجنسين خلال سنة واحدة ايصال حقيقة صارخة لكل ما يدور في سوريا الان , وكل ذلك من خلال اجتماعاتها المتتالية ولقاءاتها المتكررة مع المعنين بالامر ومساندتها بالمظاهرات السلمية لما يقوم به شعبها المناضل ضد حكم الاسد ودولة داعش , ويتم عملها بطريقة موضوعية وحكيمة لا سب فيها ولا شتم , فقط شعارات تشجع على الحرية والديمقراطية التي ستأتي لا محالة ومقالات  تكتبها هي بالفرنسي  تصور شناعة الحدث ووحشية النظام السوري للشعب الفرنسي ودور المرأة السورية, وترسم ايضا  معه أملا جديدا  الحياة مزدهرة في سوريا  . و هناك طالبة  الدراسات العلمية العليا في باريس السيدة (روند مسعود) من غزة والتي شاركت بكلماتها  وأوراقها في  مدينة جنيف,  تنقل الوضع السيء الذي  تعاني منه المرأة الفلسطينية والطفل الفلسطيني في غزة وفلسطين , ولتنال استحسان الجميع واقبال الهيئات الدولية على نشاطاتها الشبابية المتميزة الفعالة ودعوتها بشكل دائم لسماع كلمتها .

لهذا مجتمعاتنا بحاجة إلى ظهور أمثال هؤلاء النساء بكثرة , بحيث يكن قادرات علميا وعمليا على تجديد مفاهيم وقوانين مجتمعها وترسيخ قيم الحرية العادلة واحترام حقوق الانسان بأسلوب حضاري سلس , بما يتناسب مع تحولات المجتمع السريعة , حتى تحقق للفئات المغبونة كالمرأة خاصة مكتسبات وحقوق ثابت ومستمرة  لا تمحى ابدا ,

 لكن متى وكيف سيتم ذلك؟؟؟.