يا فتى الشام ، الواقعَ في الحيرة..

عبد الله عيسى السلامة

توقِـع فرَجَ الله، ولا ترجُ غيرَه!

عبد الله عيسى السلامة

[email protected]

 إن التوقعات ، في وسط هذا الضباب الكثيف ، والغيوم المدلهمّة ، صعبة جداً.. بل ، تكاد تكون مستحيلة ! فهي ، كلها ، ضرب من المجازفات الفكرية ، التي قد تصيب ظلاً ، من ظلال بعض التداعيات ، أو النتائج الممكنة الحدوث .. لكنها لاتسمن ، ولا تغني من جوع ! لذا ؛ لا بدّ ، من التسليم لله ، والتوكّل عليه ! فهو، وحدَه ، الفعّال لِما يريد .. وبيده الأمرُ، كله ، وله القوّة ، جميعاً ! وما هذه القوى ، التي تراها ، على الأرض ، إلاّ دمىً متحرّكة، فاعلة : بقدرة الله ، وبما يقضيه لعباده، ويقدّره عليهم! فهو يجري أقداره  ،علينا ، وعلى غيرنا .. بأيدينا ، وبأيدي غيرنا ! ولا يشرك ، في حكمه ، أحداً ! والتوقعات ، بالنسبة لما نراه ، من أفعال البشر، كثيرة .. أمّا الصواب المتوقع ، منها ، فهو في منتهى الغموض ؛ لأن الصواب ، ذاته ، هنا ، متعدّد الأشكال ، والوجوه ، والدرجات !

  لذا؛ أنصح نفسي ، وإخواني الكرام .. والأحباب ، من الأهل والعشيرة.. بكثرة الاستغفار ! فالله ، عزّ وجلّ ، يقول ، لنبيّه الكريم : ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون ) . وهذه الحقيقة  ثابتة ، لا يجادل فيها مؤمن بالله ورسوله ! والحقيقة الأخرى ، الثابتة ، أيضاً ، هي ، قوله تعالى : ومن يتوكّل على الله فهو حسبه !

 ومن الحقائق الثابتة ، أيضاً، في عقيدة المسلم ، قوله تعالى :

حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرُنا فنجّيَ من نشاء ولا يُردّ بأسُنا عن القوم المجرمين( 

وقوله تعالى :

( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفلَ منكم ; وإذ زاغت الأبصارُ , وبلغت القلوبُ الحناجرَ , وتظنون بالله الظنونا . هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا )

 وقوله تعالى :

 الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ .

   وقوله تعالى :

 ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ( 155 ) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ( 156 ) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ( 157 )

 هذه الحقائق الإيمانية الثابتة ، هي مايمكن الركون إليه ، والتوقع على أساسه ، في الرمال المتحركة ، التي نراها ، أمامنا ، تتحرّك ، في أجواء ضبابية ، شديدة الغموض ؛ برغم وضوح كثير من الأفعال ، فيها ! وحسبي ، أن أقول ، لك : إن أكثرية الأهداف ، غامضة ، لدى كثير من الأطراف ! فالأطراف المختلفة : مختلفة النيّات ، حتى ضمن الفريق الواحد ! أمّا تداعيات الأفعال ومآلاتها .. فحدّثْ عن غموضها ، وضبابيتها .. ولا حرج ! وأحسبك ، لو سألت أيّ واحد ، من قيادات الأطراف ، العاملة على الساحة ، بمن فيها قيادات التحالف الدولي ..عمّا يمكن أن يحدث ، غداً ، لما استطاع ، أن يقدّم ، لك ، إجابة واضحة ، قاطعة ؛ إلاّ بما يمكن ، أن يفعله ، هو .. أو أحد شركائه ، في فريقه ، ممّن يصنع ، معهم ، قرارات مشتركة ! أمّا أن يتكهّن ، لك ، أحد هؤلاء، بما سيفعله الآخرون ، وبتداعيات أفعال الآخرين ، وردود الفعل عليها ، والردود على الردود .. أمّا هذا ، فما أحسب أحداً ، قادراً عليه ، ولو استخدم كل مالديه ، من أجهزة الرصد والتحليل !

  لذا ؛ أنصح بالركون ، إلى الحقائق الثابتة : حقائق الإيمان ، والتسليم لله ، والتوكل عليه ، والاستغفار الكثير، والذكرالكثير؛ فهذه ، هي أنفع الأفعال ، وأكثرها يقينية وجدوى ؛ على مستوى الاطمئنان القلبي ، والراحة النفسية .. وعلى مستوى توقع النتائج ، التي نرجو الله ، أن يحققها ، لنا ، برحمته وقدرته وكرمه ! وهذا ، كله ، لايعني – بالطبع – ألاّ نفكّر، ونحلّل ، ونستنتج ، ونستنبط ، ونعمِل عقولنا ، بأقصى مانستطيع ! فإذا لم نفكّر، نحن ، لأنفسنا .. فلن يفكّر، لنا ، الآخرون .. إلاّ بقدر مايمكّنهم ، من القضاء علينا ، أو استعبادنا ، ونهب خيراتنا !

 فأرجو أن يتولانا الله ، بما هو أهله ، إنه هو الوليّ الحميد .. وهو أهل  التقوى وأهل المغفرة !