انتخابات الشورى بين الواقع والأحلام
انتخابات الشورى بين الواقع والأحلام
عبده مصطفى دسوقي
باحث تاريخي وطالب ماجستير في التاريخ الحديث
[email protected]
فتحت أبواب انتخابات التجديد الثلثي لمجلس الشورى، ومع فتح أبوابها فتحت أبواب جهنم على الشعب المصري، وبدأ يتجرع كئوس المهانة والاضطهاد، وما خلا بيت إلا وفقد عائله، أو أحد أفراده وغيب خلف االأسوار.
لكن السؤال المحير، ما دام الحزب الوطني ومن خلفه النظام لا يريد أن يمثل في المجلس سوى أفراده، فلماذا فتح باب الترشيح لكل طوائف الشعب؟ ولماذا أنفقت الحكومة كل هذه الاموال المسلوبة من عرق المواطنين لتتم عملية الانتخابات الغير مجدية- والتي وصلت إلى 100 مليون جنيه قد اعتمدتها وزارة المالية كما ورد في مجلة الإذاعة والتلفزيون في يوم 2 يونيه-؟
ولماذا لم يسن الحزب قانون كالقوانين التي سنها ليمنع أي مرشح من دخول اية انتخابات لا يكون عضوا فيه؟!!
ولماذا لم يرحم الحزب والنظام الشعب المصري من حرق الاعصاب والإضطهاد وتعطيل الأعمال بتعين أعضاء المجلس الذى لا فائدة له؟!!
ولماذا لم يرح حجافل الأمن المركزىمن التعب والنصب وتأنيب الضمير بعد ضرب المواطنين طبعا- لتستفاد بهم الدولة في حماية شيء مهم ؟!!
الحزب الوطني والنظام حول الحياة السياسية لساحة حرب بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين- بالرغم من كونها جماعة تتبع الحياة السياسية المصرية- وكأنها عدو لدود، لا أبناء لهذا الوطن وكأن الساحة السياسية خلت من كل المعارضين فلم يبق سوى الإخوان المسلمين- بالرغم من كونها أقدم على الساحة السياسية من الحزب الوطني -فجماعة الإخوان المسلمين أنشأت عام 1928م، أما الحزب الوطني فأنشأ عام 1979م ليكون ملاذ لمن لا عمل له ويبتغى الشهرة.
والحزب بالطبع لا يمت بأي صلة في أهدافه ومبادئه أو أساليبه للحزب الوطني الذي أنشأه مصطفى كامل-، لكن لا نطيل الحديث حول هذا الموضوع ولنا وقفة في موضوع آخر حول الحزب الوطني بين الماضي والحاضر.
نعود إلى لب موضوعنا وهو انتخابات الشورى بين الواقع والأحلام، لكني أستأذن القارئ في كتابة عنصر التفاؤل والأمل أولاً وهو الأحلام حتى إذا صحونا على واقع مرير نكون عشنا لحظات نحسبها أن تكون جميلة ولا يكدر صفوها ظهور رجال الشرطة في الحلم أيضًا.
فإنني كمواطن مصري، ولدت وتربيت وشربت على أرض مصر لي الحق أن أعيش مثلما يعيش الآخرين لا أريد حق غيري أو أكثر من حقي، فأنا أحلم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: "من بات آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها" أخرجه الترمذي.
صدقت يا رسول الله، أن أعيش آمنًا في بلدي، وسط أهلي وأبنائي، لا أن أكون مهددًا في كل وقت وحين وبدون سبب، وأن يمثلنى ويعرض مشاكلي وهمي من أختاره عن طيب خاطر، دون مصلحة شخصية أو نزعة قبلية، وأن أخرج بطاقة التصويت دون عسر أوضرب أوإهانة أوتهديد في مراكز تسجيل الأصوات بالأقسام حتى إنني أصبحت أبغض شهور نوفمبر وديسمبر ويناير لأن الأصوات تسجل فيها.
وأحلم أن أعبر عن تأييد مرشحي بالسير معه والتجول في أمان، وتزين بيتي بلافتة تحمل اسمه والنوم وسط أهلي في أمن دون خوف من زوار الليل في أي وقت، ويوم الانتخابات أحلم بأن تسير الانتخابات دون تدخل من أحد، أو تزوير، وأن يشارك الناس ويبدو برأيهم دون ضغوط أو تهديد أو سحل أو ترهيب.
أحلم بأن لا أرى جحافل الأمن المركزي متمركزة حول اللجان إلا لضمان سير العملية الانتخابية بيسر دون عرقلة أو شغب.
أحلم بأن أرى الموظف الموكل بالصندوق أمينًا عليه فلا يتدخل في رأي أحد أو تسويد بطاقات أحد.
أحلم بأن أرى الأموات قد ارتاحوا في قبورهم فلم يتكبدوا مشقة الأمر والإدلاء بأصواتهم،كماأحلم بأن ينتهي اليوم دون إزهاق روح أحد، أو ااعتقال أحد، وأحلم بأن تفتح لجان الفرز للجميع فيباشروا الفرز الصحيح دون التدخل من أحد أو الاتصال من جهات عليا لتغيير نتيجة أحد، وأحلم بأن أسعد مع المرشح الفائز سواء كان من هو، ما دام حصل عليها بوجه حق، وتنعم الدائرة بمن يحاول إصلاح البلاد وتعمير الخراب، ومحاسبة المقصرين والمفسدين، وإظهار بلادي بمظهر العز والرخاء إني أحلم... أحلم... أحلم... وفجأة صحوت على تكسير الأبواب، وزيارة زوار الليل الذين روعوا الاطفال وسبوا النساء واختطفوا رب الأسرة وسط كم هائل من الذهول لما يحدث فى الواقع وما كنا نحلم به، الواقع الذى عتم ظلامه الأجواء، فتصحوا وقد أحاطت بك الملابس السوداء من كل مكان ..فى البيوت..فى الجنائز..فى المؤتمرات.........الخ.
الواقع الذى بدأ منذ أعلن عن دعوة الناخبين لانتخابات التجديد الثلثى لمجلس الشورى، فرأينا جحافل الأمن المركزى تغزوا كل مكان وتسور أماكن تقديم الأوراق تعتقل وتضرب وتمزق وتكسر أضلاع كل مرشح لا يمت للحزب الوطنى بصلة- والمصيبة الكبرى إن كان من الإخوان المسلمين- وبعد ذلك بدأت جحافل الأمن تغزو القرى وتجوب النجوع تبحث عن كل من خالف الحزب الوطنى لتمزق لافتاته، وتعتقل انصاره، وتهدد نساءه، وتمنع دعايته، وترفع ضده القضايا، وترشوا أفراد دائرته، وينقل من وظيفتة من لا يستجيب لهم، بل وصل الأمر لاعتقال المرشح نفسه فهذه هى الديمقراطية التى يريدها النظام فى بلدى والتى لم تصل إليها الدول الديمقراطية الكبرى.
واللهم سلم يوم الإنتخابات وما سيحدث فيها، وأقرب شاهد ما حدث فى المرحلة الثالثة لانتخابات مجلس الشعب 2005م وإن كان ذلك لا يقارن بما يحدث وسيحدث فى انتخابات الشورى.
وياليتنى ظللت نائما أعيش فى الأحلام بدل رؤية النسر المرعب المحمل فوق أكتاف السادة حماة النظام فى الواقع.......... لكن خير اللهم ما اجعله خير.