تحدي دلو الثلج

يسري الغول

[email protected]

انتشر في الآونة الأخيرة ما يعرف بتحدي الثلج عبر المواقع الالكترونية ومحطات التلفزة العالمية. ولعل الحرب وضراوتها أخذتنا نحوها فتجاهلنا أحداثاً كثيرة حدثت وتحدث، سواء على مثل ذلك الصعيد أم على الأصعدة السياسية والأدبية الأخرى، فمن الاضطرابات في ليبيا والعراق، إلى وفاة شاعر المقاومة سميح القاسم إلى قضايا أخرى ذات أهمية.

ففي شهر أغسطس الماضي، تداول كثير من الناس عبر مواقع الانترنت مقاطع فيديو من مختلف أنحاء العالم تعرض ما يعرف باسم "تحدي دلو الثلج". حيث شارك في ذلك التحدي كافة المستويات الاجتماعية تقريبا حين سكبوا دلوا من الثلج فوق رؤوسهم.

وقد كان الهدف من تلك الفكرة في بداية الأمر هو جمع التبرعات لصالح الجمعيات الخيرية لرعاية المصابين بمرض "التصلب الجانبي الضموري"، إلا الأمر تجاوز قضية الثلج، وصولاً إلى تحديد احتياجات كل منطقة والتعبير عنها من خلال ذلك التحدي. ولقد قام أحد الشبان الفلسطينيين بإظهار ذلك التحدي من خلال دلو فارغ يسكبه على رأسه فلا يخرج أي شيء، للتعبير عن أزمة المياه التي تعيشها الأراضي الفلسطينية. وصولاً إلى الزميل أيمن العالول الذي قام بتحدي دلو الركام للحديث عن المعاناة التي تجري حالياً بقطاع غزة بعد تدمير البيوت والأبراج ومعظم البنية التحتية في قطاع غزة بعد العدوان الأخير على غزة. وهو ما دفع آخرين من دول غربية أيضاً لتنفيذ ذات التحدي تضامناً مع غزة.

واليوم، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، هناك تحدٍ من نوع آخر، وهو تحدي الكتب، وأفضل خمسة أو عشرة كتب قرأتها خلال شريط حياتك الطويل، وهو رسالة لإعادة روح الحياة للمكتبات العامة وللكتاب الأدبي والفكري والسياسي والديني. وقد تابعت بشغف الشبان وهو يكتبون أروع ما قرأوه خلال الأعوام المنصرمة، واكتشفت بأن ذلك التحدي يوضح أمرين هامين: الأول يتمثل في مستوى الشخص الثقافي من خلال اختياره للأعمال البارزة التي قرأها. والثاني: طبيعة الكتب المرغوبة لدى الأفراد. فهناك من يركز على الكتب الأدبية وتحديداً الأعمال الروائية العربية والعالمية، في حين يركز آخرون على الأعمال الفكرية والدينية وبينهما الفلسفة والتاريخ.

والسؤال: هل سيتوقف ذلك التحدي عند الكتب؟ أم الأمر سيتجاوز الماء والركام والورق ليصل أشياء أخرى مهمة؛ فخلال متابعة مواقع التواصل مجدداً وتحديداً موقع الفيس بوك، وجدت أن هناك تحدٍ جديد، وهو تحدي أفضل خمسة أفلام وثائقية. وقد يصبح غداً تحدٍ لأفضل أفلام سنيمائية أو أعمال درامية أو مسرحية وما إلى ذلك.

ولعل الرسالة التي نستقيها من خلال ذلك التحدي، أنه بإمكان كل فرد منا أن يصنع المعجزة في إشراك العالم بما نريده وما نريد أن نصل إليه، فهل نحن قادرون على إشراك العالم بمعاناتنا كي ندفهم للدفاع عنا، فهل من تحدٍ جديد وخلاّق من الممكن أن يصل لشتى ربوع العالم. أتمنى.