عار أن نلدغ من جحر واحد مرتين 2

أحمد الجمال الحموي

أحمد الجمال الحموي

في الجزء الأول من هذه المقالة ذكرت أن المسلمين لُدِغوا من جحر الفرق الباطنية على اختلاف أسمائها مرات ومرات . وأود أن أوضح أنني لم أعرض إلا نزراً يسيراً من كيدهم لهذه الأمة وتآمرهم عليها لأنه لكثرته يحتاج إلى مجلدات لا إلى مقالات .

 ويكفي من كيدهم وعداوتهم :

1- سرقة العبيديين لمصر.

2- وإسقاط بغداد أول مرة بتدبير العلقمي.

3- وذبح القرامطة للحجاج وسرقة الحجر الأسود .

4- واستباحة الصفويين لبغداد عدة مرات .

5- وإسقاط حكم طالبان في أفغانستان بمساعدة ايران للولايات المتحدة و واعترافها بذلك .

6- وإسقاط بغداد مرة ثانية بالتعاون بين الولايات المتحدة وايران في هذا القرن .

7- وما يفعله الروافض في لبنان وسورية والعراق والبحرين والكويت واليمن والسعودية .

8- ولا يخفى على أحد ما فعله حافظ أسد من تسليم الجولان لاسرائيل ليحظى بتمكينه من سرقة سورية ثم تحويلها بعد حين إلى مستعمرة نصيرية . ومع قبح هذه الخيانات فإنه لم يكتفِ بها بل قدم لإسرائيل أكبر خدمة ، وذلك بذبح المقاومة الفلسطينية في لبنان ، والتآمر على العراق مع الجيوش الغازية ، يضاف إلى هذا سعيه لإخراج الشعب السوري المسلم عن دينه بأنواع من الوسائل والأساليب .

 ومن الكيد الباطني تآمر حافظ مع الغرب ليحصل على إجازة توريث ابنه الأحمق بشار ، فأصبحت سورية في عهده مستعمرة رافضية مجوسية . وها هو - والعالم يرى ولا يحرك ساكناً - يدمر هذه الدولة العريقة ويسحقها سحقاً .

 يا أيها الناس ألا يكفي هذا لنعرف لؤم هذه الفرق وحقدها ، وأنها تعادي أمتنا عداوة لا مثيل لها . فماذا نحن فاعلون كي لا تتكرر اللدغات ولئلا تتوالى الطعنات المميتة ؟ إن الحل في عودة الأمة إلى دينها ، لكن هناك بعض البنود التي أخصها بالذكر وهذا بعضها :

1- يجب إصلاح منظومة التربية والتعليم عندنا نحن المسلمون ، فهي منظومة مختلة . ومن الأمثلة على الخلل الذي يستدعي الإصلاح ، أنني تخرجت من كلية الشريعة في جامعة دمشق سنة 1965 ولم يكن النصيريون قد أمسكوا بتلابيب هذا الصرح العظيم بل كانوا في بدايات محاولاتهم . وكان فيه عمالقة من أمثال الدكتور مصطفى السباعي والدكتور محمد أديب الصالح والأستاذ المفكر محمد المبارك والعلامة مصطفى الزرقا ... ومع هذا كله فقد تخرجت من الجامعة وأنا لا أعرف عن الروافض الذين يطلق عليهم اسم (شيعة) إلا أنهم يفضلون علياً - رضي الله عنه - ويرون أنه أحق بالخلافة من الشيخين رضي الله عنهما . وهذه الجهالة هي حال الذين يتخرجون من هذه الجامعة وغيرها من معاهدنا الشرعية وليست حالي وحدي . وإذا كان دارسو العلوم الشرعية هكذا ، فماذا تكون حال غيرهم .

الواقع أن أمتنا في عماية عن حقيقة هذه الفرق وما تخفي وما تعلن . فأين ما نحن عليه من التعليم الرافضي الذي كتبت عنه مقالة قبل أشهر وذكرت أنه تعليم جدلي – تكفيري – إرهابي – إقصائي – يعادي المسلمين ولا يعطي الحق في الحكم إلا للأئمة مزدرياً غيرهم . ومن المستحيل أن يتخرج طالب من حوزاتهم ومعاهدهم إلا بعد أن ترسخ فيه تلك المعاني ، وبعد أن يعرف كيف يستغل النصوص الشرعية ويزيف الحقائق ليخدع المسلمين ويقيم الحجة عليهم . وكما يجهل المسلمون علماء وعامة عقائد الروافض فإنهم أشد جهلاً بعقائد النصيريين وتاريخ علاقتهم مع أمتنا . ومن معايبنا أن أمتنا تجهل أمرين يتعلقان بالفرق الباطنية : أولهما العقائد الفاسدة التكفيرية الإرهابية ، وثانيهما تاريخ الكيد والتآمر والعداوة .

 وعلى تلك المنظومة العلمية الحاقدة المدمرة عند الروافض وغيرهم من الباطنيين يشب الصغير ويشيب الكبير . وعلى الرغم من هذا كله فإن منا من يقول إنه لا فرق بيننا وبينهم ، ويريد أن نضعهم في الأحضان ، وهم من أكبر أسباب ما أصاب الأمة وما يصيبها من نكبات .

 إذن يجب إصلاح منظومة التعليم أولاً ، والتربية ثانياً لتصبحا منظومة متكاملة تكشف عقائد تلك الفرق وتاريخها بوضوح ودون موارية . ويجب أن يصبح هذا ثقافة عامة لدى الكبير والصغير والعالم والجاهل وإلا فإنّ المصائب ستستمر والكوارث لن تتوقف ، نعوذ بالله من هذا .

2- يجب الحذر من العلمانيين وأفكارهم ، فقد كان لهم دور مؤذٍ في إفساد منظومة التعليم والتربية ، إذ أن أكثرهم تلقى تعليمه في الغرب ورجع إلى بلادنا يحمل ليس الشهادة فقط وإنما روح الغرب وثقافته ، وربما يحمل أيضاً انتماءً إلى الماسونية وتكليفاً بالقيام بدور المستعمر وتقديم أقذر الخدمات له ، وسرعان ما كان هؤلاء يتوسدون المناصب السياسية والإعلامية والتعليمية عندما يعودون إلى أوطانهم التي انسلخوا في الحقيقة عنها ، وكان من بعض أضرارهم أنهم لوثوا المناهج في المدارس والجامعات ، وأشاعوا ثقافة التحلل والميوعة ، وغرسوا في العقول عدم الإكتراث بالدين و زعموا أنه لا يصح أن يكون التقييم وبناء العلاقة مع الناس على أساسه ، فكانت النتيجة أن سَرقت تلك الفرق البلاد وأمسكت برقاب العباد ، ولم تعد تقبل التخلي عن المكاسب وإعادة الحق إلى أصحابه .

 فيا أمتي الحبيبة احذري العلمانيين ولا تصدقيهم . إنهم فاسدون كاذبون ، وقليل منهم مغرر بهم ومخدوعون ولكنهم ليسوا بمعذورين . يا أمتي دوسي أكاذيبهم وخداعهم ولا تسمحي لهم مرة أخرى أن يعبثوا بالأوطان والأديان .

 يا ليت قومي يعلمون كم من بلاء أصابنا من العلمانيين وحسبنا أنهم كانوا دائماً مع الإنقلابيين والطغاة المستبدين من الحكام الخونة الذين لم يكن لواحد منهم أن يعتلي سدة الحكم بالإنتخاب ولو ملك مال قارون . وكان العلمانيون على رأس الداعمين لهؤلاء فكرياً وإعلامياً والمنظرين لخياناتهم وبطشهم .

 لكن العجب من بعض القوميين العروبيين الذين يعلمون أن تلك الفرق الباطنية شعوبية تعادي الأمة ومع هذا لم يكن لهم موقف صحيح منها ، بل إن بعضهم تحالف مع قادة تلك الفرق فكان عوناً لأعداء الأمة عليها .

3- ومن أسباب تمكن أفاعي الباطنيين من لدغ أمتنا جهل أكثر حكامنا بعقائدهم وتاريخهم ، لذا فإن أحدهم يرخي العنان لهم بحجج اقتصادية وسياسية ومجاملات تضر ولا تنفع . هذا إن لم يكن بعض حكامنا يملي عليه الصليبيون أوامر تضر الأمة وتنفع أعداءها فيذعن لها من غير تردد رغبة في رضى سادته والتماساً للقبول عندهم .

4- ومن أسباب انخداعنا سلامة صدورنا وتصديقنا للكذابين ، فمن المعروف أن علماء تلك الفرق الضالة يتحدثون عن التقارب والتعاون والأخوة ، وكل هذا كلام للتصدير ، والغرض منه تخديرنا وتحويلنا عن ديننا إن استطاعوا . ومن السذاجة تصديق من يعتقد أن تسعة أعشار الدين في التقية وأن لا دين لمن لا تقية له .

 وأخيراً يا أمتي يا أمة الأمجاد والبطولات ، أمة يقول كتابها : " خذوا حذركم " ، ويقول أيضاً : " هم العدو فاحذرهم " ، ويقول رسولنا صلى الله عليه وسلم : " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " ، ويقول فاروقها : " لست بالخب وليس الخب يخدعني " ، يا أمتي استيقظي وانهضي في ثورة فكرية تشمل التعليم والتربية والإعلام وغير هذا تحصّن الأمة من كيد الباطنيين إلى يوم الدين . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

أحمد الجمال الحموي

نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقاً .

عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام .

عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين .

عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين .