التَعارُفُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

 الله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"التَعَارُفُ غايةٌ جَليلةٌ..أوجَبَها رَبُّ النَّاسِ لتكونَ مُنطلقاً لغايةٍ أجلٍّ وأعظمَ ألا وهي التَفاهمُ لقوله تعالى:"قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"والتفاهم بشأن عمارة الأرض وإقامة الحياة..وفقَ مَبدأين اثنينِ:المساواةُ والكرامةُ والتنافسُ بينَ النَّاسِ لتحقيق المصالح المشركة والخير للجميع بعدل وإنصاف لِقولِهِ تَعالَى:"وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ"فالمبدأ والنداء الرباني السامي..يؤكد أنَّ التنوعُ الثقافيّ والدينيّ والقوميّ والجنسيّ..يَنبغي أن يَكونَ إطاراً رحباً للتنافُسِ في الخيرِ والبناءِ الإيجابيِّ للأرضِ وإقامةِ الحياةِ لِقولِه تَعالَى:"لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ"وينطلقُ منهجُ الإسلامِ في تقريرِ مَبدأ المساواةِ والكرامةِ والتنافُسِ بينَ النَّاسِ منْ ثوابتَ قرآنيِّةٍ ونبويِّة منْها:

خالقُ النِّاسِ جلَّ جلاله واحدٌ:"وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ"وربُهم واحدٌ سبحانه لقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :"يا أيُها النَّاسُ إنَّ ربَكم واحدٌ".وأباهم واحدٌ لقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :"يا أيُها النَّاسُ إنَّ أبَاكم واحدٌ".وكرامتُهم واحدةٌ لقوله تعالى:"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ".وغايتهم واحدةٌ لقوله تعالى:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"ومهمتهم واحدة لقوله تعالى:"إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً".والدُنيَّا ومصالِحُهم فيها متاحةٌ للجميعِ لقوله تعالى:"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ".والأمن والسلام هما أصل العلاقة بين الناس لقوله تعالى:"وَاَللَه يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام"ولقوله جلّ جلاله:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً".

وبعد..فعلَى أساسٍ مِمِّا تَقدمَ منْ قيمٍ ومبادئ..يكونُ التعارفُ ويتحققُ التفاهمُ والتعايشُ الآمنُ العادلُ بينَ المجتمعاتِ.

وسوم: العدد 629