أمَّا هّـــذهِ فَـــــــلا .. !

د. حامد بن أحمد الرفاعي

جاءت امرأةٌ يهوديةٌ عَجوزٌ إلى أمير المؤمنين الخليفة الراشد عُمرَ ابن الخطاب رضي الله عنه..تشكو إليه حالها وما تعاني من فقر وَعَوَز..وأنَّ ابنها مريض ولا قدرة لها على تكاليف علاجه..وعندما فرغت من شكواها وعمر يصغي إليها بتواضع واهتمام..رحم حالها ورق قلبُه لها وأخذها إلى بيت مال المسلمين..وفرض لها ما يكفيها ويكفي علاج ولدها ففرحت وشكرته..ورأى عمر الرضا في وجهها والسرور يشع من عينيها..فحدثته نفسه إذاك أن يدعوها إلى الإسلام..رغبة في إنقاذها من النار..كما أعانها لتنقذ ولدها من المرض..فقال:يا أمة الله إني أدعوك إلى الإسلام ففيه خيري الدنيا والآخرة..فقالت اليهوديةُ بكلِّ حُريِّةٍ وأمانٍ واطمئنانٍ"أمَّا هَذهِ فَلا يا أميرَ المؤمنين"فندِمَ عمر على استغلال حاجتها ودعوتها إلى الإسلام..وأنه كان أحرى به أن يدعوها للإسلام في ظرف غير ظرف حاجتها وعوزها..وأخذ يخاطب نفسه يؤنبُها قائلاً:"يا عمر!أليس هذا من الإكراه في الدين؟وبقي طيلة حياته يقول:يومان يؤرقان عمر..يوم الحديبية(يوم اعترض على ميثاق صلح الحديبية)ويوم قصته السالفة الذكر مع اليهودية..وذات مرة ذكرت هذه القصة في جمع من كرادلة الفاتيكان وقساوسته أثناء لقاء للحوار معهم..فقال أحدهم:هذا الموقف يؤكد صدق قيم الإسلام..وجدية المسلمين في التزام قول القرآن:"لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"وبالمناسبة ذُكر في ميثاق الحوار الذي وقعناه معهم بحضور البابا بولس الثاني عام 1994م مادةٌ تقول:"الدينُ يُعرضُ ولا يُفرضُ"وصدق الله العظيم الذي علمنا"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"

وسوم: العدد 633