على العلمانيين تقسيم تركتهم وفق أهوائهم عوض المطالبة بتغيير القسمة التي قسمها الله عز وجل لعباده المؤمنين

على إثر البائقة التي جاء بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان مستهدفا شرع الله عز وجل بشكل صريح فيما يخص قسمة الإرث بين الذكر والأنثى ،قامت دنيا العلمانيين ولم تقعد ، وتحولوا إلى فقهاء يخوضون في شرع الله عز وجل بخلفيتهم العلمانية  وتبعا لأهوائهم. وخلافا للعلمانيين في كل أقطار العالم يصر العلمانيون عندنا على الخوض  نفاقا في قضايا الدين، علما بأن إقصاء العلمانية للدين من الحياة من المسلمات عندها . ولو كان العلمانيون عندنا يحترمون انتماءهم العلماني كما هو الشأن بالنسبة لكل علمانيي العالم لتنكبوا الخوض في أمور الدين  جملة وتفصيلا . وإذا كان شرع الله عز وجل قد جعل للذكر مثل حظ  الأنثيين، فلا أحد يلزم العلمانيين باعتماد هذه القسمة ،ولهم أن يقسموا تركتهم وفق أهوائهم العلمانية مناصفة بين الذكور والإناث أو حتى للأنثى مثل حظ الذكرين . وما دام العلمانيون يقصون الدين من حياتهم، ولا يحرمون ما حرم الله عز وجل من خمر وميسر وسفاح وربى ... فما الذي يمنعهم من معصية الله عز وجل في توزيع التركة وفق أعوائهم ؟  فمن سولت له نفسه شرب الخمر وممارسة الزنا والقمار والربى، فلن يجد حرجا في تقسيم الإرث كما يحلو له وفق هواه . وما دامت الحدود الشرعية معطلة بحيث لا يرجم  زان محصن، ولا يجلد غير محصن ، ولا يجلد  شارب خمر، ولا تقطع يد سارق ... فما الذي يقلق العلمانيين إذا هم عطلوا شرع الله عز وجل المتعلق بالميراث ؟ ولقد تحول بعضهم إلى فقهاء يتجاسرون على تعطيل نصوص القرآن الكريم القطعية بدعوى أن المعتبر عندهم هو ما سموه روح النص لا حرفيته، وكأن حرف النص منفصل عن روحه . وإذا أخذنا بمقولة الفصل بين حرفية النص القرآني وروحه ،فإننا سنسقط حتما في تأويلات وتخريجات لا حصر لها بحيث تصير لحرفية كل نص أرواح متعددة  من اختراع الأهواء ، وبذلك سنخوض في كلام الله عز وجل خوض الباطنية ومن نحا نحوها من أصحاب العقائد المنحرفة الضالة . ويمثل بعض العلمانيين لما سموه روح النص ببعض اجتهادات الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين عطل تطبيق حد السرقة في حق أحد الأرقاء زمن المجاعة ، وحين منع المؤلفة قلوبهم من الزكاة . ويريد فقهاء العلمانيين  محاكاة الفاروق  رضي الله عنه في اجتهاده المشهود له بالتوفيق،  وهو المعروف بسداد رأيه بتوفيق من الله عز وجل لتقواه وورعه،  ولا مجال للمقارنة بينه وبين العلمانيين مع شساعة الفارق ، كما أن القضايا التي اجتهد فيها الفاروق رضي الله عنه  تختلف عن قضية المساواة بين الذكر والأنثى في الإرث قلبا وقالبا ، ذلك أن العدول عن قطع يد  جائع سرق لسد جوعه زمن المجاعة  قضية استثنائية روعي فيها الاضطرار بسبب  ظرف المجاعة  لارتكاب محرم ، ولا يمكن أن  تقاس عليها قضية المساواة في الإرث بين الذكر والأنثى التي لا يمكن أن يفرضها ظرف من الظروف مهما كان  ما دامت الذكورة ذكورة والأنوثة أنوثة . ولا شك أن الذين يقولون بالمساواة في الإرث  هم أنفسهم الذين يدافعون عما يسمى نكاح المثلية إذ لا تستقيم المساواة إلا في قناعة من لا يجدون غضاضة في أن يبني الذكر بالذكر وتبني الأنثى بالأنثى .وما جدوى  التشريع الإلهي إذا كانت الظروف تتجاوزه  بين الحين والآخر ورب العزة جل جلاله علام الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في ملكه  وهو أعلم بما سيصير من أمر خلقه في كل زمان ؟ وقضية منع المؤلفة قلوبهم من الزكاة ليست هي المساواة في الإرث بين ذكر وأنثى ، ذلك أن مفهوم تأليف القلوب تغير ظرفه بتغير وضعية الإسلام  وخروجه من حال الضعف التي اضطرته لتأليف القلوب إلى حال القوة التي جعلته في غنى عن أصحابها  . ولا يمكن اعتبار قسمة  للذكر مثل حظ الأنثيين قسمة فرضها ظرف معين على الإسلام كما فرض  عليه ظرف الضعف تأليف القلوب بل هي قسمة ثابتة كثبات جنس الذكورة وجنس  الأنوثة . و لا يقول بالمساواة في قسمة الإرث إلا من يعتقد بمساواة الجنس في نكاح المثلية. وإذا كانت المساواة في قسمة الإرث بين الذكر والأنثى إنصاف للأنثى ،فهذا يعني أن القرآن الكريم تضمن ظلما في حق الأنثى ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ وأن ظلمها دام زمن طويلا قبل أن يوجد فقهاء العلمانية الذين نادوا بإنصافها وطالبوا به ، وجعلوا مصدر تشريعهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان ،وهو شرع هوى بشري عوضا عن القرآن الكريم المتضمن لشرع الله عز وجل . وأخيرا أقول يا معشر العلمانيين اقسموا تركتكم كما يحلو لكم ووفق أهوائكم التي تقصي الدين من الحياة، واتركوا المتدينين وشأنهم يقسمون تركتهم وفق ما يعتقدون وإلا فإنكم  تتعمدون إكراه الناس على أن يكونوا علمانيين رغما عنهم في حين لا إكراه في دين الله عز وجل.

وسوم: 640