شاعر ومنشد!!

يحيى بشير حاج يحيى

[وليد الأعظمي وأحمد بربور]

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

في أدبنا القديم ، و حتى الحديث كان لعدد كبير من الشعراء رواة يذيعون بين الناس شعرهم و يؤدونه في الغالب كما سمعوه من أفواه الشعراء ! فكان بذلك يكتب للشعر الذيوع و الانتشار و لا سيما في وقت لم تكن فيه الكتابة و الطباعة و وسائل النشر كما هي عليه اليوم . 

كما قدر لعدد من القصائد من ينشدها ، أو يغنيها ، و قد فطن الشاعر القديم إلى ذلك فقال:

تغن بالشعر إما أنت قائله              إن الغناء لهذا الشعر مضمار

و أذكر هنا أن الشيخ أحمد بربور المنشد ذا الصوت المؤثر ، و الفن الراقي كان يحفظ كثيرا من قصائد الشاعر وليد الأعظمي ؟! بل إن كثيرا من هذه القصائد ذاع في بلاد الشام عندما أنشدها الشيخ أحمد ، قبل أن نقرأها في ديوان ؟!

ففي أواخر الستينيات ، و عامة سنوات السبعينيات من القرن الفائت كانت مجالس الإنشاد تزخر بتلك القصائد الجميلة ، و كان لاختيار الشيخ بربور ، و ذوقه الفني ، مع جمال صوته ، و حسن أدائه الأثر الكبير في ذيوع قصائد الأعظمي ، و هي في الحقيقة - جديدة بالانتشار لكونها من جميل الشعر الملتزم ، مع قوة في المعنى ، و وضوح في الأسلوب ، و سمو في الفرض !! 

و إن أنس لا أنس قصائد الأعظمي بصوت أحمد بربور و هو يترنم بها مع فرقة من المبدعين في مساجد حلب و حماة و حمص و جسر الشغور و أريحا و معرة النعمان ، و مجالس أنسها ، من ذلك : 

يا فتية الإسلام سووا صفكم          و بغير دين الله لا تتدرعوا

صونوا كما صان الحمى أجدادكم       سيروا على آثارهم و تتبعوا

و ليعلمْ الأعداء أنّا أمة                   بعواصف التهديد لا تتزعزع

و منها : 

إنا لنهتف ، و الرسول زعيمنا             و كتاب ربك عندنا دستور

يا قوم ! لوعدنا إلى إسلامنا              لم يبق فينا عاطل و فقيرُ

و منها : 

فوق المنابر -يا بلابل- غردي         في مولد الذكرى ، و ذكرى المولد

الله أكرمنا بنور محمد                    فعن البصائر - يا ظلام - تبدد

و منها : 

من مشرق الدنيا لأقصى المغرب            روح يحن إلى تعاليم النبي

يشتاق للمُثل اللطاف تسوده                   ما دام نجم سعودها لم يغرب

و لعل أكثرها جمهورا ، و أشدها تأثيرا في السامعين : 

شباب الجيل للإسلام عودوا               فأنتم روحه و بكم يسود

و أنتم سر نهضته قديما                   و  أنتم فخره الزاهي الجديد

عليكم بالعقيدة فهي درع                 - نصون به كرامتنا - حديد 

و منها : 

شهد العدو بعزتي و تمنعي              لا أرهب الدنيا و قرآني معي

هذه مشاعر كل قلب مؤمن               و خواطر تنداح بين الأضلع

يا ليلة القرآن ردينا إلى                 هدي الرسول ، و وحدينا و اجمعي

و إذا كان ما قاله الأعظمي جميلا ، و ما أنشده البربور بديعا فأنت في حديقة غناء تفتحت أزاهيرها ، و شدت الأطيار فيها ! 

و لعمري ما ذكرت مطالع هذه القصائد إلا وجدتني أترنم بها ، و أهتز للحنها ! 

رحم الله الشاعر وليد الأعظمي [ ابن الأعظمية الأصيلة في العراق ] و رحم الله المنشد أحمد بربور [ ابن أريحا الوادعة في سورية ] و جعل ملتقاهما في جنان الخلد !