دوافع العنف في الكيان الفارسي

( يمكن تصوير معاناة  شعب بأكمله عن طريق شخص ) الروائي الروسي مكسيم جوركي  

في الوقت الذي يحضر فيه أطباء العالم الغربي أنفسهم لزراعة أول عملية رأس بشري تقوم إيران بقطع الرؤوس بحق ومن غير حق ولأسباب لايمكن تبريرها فسجلت  الأولى بالإعدامات عالميا.( 1 )

وفي الوقت الذي لا يوجد به إلا قرابة أربع عشرة حالة رجم في أربعة عشر قرنًا من الإسلام أي بمعدل كل مائة عام حالة رجم نجد في إيران منذ تولي الخميني الحكم  1500 حالة رجم في 25 عاماً فقط في المدن الكبيرة التي تم إحصاء الحالات فيها فضلا عن  القرى النائية التي يصعب الوصول إليها . 

ومن هذه الحالات  بل من أشهرها ثريا التي تحولت إلى رواية كتبها صحفي فرنسي ذو أصول إيرانية فريدون صاحب جم صحفي يهتم بحقوق الإنسان في إيران كان قد كتب مقالاً بعنوان  ( لاماركس ولا محمد ) عام 1978 حذر أبناء شعبه من محاولات رجال الدين الشيعة لزعزعة حكم الشاه الموالي للغرب وإبداله بحكم ديني متحفظ وكتب رواية رجم ثريا وهي مبنية على قصة واقعية حدثت في إحدى القرى الإيرانية في العام 1980، نقلها ،وحولها لاحقاً إلى رواية بالفرنسية حققت نجاحات كبيرة، حيث نقل الحكاية على لسان زهرة خالة الشابة ثريا، التي رجمت حتى الموت بتهمة زنا باطلة، لفقها لها زوجها بالتواطؤ مع شيخ القرية وآخرين.

وتدور الأحداث حول صحافي تتعطل سيارته في إحدى القرى الإيرانية النائية فيتعرف على سيدة تُدعى "زهرة" تحاول الحديث إليه من دون علم أهالي القرية، وفي سرية تامة تروي له قصة ابنة أختها ثريا وظروف موتها الدموية.

وتبلغ زهرة الصحافي أن زوج ثريا اتهمها بالزنا ليتخلص منها بعد أن رفضت أن يتزوج عليها أو يطلقها؛ لأنه يعيلها، وهو ما جعله يلفق لها تلك التهمة، ليحكم عليها بالرجم حتى الموت، وتسعى زهرة إلى فضح الممارسات الظالمة في بلدها أمام العالم، معتبرة أن ذلك قد يخفف بعض الألم الذي تشعر به جراء الظلم الذي وقع على ابنة أختها. 

 دوافع العنف في الشخصية الفارسية

حين نستعرض تاريخ المنطقة نجد أثار العدوان الإيراني واضحة كحرق الأكروبوليس في  أثيناأحد أهم معالم العاصمة اليونانية أثينا، ورمز عالمي للروح الكلاسيكية والحضارة، على يد الأخمينيين ، وتدمير أكد، وسومر،  وأشور، وبابل، والحضر، في العراق وإغراق حضارة الهند بالدماء وتخريب على كافة الأصعده لا يخلوا منه زمان ولامكان إستطاعوا الوصول إليه سواء عن طريق تشكيل ميليشيا أو التحريض والتخريب والدسائس ومهما تغيرت أنظمة الحكم في إيران فالعدوان  صفة ملازمة تتميز بها الشعوب الإيرانية طوال تاريخها،  مما يثبت أن إيران كيان منتج للعنف بحكم طبيعتها وتكوينها البنيويوإن هذا الكيان  قام على منطق القوة والعنصرية والاستيطان، والذي لا يستطيع، البتة، أن يتحول إلى دولة طبيعية كسائر الدول حتى لو أراد أن يستغني عن العنف والاستيطان والعنصرية، ولعل السبب يكمن في التكوين البربري للقبائل البدوية الفارسية قبل تشكل الإمبراطورية الإخمينية 530 ق. م. - 330 ق. م. : فقد كانت هذه القبائل مستعبدة من الميديين بحسب رواية المؤرخ الإغريقي هيرودتس و منبوذه من جميع شعوب المنطقة وعندما تولت السلطة أفرغت كل مالديها من أحقاد وعقد ومارست سياسة وإعتنقت دين  يتلائم  مع نفسياتها ومن الواضح أن عندها عقدة من شئ إسمه حضارة فما إن تسمع بوجود مدن عظيمة مزدهره حتى تذهب إليها وتدمرها وتنهبها، وتغير تركيبتها السكانية كما فعلت الإمبراطورية الأخمينية والفرثية والساسانية باتباع سياسة نشر القبائل الهندية والأفغانية والخزر بين القبائل العربية تمهيداً لفرسنتها وخضوعها للإمبراطورية الفارسية ولذلك حرصت الحكومات الإيرانية منذ تأسيس الإمبراطورية الفارسية إلى هذا اليوم على تهنيد وخزرنة وأفغنة المنطقة العربية خاصة وسط وجنوب العراق والبحرين والمنطقة الشرقية في السعودية والمناطق الساحلية للخليج العربي واليمن، وكان يطلق على البصرة في العصر العباسي بلاد الهند لكثرة الهنود فيها .!!

 ويذكر العالم اللغوي العراقي مصطفى جواد أن كلمة ( كاولي ) التي تطلق على أحد شرائح المجتمع العراقي أصلها كابلي أي من كابل عاصمة أفغانستان . (2) 

 ومن الملاحظ أن خلخلة الأمن والنظم السياسية في هذه البلدان جاءت من قبل هذه الفئات التي تشبعت بأفكار الفرس وعقائدهم وعقدهم تجاه جيرانهم وعلى وجه الخصوص العرب ويذكر مرسي الأسيوطي3 (  أن الهنود هم الأعراب... بذور التشيع فمع بدأ البعثة المحمدية كانت القبائل العربية تسلم بإسلام شيخ القبيلة ورؤساء العشائر  فيعلن  أفراد القبيلة قولهم أسلمنا وأمنا ولم يكن أمام الموالي الهنود المندمجين مع القبائل العربية ويحملون أسماء عربية وألقاب عربية إلا أن يعلنو مع أفراد القبائل التي تسلم قولهم أسلمنا وأمنا ولكن رد عليهم القرأن بأن أثبت لهم   إسلام  اللسان ونفى عنهم إيمان القلب ثم وصفهم بوصف مرعب بأنهم الإعراب أشد كفرا ونفاقاً وأجدر ألاّ يعلموا حدو الله). ويقول الأصمعي في دليل أخر على تغير هذه التركيبة والتي أثرت في أخلاقها وعاداتها بالسكان ( جاور أهل البصرة الخزر فأخذوا عنهم خصلتين الزنى وقلة الوفاء ).

 أثر العامل الديني 

إن شبه إنعدام العلم والثقافة بكل أشكالها في الإمبراطوريات المتعاقبة في إيران وإنقطاع الإتصال بجيرانهم ( يقتل العربي إذا دخل المدائن دون إذن )، فسح مجالاً واسعاً أمام طبقة رجال الدين ومن حولهم في بث خرافتهم وترسيخ نفوذهم وخلق روح الشك بالأخرين في نفوس العامة من أتباع دينهم  وأدت إلى خلق روح عنصرية، إستعلائية كما أن الظروف التاريخية خلال هذه القرون المتطاولة لم تساعد بتحسين الحالة الإقتصادية والأمنية والإجتماعية والحضارية بجميع جوانبها كل ذلك أدى لتكتل الحذر من الأخرين والعكس . وكما يقول الروائي السعودي الشهير عبدالرحمن منيف ( الجهل هو الوجه الأخر للعبودية ). فحكم رجال الدين المجتمع الإيراني في العهد الساساني و خضع الملوك والأمراء لهم فظهرت الفوارق الطبقية والتمييز وتقسيم المجتمع حتى في ممارسة الطقوس الدينية والعبادة .. وللنار المقدسة ثلاثة أنواع 

 1- نار (كشنسب) في أذربايجان 

2-  نار ( برزين مهر ) بالقرب من مدينة سبزوار .

3-  نار ( استخر ) في فارس 

 هذه النيران الثلاثة أبرز مظهر لأهورا مزدا فالنار الموجودة في اذريا بيجان للملوك ونار فارس خاصة برجال الدين المجوس ونار برزين مهر هي للمزارعين والفلاحين وأصحاب الحرف .

أن أهورا مزدا متعدد الوجوه في دين المجوس فالنار المقدسة تبرر التمييز عبر هذا الثالوث الطبقي لكي يوحي للفلاح أن إلهه الخاص موجود في سبزوار وأن النيران الأخري لاتنفعه ولاتضره .

                                 

عقيدة المُخٓلِص

توفر النصوص الدينية الزرادشتية مظلة  للعنصرية والعنف والكراهية فاالنصوص تعمل على تهيأة وتعبئة روحية للمجتمع الإيراني تجاه الأمم الأخرى وعلى وجه الخصوص جيرانهم العرب ففي نص من نصوص الأفستا ورد مانصه ( ستقع السلطة بيد الروميين ، والعرب المحتزمين الذين يقتنعون بصعوبة، وهم سيحكمون بشكل سيئ لدرجة أن قتل الإنسان الصادق العفيف كقتل ذبابة، لن يعني شيئا ) 4 فيما تبرز فكرة المخلص التي أضعفت إنتماء الفرس المجوس لأي حضارة وزادت من إحساسهم بالغربة خاصة في المجتمعات العربية بعد الفتح في العصر الأموي والعباسي وأن الوحي لم ينقطع في الديانة الزرادشتيه وهذا الإعتقاد يقود إلى أمور خطيرة حولت أتباع هذه الديانة إلى ألغام تتفجر في البلدان العربية كثورة الزنج والقرامطة، وتتحين الفرصة للأخذ بالثأر في معركة فاصلة وقت ظهور المخلص !! فالتاريخ والأحداث التي مرت على إيران حين إحتلها اليونان والرومان وفرض المحتل فيها دينه وثقافته قرون طويلة تؤكد أن المجوسي لايتخلى عن ديانته بسهولة إلا من رحم الله  فما إن ذهب المحتل حتى عاد الشعب الإيراني إلى مجوسيته في العصر الساساني وبصورة أشد من السابق فتكرر المشهد أثناء الفتح الإسلامي وتظاهر الكثير منهم بالإسلام وأبطن مجوسيته وحقده على المجتمعات والبلدان التي أكرمته وأحتضنته ولست أغفل عما قاله الفيلسوف سبينوزا ( الفرح الذي يشعر به المرء نتيجة إعتقاده أنه أسمى من الأخرين، إن لم يكن شعورا طفوليا فإنه لاينشأ إلا من الحسد أو من القلب الحاقد مثال ذلك أن الهناء الحقيقي وسعادة الإنسان لايكونان إلا في الحكمة وحدها ومعرفة ماهو حق وليس على الإطلاق في أن يكون أحكم من الأخرين أو في أن يكون الأخرون محرومون من الحكمة لأن  ذلك لن يزيد أبدا من حكمته الخالصة أي من هنائه الحقيقي فمن يفرح لذلك يفرح لشقاء الأخرين ويكون حسودا وشريرا لايعلم الحكمة الحقيقية أو طمأنينة الحياة الحقة ) 5

   

بغض العرب مروق من الملة 

لقد علم  الرسول صلى الله عليه وسلم حقد الفرس على العرب ووجه كلاماً لسلمان الفارسي رضي الله عنه دون الصحابه كونه من بيئة تكره العرب فقال له ناصحاً ومحذراً (  ياسلمان لاتبغضني فتفارق دينك ) قال سلمان كيف أبغضك وبك هدانا الله قال ( تبغض العرب فتبغضني ) 

كتب أحد الولاة إلى الخليفة عمر بن الخطاب طالبا منه السماح بالإستعانة بالفرس قائلاً ( إن العدو قد كثر وإن الجزية قد كثرت أفنستعين بالأعاجم ) فرد عليه عمر  ( إنهم أعداء الله وإنهم لنا غششه فأنزلوهم حيث أنزلهم الله ولاتؤدوا إليهم شيئا)6

1- جريدة الشرق الأوسط 13- مارس -2016 العدد 13633

  2- برنامج إذاعي لمصطفى جواد قل ولا تقل                                                

  3-الأصول العرقية والثوابت العقائدية  للتشيع ص 55

 4- الأفستا زند أفستا ( فصل 2 ص 737) نقلاً عن كتاب الرسالة الخنفرية ص 675 

 5- رسالة في اللاهوت سبينوزا ص 171

 6- سراج الملوك للطرطوشي ص321

وسوم: العدد 665