إيران والاستعداد للملحمة الإلهية الكبرى في حلب

تجاوز الإيرانيون الخطوط الحمراء معلنين حالة الطوارئ والتعبئة  العسكرية مؤخرًا  على أمل الانتصار لخوض ملحمة حلب  الإلهية الكبرى ؛ الهدف ظاهرياً  دعم الأسد ومليشياته ، لكن الهدف الأساس هزيمة الخصم اللدود السعودية أولاً ، وتركيا ثانياً ، والتي درجت دولة ولي الفقيه على تسميتها بالدولة العثمانية الجديدة .

التصعيد  الإيراني – الروسي – بالتعاون مع مليشيات  النظام حصدت الآلاف من الشهداء والمصابين المدنيين  العزل  من الأطفال والنساء والشيوخ ، وكان لافتًا بدمويَّته وبتركيزه على الأحياء السكنية،  والذي يتَّضح أنه  ما زال يستهدف إسقاط اكبر عدد من الضحايا ، انسجاما مع توافق قداسة الثأر من يزيدي العصر حسب رؤية إيران ، وأهمية تقديم القرابين للتمهيد لظهور المسيح الدجال حسب ما يراه بوتين وكنيسته  .

بداية، جاءت كلمة  "التعبئة لملحمة حلب المقدسة " لتعبر عن حقيقة ما يدور في ذهن الإيرانيين ودورهم المقدس بذلك ، فهم وبالكامل كشفوا عما يحيكونه من مخططات دبرت بليل   ، وكشفت بما لا يدع مجالاً للشك بأنه لا وجود بينهم لمعتدلي اليوم ، فهم رعاة التطرف دون تقسيم بين محافظ وإصلاحي ،  يمارسون الإرهاب من خلال القوات التي يرسلونها ،  ويؤمِّنون رعاية المليشيات التي يحشدونها  ماديًّا وروحياً وإعلاميًّا وسياسيًّا  لذبح الشعب السوري الأعزل وسط صمت المجتمع الدولي .

الواقع أظهر  بشكل لا لبس فيه ، وأثبت  بشكل دامغ أن  الدولة الإيرانية  لا تختلف عن "داعش" بأي شيء، لا بالفكر ولا بالتطرف ،  ولا بطريقة القتال وأسلوبه  الممنهج  والتي تعتبر السلاح الفعال  لإرهاب الخصوم  وذبحهم بحجج واهية .

هذا الثأر والتعبئة العسكرية لإيران ، بات  لا يميز حاليًّا بين البشر والحجر والشجر في حلب لناحية تنفيذ عمليات الأرض المحروقة ، التي  تتواصل على مدار الساعة  في أغلب المناطق الجغرافية  في شمال وجنوب وشرق وغرب ووسط  المدينة، اللافت هو تكثيف استهداف  المدنيين لتحقيق ما يلي:

أولًا:

فتح الطريق لمليشيات الأسد  للعبور للسيطرة على وسط  المدينة،حيث تهدف إيران ، ومن خلال تصعيد قصفهم الأحياء السكنية في حلب ،  والتسبب بسقوط عدد كبير من المدنيين العزل ، إلى توجيه أصابع الاتهام للمعارضة المسلحة ،  والى توجيه المجتمع الدولي المعني بالأزمة السورية  الذي بات يعتبر قضية الإرهاب وتدفق اللاجئين على سلم أولوياته ، للضغط باتجاه  تعزيز التحالف لضرب المعارضة المسلحة ،  والتمهيد لتصفيتها ، وغض الطرف عن  عمليات جيش النظام الدموية .

ثانياً : 

سعي  طهران  لأن تثبت  للمجتمع الدولي بأن هؤلاء الذين كانوا يُعتبرون معارضة معتدلة ، ومن يقف وراءهم ؛ خاصة السعودية وتركيا  حسب زعمها دول داعمة  للإرهاب ، ولم  تمتثل للقرارات التي وافقوا عليها بداية من خلال سلسلة مفاوضات جنيف ، والتي أجمعت عليها أيضا أغلب تلك الدول ،وخاصة الداعمة للإرهاب – على حد تعبير إيران -  والقاضية بوقف العمليات العدائية والذهاب إلى جنيف وإجراء مفاوضات جادة بين مختلف الفرقاء ، من هنا لا تتوقف أبواق الإعلام الإيراني عن اتهام السعودية وتركيا بأنها دولة إرهابية وداعمة للإرهاب .

ثالثاً :

تهدف طهران من خلال استخدام القوة العنيفة  إلى تدمير الخصوم ، بعدما بشرت بالأمس في إعلامها أنها حققت انتصارات كبيرة على الأرض لا تستطيع الحديث عنها الآن ، حيث  أعلنت  أنها سطرت ملحمة بطولية على الأرض السورية  ، معتبرة أنها تمكنت من تثبيت دعائم حكم الأسد ونظامه ، إلى غير رجعة ، تمهيداً لتحقيق الملحمة الكبرى التي ستبدأ  بالسيطرة على كامل الشمال السوري؛ لكنها لم تبشرنا بعد بالمرحلة التالية لهذه الملحمة " المجزرة " .

رابعاً

إن دولة ولي الفقيه  تمكنت من تحقيق النبؤة الإلهية من خلال الدور المقدس لإيران والذي تجسد من خلال تلبية نداء المظلومية  – على حد تعبيرالرئيس الإيراني  روحاني – لنصرة المستضعفين ، وبناء على توجيهات خامنئي كما أعلن عن ذلك  مساعد قائد الحرس الثوري العميد بورتسودان  الذي أعلن عن التعبئة العامة للجهاد المقدس في سوريا .

خامساً:

 تهدف إيران من إرسال قواتها للخارج اكتساب  الخبرات  في ساحات المعارك القادمة في المنطقة ، حيث يتمتع الجيش الإيراني بخبرة قتالية محدودة في الخارج ؛ لهذا كان ذلك من أهم الأسباب التي دعت إلى إرساله للخارج على حد تعبير العميد بيمري مساعد قائد الجيش الإيراني .

سادساً :

إعلان إيران بشكل رسمي أن الجيش الإيراني سيواصل إرسال المتطوعين إلى سوريا ، كما صرح بذلك نائب القائد العام للجيش الإيراني  العميد عبد الكريم موسوي من أن القوات المقاتلة للجيش من مختلف الصنوف يجري إرسالها للدفاع عن مراقد أهل بيت النبي في سوريا كمتطوعين ،وسيتواصل إرسالها ، وأضاف  بأن  عناصر قوات الجيش أعلنوا استعدادهم للتوجه إلى سوريا منذ اندلاع المواجهات في هذا البلد ، ومارسوا الضغوط على قادتهم ، وذكر العميد موسوي أن القوات المقاتلة للجيش من مختلف الصنوف يجري إرسالها ، وبشر بإرسالهم  بكثافة خلال الأيام القادمة لأسباب هامة وضرورية ، وأن هناك أوامر إلهية تحث على ذلك  .  

إذاً هي الملحمة "الإلهية " الكبرى التي تستهدف منها دولة ولي الفقيه ارتكاب أكبر مجزرة في التاريخ الحديث ضد الشعب السوري ، دون أن يحرك ذلك ساكناً .

 لك الله يا سوريا  لك الله يا سوريا  

د.نبيل العتوم                                                                              

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية                                  

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

وسوم: العدد 666