.. وما بذلك أُمِروا

يتحاور العرب والمسلمون بالقذائف والراجمات والصواريخ، وما بهذا أُمِروا.

يتخذُ العربُ والمسلمون أعداء أُمتهم اولياء من دون المؤمنين، وما بهذا أُمِروا.

يضاهئُ العرب والمسلمون قاهريهم في اخلاقهم والوان سلوكهم، وما بذلك أُمِروا.

يتفرّق العرب والمسلمون أيديَ سَفَهٍ وجهالةٍ، من بعد ما جاءهم البيَنات، وحفظَ اللهُ ذكره الحكيم فيهم، وما بذلك أُمِروا.

يتمسك العرب والمسلمون بعصبيّة الجاهلية وفخرها بالآباءِ، وقد جاءهم الهدي النبوي بالقول الفصل إذ قال صلى الله عليه وسلم: «أنتم بنو آدم من تراب، ليَدَعَنّ رجالٌ فخرَهم بأقوامٍ إنّما هم فحمٌ من فحمِ جهنم، أو ليكونُنَّ أهون على الله من الجُعلان التي تدفعُ بأنفها النّتنَ»، وما بذلك أُمِروا.

تغلو طوائف من العرب والمسلمين في دينها غُلوّاً كبيراً بغير حقّ، وتتّبعُ أهواء الذين ضلّوا من قبلُ وأضلّوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل، وما بذلك أُمِروا.

يَرُدُّ العرب والمسلمون ما يتنازعون فيه من شيء، كبر او صغر، الى من يتربّصون بهم الدوائر، ويستظهرُ بعضهمُ بهم على بعضٍ، وما بذلك أُمِروا.

يتنكّب العرب والمسلمون طرائق التعبير باللسان العربي المبين الذي تنزّلت به آيات القرآن الكريم، غافلين عن أنّه إذا كان العقل (أو قوّة الفهم) هو مبدأ العلم فإن تمامه هو قوة المنطق الذي هو البيانُ والعبارة، وما بذلك أُمِروا.

لا يحكِّمُ العربُ والمسلمون اللهَ والرسولَ فيما شجر بينهم، ولا يُصلِحون بين الطوائف المتنازعة منهم، وما بذلك أُمِروا.

لا يجاهد العربُ والمسلمون أنفسهم للتحقق بمكارم الاخلاق فتراهم – إلاّ من رحم الله – يرتعون في دِمَنِ الفساد، ويُهرعون في أثير النّاعقين به، وما بذلك أُمِروا.

هذا، في الجملة، ما تأخذه العين، لأوّل النظر، من العرب والمسلمين هذه الأيام، وهم الذين «ما أُمِروا إلاّ ليعبدوا الله مُخلصين له الدين حُنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» وذلك «دين القيّمة» او الملّة المستقيمة التي يزعمون الانتساب اليها.

فهل ثمّة شكل دون مضمون في هذا المُطْمَئَنِّ الواسع من أرض العروبة والاسلام، أم ان ثمَة من أوضعوا خلاله، وابتغوا لأهلِهِ الفتنة، وزادوهم إذْ تباعدَ ما بينهم وبين دينهم الحق خبالاً وضلالاً؟؟

إنهما أمران مُتلازمان فيما يقضي به العقل، وعسى أن يكون لهذه الأمّة تنبُّهٌ واستفاقةٌ قبل أن تطبق عليها الأُمم إطباق الذئاب المفترسة على الأغنام، وساءَ ذلك مصيراً.

وسوم: العدد 673