كيف نزيد الرضا الزوجي؟

د. محمد رشيد العويد

من خلال قيامي بمصالحة أزواج مع زوجاتهم وجدت حقيقة واقعة تكاد لا تتخلف ولا تغيب وهي أن كلاً من الزوجين له مآخذ على صاحبه ، وشكاوى مختلفة منه ، وحين أطلب أن يذكر كل منهما ما يرتاح إليه في صاحبه ويرضى عنه فإنه يذكر صفات وأخلاقاً عدة .

ماذا يعني هذا ؟

يعني أن كل زوج فيه من الصفات والأخلاق ما يرضى عنه الزوج الآخر ، وفيه من الصفات والأخلاق ما لا يرضى عنه .

وهذا يوجهنا إلى :

أولاً : إدراك هذا الواقع يبعث الرضا في نفس كل من الزوجين ، فالزوج يقول لنفسه : إذا كنت أشتكي فيها أموراً فلا شك في أنها تشتكي فيَّ أموراً غيرها ، وكما أريدها أن تصبرّ عليَّ وتحتملَ مني هذه الأمور فإنه مطلوب مني أن أصبر عليها وأحتمل منها تلك الأمور .

ثانياً : يقول الزوج لنفسه : هذا النقص الموجود في زوجتي موجود ما يشبهه في النساء الأخريات ، فإذا حسبت أنني بزواجي من أخرى سأجدها كاملة فأنا مخطئ . وهذا يزيد في رضا الزوج عن زوجته ويخفف من شكواه منها .

وكذلك تفعل الزوجة الساخطة على زوجها وقليلة الرضا عنه فتقول لنفسها : ليس هناك رجل كامل وما أحسب أن هناك امرأة راضية كل الرضا عن زوجها .

ثالثاً : يحسن بكل من الزوجين أن يدرك أن صبره على ما لا يرضاه في صاحبه يؤجر عليه ويثاب ، أي أنه سبب في زيادة رصيده من الحسنات ، وبهذا ينقلب عدم الرضا إلى رضا بعون الله وتوفيقه .

رابعاً : الدنيا بكل ما فيها لا تصفو دائماً لأهلها ، والأزواج والزوجات من هذه الدنيا ، فعلينا ألا نصدم إذا لم يكن كل من الزوجين لصاحبه كما يحب ويرضى .

خامساً : على كل من الزوجين أن يعلم أنه قليل جداً من الناس من ينجحون في مجالات حياتهم جميعها ، فهذا رجل ناجح في عمله ، وناجح في دعوته ، وناجح في العناية بصحته ، لكنه غير ناجح في بيته ، وذاك رجل ناجح في بيته لكنه غير ناجح في عمله … وهكذا .

كذلك المرأة قد تكون ناجحة في تربيتها أبناءها وصلاتها بأهلها وصديقاتها لكنها فاشلة في إرضاء زوجها …

علينا إذن أن نقنع ونرضى دون أن يعني هذا أن لا نحرص على النجاح في المجالات كلها ونعمل من أجله .

سادساً : الغضب المتكرر الناتج عن عدم الرضا يؤذي الصحة وينقص العافية ، كما أكدت الدراسات الطبية الكثيرة ، ومادام الزوجان حريصين على صحتهما فليحرصا على أن يبعدا الغضب عن حياتهما قدر ما يستطيعان ، ولا يبتعد الغضب إلا بعد زيادة الرضا والقناعة .

سابعاً : قدوتنا وأسوتنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم كان عظيم الرضا ، زاهداً في الدنيا ، راغباً في ما عند الله تعالى ، ومادمنا محبين له صلى الله عليه وسلم ، متبعين سنته ، فإن علينا أن نزيد رضانا عما قسمه الله لنا ، ومنه رضى الزوج عن زوجته ورضا الزوجة عن زوجها .

ثامناً : الدنيا ليست نهاية المطاف ، فإذا فقدنا شيئاً فيها فلا ضير إن شاء الله مادامت هناك آخرة يعوضنا الله فيها ما فاتنا في الدنيا وفقدناه ، ومن ذلك إذا لم يوفق أحدنا في زواجه ، فلم يسعد فيه . وما أجمل هذا الحديث الصحيح الذي يحمل عزاء وسلوى للزوج الذي ابتلي بزوجة تسيء إليه ؛ فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال (( لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله ؛ فإنما هو عندك دخيل ، يوشك أن يفارقك إلينا )) الإمام أحمد والترمذي ( الجامع الصحيح 7192 ) .

وأقترح على كل زوج أن يكتب هذا الحديث في هاتفه ، ليقرأه بين حين وآخر ، وأن يسجله بصوته ليسمعه أيضاً بين وقت ووقت ، وخاصة عندما تؤذيه زوجته بكلمة أو فعل .

تاسعاً : مهما قل رضانا عن حياتنا الزوجية ، وزاد سخطنا على الزوج الآخر ، فلاشك في أن هناك ماضياً جميلاً عشناه معاً ، وكلمات طيبة سمعها كل منا من صاحبه ، ولحظات سعيدة جمعتنا ، وابتسامات مشرقة تبادلناها … فلنحاول ، كلما تراجع رضانا ، وزاد سخطنا ، أن نستحضر ذلك الماضي الجميل ، وتلك الكلمات الطيبات ، وهاتيك اللحظات السعيدة ، والابتسامات المشرقة . ويجمع هذا كله قوله تعالى في خطاب الأزواج والزوجات معاً (( ولا تنسوا الفضل بينكم )) .

وسوم: العدد 675