نهاية الحملة الانتخابية... بداية خيبة الامل؟

رأي القدس

تلقى احد رؤساء الاحزاب الليبرالية التي اعلنت تأييدها للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي الدعوة للاجتماع معه، وبالفعل توجه الى مقر الاجتماع في مبنى شرق القاهرة، الا انه فوجئ لدى حضوره للاجتماع نفسه بان عدد المدعوين يبلغ نحو ثلاثمئة شخص، وان حالة من الفوضى سادت ترتيبات الجلوس في القاعة المزدحمة، بحيث لم يتمكن رؤساء الاحزاب من العثور على مقاعد مناسبة، وعندما وصل المشير اخيرا، تحدث لفترة وجيزة عن الشباب واوصى الاحزاب بالاهتمام بهم، ثم غادر القاعة بسرعة، دون ان يتمكن اي من الحاضرين من الدخول معه في حوار.

اما اكثر ما اصاب رئيس الحزب بخيبة الامل، حسب تعبيره (وهو الذي كان ضيفا مقيما في الفضائيات خلال الاسابيع الماضية للترويج لانتخاب المشير) فهو ان المشير عقد اجتماعا مصغرا بعد اللقاء الموسع بالفعل، الا انه لم يكن ضمن ‘المحظوظين’ الذين تلقوا الدعوة الى حضوره.

وشدد رئيس الحزب على خيبة امله ليست لاسباب شخصية، بل سياسية بحتة، حيث ان تقوية الاحزاب هي احد التعهدات التي قطعها المشير على نفسه(بشرط ان يتكتلوا، كما قال في حديثه الاخير)، وهو لم ير اي دليل على هذا في استبعاد رؤساء الاحزاب ومعاملتهم بهذا الشكل غير اللائق.

ولعل فحوى هذه القصة ينطبق على كثير من ملامح المشهد الختامي للحملة الانتخابية، مع بدء فترة الصمت الانتخابي منتصف ليل السبت استعدادا لبدء التصويت الاثنين.

وللانصاف فان خيبة الامل لا تقتصر على مرشح واحد، بل تمتد الى ملامح عديدة في المشهد الختامي قبل ساعات من اسدال الستار، ومنها ما يلي:

وقف المشير الى جانب اعلاميين محسوبين على اجهزة امن الرئيس المخلوع حسني مبارك لالتقاط صور تذكارية بمناسبة اجراء حوار تلفزيوني معهم، في مشهد يتجاوز خيبة الامل الى الصدمة بالنسبة الى كثيرين، خاصة ان اولئك لا يكفون عن الصراخ ليل نهار معتبرين ان ثورة يناير (مؤامرة امريكية اخوانية ـ شبابية).

استأنفت حملة المشير توزيع ‘لمبات’ الكهرباء الموفرة قبل ساعات من الصمت الانتخابي، في تحد للجنة الانتخابية العليا التي كانت ادانت ذلك السلوك واعتبرته انتهاكا خطيرا للقانون الانتخابي الذي ينظم عمل الحملات.

اشتدت الحملات الاعلانية التي تحث الناس على المشاركة في الانتخابات بشكل غير مسبوق، حتى وصلت الى حالة من ‘الهستيريا’ تشي بمشاعر تتراوح بين القلق والذعر من الفشل في ‘اختبار الارقام’ الذي هو كل ما بقي لنعرفه. اذ ان مشاركة اقل من خمسة وعشرين مليونا، وهو حجم المشاركة في الانتخابات الرئاسية في العام 2012، ستمثل احراجا للنظام بأكمله وليس للرئيس المنتظر فحسب.

جاء منع الكاتب فهمي هويدي من السفر بطلب من (الامن الوطني) ودون ابداء اسباب محددة تكريسا لشعور متنام بين الشباب بشكل خاص، بان البلاد مقبلة على فترة من القمع ستجعلهم اول من ‘يترحم على ديمقراطية مبارك’. وليس وجود 16 صحافيا وراء القضبان الا دليلا حيا على هذا. فهل من المصادفة ان يحدث استهداف لاصحاب الرأي تزامنا مع حديث المشيرعن قبوله للنقد (بشرط ان يكون واعيا)؟ ومن الذي سيحدد ‘مدى الوعي’ وكيف وماهي معايير ذلك ‘الوعي’؟

اما المرشح حمدين صباحي فيبدو مهتما بـ ‘تقاسم كعكة’ ما بعد الانتخابات اكثر منه بنتائج هذه الانتخابات. ومن هنا جاء حديثه عن قبول رئاسة الوزراء في حال فشل في الانتخابات، بينما اختار ان يكون (واقعيا) بشأن التجاوزات الانتخابية، سواء التي حدثت او تنتظر الحدوث، فاكد انها ناتجة عن انحياز الدولة الى المشير لكنه اعتبرها ‘غير مؤثرة’.

واخيرا فان مصر مقبلة على لحظة تاريخية، سيتعين عليها فيها ان تختار ليس بين مرشحين او شخصين، بل بين مسارين، احلاهما مر، وايسرهما وعر وطويل. لحظة حرجة قد يكلف الخطأ فيها ثمنا باهظا، يضاف الى معاناة وتضحيات لا تقدر بثمن.

فهل يرتفع الجميع الى مستوى التحدي والمسؤولية التاريخية، ام ان عدم تعلم الدروس من الماضي، القريب منه قبل البعيد، اصبح ‘لعنة فرعونية’ تلاحق كل من يجلس على العرش.