النكبة مستمرة .. ولكن!!

محمود المنير

مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت

[email protected]

فى الذكرى السادسة والستين لنكبة فلسطين 1948 التي توافق الخامس عشر من مايو ، ثمة حقيقة مؤلمة مازلنا نتجرع مرارتها عاما بعد عام ، وهى أن النكبة التى لحقت بالأمة فأضاعت منها فلسطين مازالت مستمرة بتداعياتها ، فما زال الكيان الصهيونى يحتل الأرض والمقدسات ويستبيح حرمة وقدسية المسجد الأقصى المبارك باقتحامات يومية من المتطرفين (مسؤولين ومستوطنين)، لمحاولة فرض السيطرة الإسرائيلية عليه، ويستهدف الوجود الفلسطيني مدينة القدس بهدف تهويدها بالكامل وجعلها عاصمة أبدية لاسرائيل ، وما زالت السلطة الفلسطينية تعيش سلطة وهمية على أراضي الضفة الغربية المحتلة ، ومازال الكيان الصهيونى ينكث بكل الاتفاقيات الدولية المعقودة معه ، بهدف إفشال إقامة دولة فلسطينية مستقلة ، علاوة على معاناة مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينين الذين يعيشون فى مخيمات الشتات منذ النكبة على أمل العودة ، وهناك آلاف الأسرى الذين يقبعون فى سجون الكيان الصهيونى المخالفة لكل المعايير الانسانية والدولية ، وسط صمت وعجز دولى مخزي !!

أضف إلى ذلك فشل المجتمع الدولى فى إجراء تحقيق دولى حول عشرات المجازر التى ارتكبها الكيان الصهيونى بحق الشعب الفلسطينى منذ النكبة وحتى الآن ، لذلك مازالت النكبة مستمرة ، نعم فاسرائيل مستمرة فى تهجير الشعب الفلسطيني وتشريده عن أرضه ، وتدمير مدنه وقراه على يد العصابات الصهيونية، وولم يحاسبها أحد على ما اقترفته من مجازر بشعة ترقى إلى حد التطهير العرقي.

نعم النكبة مستمرة رغم اغتصاب الأرض والمقدسات ، واحتلال ما تبقى منها وحتى اليوم ، ورغم استمرار الشعب الفلسطيني في معاناته بتهجيره من أرضه وشتاته خارج وطنه، إلا أنه رغم الانتهاكات الإسرائيلية، بقي صامداً في الحفاظ على هويته الوطنية، متشبثًا بحقوقه، ولم تقدر وسائل القمع والانتهاك الإسرائيلي أن تحني هامته، وفشلت في تقويض عزيمته بتحقيق هدفه الأول بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وأفشل المقولة الإسرائيلية بأن فلسطين أرض بلا شعب، وأثبت وجوده على الساحة الدولية وجسدها قرار الأمم المتحدة في 29/11/2012 الاعتراف بدولة فلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب بإجماع دولي كبير.

نعم النكبة مستمرة ، ولكن هناك جيل من  المقاومين الأبطال يعدون العدة لحسم الصراع مع الكيان الصهيونى ، المفروض بقوة الواقع ولكنه سيزول بقوة المقاومة والجهاد .

النكبة مستمرة .. ولكن الرهان الحقيقى على البندقية وليس على المفاوض المنبطح على مائدة التفاوض ، فالسلام مع الصهاينة وسراب لا يراه حقيقة الا مهزوم نفسيا أو متخاذل أو عميل لايفهم أبعاد الصراع والقضية .

النكبة مستمرة .. وميزان القوى مازال مختلا ، وقوة الردع لم تحقق بالشكل الكافى بعد ..لكن تغيرت المعادلة بوجود جيل يفهم طبيعة الصراع ويترقب الفرصة المواتية لحسمه على بوابات الأقصى المبارك وعلى أسوار القدس ، حين ينطق الحجر والشجر .." يامسلم ياعبد الله ورائى يهودى تعال فاقتله .." .

النكبة مستمرة ..ولكن المواجهة باتت قريبة بعد انطلاق قطار ثورات الربيع العربي وسقوط وتهاوى بعض الانظمة الديكتاتورية فى المنطقة ، وبعد عملية الفرز والاصطفاف التى يشهدها العالم العربي بين معسكر يتآمر ويحمى أمن الصهاينة ويحارب ثورات الربيع العربى ويقود الثورة المضادة ، ومعسكر آخر يثور من أجل حرية شعوب المنطقة ، ويقدم كل التضحيات غالية من أجل امتلاك الحرية والعيش والكرامة الانسانية.