أمثال للعزّة .. وأمثال للذلّة

 أ ـ المثل ضمير ثانٍ ، كامن في الضمير، يتنبّه في الموقف الذي يقتضيه ، ويَبرق في الذاكرة ، ثمّ يسري برقه في الكيان كله..! فإن كان صالحاً ، قاد إلى صلاح ، أو ثَـبّت القلب على صلاح ، وإن كان فاسداً، قاد إلى فساد ، أو ثَـبّت النفس على فساد .

 وليس في الكون شعب يخلو من أمثال ، وليس في الناس عاقل يخلو لبّه من أمثال ، حسنة وسيّـئة.

 والمثل قد يكون حكمة ، أو قولاً مأثوراً ، أو جملة تَحمل تجربةَ شَعب أو أمّة ، قالها فرد ، في ظرف ما ، ثمّ شحنتها الأمّة بمشاعرها، عبر التداول الطويل..!

 وكثيراً ما ينتقل المثل ، من دولة إلى أخرى ، ومن أمّة إلى أخرى، فيكتسب أبعاداً إنسانية ، ويصير مثلاً إنسانياً عاماً .

  نماذج من أمثال الجرأة والعزّة ، وأخرى من أمثال الجبن والذِلّة :

1)    من أمثال الجرأة والعزّة :

في مجابهة الأعداء : المَنيّة ولا الدنيّة .. استقبال الموت خير من استدباره.في مجابهة الحاكم الظالم :

  قال عمرو بن كلثوم التغلبي ، في معلقته المعروفة :

  إذا ما المَـلْـكُ سامَ الناسَ خَسْـفاً    أبَـينا أنْ نُقِرّ الذلَّ فينا

وقال بشّار بن برد:

إذا المَـلِكُ الجبّار صَعَّر خدَّه    مشَينا إليه بالسيوف نعاتبهْ

2)    من أمثال الجبن والذِلّة :

في مجابهة الأعداء : العَين ما تقابل مخرزاً .. الهزيمة ثلثا المَرجلة..!في مجابهة الحاكم الظالم :

 قال الطغرائي ، في قصيدته المعروفة ، المسمّاة لاميّة العَجم:

جانبِْ السلطانَ ، واحذَرْ بَطشَه      لا تعانِدْ مَنْ إذا قال فَعلْ

ب ـ ولا يخفى على القارئ المسلم ، أن أمثال العزّة منسجمة مع روح الإسلام ، والتوجيهات الأخلاقية النبوية للمسلمين ، حتى لو ولِدت هذه الأمثال ، في مجتمعات غير مسلمة ، أو كان قائلوها غير مسلمين . فسيرة النبي (ص) وصَحبِه الكرام ، حافلة بمعاني العِزّة،على مستوى الأقوال والمواقف :

قال رسول الله (ص) في مجابهة الأمّة للحاكم الظالم : إذا هابت أمّتي أن تقول للظالم : يا ظالم ، فقد توُدّعَ منها . وقال (ص) : سيّد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمرَه ونَهاه ، فقتلَه .

 وفي سيرة الخليفة الراشد ، عمر بن الخطاب ، أنه قال : إذا رأيتم فيّ اعوجاجاً فقوّموه . فقال رجل : لو وَجدنا فيك اعوجاجاً لقوّمناه بسيوفنا . فقال عمر : الحمد لله الذي جعل في أمّة محمّد ، مَن يقوّم عمر بسيفه .

 وقال القائد العبقري الفذّ، خالد بن الوليد ، في مرض موته، يَعيب جبنَ الجبناء، وخوفَهم من مجابهة أعدائهم : ... ليس في جسمي موضع شِبر، إلاّ فيه رمية بسهم ، أو طعنة برمح ، أو ضربة بسيف، وهاأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء!

وسوم: العدد 681