الثقافة والانقلاب.. محاولة لفهم ما يحدث

محمود القاعود

[email protected]

ذات مساء فى يونيو 2013 .. هاتفتني مذيعة بـ"صوت العرب" لتعرف رأيي فيما جري عقب اختيار الدكتور علاء عبدالعزيز وزيرا للثقافة والهياج الذى انتاب أعضاء حظيرة فاروق حسني واقتحامهم الوزارة واحتلالها والاستعانة ببلطجية يحملون الخرطوش والسنج لحماية مقر اعتصامهم !

تحدثت وقلت رأيي وقلت أن الدولة لابد أن تضرب بيد من حديد فوق كل من تسول له نفسه أن يعبث بثقافة الشعب المسلم ، وأن احتلال وزارة لا يحدث إلا فى الانقلابات العسكرية .. وتحدثنا طويلا عن وزارة الثقافة وشئون المثقفين .. شعرت بدهشة المذيعة التى أمثل فى مخيلتها مجرد " وهابي إرهابي متطرف متشدد " لا يقرأ الرواية أو الشعر ! وقالت لى : ليه ما بتتكلمش على طول ؟! ثم أردفت : احنا جبنا الدكتور أحمد عارف المتحدث باسم الإخوان المسلمين ولم يرد على سؤال المخرج خالد يوسف : أين المثقفين الإسلاميين ؟! قلت لها : مع احترامي الشديد للدكتور أحمد عارف فيبدو أن هناك سوء نية من المعد .. الدكتور عارف ناطق باسم جماعة الإخوان ، لماذا يتم اقحامه فى نقاش ثقافى عن الأدب والنقد والرواية ؟ هذا إن اعتبرنا أن خالد يوسف ينتمى للثقافة أصلا ! واتفقنا على مناظرة فى صوت العرب أحل فيها ضيفا أمام أحد أعضاء الحظيرة .. لكن أحدا لم يتصل بي !

أخلص من هذه الحادثة أن ثمة إرهابا منظما تقوده ميليشيات اليسار والعلمانية التى تسيطر على الثقافة المصرية منذ عقود ، وتستخدم سياسة "الاستئصال" فى مواجهة كل من يعترض أو يحتج ليشكلوا بذلك وعى أمة بها أكثر من 86 مليون مسلما .. حتى صار من ينظرون للأمة أمثال محمد سعيد العشماوي الذى يفترى على القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم ، لنرى مسوخا شائهة ليس لها من الإسلام إلا كلمة "مسلم" المكتوبة فى بطاقات الهوية ..

إن وزارة الثقافة المصرية هى قلب الانقلاب .. ولذلك كان حرص نجيب ساويرس رجل الأعمال الصليبي المتطرف على إفشال الدكتور علاء عبدالعزيز ، وارسال النفقات لأعضاء الحظيرة الذين احتلوا الوزارة والترويج الإعلامي لأفعالهم الإجرامية وتزيينها ، وتصوير ما يحدث أنه لصالح هوية البلد – يعني الهوية الصليبية .

تحوّلت وزارة الثقافة طوال عهد المخلوع حسني مبارك والمجلس العسكري والسيسي إلى بؤرة ماركسية تمارس الإرهاب والإقصاء ضد كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. فهم وحدهم .. المثقفون والفنانون والأدباء والشعراء ! وتنفق الوزارة ببذخ منقطع النظير على كل من يجاهر بعداء الإسلام الذي يسميه السفلة والدهماء "الظلام" و " الأفكار المستوردة من الجزيرة العربية" !

الأميون والجهلاء وأنصاف المتعلمين ..صاروا عباقرة لا مثيل لهم ! وإن اعترضت فأنت المتطرف الذى تحرم الباليه والنحت والفن وتُكفّر نجيب محفوظ .. بالإضافة لوصلة الردح الشهيرة " اغتالوا فرج فودة وحاولوا قتل نجيب محفوظ وكفّروا نصر حامد أبو زيد " !

كل هذا من أجل أن يستمر مخطط استئصالهم للإسلام وتشويه قيم وثوابت الدين الحنيف، ونهب ثروات الشعب المصري التى تذهب لجيوب من يسمونهم " مبدعون" و " مثقفون" !

تأمل فيما تفعله الوزارة ، لتعلم أنها حرب صريحة ضد الإسلام وأن مهمتها هى مسخ العقول وتشويه الإسلام والمسلمين ..

شخص يُدعى حلمي سالم زعموا أنه شاعر .. كتب قصيدة بعنوان " شرفة ليلي مراد" سب فيها الله تعالى .. ووصفه برجل قروي يزغط البط  ويكتب سورة البقرة .. هذا الشخص نال جائزة الدولة التقديرية وثمنها يتجاوز النصف مليون جنيها ..!

وحيد حامد السيناريست المُقرب من الكنيسة الأرثوذكسية .. كتب مسلسلا قميئا يُشوّه فيه الإخوان المسلمين .. فنال جائزة الدولة التقديرية !

سيد القمني مُزوّر شهادة الدكتوراه الذى سب الله ورسوله وافترى على السيدة خديجة أخذ جائزة الدولة التقديرية ..

وزير الثقافة اليسارى المتطرف محمد صابر عرب استقال  من حكومة الجنزوري ( فترة حكم طنطاوي وعنان ) ليمنح نفسه جائزة الدولة التقديرية فى التاريخ ثم عاد للمنصب مرة أخري !

وطبعا شخصيات مثل يوسف القعيد وجمال الغيطاني وبهاء طاهر وجابر عصفور وأحمد عبدالمعطي حجازى  وغيرهم الكثير ممن يجاهرون بمحاربة الإسلام ..

تأمل فى حال جريدة تصدر عن وزارة الثقافة هى "القاهرة" يرأس تحريرها منذ إنشائها عام 2000م الشيوعي صلاح عيسي ، لا تنشر الجريدة سوي للتيار الماركسي ولك أن تجد بها كتابات تطعن فى صميم الإسلام .. فى غالبية صفحاتها .

الهيئة العامة للكتاب يتولى أمرها أحمد مجاهد الماركسي المتعصب الذى أخذ على عاتقه نشر كتابات تحارب الإسلام وتطعن فى القرآن الكريم ، مثل كتابات وخرافات المدعو محمد سعيد الشعماوي .. وطبع أعمال تافهة لا قيمة لها مثل أعمال عبدالرحمن الأبنودي..

المجلس الأعلى للثقافة .. هؤلاء بعض الأعضاء : نجيب ساويرس ! عماد جاد ! تهانى الجبالى ! المخرج حالد يوسف ! جمال الغيطاني ! يوسف القعيد ! عمرو حمزاوي ! عمرو الشوبكي ! حسن حنفي ! مراد وهبة ! سلوي بكر ! حسام عيسي ! صلاح فضل ! فريدة الشوباشي ! نبيل عبدالفتاح ! حمدي رزق ! 

وكما هو واضح .. اختيار شخصيات صليبية متطرفة وأخري ماركسية فاشية تريد استئصال الإسلام تحت زعم "الاستنارة" و " رفض الراديكالية" !

اتحاد الكتاب يسيطر عليه الماركسيين ويتولى رئاسته الماركسي محمد سلماوي ..

الهيئة العامة لقصور الثقافة مختطفة مثل الوزارة تماما .. دار الوثائق والكتب نفس الوضع ..!

كتب أحدهم ذات يوم أنه يخشي من طباعة أعمال "حسن البنا" ! ويكأن الإمام البنا لا يساوي أحد هؤلاء الأميين الجهلاء الذين لم يبرعوا سوي فى سب الدين وأدب الفراش !

ومن قبل فى عهد فاروق حسني تخصصت الوزارة فى طباعة كل ما يعادي الإسلام وتكريم من يسبون الدين .. وما جريمة " وليمة لأعشاب البحر " منا ببعيد ..

الطبع والنشر مقتصر على الماركسيين .. حتى بلغت التفاهة بالوزارة أن تطبع ما أسمتها " الأعمال الكاملة" للشاعر الفحل "جمال بخيت" صاحب المعلقة الشهيرة " دين أبوهم اسمه إيه " !

الإسلاميون والثقافة.. نقطة نظام :

لابد أن نعترف أن التيار الإسلامي لا يهتم بالثقافة .. لا أعني الثقافة الإسلامية بمفهومها الخاص بالسيرة والفقه والتاريخ الإسلامي .. إنما أعنى الثقافة بمفهومها العالمي الذى يُعني بالأدب بكل فروعه من الرواية والقصة والمسرحية والشعر ..

غالبية المواقع الإليكترونية الآن تخصص وسما للثقافة والفكر .. ترى كم موقعا إسلاميا يهتم بهذا الجانب ؟

بل أذكر أثناء عملى بإحدي الصحف كنت مشرفا على صفحة " ثقافة وفكر" جاء رئيس التحرير الجديد وقال : مفيش حاجة اسمها ثقافة ! وأُلغيت الصفحة لأن رئيس التحرير لا يعتقد بوجود الثقافة !

إن حاولت أن تبحث عن دور النشر الإسلامية التى تهتم بالثقافة .. فلن تجد .. جُلها لا تطبع إلا كتب تراث أو علماء لهم حظ  من الشهرة .. حاول أن تطبع مجموعة قصصية أو رواية  أو ديوانا .. سيجيبك بأنه " مبيشتغلش فى الحاجات دي " !

بل اسأل أى إسلامي – لا أقول الكل بل الغالبية - ما هى الروايات التى قرأها سواء فى الأدب العالمي أو العربي ؟ لن يرد .. هذا رغم أن الشهيد سيد قطب كان أديبا رائعا يكتب الرواية والشعر .. ومن رواياته المتميزة " أشواك" البعيدة عن التكلف أو هى "السهل الممتنع" التى تحكي قصة حب انتهت بالفشل عقب فترة خطوبة مرتبكة !

لا أجد حرجا فى أن أعترف بأن اليسار يهتم بالثقافة ويقرأ ويطلع .. لكن هذا لا يعني الإشادة بالغثيان الذي يقدمه الماركسيون .. التيار الإسلامي لا يقرأ رغم أن لديه كوادر متعددة تؤهله لتسيد الساحة عن حق ..

إن الحرب الحقيقية هى حرب العقول .. وتقديم الثقافة فى قالب احترافي بعيد عن الوعظ والمباشرة لتؤثر فى القارئ .. فمن العار أن تكون واجهة مصر الثقافية هى هؤلاء الماركسيون الإقصائيون الفاشيون الذين جلهم يعاني أمراضا نفسية .. ومن العار أيضاً أن تظل وزارة الثقافة رهينة تيار فاشي إقصائي طوال نحو نصف قرن من الزمان ..

إن الثقافة الجادة هى السبيل الوحيد لتوعية هذه الأجيال الضائعة التى ارتمت فى أحضان الإدمان والانحلال وأفكار اليسار والدعاية السوداء للماركسيين فى المكتبات ودور النشر والأعمال الأدبية فضلا عن الميديا .. وهذه الأجيال الضائعة التى هى التى ترقص وتغنى على وقع مجازر السيسي بحق من يرفضون الانقلاب الدموي العسكري .. وبهذا تتضح جناية حكم الجاسوسية  طوال العقود الماضية على هوية وثقافة الشعب المصري..