علينا التوجه إلى الإنسان ، وعقلية الإنسان فإذا أقر بكل واجباته ، أقر له الناس بكل حقوقه

الشيخ مجاهد الرفاعي

 

لكل مجتمع من المجتمعات موارد ، سواءا كانت طبيعية أو مادية أو بشرية .. وإن حاجات أي مجتمع مرهونة بموارده ، وموارده المعطلة مرهونة بحاجاته .. ومن الطبيعي أن يحدث خلل بين الحاجات والموارد بسبب الطلب المستمر والمتزايد من الإنسان للموارد .. فيكون تحديا يوجهه الإنسان لنفسه لخلق الموارد اللازمة أو تكييفها استجابة لحاجاته .. ولكن المشكلة تحدث حين يعجز الإنسان عن إعادة التوازن فتنشأ هوة سحيقة بين الحاجات ، والموارد .. فتكون المسألة المهمة كيف تواجه المجتمعات ذلك ؟

إن ما ينقص مجتمعاتنا ، وما نفتقر إليه حقا هو القدرة على تحويل واستثمار مواردنا ( المستخدمة ، والمعطلة ) وهذا لا يعني عدم وجود موارد بشرية .. بل غياب القدرة على تنظيم هذه الموارد .. بسبب الإنسان نفسه .. فبذرة التقدم والتخلف في داخل الإنسان ، وليس خارجه .. فالبيئة تكون عقبة بالنسبة لإنسان ، وتكون مصدر ثروة لإنسان آخر .. فالمجتمع المتخلف هو الذي لا يحسن استخدام موارده ، التي تستثمر من الغير .. ونتيجة غياب هذه القدرة على الاستثمار ، فإن المجتمعات المتخلفة تبذر من موارها أكثر مما تستفيد منها ، وتنجز أبسط الأمور بأقصى التكاليف .. إذا لماذا هذا التبذير في الموارد ؟

لأننا نفتقد القدرة التنظيمية التي تعني تحديد الهدف ، وتحديد الوسائل التي تحقق هذا الهدف ثم الإجراءات التي توظف الوسائل لتحقيق الهدف .. فالإدارة في مجتمعاتنا لا عقلانية ، لا تعي هي إدارة ماذا ولماذا !!

فعملية التخطيط الاستراتيجي من المهام الرئيسية للقادة الاستراتيجيين ، والادارة العليا لما يتمتعون به من رؤية ثاقبة في وضع الأهداف والاستراتيجيات .. بما يتلاءم مع الظروف الداخلية والخارجية .. ومن ثم تحديد السياسات والإجراءات اللازمة لتنفيذ الخطط ، وتحقيق الأهداف ... وعليه فإن غياب هذه القدرة التنظيمية هو إلى حد كبير وراء تبذير الموارد .. كمثل ذلك المهندس الذي لا يستطيع أن يحدد عد الأعمدة الخرسانية التي تقي البناء من السقوط .. فيزيد من عدد الأعمدة عن جهل للوقاية من السقوط ، وبالتالي زاد من استخدام الخرسانة وبالتي هو يبذر في الموارد ، وينجز العمل بأعلى التكاليف .. مع أن عمله يحتم عليه أن بنجزه بجودة عالية وبأقل التكاليف .. فهل أقر بواجباته أمام نفسه أولا ، حتى نقر له باحترافيته ، ومن ثم حقوقه .

وهنا علينا التوجه إلى الإنسان ، وعقلية الإنسان .. التي ينتشر منها التقدم أو التخلف ليعم كل شيء في المجتمع ( اقتصاديا ، وسياسيا وثقافيا ) وعلاج هذه العقلية يكمن في التعليم الكيفي الذي يستجيب لحاجات المجتمع الفعلية .. والذي يخرج لنا طالبين لعمل موجود ، ووجود عمل لطالبين له.

وسوم: العدد 701