هذا هو التوحيد.. الذي يجعل من يطبقه.. مسلماً

التوحيد.. هو أساس هذا الكون.. وثباته.. وديمومته.. وبه قام.. واستمر..

( لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ )...

وبه جاء كل الرسل.. من لدن نوح.. الذي أمضى 950 سنة في الدعوة إليه.. وحتى محمد صلوات الله عليهم جميعاً.. الذي بقي 13 سنة في مكة.. يرسخ في فكرهم.. وقلبهم.. فكرة التوحيد.. التي تتفلت من الإنسان.. كما يتفلت الزئيق من يديه ..

وكلهم بلا استثناء.. كانوا يدعون إلى دعوة واحدة لا غير..

وهي:

عبادة الله وحده.. لا شريك له.. والكفر بالطاغوت..

( وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ )..

ولذلك.. ترسيخ.. وتثبيت.. التوحيد في قلوب الناس.. وعقولهم..

ليس بالأمر السهل الهين – كما يظن كثير من الناس –

فلا يغترن أحد.. بأنه على التوحيد.. إذا لم يراجع أحواله باستمرار.. وينظر هل يمتثل المعنى المذكور أدناه؟؟؟..

وإلا:

ففي قلبه مرض.. وفي عقله لوثات شركية..

والدليل على صحة ما نقول:

أن موسى عليه السلام.. وبعد سنوات طويلة.. من ترسيخ التوحيد في نفوس قومه..

فبمجرد أن تركهم أياماً قليلة.. لملاقاة ربه.. وإذا بهم يتخذوا العجل.. رباً من دون الله .

( ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ ) ...

وكذلك.. ما إن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى.. حتى ارتد بعض المسلمين ..

وهنا:

كان الفهم العميق.. الصحيح.. لشهادة التوحيد.. لدى أبي بكر رضي الله عنه فقط..

ومن ذلك كان له الموقف العظيم.. في الإصرار على حرب المرتدين.. بالرغم من اعتراض جميع الصحابة على الإطلاق.. بما فيهم عمر بن الخطاب.. الذي قال له أبوبكر رضي الله عنهما..

( أ جبار في الجاهلية يا عمر.. خوار في الإسلام )..

وكانت حجتهم جميعا.. في عدم مقاتلة المرتدين.. أنهم يقولون لا إله إلا الله.. 

ومما يُوَضِّحُ لَكَ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرٍ : كَيْفَ تُقَاتِلُهُمْ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا الْهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذَا مِنْ حَقِّهَا ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا أَوْ عِقَالًا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ [ص: 232] رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ .

وهنا مربط الفرس.. والنقطة الفاصلة.. الهامة جداً.. بين الفهم الصحيح للتوحيد.. والفهم الخاطىء..

فمن بين جيل الصحابة.. الذين تعب الرسول صلى الله عليه وسلم 23 سنة.. في تربيتهم.. وترسيخ التوحيد في نفوسهم.. يطلع أبو بكر فقط.. الذي فهم التوحيد.. على حقيقته الكاملة..

ولولا أن الصحابة..  كانوا متربين على الرجوع إلى الحق فوراً.. والإنصياع.. والإذعان له.. فاقتنعوا بسرعة.. واستسلموا بسرعة.. لفهم أبي بكر.. للتوحيد الحقيقي..

وإلا:

تمزقت الأمة المسلمة فوراً.. واندثر الإسلام مباشرة..

ولكن فضل الله.. كان عظيماً.. على المسلمين.. فاتجهوا جميعاً.. لمحاربة المرتدين..

أما:

مشيخات التدين الشامي.. ومن لف لفهم..

فإنهم يحذفون من الحديث ( إلا بحقها ).. ويركزون فقط.. على من قال: لا إله إلا الله.. فقد عصم دمه.. وماله ..

ولهذا:

لما قام الأسد الكبير.. بالإنقلاب 1970..  وأراد أن يصبح رئيساً للجمهورية.. بشكل قانوني.. أعلن أنه قد نطق شهادة التوحيد.. وأصبح مسلماً.. ليتوافق مع الدستور.. الذي ينص على أن الرئبس.. يجب أن يكون مسلماً..

وأعطته شويخات التدين الشامي.. مباشرة.. صك الدخول في الإسلام.. وأصبح معصوم الدم.. والمال.. مهما قتل من المسلمين.. وكذلك ابنه بشار..

هذا كله.. خلل.. وانحراف.. في فهم عقيدة التوحيد لديهم.. ولدى أتباعهم.. والفرق الصوفية.. التي هي أكثر ضلالا منهم.. وأكثر مسالمة.. وتصالحاً.. مع الطواغيت..

ولكن:

ما هو المطلوب.. لتحقيق التوحيد في حياتك؟؟؟!!!

كما ورد في صحيح البخاري.. المذكور أعلاه :

النطق بالشهادتين.. هو الباب الأول.. للعبور.. والدخول.. في دين الإسلام..

ولكن السؤال الكبير.. الذي يجب الإجابة عليه..

هل كل.. من ينطق الشهادتين فقط.. يصبح مسلماً حقاً.. أم لها توابع؟؟؟

ولماذا كان يرفض.. كفار قريش النطق بهما.. مفضلين القتل.. على النطق بها.. مع سهولة النطق بها.. وبذلك يصبح معصوم الدم.. والمال؟؟؟!!!

لماذا رفض أبو طالب.. الذي كان نصيراً.. ومدافعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أن ينطقهما.. حين موته.. ولو في أذن الرسول صلى الله عليه وسلم..

ولماذا آثر أبو جهل.. أن تقطع رقبته.. ولا ينطقهما؟؟؟

الجواب:

لأنهم كانوا.. يعرفون العربية جيداً.. ويعرفون المعنى الحقيقي لشهادة ( لا إله إلا الله ).. وتبعاتها.. ولوازمها ومقتضياتها.. ومتطلباتها.. وحقها.. 

كانوا يفهمون.. ويدركون.. ما ذا يعني النطق.. بهذه الشهادة العظيمة ( لا إله إلا الله )..

التي تعني:

نزع الملكية.. والجاه.. والسلطان.. والحكم.. والهيمنة.. والسيطرة.. والنفوذ.. من أسياد قريش.. وردها إلى الله جميعها.. دون أي نقص ..

وهذا يعني:

الإعتراف.. والإقرار.. بأنه لا يستحق العبادة.. ولا الطاعة.. ولا الخضوع.. ولا الإنصياع.. إلا لله تعالى...

ولا يحق.. إدارة شؤون الحكم.. ولا تنظيم المجتمع.. ولا الفصل في قضايا الناس.. ولا القضاء في خصوماتهم.. ومنازعاتهم.. ولا ترتيب شؤون القبيلة.. ولا الفرد.. ولا الأسرة.. ولا إدارة شؤون البيع.. والشراء.. والزراعة.. إلا الله وحده لا شريك له..

كانوا يعرفون.. أن النطق بها.. ليس بالسهولة.. والبساطة.. التي يفهمها جيل اليوم ..

والذين يظنون أنهم.. مجرد سماعهم.. وطربهم.. بالأغاني.. أو الأناشيد الدينية.. أصبحوا مسلمين..

وليدير شؤون حكم البلاد الشيطان.. فهم مستعدون لطاعته.. والخضوع له..

ويرددون دائما..

دع ما لقيصر.. لقيصر..

ودع ما لله.. لله ..

فهم يقبلون بشكل واضح.. مشاركة قيصر.. مع الله.. في إدارة شؤون البلاد ..

وحينما تقول لهم: هذا هو الشرك بعينه.. الذي جاء الإسلام ليزيله .. ويحطمه..

يغضبون.. ويقولون لك:

أنت تكفيري..

فلو كان الأسد الكبير.. أو الصغير.. أو أي طاغوت.. يفهم المعنى الحقيقي.. لشهادة التوحيد..

هل كان مستعدا لنطقها؟؟؟!!!

أبداً.. والله لا ينطقها..

أو:

لو كان المسلمون الحاليون.. أو مشيخاتهم.. يفهمون معناها الحقيقي..

هل كانوا يقبلون.. برئاسة الطواغيت عليهم؟؟؟!!!

أبداً.. والله لا يقبلون..

ولخرجوا كلهم أجمعون من بيوتهم.. يطالبون بإسقاطهم.. ولو أدى إلى موتهم جميعاً.. على بكرة أبيهم.. كما قتل أصحاب الأخدود..    

إذن:

شهادة التوحيد تعني..

الإقرار.. والتوقيع.. والإشهار.. والإعلان.. والإلتزام..

بأنه لا معبود بحق.. إلا الله وحده.. والكفر بالطاغوت.. كما ورد في الآية السابقة..

وأنه لا طاعة.. ولا خضوع.. ولا استسلام.. إلا لله وحده..

وأنه لا يحق.. لأي كائن من العبيد.. تنظيم شؤون الفرد.. والأسرة.. والمجتمع.. والدولة.. وسياستها الداخلية.. والخارجية.. والعلاقات الدولية.. والشؤون التعليمية.. والإقتصادية.. والتجارية.. والصناعية.. والثقافية.. والفنية.. والمسارح.. والسياحية.. بناء على هواه.. ومزاجه.. وعقله..

وإنما استناداً.. واعتماداً على ما قرره الله.. ورسوله فقط.. لا غير..

حسبما قال الله تعالى:

(إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ )..

إذن:

يجب على كل من يعلن.. أنه ملتزم  بالتوحيد..

أن يؤمن إيماناً يقينياً.. قطعياً ثابتاً.. راسخاً..

بإن إدارة جميع نشاطات الإنسان.. الشخصية.. والعامة.. يجب أن تكون خاضعة لله تعالى ..

فلا يحق له أن يمارس أعمالاً.. شاذة.. منحرفة.. فيها شطحات.. وتخبيصات.. وتقديس للنبي صلى الله عليه وسلم.. ورفعه إلى مستوى الله تعالى.. أو طلب العون.. والمدد منه .. أو التوسل به بعد موته.. أو بالأولياء.. والصالحين الأموات.. وسواهم .

وكذلك لا يتوافق مع التوحيد.. أن يكون علمانياً.. أو شوعياً.. أو يسارياً.. أو يمينياً.. أو بعثياً.. أو قومياً.. وغيره من الأحزاب الضالة ..

كما أنه يتعارض مع التوحيد.. من يقول :

أن الله يكفيه إدارة شؤون الفضاء.. والأفلاك السماوية.. وخلق الكائنات الحية ..

أما شؤوننا الحياتية.. الخاصة.. والعامة..

فنحن أولى.. وأعرف بها.. ونحسن تنظيمها.. وإدارتها أكثر منه سبحانه.. ويكفيه أن يبق في السماء.. ونحن نشتغل بأمورنا في الأرض ..

ونقيم الصلاة.. ونصوم رمضان.. ونحج البيت .. فهذا يكفي ..

لا شك هذا شرك.. وكفر.. واضح.. يتعارض كلياً مع التوحيد .

وثمة أمر آخر.. يتعارض مع التوحيد..

ما يُكتب في دستور أي دولة.. تلك العبارة ( الشريعة الإسلامية.. أحد المصادر الهامة في التشريع )..

هذا يعني:

أن شرع الله.. وشرع العبيد.. متساويان.. ومتكافئان.. يتشاركان في تنظيم.. وإدارة شؤون الناس..

وهذا يعني بعبارة أوضح:

أن الخالق.. والمخلوق.. في درجة واحدة.. من العلم.. والمعرفة.. والحكمة ..

وهذا يتعارض مع قوله تعالى ( إن الحكم إلا لله ) ..

وهذا تحدٍ لله تعالى.. وتمرد عليه.. ومحاربة له..

وهو أيضا شرك صريح.. واضح.. لا لبس فيه.. ولا غموض..

أن تتم مشاركة العبيد.. للملك في الحكم ..

فكل من يشارك في البرلمان.. ويقسم على احترام دستور وثني.. شركي..

فهو مؤيد وداعم للشرك.. ولو كان من الجماعات الإسلامية ..

فالمعادلة المنطقية تقول:

أليس اشتراك قانون الملك.. مع قانون العبيد.. هو مشاركة؟؟؟

أليست هي بمثابة.. جعل العبيد أنداداً لله.. في الحكم؟؟؟

والله تعالى ينهى وبشدة:

( فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ )..

أليست في اللغة العربية.. المشاركة هي شراكة؟؟؟

أليست الشراكة.. هي شرك؟؟؟

فالذي يخالف هذه المعادلة المنطقية.. العقلية.. ويصر على أنها.. ليست شرك..

فهو مع كل أسف.. ليس من البشر!!!

وفي الوقت نفسه..

أنا لا أتهم المشاركين في البرلمان.. أو المؤيدين لهكذا دستور من الشعب.. بالكفر والردة.. ولكنهم على خطر عظيم.. في إحباط عملهم...  

وسوم: العدد 702