مفهوم الخلافة ، بين: هوَس الخلافة الوهميّة.. وخلافة الهوَس المُريب!

عبد الله عيسى السلامة

مفهوم الخلافة ، بين:

هوَس الخلافة الوهميّة.. وخلافة الهوَس المُريب!

( أسئلة هامّة وعجلى ، تحتاج إجابة من خبير)

عبد الله عيسى السلامة

[email protected]

1) أهي الخلافة التي حدّث عنها النبيّ ، خلافة على منهاج النبوّة ، في حديثه : تكون الخلافة بعدي ثلاثين ، ثمّ تكون ملكاً عاضّاً _ عضوضاً _ ثمّ ملكاً جبرياً ، ثم خلافة على منهاج النبوّة !؟

 أ – إذا كانت خلافة على منهاج النبوّة ، فهل يمكن ، أو يجوز، تطبيقها على مجتمع ، كالمجتمعات التي نراها اليوم : أكثرية مسلمة بالاسم ، أكثرها لايفهم الإسلام ، فهماً صحيحاً .. وأكثرها لا يلتزم بتعاليم الإسلام وأحكامه .. وتنتشر فيها المنكرات ، انتشاراً واسعاً ، وكثيرون من المحسوبين عليها ، من النخب المتعلّمة والمثقّفة ، يؤمنون بمبادئ مخالفة للإسلام : قومية ، علمانية ، اشتراكية ، ليبرالية..! وتنتشر فيها الشبهات ، التي تمنع تطبيق الحدود ، كالسرقة ، والزنا ، والقذف ، وتعاطي الخمر والمخدرات !؟ وهل أقام النبيّ دولته ، على شعبه ، إلاّ بعد أن تمكّن الإسلام والإيمان ، في نفوس أكثريته الساحقة ؛ فصار الفرد يسارع ، إلى تطبيق الحكم ، ديانةً ، لاخوفاً ، بمجرّد سماعه ؛ كما أراق الصحابة دنان الخمر، التزاماً ، منذ سمعوا تحريمها، في آية :( فهل أنتم منتهون ).. وهم يهتفون : انتهينا ياربّ !؟

ب – وإذا كان تطبيق أحكام الإسلام ، يأـتي تدرّجاً ، كما ذمّ القرآن الخمر مرّتين ، وحرّمها في الثالثة ، وتدرّج في تحريم الربا.. فكيف يحكم الحاكم المسلم شعبه ، في مرحلة التدرّج هذه !؟ وكيف يتعامل مع المنكرات المنتشرة !؟ أيطبّق الحدود ، في مجتمعات لم تتمكّن منها مبادئ الإسلام !؟ أم يلجأ إلى قوانين أخرى ، ريثما يزيل من المجتمع ، أمراضه الخطيرة ، كالفقر، والجهل ، وغيرهما !؟

2) وإذا كانت الخلافة ، المطلوبة الآن ، كخلافة بني أميّة ، أوخلافة بني العبّاس ، أوخلافة بني عثمان.. التي لم تكن أيّ منها، على منهاج النبوّة..

أ ) فما النموذج الأمثل المطلوب ، من هذه الأنواع !؟ وهل هي خلافات إسلامية حقيقية !؟ أم هي أنواع من الملك العضوض، ومن الملك الجبري ، تحمل اسم الخلافة ، أو شعارها !؟ وعلى سبيل المثال : هل كانت خلافة بني عثمان ، خلافة إسلامية ، على منهاج النبوّة !؟ أم هي مجرّد رمز جامع ، لوحدة الأمّة .. وقد ورثت هذه الرمزية ، من مَمالك قبلها ، ثم انفرط العقد، وصارت الولايات دولاً، لكل دولة قوانين، وارتباطات خارجية !؟  وهل يمكن إعادة صياغة هذا العقد ، كما كان ، أو بأيّة صورة متخيّلة ، في الظروف الدولية الراهنة !؟ وهل يجوز، أصلاً، بذل الدماء،  في حروب طاحنة ، لمجرّد إحياء هذا الرمز، الذي ليس له من حقيقة الخلافة الإسلامية شيء ، بل فقد حتى قدرته الرمزية ، على جمع الأمّة !؟

 ب ) هل يجوز إقامة الخلافة ، في مدينة ، أو قرية ، أو حيّ .. بقوّة السلاح ، وإكراه الناس ، على الالتزام بأحكامها، وإقامة الحدود على المعاصي المستوجبة لها، في هذه المجتمعات الصغيرة ، الملأى بالجهل والفقر والشبهات !؟

ج ) وإذا بايعت مجموعة مسلّحة ، خليفة ، في مدينة .. وبايعت مجموعة أخرى ، خليفة آخر، في مدينة غيرها .. ومجموعة ثالثة ، بايعت خليفة ثالثاً ، في مدينة أخرى ، أو قرية ، أوحيّ ، وهكذا.. فكيف تتعامل هذه (الخلافات!) ، فيما بينها!؟ على قاعدة : ( إذا بويع لخليفتين ، فاقتلوا الآخر منهما ) فتبدأ المعارك ، بين المجموعات المسلّحة ، لتنصر كل منها ، خليفتها وخلافتها .. فتضيع الأمّة ، وتغرق في بحار الدماء !؟

 د ) وإذا كان هذا الصراع ، غير مجدٍ ، وغير مقبول : شرعاً ، أو عقلاً .. فما البديل المتاح ، مرحلياً ، بين أنظمة الحكم ، التي عرفتها البشرية .. الذي يتيح للمسلمين ، عامّة ، في بلدانهم ، حرّية التربية والتوجيه ، والتعليم والتثقيف ، والدعوة إلى الإسلام .. كي تتربّى أكثرية الأمّة ، على تعاليمه ، ثم يسهل تطبيق أحكامه ، عليها ، بعدئذ !؟ أيّ النظم أنسب لهذا، مرحليا: الدكتاتورية ، أم الديموقراطية ..!؟

ه ) وهل الدعوة إلى نظام مرحلي بديل ، يتيح للمسلمين حرّية الدعوة ، كالديموقراطية .. هل هذه الدعوة إلى التدرّج ، كفر؛ إذ لايجوز الانتقال من الدكتاتورية ، إلاّ إلى نظام الحكم الإسلامي ، الشامل المتكامل !؟

و ) ومَن دعا إلى نظام مرحلي ، يتيح له حرّية الدعوة ، على مبدأ: ( خلّوا بيني وبين الناس ) كالنظام الديموقراطي ، مثلاً.. وقتِل على هذه النيّة.. فهل يُعدّ شهيداً  أم كافراً !؟

ز ) وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول:( مَن طلبَ الشيءَ قبل أوانه ، عُوقب بحرمانه) فهل الذين يتعجّلون الخلافة ، اليوم ، قبل نضج الظروف المساعدة على قيامها.. هل هؤلاء يعاقَبون ، هم ، بحرمانهم من الخلافة .. أم هم يتسبّبون بمعاقبة الأمّة ، بالحرمان منها ، لأسباب كثيرة ، منها : جهل بعضهم ، وحماقة بعضهم الآخر.. وارتباط البعض الآخر، بأجهزة تزيّن له هذا الأمر، بل تأمره به ، ليكفُر أبناء الأمّة، يهذا المصطلح، كله، وينقموا على الداعين إليه ، كلهم ، الأحمق منهم والحكيم .. والمخلص منهم والمُريب ؛ من خلال ما يرى الناس ، من أساليب القهر والتعسّف والتخبّط ، في التفكير.. وفي محاولات التطبيق الإجرامية الفجّة !؟ 

 وسبحان القائل : ( ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا ).