الرئيس الأمريكي إذ ينفجر غضبا : ماذا تريدوني أن أفعل ؟!

الرئيس الأمريكي إذ ينفجر غضبا :

ماذا تريدوني أن أفعل ؟!

نريدك إنسانا فالإنسان يفعل الكثير

زهير سالم*

[email protected]

في ختام الجولة التي قام بها الرئيس الأمريكي إلى شرق آسيا ، انفجر في مانيلا 28 / 4 / 2014  غاضبا في وجه الصحفيين الذين انتقدوا سياسته ، وحاصروه بإخفاقاته وهزائمه المتكررة في سورية وأوكرانيا أما م خصمه بوتين .

قال الرئيس الأمريكي معيدا السؤال إلى الصحفيين : ماذا عليّ أن أفعل ؟ هل تريدون إرسال جنودنا إلى سورية للقتال هناك ؟ كلكم سيقول لا . تريدوننا أن نقاتل لسحب السلاح الكيماوي من يد بشار الأسد ؟ ها نحن قد سحبناه بدون قتال – معتبرا هذا انتصاره الكبير – هل تريدون تزويد المعارضة بالسلاح ؟ حسنا ها نحن نزودهم بالسلاح !! وهكذا ظن الرئيس الأمريكي أنه أحرج أو أفحم محاوريه ..

كمراقب محايد وليس كمواطن سوري مكلوم يمكنني أن أعيد رسم المشهد أمام عيني الرئيس الأمريكي بتبسيط شديد . المشهد كما يراه الكثيرون أنه ثمة مجرم عنيد على أحد أرصفة العالم يمسك بين يديه إنسانا أعزل أو طفلا بريئا ويقوم بضربه وتعذيبه في مشهد درامي متواصل منذ ثلاث سنوات . شخص واحد قادر على وقف المأساة ، والأخذ على يد المجرم الأثيم ، وإنقاذ الإنسان البريء وهو لا يفعل ذلك ، يدير ظهره للمشهد  ويكثر من ذكر العلل والأسباب والمعاذير . هذا الشخص هو الرئيس أوباما نفسه والدولة التي يمثلها بل والمبادئ التي يعلنها ، والحضارة التي زعم مفكروه ومثقفوه أنها أنهت التاريخ .

وبينما تجد دولا عديدة في هذا العالم منها روسية والصين وإيران والعراق ولبنان لنفسها دورا في دعم المجرم بكل أشكال الدعم وأدواته ظل أوباما خلال ثلاث سنوات مترددا حائرا تاركا للمجرم الاسترسال في جريمته حتى تأكد للكثيرين أن لا تفسير  لهذا الصمت إلا الموافقة الضمنية على ما يجري ، وإن ارتفع بين الفينة والأخرى صوت الاستنكار الخجول ..

العذر الوحيد الذي يمكن أن يقبل من أوباما هو اعتراف بيّن بالعجز ، العجز عن القرار والعجز عن الفعل وهو اعتراف ليس من السهل على رئيس دولة تزعم وتدعي أنها الأكبر في العالم أن تقر به ، والعجز أمام من ؟! أمام رئيس عصابة مثل بشار الأسد ، أو زعيم ميليشيا ربتها مخابرات أوباما على عينها هو حسن نصر الله ، أو رجل كهنوت عقد معه أوباما صفقة ( العمر ) هو علي خمنئي ...

نعتقد أن هيبة الولايات المتحدة  التي صنعها الرؤساء السابقون  بمن فيهم البوشان في الكويت والعراق ، وكلينتون في البوسنة كانت كافية وحدها  ، قبل أن يمرغها حامل جائزة نوبل بالوحل ،  لحسم الموقف في سورية . و لو وقف الرئيس الأمريكي الأمريكي والتكرار ليس خطأ ، فأعلن منذ اليوم الأول أن العدوان على المدنيين في سورية خط أحمر ، وأن الهجوم على المدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات خط أحمر ، وأن استخدام الرصاص الحي بله المدافع والصواريخ والقصف بالطائرات خط أحمر ، وأن الولايات المتحدة  ماضية للوفاء بالتزاماتها الإنسانية والسياسية الدولية بقرار من مجلس الأمن أو بدون قرار . لو فعل الرئيس أوباما هذا فقط لكفى ...

ولكان هذا الإعلان وحده ، بلهجة رئيس أمريكي واثق من نفسه كاف لتغيير مسار الصراع في سورية . ولكان جديرا بجعل بشار الأسد والإيرانيين والروس يفكرون بطريقة أخرى وبأسلوب آخر ..

كان هذا الإعلان وحده كفيلا بمحافظة الشعب السوري الثائر على سلمية ثورته ، وعلى مشروعها وعلى وحدة منتسبيها . كما كان هذا الإعلان كفيلا بتشجيع الكثير من القوى التي ما زالت مترددة حتى الساعة من البنى المجتمعية أو من مؤيدي عصابة الإجرام ليعيدوا التفكير في مواقفهم ..

هذا الإعلان القوي الحاسم بلهجة رئيس أمريكي كان وحده كفيلا بقطع الطريق على القوى المتطرفة من كل أطيافها من الوصول إلى سورية .. نعم لقد حول تردد الرئيس الأمريكي سورية إلى مزرعة لكثير من شياطين بشار الأسد يعملون بأمره ، ويرفعون نيابة عنه وباسم الثورة المظلومة الرايات التي يريد ، ويرددون الشعارات التي يضعها في أفواههم ، ويرتكبون الجرائم والفظائع التي يرسم لهم ، تارة باسم الثورة وأخرى باسم الإسلام ، ثم ليجد أوباما في كل ذلك ذريعة لكل هذا السياسات العجفاء الذابلة الصفراء ...

قتل الإنسان وخراب العمران في سورية هو ثمرة مباشرة لجريمة المجرمين وصمت الصامتين . وحين يشكو المجتمع الدولي اليوم ، ودول جوار سورية بشكل خاص من ملايين اللاجئين فإنه يكفي أن نذكر أوباما أن قرارا واحدا بفرض منطقة حظر طيران في سماء  سورية كما فرضها سلفه في فضاء العراق كان كفيلا بإبقاء هؤلاء الضحايا الأبرياء في منازلهم لا لجوء ولا نزوح ولا مخيمات ولا مليارات الدولارات للإغاثة ولا تهديد لأمن واستقرار دول الجوار  ..

 وحين يقف مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي ( اف بي إي ) جيمس كومي منذ أيام ليقول  إن الوضع في سورية أسوأ منه في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي وأنه يخاف من التهديدات التي تفرضها الحرب في سورية على الولايات المتحدة والدول الأوربية فإنه ليس للمواطن السوري بعد أن دفع كل الثمن إلا  أن يقول  للرئيس أوباما : يداك أو كتا وفوك نفخ.

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية