بين البكاء والبناء

يا ترى ما مهمة النخبة من علماء ومفكرين واستراتيجين شرعيين وغير شرعيين؟؟

أليست هي البيان الشرعي وصياغة المواقف والافكار والبرامج والخطط المقترحة؟!!!

ان المتتبع لواقع بعض النخب يجد انهم مستغرقون في حالة بكائية ونعي ورثاء ﻻمة مطحونة كانت تنتظر منهم اساسا ان يقدموا لها الرؤى والحلول الممكنة

ان الجرح العميق للامة جعل بعض هذه النخب تندب الجرح وتبكيه في مطولة رثائية دون ان تبادر الى تضميد هذا الجرح من جهتها التي تتقنها وتحسنها وهي الفكر والعلم وتوجيه المجتمعات

واكثر من ذلك!!!!

تحولت بعض نخبنا الى مراسلين اخباريين همها نقل الاخبار وتوصيف الواقع من خلال تعليق او مقال او فديو قصير وكفى

وقد نرى ثلة كبيرة تكتفي بالتوصيف ومع أهمية التوصيف الدقيق وشرح ما يجري لكنه اول مهام العالم و المفكر وابسطها فاين نتاجه اذن؟

واكثر من ذلك!!!

حين يتحول الموضوع من توغل هذا العالم والمفكر او ذاك في وظيفة البكاء -بتشديد الكاف- ومهمة المراسل الاخباري ليسري المرض الى مراكز بحوث ودراسات تصرف فيها الجهود والاموال دون عائد يذكر فلا تحس منهم من احد او تسمع لهم ركزا

واكثر من ذلك واقبحه!!!

حين تقوم دول بمهمة البكائية والمراسل الاخباري لتعلن موتها وعجزها عن تاييد حق او ازالة باطل

قد نحتاج الى تذكر حكمة تعلمها الجميع في صغره تقول: أوقد شمعة بدل ان تلعن الظلام

علينا الانتقال مما كان ويكون الى ما ينبغي أن يكون

هل اصبح البكاء حرفة وأداة للتنفيس عن العجز؟!

ان البكاء يكون ممدوحا حين يكون اعتبارا من الماضي وتفاعلا مع الحاضر ليشكل طاقة هائلة لبناء المستقبل

أين المشاريع الفكرية والعلمية -والعملية ان امكن - والتي تقدم بديلا مقنعا وقد بذل صاحبها فردا أو مؤسسة فيها وسعه حيث الفكر والعلم أساس العمل؟

اين الحلول المستقاة من مرجعية الكتاب والسنة ووفق منظومة الاجتهاد الاسلامية الفذة ومعارف ومناهج علوم الواقع لتشكيل هذا الواقع من جديد؟

حين تنشغل فضائيات معارضة مثلا باسقاط نظام دون ان تقدم رؤى بديلة فهذا اعلان اولي لاخفاق قادم

وحين ينشغل مفكر بالشجب والرفض وقال وقلنا وكل همه تسقيط فلان وفلان فقد تخلى عن مهمته الرئيسة في الترشيد والتجديد

ان المشغول بصياغة مشروع ينهض بالامة أقل الناس اهتماما بغثاء القول والنقد واهتمامات العاجزين

متى يمسح المجتهدون و المفكرون دموعهم ويكبتوا همومهم ويخرجوا من الحاضر لينظروا للمستقبل من خلال مشاريع سيهيء الله تعالى لها  ذات يوم من يتبناها -ان شاء الله- من اصحاب القرار سواء كانوا دولا او مؤسسات 

ان فكرتك قد تنفذ في غير زمانك ومشروعك قد يتبناه من هو في غير مكانك فقط كن ايجابيا

ان اهل العلم والفكر فردا كان او مؤسسة قادة الامة التي تنتظر منهم الكثير ولو عكف الطبيب على بكاء مريضه ما أحيا نفسا أو ضمد جرحا

ان التباكي والرثاء ليس من خلق المسلم ولا من منهجية الاسلام في أوقات الازمات والمصائب مهما عظمت

إن في قول النبي صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزنْ، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم

منهاج نبوي عظيم في التعامل مع النوازل والازمات

وأخيرا فان كاتب هذه السطور لا يبرئ نفسه من هذه البكائية تجاوز الله عنه

فمن أراد ان يلقى الله برصيد عمل صالح فليعكف على صياغة فكرة  ورسم مشروع -مهما صغر- وتنفيذه ما استطاع الى ذلك سبيلا

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖوَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

وسوم: العدد 714