عمل الباطن أوْلى من عمل الظاهر

في المقاومة..

كثيراً ما يولي الإنسان أهمية عظمى للأعمال الظاهرة، ولا يمنح الجزء الخفي غير الظاهر للعيان سوى القسط اليسير. نجد ذلك في حياتنا اليومية، حتى قالوا في المَثَل الشعبي "من برا رخام ومن جوّا سخام".

المقاومة وحاضنتها الشعبية ليست في مأمن من هذا السلوك، فربما وجدنا عناصر من المقاومة لم يأخذوا قسطاً وافراً من التدريب، ومع ذلك يهتمون بالهندام الذي يلبسونه، والعربات التي يركبونها، ومثل هؤلاء لا يصمدون في معركة.

وتجد ناظر مدرسة يهتم لمظهر المدرسة، فينهمك في أعمال ترتيب فناء المدرسة وأبوابها، ولوحاتها، أكثر من اهتمامه لأداء وكفاءة مدرسيها، وجودة التعليم الذي يحصل عليه طلبتها. أو تجد كلية عسكرية قد تهتم بساحات العرض، وبالعروض العسكرية التي تكلف طلابها جهوداً شاقة لا مبرر لها، وتزيين جدران الكلية، وتحديث أدواتها، بينما يعاني طلابها من ضعف العلوم العسكرية وضعف منهاجها وعدم كفاءة محاضريها، وغرس الانكسار والذل في أعماق نفوس طلابها على أيدي مدربيهم.

قد تجد مدير مستشفى يهتم لضبط جداول زيارات المرضى، وإصلاح مباني المستشفى، وتحديث أجهزتها، ومراجعة سجلاتها، لكنه لا يتحقق من كفاءة أطبائه وممرضيه والعاملين لديه، ولا يحرص على إكسابهم خبرات متقدمة كلٌ في مجاله.

وتجد مديراً عاماً في وزارته يهتم، بضبط دوام الموظفين، والحصول على أثاث مميز، وتزيين ممرات مديريته، وطلب المزيد من الموظفين، لكنه لا يهتم لرضى الجمهور الذي تستهدفه مديريته، ولا لكفاءة موظفيه، والارتقاء بمستواهم المهني وإخلاصهم للعمل، وأسلوب تعاملهم مع الجمهور.

إننا نلمس الاهتمام بالشكليات والمظاهر على حساب المَخْبَر في كثير من شئوننا وحياتنا اليومية. إنه مرض حقيقي يجتاح حياتنا. وفي الوقت الذي نُعِدّ فيه أنفسنا ومجتمعنا لمعركة فاصلة مع العدو، فإن أخطر ما يهدد مصيرنا هو اهتمامنا بالشكليات وإهمالنا لحقائق الأمور. إن مَثَل ذلك؛ مثل اهتمام المسلم بدنياه على حساب آخرته، فهل يُفلح؟

وسوم: العدد 719