وثيقة حماس الجديدة: رأي ورؤى !

هل هي بديل لميثاقها الأساسي أم تكملة أو معدلة له؟!

هل ستسير حماس على خطى فتح من هدف التحرير إلى التبعية للاحتلال واحتوائه وخدمته؟!

هل الوثيقة الجديدة خضوع للظروف أم تكيف معها؟!

أهم مستجداتها:القبول بدولة مجتزأة- والانفكاك عن الإخوان

  العقيدة تمنع حماس من الانجرار في التنازلات كغيرها

   .وأخيرا .. صدرت ( صحيفة حماس – أو وثيقة حماس) بعد بضع سنين من التشاور والعصف والحوارات والدراسات..إلخ

..واعتبرها البعض بديلة للميثاق الأساسي الذي صدر تحت إشراف المرحوم القائد المؤسس الشيخ أحمد ياسين رحمه الله تعالى.

ومن توجه حماس .. يبدو أن الوثيقة الجديدة مكملة للميثاق الأصلي ..أو معدلة لبعض بنوده – حسب مقتضيات الزمن لا ملغية له .

   لقد خاض كثيرون في تحليل وثيقة حماس ..وجالت فيها الآراء من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار..

أما [النتن – يا هو] فقد مزقها ساخطا .. وقال فيها اليهود – والبعض الآخر ما قال مالك في الخمر!

..وأما فتح – التي تحاول الوثيقة التقرب لها وتبرير بعض تراجعاتها وتنازلاتها.. فقد هاجم أكثرهم الوثيقة ..وربما خشوا أن تنافسهم حماس على [ الحضن اليهودي] – الذي يبدو أنهم[ استدفأوه]!!

..وهنالك بعض الملاحظات :

1- الانتخابات وأشباهها في ظل الاحتلال ..عبث!:

إن كل نشاط سياسي في ظل الاحتلال .. غير مجد ..ولن يخرج عن إرادته كثيرا...ما دام يستطيع أن يمنع من يشاء ويمنح من يشاء ..ويسجن من يشاء ويقتل من يشاء!!.. وعجبا لأمر ما تسمى السلطة ..,تصدق أنها دولة ..ولها سفارات ..تنفق عليها الكثير مما يحسب على الشعب الفلسطيني ..ولكنها لا لزوم لها ..حيث أنها لا تفعل شيئا..ولا تستطيع أن تقوم بأبسط أمر بدهي تقوم به أية سفارة في العالم : منح تأشيرة لدخول دولتها!!!  وطبيعة العلاقة مع الاحتلال في مثل هذه الحالة ..إما مقاومة للاحتلال بكافة  الوسائل والإمكانات! حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا! أوتبعية كاملة وخضوع وخدمة ..كما تفعل فتح وشركاؤها..ورئيسها الذي انتهت مدته من زمان ..والغريب أنهم ما زالوا يتعاملون معه كرئيس شرعي منتخب نال الثقة!....

2- التصرفات والإحراءات اليهودية أنهت [حلم] دولة فلسطينية: إن إقامة دولة فلسطينية ( معقولة) على أي جزء من فلسطين – وهو الذي يعتبر أهم تطور في الفكر والتوجه الحماسي – والتقرب من فتح والمنظمة- والذي قامت عليه معظم وثيقة حماس أو زبدتها !  مجرد وهم – بل كالمستحيل – في ظل الظروف الحالية ..والتي  [ تغول] فيها اليهود وخصوصا-المستوطنون  ومن يسمون [اليمينيين المتطرفين] والذين يؤمنون بالتوراة [ من الفرات إلى النيل] ربما أكثر مما يؤمن بعض المسلمين بالقرآن! ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)!!

ولا نظن أن حماسا غافلة عن الوقائع البارزة على الأرض ..والتصرفات اليهودية العدوانية وغيرالمسؤولة..والتي تعني بكل صراحة ..أنه لا مكان لدولة أخرى في فلسطين التاريخية ..إلا الدولة اليهودية ..التي أوشكت على [إنضاج طبخة قانون القومية الذي يعني يهودية الدولة ..وفي النهاية طرد جميع [الأغيار=غير اليهود] منها – أو اعتبارهم مؤقتين ..غير دائمين ولا مواطنين .ولا يساوون اليهود في الحقوق والواجبات..إلخ ..إلا ... وقد ذكرنا من قبل أن [مشروع الدولتين] قد شيع إلى مثواه الأخير وكثيرون غيرنا قالوا ذلك ..بناء على المعطيات الواقعية والمتصاعدة – وعلى المبادي التوراتية التي يلتزمون – أو يتحججون – بها- والتي يزيدهم –تذرعا بها- قانون يهودية الدولة الذي أنضجوه!...وكذلك بناء على معرفتنا باليهود المعتدين ..وخصوصا أصدق وصف لهم في  المرجعية القرآنية الحتمية الصدق "أم لهم نصيب من الملك؟! فإذن لا يؤتون الناس نقيرا"!!

وهذا يذكرنا ببديهية ..ان المحتلين لا يمكن أن ينجح معهم أسلوب المفاوضات ..إلا في [جر مفاوضيهم] إلى مزيد من التنازلات ..أماهم فلا يمكن أن يتنازلوا عن حتى [ نقير- أو قشرة بصلة ] – كما يقال إلا بالقوة والإجبار ..ولذا كان أسلوب القوة الذي تعتمده المقاومة –والذي أشارت إليه حماس في وثيقتها ..هوالأسلوب الوحيد المناسب في التعامل مع عدو كهؤلاء-وهي الحتمية التي أشار إليها القرآن –الذي تعتمده حماس مرجعا وتتخذه دستورا !

وإذا أرادوا – أو اضطروا – تحت ضغوط معينة- فقد يسمحون [ بدولة هزيلة] مجردة من السلاح والسيادة والحدود! تحت سيطرتهم..ومكبلة بشروط وضمانات قسرية :ألا يصدر منها أي تصرف عدواني ضد الدولة اليهودية ..حتى ولو كلمة ..أو آية من القرآن ..أو (أذان).. لأنهم يخافون من التكبير ويحاربونه!!

   وهكذا فإن أهم تطور في وثيقة حماس مبتي على وهم ..غير قابل للتحقيق .. في ظل ظروف حرجة ..قدتكون أجبرت حماس إلى إبداء        [ مرونة معينة] نرجو ألا تكون –كما أشارالمفكر والكاتب القومي المصري ( د. محمد سيف الدولة)..أنها تقديم أوراق اعتماد لدخول سوق أو تيار التسويات!! ..وكما قال الكاتب الفلسطيني معن الطاهر ..حيث شبه هذا التطور الحماسي ..والتركيز على القبول بدولة يحفر قبرها ويتلاشى الأمل في إيجادها[كمن يحج والناس راجعة] !

ويقارن سيف الدولة خطوة حماس بمسيرة فتح التي انتهت إلى ما انتهت إليه من تنازلات مذلة مخزية ..ولم تحصل على [ شروى نقير]! – ونزيد نحن-: وفاوضت عشرات السنين ..على عبث مع قوم يتقنون المراوغات .. والابتزاز و[قلب ظهرالمجن] وديدنهم الغدر ونقض العهود – كما نقول ونؤكد!!

3-  العقيدة تمنع (حماسا) من الانجرار إلى التنازلات – مثل فتح حماس حركة عقائدية لها مرجعية إسلامية ..تمنعها من السقوط [والدرك] الذي وصلت إليه فتح ..غيرالعقائدية- ..فلن يفلحوا في جرها إلى تنازلات مخالفة لجوهر العدالة ولتعليمات القرآن والإسلام الذي يرفض الظلم والعدوان بجميع أشكاله ومستوياته ..ولو كان من مسلم أو مؤمن.. فكيف إذا كان من [أشد الناس عداوة للذين آمنوا]!! وهذا ما يدعونا لشيء من الاطمئنان..وإلا لكانوا اختصروا عشر سنين من المعاناة والحصار في غزة ..والحروب الشعواء والعدوانات اليهودية المتكررة ..ورضوا بالتوافق مع فتح وسلطتها و[تنسيقها الأمني]! ..وسلموا سلاحهم للعدو خانعين ..ودخلوا سجونه بأرجلهم مستسلمين أذلاء!!!

4-  ..وحتى لو تنازلت حماس –ووضعت رأسها مع رأس فتح أمام      [ قطاع الرؤوس] الصهيوني ..وذلك لن يكون لأنه تخل عن مبادئها ..مما يعني أنه [ نوع من الكفر ] بالإسلام والقرآن الذي يقدس الأقصى وفلسطين ..ويحتم أسلاميته ..وتحريم التنازل عن ذرة من تراب فلسطين التي هي وقف لا يجوز التصرف فيه ..ولا يملك ذلك بشر ..ومن ظن أنه يفعل..أي  يتنازل ..فهو واهم..ولن يطول وهمه .. هذه أرض الله ..وأهلها وشعبها موجود يطالب بها ..ولن يتنازل ولن يتراجع مهما تكالبت عليه قوى الدنيا وشرورها وأشرارها .. فلا بد أن يعود الحق إلى نصابه..والوطن إلى أصحابه....لأن كيان الإرهاب الصهيوني قائم على باطل وإكراه وإرهاب ..وهذا زائل لا محالة مهما كانت الظروف ..ومهما ادلهمت الخطوب .."والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"

..نقول : حتى لو تنازلت حماس ..أو غيرها فأهل فلسطين وأصحاب الحق .. لا يتنازلون ..ومعظمهم مسلمون – وأيضا غير المسلمين-..يؤمنون بحقهم الشرعي ويصرون عليه ويعتبرون التخلي عنه كفرا بالإسلام ..كما يعتبر لك كل مسلم في الدنيا .؟.وإلا اعتبر مارقا وخارجا على مباديء اسلام ..ومخالفا لها!!---

ولذا ننصح[المتعبين أنفسهم] في تقسيم الإسلام إلى سياسي وغير سياسي ..أن يرتاحوا لأن كل مسلم ولو كان (حراثا) يرفض التنازل عن فلسطين ..فإن هم قاوموا الحركات الإسلامية ..أو قمعوها ..أو صنفوها كما يشاءون .- وحتى –جدلا- لو تنازلت حماس والإخوان ..وأي إنسان أو تجمع ..عن فلسطين ....فإن الجماهير العريضة – والتي ليست مصنفة ..ترفض كل متخل عن دينها ومقدساتها .وستعمل على استعادة حقوقها ..بأية وسيلة ..ومهما طال الزمن ..[ فإسرائيلكم مؤقتة] وزائلة حتما مهما أتعبتم أنفسكم وأهدرتم أموالكم ..وحبكتم من مؤامراتكم!! " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله.. فسينفقونها.. ثم تكون عليهم حسرةً..! ثم يُغلَبون .. والذين كفروا إلى جهنم يُحشَرون" ..!!

وسوم: العدد 722