هل حياتك الزوجية مستقرّة ...؟؟

بلال إسماعيل التل

نسبة الطلاق في العالم الإسلامي مرتفعة جدّا .. فقد وصلت لحدّ الثلث في العام الماضي في بعض الدول الخليجية والعربية...!! وهذا مخيف حقا ...

أخبرني أحد المحامين أنّ الطلاق يرجع لأمور لا يعرفها المحامي أو القاضي ... لا يعرفها غير الزوج والزوجة وهم لا يعلنون عن حقيقة الأسباب ...

وهذا أمر معروف في علم النفس ... وهي حالة التبرير ... فالسبب الحقيقي يختبئ خلف ستار التبرير ... ولكن ما هي الأسباب الحقيقيّة للطلاق وعدم تفاهم الزوجين ..؟؟

ببساطة ...

البيتُ لا يقوده غير رأس واحد .. ولا أعتقد أنّ هذا الرأس هو رأس زوجتك ... فإذا سمعتم أنّ هناك بيتا زوجيا مثاليا فاعلموا أنّ الرجل هو من يقود البيت ..

وإذا سمعتم أنّ هناك طلاقا وقع .. فالغالب يرجع إلى وجود رأسين كبيرين في البيت ...!!

لا يعني هذا أنّ رأي المرأة غير محترم .. بل هي ورأيّها على العين والرأس ... لكن القرار الأخير عند الزوج .. لا يُعقل أن لا يمون الرجل على زوجته ... إذن لا كان هو ولا كانت هي ... فلتذهب لبيت أهلها ولتحفظ كرامتك ...

ولا يعقل أن لا يحترم الرجل زوجته .. فلا كرامة له إذن ... وليراجع رجولته وأخلاقه وفحولته ...

الأصل في مآسي خراب البيوت الحالة النفسيّة للزوج ... وعلى الأغلب لا نجد سببا ظاهرا لسوء مزاجه .... بعضهم يخلق المشاكل من لا شيء ... بسبب أنّه رأى فتاة جميلة في الشارع وزوجته لم تعد تثيره بعد 7 سنوات من الزواج ...!!

بعضهم يتمشكل مع زوجته لأجل أنّه ينظر إلى ظفر يدها المعوّج ...!! وكأنّ عينيه مجهر إلكتروني ...!! يثير هذا الإظفر نفسيّته ...!!

بعضهم يريد من زوجته أن تطبخ له أشهى الأطباق ولا يوجد في مطبخ المسكينة غير العدس ونصف دجاجة في الفريزر ...!! يعني هل معها مصباح علاء الدين مثلا ...!!

بضعهم بخيل بل كثيرون والله ... يجمعون الأموال بالحلال والحرام لمن ..!! لا تدري ..؟؟ لا يلبس مثل البشر ولا يأكل مثل البشر ...!!

زرتُ أحدهم ... وكان جالسا يحدّثني عن شركته في السعودية ... وله بيت طويل عريض وعمارة فيها أكثر 8 شقق وسيّارة ومحل وغير هذا ... فجاء ولده الصغير .. وقال :

بابا أريد ثمن الخبز ... فغضب والده الثري وقال: هناك خبز قديم في الثلاّجة ...!! قال الولد : بابا الخبز لا يصلح للأكل هو مجرّد كسرات يابسة ...!! فنهره والده وطرده ...!! هذا حدث أمامي ...!!

يقول أنيس منصور :

لا أنسى دكتوري فلان ( لا أريد ذكر اسمه خوفا من الغيبة ) فقد كان من طبقة العقاد والرافعي في الأدب ... وكان يدرّسني الشعر اليوناني والموسيقى الإيطالية ...

فناداني لكي أنقل معه جهازا موسيقيا لبيته ...فلمّا وصلنا إلى البيت ... وأنزلنا الجهاز ... قال لي :

يا أنيس ادفع ثمن التوصيلة ... وسأعطيك لاحقا ... فيقول : فدفعتُ ما معي من مال وكنت شابا صغيرا وطالبا في الجامعة لا أملك شيئا ... فقد كان هذا الأديب بخيلا جدّا ...

ويحدّثنا أنيس عن شيء عجيب :

يقول :

مات هذا الأديب منذ عقود خلت... وصرنا في سنة 2003 ولحدّ هذا اليوم كلّما مررتُ بجانب بيته أتذكّر ذلك الموقف الخسيس ...وتنقبض نفسي وأشعر أنّي أريد أن أستفرغ ...!!

إذا كان هذا شعور أنيس بسبب موقف خسيس واحد .. فكيف بمن تعيش عندك هي أولادها ولا تعطيها حقّها من مالك ...!! كيف سيكون شعورهم بالله عليك ...!!

في المقابل انظر لكرم عبّاس العقّاد ...

كان رحمه الله يًرسل كلّ شهر بثلثي ما يحصل عليه من مقالاته إلى أهله في الصعيد ...!! ويعطي بعض تلاميذه المال وورقة عليها بعض أسماء أقربائه ... !!

وله شقّتان بالإيجار ... شقّة يجلس فيها هو وتلاميذه ويأكل فيها وينام ... وشقّة بجانبه ينام فيها أقرباؤه وأحبابه وتلاميذه ...!!

وبعد أن ينتهي الصالون الأدبي يدعو الناس إلى الغداء ... فيبقى عشرة أشخاص تقريبا وهم المقرّبون من تلاميذه وزوّاره يأكلون معه الغداء .. أمّا الباقي فيخرجون رحمة به لأنّهم يعلمون أنّه لا يوجد معه دينار ولا درهم ..!!

مات الرافعي رحمه الله وهو يشتهي أن يسكن بيتا خاصّا به ... فقد عمل مخطط البيت عند أحسن المهندسين ... ولم يكن يملك ثمن بنائه ... فكلّما جمع شيئا يسيرا من المال ذهب على العيال كما قال ...!!

أمّا بالنسبة لأب الأدب الحديث وهو المرحوم الشاكري فقد مات أعزبا .. لماذا ..؟؟ لأنّ أخاه قد توفّي وترك كوم عيال خلفه .. فكلّ راتبه كان ينفقه على هؤلاء الأيتام ...!!

الشيخ عبد الحليم محمود رحمه الله باع أرضا كبيرة ... وأراد أن يبني بيتا في القاهرة بجانب جامعته ... فلمّا استلم ثمن الأرض ... ذهب في طريق البنك لزيارة تلميذه الذي يدرس عنده في الجامعة .. فوجده يبكي .. فسأله عن سبب بكائه فقال :

أمّي مريضة يا دكتور وتحتاج لعملية والمبلغ كبير جدّا ... فأعطاه الشيخ كيس المال كلّه وخرج ... ومات رحمه الله ولم يبن ذلك البيت ...!!

ممّا قرأته عن أولياء الله أنّهم كانوا يحسبون حساب الحيوانات كلّ شهر من نفقتهم ... يقولون هذا الكيس للبيت وهذا للقطط أو للطيور ...!!

فإذا جاءه ضيوف على الغداء ... يقول لزوجته : إيّاك أن لا تحسبي حساب السنوّر .. يعني القط .. لأنّه يأتي على رائحة الطبخ ...!!

هذا ما نعرفه من ديننا وكرم أخلاقنا ... وهذا من شيم العربي الأصيل ...

يحدّثنا بعض تلاميذ ابن تيمية رحمه الله أنّه كان يرجع في بعض الأحيان إلى بيته من غير قميص أو ثوب غير ما يستر به عورته ...!! فقد كان في غاية الكرم ... يخلع ثوبه ويلبسه لمن لا ثوب له ...!!

تقول له والدته : أخوك لم يأت لنا اليوم بطعام ... فيقول : وهل بقي طعام قديم ...؟؟ تقول له : نعم لكنّه لا يصلح للأكل ... فيحضره ويذكر اسم الله عليه ثمّ يأكله ..

ذكر الشيخ أبو حامد الغزالي أنّه كان من أصحاب الشرف في بغداد وله جاه عظيم ... ونقل تلميذه ابن العربي أنّ له شرفا يفوق شرف الخلفاء العبّاسيّين .... وكان يملك أموالا ودورا وما شاء الله من خيرات...

فيقول الغزالي : فتركت هذا كلّه لله .. ولم أحمل معي غير نفقة العيال ...!! ترك كلّ هذا صدقة لوجه لله ...!! هكذا بكلّ بساطة .. ورجع إلى بلدته الصغيرة غزالة في مدينة طوس وقعد في بيت صغير يدرّس الناس .

فلا يمكن أن أتخيّل واحدا يحرم أولاده من طعامهم وشرابهم ...هذا خسيس ولا تصلح عشرته ... يقول علماء النفس :

يلزم من البخل الجبن .. فكل بخيل جبان ... ولهم تحليل عميق لشخصية البخيل ذكرناها في منشور سابق ..

فإذا ذهب هذا البخيل الحقير يأكل في بيوت الناس أكل كأنّه ثور هائج .. لم لا .. وهو طعام ببلاش ...!!

سأحكي لكم شيئا عجيبا .. لكنّه حقيقي والله .. والله يشهد على هذا ..

دعا أحد الناس مجموعة كبيرة من الرجال للطعام احتفالا بزواج ولده... نزل الطعام ... الأرز والدجاج واللحوم وغيرها .... فأكل الناس حتّى شبعوا ...

وتأخّر أحد المطاعم بالطلبية ... فحضرت السيّارة والناس يشربون القهوة .. وقد شبعوا والحمد لله ..

فلمّا بدأ العمّال بإنزال الطعام من السيّارة ... نظر بعضهم إليه .. وكان لحما مشويّا وكبابا وغير هذا ...

فقام بضعة رجال ... وذهبوا إلى خلف البيت .. ووضعوا أصابعهم في حلوقهم واستفرغوا ما أكلوه ... ثمّ رجعوا إلى البيت وأكلوا اللحم المشوي والكباب ولم يقوموا عنه حتّى صار صفرا تذروه الرياح ...؟؟ وليس صدفة أن تعلم أنّهم كلّهم يُضرب بهم المثل في البخل ...!!

ونكتفي بهذا ...

ورحمة ربّك خير ممّا يجمعون .

وسوم: العدد 729