ما يزال الحكام بخير ما رعوا للعلماء وهم أولياء الله حرمتهم وصانوا كرامتهم وانتصحوا بنصحهم

ما يزال الحكام بخير ما رعوا للعلماء  وهم أولياء الله حرمتهم وصانوا كرامتهم وانتصحوا بنصحهم فإن لم تفعلوا آذنها الله عز وجل بحرب لا غالب فيها إلاهو

 خبران  مؤسفان يحزان في النفس اهتز لهما عرش الرحمان  في الآونة الأخيرة :خبر علماء أجلاء زج بهما في السجون والمعقتلات ، وخبر عالم جليل ومجاهد كبير قضى  وهو شيخ كبيرا قيد الأسر . وما أظن الذين أهانوا هؤلاء العلماء الأجلاء إلا ستحل بهم  قارعة تقصم فقار ظهورهم  وقد أغضبوا الجبار جل جلاله بإذاية أوليائه كما جاء في الحديث القدسي المشهور  : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ".  والحرب مع الله عز وجل لا غالب فيها إلا هو .وإذا لم يكن العلماء وهم ورثة الأنبياء أولياء الله عز وجل فمن يكون سواهم ؟  وهم أخشى الخلق لله عز وجل كما وصفهم في محكم التنزيل ، وهم الذين رفعهم سبحانه وتعالى فوق الخلق درجات . ومن ذا الذي يجرؤ على  جبار السماوات والأرض فيغضبه ويؤذي أولياءه وخاصته ؟ ومن ذا الذي يقوى على  خوض  حرب يشنها عليه الجبار جل جلاله ؟

لقد أخذ الله عز وجل عهدا على العلماء وهم ورثة الأنبياء كما أخذه على الأنبياء صلواته وسلامه عليهم أجمعين ألا يخشوا إلا الله ، ولا يخشوا فيه لومة لائم . ولا يمكن أن يرث العلماء عن الأنبياء علمهم ولا يرثون عنهم صدقهم وإخلاصهم  وشجاعتهم في التبليغ عنهم  وتضحيتهم من أجل ذلك .

 فيا خسارة من سولت لهم أنفسهم أن يزجوا بالعلماء في السجون والمعتقلات ، ويا ويل من قضى العلماء في سجونهم . إن خيار ولاة الأمور الذين يقصدون العلماء ويقربونهم منهم ، ويجلّونهم ، ويستشيرونهم ، ويعملون بنصحهم ،وإن أشقياء ولاة الأمور الذين يترفعون عن مصاحبة ومجالسة العلماء، ويبعدونهم ولا يرعون لهم قدرا، ولا يقبلون منهم نصحا ، ويجرؤون على إهانتهم بإيداعهم السجون والمعتقلات ، و يجرؤون على  تعذيبهم وقتلهم أواغتيالهم ، ويقضون فيهم  ظلما بأهواء أعداء الدين الذين يشمتون بهم ، ويتربصون بهم الدوائر .

 ولم يعد خافيا على أحد أن العلماء الذين استهدفوا بالاعتقال والقتل هم أولئك الذين يخشاهم الأعداء  لأنهم لن يقبلوا بالتطبيع معهم ولا باحتلالهم أرض الإسلام ولا بنهبهم خيراتها . إن الأعداء وعلى رأسهم الصهاينة يعلمون علم اليقين أن العلماء الربانيين لا يقبلون بوجودهم فوق أرض الإسلام، لهذا يحرضون عليهم من الحكام من يكمم أفواههم أو يودعهم السجون والمعتقلات تمهيدا للتطبيع معهم والانبطاح أمامهم وخيانة أمتهم ودينهم . وصدق من قال المنتسبون للعلم  صنفان  لا ثالث لهما أما  صنف الربانيين منهم فلا مندوحة لهم عن المحن  وهم يدخرون جزاءهم  للآخرة وهي خير وأبقى ، ولا يخشون في الله  أصحاب السلطان ، وتلك سنة الله فيهم ، وأما الديناريون ـ نسبة إلى الدينار فلا مندوحة لهم عن بحبوحة العيش يذهبون طيباتهم في حياتهم الدنيا وهي متاع الغرور، فيعاشرون أهل الجور من الحكام  يتملقونهم ، ويقضون بأهوائهم، وأولئك شرار المنتسبين إلى العلم، وهم أشد الناس عذابا يوم القيامة، والعياذ بالله حيث  يؤتى بهم يومئذ فيقال لهم ماذا عملتم بما علمتم ، فيقولون يا ربنا نشرناه في سبيلك ، فيقال لهم إنما علمتم ليقال عنكم علماء ، وقد قيل ،خذوا بهم إلى النار. وما أكثر في زماننا هذا  المنتسبين إلى العلم الانتساب الكاذب والمغشوش والذين يتخذون تعاطي العلم مطية للتقرب من أهل السلطان وتملقهم  يفتون بأهوائهم ويقرونهم على ظلمهم للعباد ، ويقايضون بالعلم والدين عرض الدنيا  الزائل، ويرغبون في أن يقال عنهم  أنهم علماء .

 وصدق من قال أيضا إن الأمة تكون بخير ما تعرض علماؤها للمحن ،فإن استكانوا للدنيا وجاروا الحكام في جورهم، هلكت ولم يبق فيها خير .

وأخيرا نقول للذين حلت بهم المحن من العلماء بشراكم  وهنيئا لكم لقد وشح الله عز وجل صدوركم بأوسمة الصدق والصلاح من درجة ربانيين ، وليس بينكم وبين جنة النعيم سوى أن تغمضوا أعينكم ،فإذا أنتم على الحوض مع سيد المرسلين يسقيكم من يده الشريفة  شربة لا ظمأ بعدها أبدا .ونقول  للمنتسبين إلى حظيرة العلماء من الديناريين الذين يعيشون بين أحضان الحكام الجائرين ويل لكم من  خزي ومن عذاب  في خلد أليم بمجرد أن تسلموا أرواحكم لرب العالمين. وأما الحكام الجائرون فنقول لهم أما لكم  عبرة في النمرود وفرعون وهامان وقارون ؟ لقد قربت لحظة قصم فقاركم  واقتربت ساعتكم  وأوشكت  ضرب الذلة  عليكم وبؤتم بغضب من الله عز وجل وقد أودعتم أولياءه وأحباءه السجون والمعتقلات ، وقضى منهم من قضى فيها شهيدا عند رب العالمين.

وسوم: العدد 739