محاصرة فكرية

وتستمر محاصرة الفكر الاسلامي المعتدل وتزداد شراسة كرافد أساسي من روافد تجفيف منابع التدين وإعاقة المشروع الاسلامي التحرري الحضاري.

نخوض معركة فكرية تنويرية ضدّ التطرف الديني الذي تمثله مدرسة الرأي الواحد المتمسحة بالسلفية فيستغل ذلك العلمانيون ويؤيدوننا بكلمات حق يريدون بها عين الباطل ، فهم في نهاية المطاف ليسوا ضدّ التطرف الديني بل ضدّ الدين نفسه ، يتلقفون الشبهات والآراء الشاذة فيضخمونها ويلصقونها بالإسلام ثم يتظاهرون بحمل همّ الاسلام والأمة وقضاياها ويقترحون كبديل عن التطرف علمنة حياتنا الاجتماعية بل وعلمنة الاسلام ذاته وفق اجتهاد محمد أركون ومدرسته اللادينية ، زاعمين أن لا حلّ لنا إلا تكرار التجربة الأوربية في الانعتاق من سلطة الدين ورجاله ، ويجب أن يكون معلوما أن رفض العلمانية ليس اختيارا شخصيا أو حزبيا إنما هو مقتضى الإيمان بدين الله لأنها  – بكل بساطة – نقيض الاسلام تماما ، ويكفي قراءة التاريخ بتمعن لإدراك الفوارق الجوهرية الشاسعة بين الاسلام والمسيحية وبين الحياة في ظل القرآن والسنة والحياة في ظلّ سلطة الكنيسة ، فلا مجال للمقارنة ولا للقياس ، ويجب بالتالي البحث عن الحلول لأوضاعنا داخل المنظومة الاسلامية ذاتها وليس تحت عباءة العلمانية التي لا تحترم الدين كما يزعمون وإنما تستبعده وتهمّشه وتحشره في ركن ضيّق أي تلغي ثلاثة أرباع أحكام القرآن والسنة أو تستغلّه كعامل يخدم سياساتها ويضفي عليها الشرعية أمام الرأي العام.

من جهة أخرى يستغلّ الشيعة نقدنا لمدرسة التشدّد الديني ليُظهروا " تعاطفهم " معنا ويشنوا هجوما كاسحا على أهل السنة تحت غطاء محاربة الوهابية ، وفينا سمّاعون لهؤلاء وأولئك ، بحسن نية أو بمكر وخديعة .

إن نقدنا للوهابية لا يعني أبدا اصطفافنا مع العلمانية أو الشيعة ، نحن جزء أصيل من أهل السنة والجماعة أي الأمة ، نرفض التطرف الديني والعلماني والتحريف التاريخي للإسلام باسم أهل البيت أو أي دعوى اخرى.

أما مدرسة التشدد الديني فليس لدينا معها هذه المشكلة لأنها بوضوح كامل تعتقد ان من لم يعتقد اعتقادها تماما تفهو عدوّها بالضرورة ، لا تناقشه ولا تحاوره ولا تلتقي معه في أية مساحة

هذا قدَرها نحن أصحاب الوسطية ، يرفضنا التطرف من اليمين ومن الشمال لكننا ثابتون بإذن الله على المنهج الاسلامي المتّسم بالاعتدال في الفكر والرؤية والأساليب.

وسوم: العدد 744