الديموقراطي الحقيقي والوحيد.. هو الذي يجد ، ما يَردعه ، عن الاستبداد !

 *) الاستبداد غريزة كامنة في النفس ، يمكن تسميتها الأثَرة ، أو حبّ الاستئثار.. وهي موجودة عند البشر جميعاً ، كباراً وصغاراً ! فالطفل يحبّ ، أن يتملّك كل ما حوله ، وأن ينفرد به ، وحده ..!

 *) وحبّ السيطرة ، غريزة كامنة في النفس ، أيضاً ، تَظهر أول ما تَظهر عند الأطفال، فيبدو أحدهم راغباً بالهيمنة على مَن حولَه ، ممّن هم في سنّه ، أو أصغر منه.. وعلى كل مَن يراهم أضعفَ منه ، من حيث القوّة البدنية ، أو العقلية ! وقد يكون أحدهم مستضعَـفاً مِن قِبل غيرِه ، خاضعاً لسيطرة هذا الغير، فإذا وجَد مَن هو أضعفُ منه، استضعفَه ، وبَسط سيطرتَه عليه !

 *) وحبّ الانفراد بالسلطة ( الاستبداد) ، غريزة تجمع الغريزتين معاً : حبَّ السيطرة، وحبَّ التملّك الذي تحقّقه السيطرة ! وقد قال الشاعر، عمر بن أبي ربيعة ، في معرض الحبّ والاستبداد فيه : إنّما العاجز مَن لا يَستبدّ !

 *) البغي ظاهرة واسعة الانتشار، وهو تجاوزُ المرءِ حدودَه وحقوقَه ، إلى حدود الآخرين وحقوقهم . فالله سبحانه وتعالى يقول : ( وإنّ كثيراً مِن الخُلَطاءِ لَيبْغي بَعضُهم على بعض ..) فإذا تحقّقت السيطرة لشخص ما ، على الناس ، أغْرتْه بالبغي..!

 *) الاستبداد بالحكم ، وبالسلطة ، ظلم قائم بذاته ، حتى لو خَلا من البغي !

 المتنبي قال :

 والظلم مِن شِيَم النفوس ، فإن تَجدْ ذا عِفّةٍ .. فلِعلّةٍ لا يَظلـمُ

 *) العِلّة التي تَردع عن الظلم ، إمّا أن تكون معنوية ، ك ( التقوى.. الأخلاق.. المروءات.. ) ، أو مادّية ( قوّة الخوف ، من العقوبات القانونية ، أو الأضرار الناجمة عن ردود الفعل البشرية ، أو الخسارة المصلحية ، ومنها: خسارة المنصب ، وخسارة السمعة / بالفضائح الإعلامية / وخسارة المال ..) .

 *) إذا لم يَجد القويّ القادرعلى الاستبداد ، قوّة مادية ، أو معنوية ، تَردعه عن استبداده، فلن يتورع ، مِن تلقاء نفسه ، عن الاستبداد ..!

 *) بعض القادرين على الاستبداد ، يسوّغون استبدادَهم ، تَسويغات مختلفة ، منها : حماية المصلحة الوطنية ، وحماية الوحدة الوطنية ..!

 *) الخلاصة : الديموقراطي الحقيقي ، والوحيد ، هو الذي يَجد مَن يردعه عن الاستبداد، بقوّة من القوى الرادعه : قوّة القانون ، أو قوّة المعارضة السياسية ، أو قوّة الإثارة الإعلامية ، أو حتى القوّة البدنية ، المسلّحة وغير المسلحة ..!

 *) المهمّ في القوّة الرادعة ، هو أن تُقنع مَن تحدّثه نفسُه بالاستبداد ، بأن كلفة الاستبداد، أكبرُ عليه ، بكثير ، من الفائدة المتوقّعة منه ..!

 *) وعندئذ .. يَجد الناس ، أمامَهم ، حاكماً غيرَ مستبدّ ، بصرف النظر، عن موقع الحكم ، الذي يمارس فيه استبداده ، سواء أكان رئاسة دولة ، أم وزارة ، أم محافظة..! أم كان الحالمُ بالاستبداد ، مختاراً في قرية ، أوفي حيّ من مدينة ..!

 *) فكم عدد الناس الذين يدركون هذه الحقيقة !؟

 *) وكم عدد الناس المستعدّين ، لردع الحالمين بالاستبداد ، عن استبدادهم ، مِن بين الذين يدركون هذه الحقيقة !؟

 *) وكم عدد الناس القادرين ، على الردع ، مِن بين المستعدّين له !؟

 *) وكم عدد الناس القادرين ، على الردع ، بالأسلوب الصحيح ، من بين القادرين عليه !؟

 *) وكم عدد الناس القادرين ، على الإجابة، على السؤال الأخير..كلّ في بلده!؟

وسوم: العدد 747