حلف القدس

إثر القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وحيث تتشابك مصالح الدول العربية والإسلامية مع الولايات المتحدة الأمريكية مما يحول دون استعداء أيٍّ منها لأمريكا، أصبح لزاماً العمل التضامني بين هذه الدول، أو مَن يرغب من بينها، لتشكيل قوة مؤثِّرة، تردع أمريكا، وتمنع غيرها عن سلوك ذات المسلك، وتوفر الحماية والرعاية الكافيتين للقدس وشعبها الفلسطيني.

إن تشكيل "حلف القدس" سيوفر جملة أهداف عليا:

1-  توفير حاضنة عربية إسلامية دولية لمدينة القدس، تحول دون إجراءات الاحتلال لتهويدها، وتوفر الحماية والرعاية لشعبها الفلسطيني.

2-  التصدي لكل المؤامرات التي تستهدف مدينة القدس وسكانها الفلسطينيين.

3-  إيجاد نواة دولية صلبة تجتمع حولها دول العالم المحبة للقدس وشعبها الفلسطيني.

4-  العمل على تحرير القدس من الاحتلال الصهيوني.

إن هذه الأهداف السامية تستوجب بناء دوليا قادراً على تحقيقها، ولذلك، فإن العبء الأكبر يقع على القيادة الفلسطينية أولاً؛ رسمية وشعبية، ومن ثمّ يقع على عاتق الدول العربية والإسلامية المؤمنة بعدالة هذه القضية وقادرة على الصمود في وجه الضغوط الأمريكية، ولديها حضور دولي مؤثِّر. ولذلك فإن الطريق لتشكيل حلف القدس تمر عبر الخطوات التالية:

1-  عقد مؤتمر فلسطيني تحاوري لوضع تصور واضح لفكرة هذا الحلف وآليات عمله وتشكيله.

2-  عقد مؤتمر إقليمي لتطوير فكرة الحلف.

3-  تبنّي بعض الدول العربية أو الإسلامية لفكرة الحلف، لتصبح نواة له.

4-  العمل على إقناع أكبر عدد ممكن من الدول العربية والإسلامية ودول العالم الحرة والصديقة للانضمام إلى الحلف.

5-  تشكيل تكتل اقتصادي بين دول الحلف، يجعل منه قوة يُحسَب حسابها، وتصبح قادرة على تحقيق أهدافه.

6-  الشروع في تنفيذ أهداف الحلف، وفق آليات مناسبة يُتفَق عليها.

إن واجب الدفاع عن القدس، قبلة المسلمين الأولى يفرض نفسه على كل الأمة الإسلامية، والتي تضم عدداً من أقوى اقتصاديات العالم، وعدداً من الدولة المؤثِّرة في السياسة الدولية، إلا إن الواقع يقول بأن كثيراً من هذه الدول مشغولة، أو لا تريد الزج بنفسها في معركة تتصور أنها لا تعنيها، ولذلك فمن المتوقع أن تنحسر الخيارات في عدد قليل من الدول، والتي تبرز من بينها تركيا، وإيران، وقطر، ومالزيا، وربما أندونيسيا، وتونس بدرجة تالية. كما يتسع الحلف ليضم دولاً مسيحية مهتمة بالقدس كروسيا، ودولاً معادية لأمريكا كفنزويلا.

ومهما يكن من أمر، فإن على القيادة الفلسطينية أن تأخذ على عاتقها المبادرة إلى الخطوة الأولى، وتعرض على القيادة التركية تبنّي هذا الأمر للانطلاق به.

ماذا يمكن للحلف أن يقدِّم للقدس:

1-  استصدار قرارات من الأمم المتحدة داعمة للقدس وشعبها الفلسطيني، والمتابعة المستمرة لهذه القرارات.

2-  فرض مقاطعة شاملة تجاه الاحتلال الصهيوني تهدف لإجلائه عن القدس.

3-  تقديم دعم مادي كافي لصمود أهالي القدس في وجه الإجراءات الصهيونية الهادفة لتهجيرهم وتهميشهم.

4-  نشر دعاية عالمية للإعلاء من شأن القدس بوصفها مدينة إسلامية.

5-  تقديم دعم للقيادة الفلسطينية لمنع انزلاقها في اتفاقيات ومخططات تنتقص من القدس وشعبها الفلسطيني.

6-  تقديم الدعم الكافي لانتفاضة الشعب الفلسطيني في القدس والأراضي المحتلة، لتأخذ انتفاضته مداها وتحقِّق أهدافها بالتخلص من الاحتلال نهائياً.

7-  توفير غطاء لقوى المقاومة الفلسطينية التي تناضل بكافة الطرق من أجل تحرير القدس والأراضي الفلسطينية، بما في ذلك تزويدهم بالسلاح والمال.

إن سمو هذه الأهداف والطموحات يوجب البدء بالعمل على تحقيقها. وإن مالا يُدرك كله، لا يُترك جُلّه. وإن أية خطوة على هذه الطريق أفضل من مئات المظاهرات التي تنتهي بنوم عميق.

﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة التوبة: 105 ]

وسوم: العدد 751