معذرة .. يا زهرة المدائن!

أعتذر إليك يا بهية المساكن .. يا زهرة المدائن!

لوكان لدي بقية من حيوية الشباب الذي كنت فيه أيام مشاركتي في حرب رمضان لرابطت على أبوابك، وأقمت هناك حتى يرتفع علم الحرية فوق قبابك، وتتطهر شوارعك من المشركين النجس، وخدامهم من بني جلدتنا أصحاب الوجوه الصفيقة والجلود السميكة والأكاذيب الخسيسة!

بالإسلام حررها صلاح الدين، وبالمسلمين أنزل هزيمته بالهمج الهامج من شذاذ الإنسانية وأشرارها.. وبالإسلام سيعيد صلاح الدين الذي لا نعرفه، بهاء القدس، لأنه سيتخلق من رحم جيل آخر طاهر نقي متعلم مدرب، يعشق الشهادة في سبيل الله، وليس من أجل الطاغوت!

لا تنتظروا خيرا من الخفير النظامي الذي عينه الغزاة اليهود حارسا على الضفة الغربية، ليحميهم من العمليات الفدائية، ويخبرهم عن تحركات الفدائيين الأحرار ليقتلوهم أو يأسروهم أو يهدموا بيوتهم، فقد أعلن على الملأ أنه لن يعود إلى صفد مسقط رأسه، لأنه يريد دويلة منزوعة الدسم يحكمها! ومن ثم يعلن بالليل والنهار عن رفضه للمقاومة، ويفرض حصارا قبيحا على نصف شعبه الأسير في غزة، ويقايض رفع الحصار بنزع سلاح المقاومة من أجل عيون الغزاة النازيين اليهود!

يخرج رجاله على شاشة الفضائيات ليبيعونا كلاما إنشائيا كريها من كثرة تكراره، عن الشجب والتنديد، والعتاب لأولياء أمورهم في تل أبيب وواشنطن: هكذا ستوقفون مسيرة السلام! أي سلام, أي مسيرة يا أكذب من مسيلمة! حولتم الاستسلام إلى سلام، والتحرير إلى تبرير، والكرامة إلى ندامة، مقابل أن تعيشوا أمراء للشعب الأسير، وتنتفخ أرصدتكم بملايين الدولارات، ويذهب النشطاء منكم إلى بلاد الأعراب ليقدموا خدماتهم الثورية والقتالية ضد ثورات الربيع العربي، وقتل الأحرار، والأبرياء، والمسلمين!

طال بكم زمان الكذب والتضليل والتدليس، ولكنكم ما زلتم تنتظرون المزيد من عطايا السادة النخاسين القتلة لتقتلوا الأمل في شعبكم، وتزدادوا ثراء وانتفاخا، وتعيشوا الترف واللهو، والاستمتاع مع اليهودية الجميلة تسيبي ليفني!

قالت القناة الثانية العبرية إن النخاس الصليبي ترامب اتصل بأصدقائه الأعراب من قادة الانقلابات والثوة المضادة يخبرهم أنه سيمنح القدس للغزاة اليهود القتلة لتكون عاصمة أبدية لهم، وحذرهم من أية احتجاجات أو تنديدات أو شجب لقراره، وقالت القناة العبرية إن القوم باركوه، وأفهموه أن بيانات الشجب والتنديد ستكون مجرد "برو عتب" كي لا يكون موقفهم محرجا أمام شعوبهم. المهم أن يكون العداء لإيران وأتباع إيران! يا حسرة على العباد!

طيب. ألم تسمعوا عن صفقة القرن التي تم الترتيب لها والإعلان عنها قبل شهور من إحدى مدن الصعيد في مناسبة لم تكن سياسية؟ صفقة القرن كما أوحت صحف النخاسين في واشنطن ولندن وباريس، تعني مجرد كانتونات هزيلة مقطعة الأوصال، لا تسمى دولة ولا شبه دولة يحكمها خفراء من قبل الغزاة اليهود، ومهمتهم حراسة المستعمرات اليهودية والقبض على كل من يفكر في المقاومة، وجلب بعض اللاجئين الفلسطينيين لصحراء سيناء التي يتم تفريغها شيئا فشيئا بدءا من رفح المصرية حتى العريش، وهو ما يفسر كلام "الخوابير" الاستراتيجيين بضرورة تفريغ سيناء من السكان للقضاء على الإرهاب!

قادة الأمة التعيسة بالانقلابات والثورات المضادة يجتمعون تحت مظلة الجامعة العربية والتعاون الإسلامي. لدينا 57دولة إسلامية، لا تعنيهم- إلا قليلا- فلسطين أو القدس أو المستقبل، ويصدرون بيانا أو بيانات تدين وتشجب وتتحدث عن العراقيل التي يضعها النخاسون الصليبيون في طريق مسيرة الاستسلام المباركة، وأغلب الظن أن النخاسين هم الذين يُمْلون صيغة البيانات على المجتمعين في معظم اللقاءات، وبالطبع لن يكون اجتماع مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة مختلفا عن اجتماعات الأشاوس العرب أو حكام المسلمين.

ذهب بي الحلم أن القوم لو كان عندهم حد أدني من الإخلاص، والرغبة الحقيقية في مواجهة النخاسين الصليبيين، والنازيين اليهود، لقاموا بأبسط الأشياء بدلا من الحرب التي لا يطالبهم بها أحد. لأنهم لن يفعلوا أبدا. فقط نريد البسيط والممكن:

أولا – تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع الشيطان الأكبر.

ثانيا- تخفيض إنتاج البترول، ولا أقول قطعه عن عواصم الإرهاب الصليبي.

ثالثا- وقف التعاون الأمني والاستخباراتي مع دولة الشيطان الأكبر، واللقاءات السرية مع الشيطان الأصغر.

رابعا- الخروج من أسر الدولار، وسحب الودائع المالية من عاصمته بالتدريج. 

خامسا- الاستغناء عن الاستيراد من بلاد الشياطين، والعمل على الاكتفاء الذاتي من الصناعات والمنتجات الرئيسية.

سادسا- تحويل البعثات العلمية إلى جهات ليست سافرة العداء.

سابعا- توجيه الجمهور العربي الإسلامي الذي يرغب في السياحة وقضاء الإجازة إلى بلاد أخرى، وخاصة إذا كانت إسلامية.

بالطبع هذا حلم يقظة لأن تاجر النخاسة الأكبر أخذ الجزية عن يد وهم صاغرون وقدرها نصف تريليون دولار تقريبا، وأعطى أوامره لأتباعه بضرورة تنفيذ صفقة القرن، واستئصال الإسلام، وقتل المسلمين بعضهم بعضا؛ وإلا غضبت إيفانكا، وكوشنر، وضاعت الكراسي والعروش.

معذرة يا زهرة المدائن، هؤلاء جميعا لن يصنعوا لك شيئا، لأنهم أتباع للنخاس وشايلوك، أما الأمل بعد الله، فمعقود على الذين حرروا قطاع غزة وتحملوا الحصار بصبر المسلمين في شِعْب أبي طالب، وهم أطفال الحجارة الذين يرفعون راية الإسلام فوق المسجد الأقصى المبارك.

الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!  

وسوم: العدد 751