غزّة أم غرنيكا؟

أودُّ أن أحرقَ هذا العدم

وأرمي جثتّه في بئر اللاجدوى

هذا العالم كشّر عن سوأته

بعض الأرواح ما زالت ترتجف في بطن الموت

الفراغ الذي يتركه الضوء يبحثُ عن بصيصٍ في بحر العتمة

يقول عابر جحيم: على فمٍ الذئاب كانت ترتسم المجزرة

وفي عيونهم تلمّعُ مفاتيح الجحيم

وأنا أنظر إلى لوحة غرنيكا

أجمعُ نثار المدن اللزجة

وألصق الجماجم المهشمة

أخيط الأجساد بإبرة الصبر

أصرخُ :

كيف أهجيّ هذا الدم؟

أين سأكتب الأسماء وقد مزقوا صفحات الغيم؟

ربما يمرّ ملاكٌ

فأشرح له طعم الجحيم الذي نعيش فيه!

غرنيكا!

من يقود ما تبقى من الكائنات إلى سماءٍ بيضاء

كيف أهشُّ على هذا الغياب؟

والوحوش تمنعُ كل أسباب الحضور؟

ربما يعود الأموات ليكملوا رقصتهم

على مسرح الهيولى

يقتلني الصمت الذي ينهش وجه الحقيقة

يقتلني الصمت… وتتفتّت زهرة الحياة

أكاد أفقد ثقتي في الأشياء

كأننا نقشنا تفاصيل الكارثة على الرمال

كأنّ أوجاعنا ستخرج من ثقوب الجدران

صلينا خلف المسيح وموسى

وذو الكفل وكريشنا

وهناك من يصلّي

خلف شيفا وبوذا ولاوتسه

ما زلنا نصلي خلف السحاب وخلف الشمس ومع العصافير

لكن ما زلنا نقدس زومبي، نلعق الدماء

ونرقص معه فوق الجثث!

[*] غرنيكا : لوحة جدارية للفنان بابلو بيكاسو، استوحاها من قصف قرية غرنيكا الواقعة في إقليم الباسك 1939/ 1931

وسوم: العدد 1069