لو كنت رئيساً عربياً

محمد المليص

[email protected]

الكلمات التالية كتبتها ونشرتها منذ ستة سنوات عن القادة العرب, والآن, أي بعد ستة سنوات من كتابتها, تحققت توقعات هذه الكلمات في أكثر من نظام عربي, فأعيد نشرها اليوم تذكيراً لما تبقى من الأنظمة العربية كي يعوا أهمية القراءة لما تكتب الشعوب, لأن في القراءة تستهدي العقول وتبتعد عن الضياع في المجهول:  

لو كنت رئيساً عربياً

لو كنت أميراً أو ملكاً

أو قائد ثورة شعبية

لطلبت النجدة من شعبي

قبل أن أُحرق في نار الثوار

 

 

لهيب الشعب يؤلمني

وعدوي يهددني 

كي ينهب أوطاني

شعبٌ ضاع من جهلي

لم أعلمه شيئاً

لا قانون ولا أخلاق

علمته الرشوة والمحسوبيات

علمته النفاق والإستثناءات

وسجنت كل النقاد

لم يبق أحد يرشدني

أزلام من حولي تخدعني

ماذا أفعل يا ربي؟

 

 

أبي كان ملكاً وورثني

 أبي كان رئيساً وورطني

أعدمت وسجنت أعداداً لا تحصى

فأضحى كل الشعب أعدائي

ماذا أفعل يا ربي؟

 

 

إني أتنفس تحت صخرة الحكم

صخرة يرفعها أهل النفاق من حولي

يد ترفع الصخرة وأخرى تسرق وتقتل بعلمي

إن طردتهم, سقطت الصخرة على رأسي

وإن تركتهم, الشعب يرجمني

أنا بين نارين يا ربي

وأمامي عدو لا يرحم

لا يسمح للشعب أن يحكم

يريدها ديمقراطية بإمرته

يريدني للجهل إماماً

وخارقاً لكل القوانين

ثم عن حقوق الإنسان يسألني 

السلطة أضحت كابوساً يؤرقني

عدو يملك ملفات تعاقدنا

وشعب يملك قرائن لا تحصى

شعبي ضاق ذرعاً من ظلمي

إني أخشى شعبي وعدوي

وأخشاك من كثرة أخطائي

لمن ألتجئ يا ربي

حتى الشيطان يكرهني

لأنني أضحيت أنافسه

في إغواء الجن والإنس

إني وحيد تحت صخرة الحكم

 

 

بت حزيناً في قصري

لا طعماً للأكل

والنوم أضحى كابوساً

وأشرب الماء كي أصحى

بت خمولاً لا أفهم شيئاً

دفتري لا يحوي صفحة بيضاء

كُتب فيه كذب ونفاق

كتب فيه كم نهب الأعداء

كتب فيه قتلى الأبرياء

كتب فيه تجهيل الأجيال

كتب فيه كلمة نعم

وحذف منه كلمة لا

كتب فيه شهادات زور ورياء

كتب فيه تحريف للإسلام

كتب فيه رواتب للعملاء

كتب فيه استقواء بالأعداء

كتب فيه تهديد للشرفاء

كتب فيه احتقار القانون

كتب فيه كل ما يتمنى الأعداء

حتى أضحى شعبي تائه في الصحراء

وأنا لا حول ولا قوة

أخشى أن يأتي دوري

وأضيع إرباً بين الفرقاء

ماذا أفعل يا ربي؟

أأنتحر؟ أنت تعذبني

 

 

إني تبت وأعترف

ذنوبي لا تعد ولا تحصى

إني أستجير برحمتك

لا ينقذني غيرك يا ربي

اهدي شعبي أن يغفر

وأن يأخذ مني أمانته

دون عنف أو ثأر

وأن تهزم أعداء الشعب والوطن

إني أستسلم يا شعبي

أنا أشعر بالذنب

سأكفر عن أخطائي 

وأكون جندياً ضد الأعداء

 

 

دعونا ننسى مآسينا

كي نصد غزو الغرب والشرق

لا يحمينا إلا وحدتنا

 تعالوا ننتخب رئيساً

نغيره كل أربع سنوات

كي لا يصبح من أمثالي

لا تثقوا بأي إنسان ثقة عمياء

ربي قال في القرآن

إن الإنسان كان ظلوما

وأمركم شورى بينكم

يا ربي اشهد أني تبت وقد بلغت

وهجرت القصر 

وتخندقت مع الثوار

 في معركة الإستقلال