مريم الأخرى

د. أحمد فرح

[email protected]

عتبة دخول:

إن الحزن الذي جعلك دائما تحملين حقائب السفر ،

و رحلك في غربة لا تنتهي نحو منافي الروح

ليس لعيب فيك ،

إنما لعيب فينا نحن .

***

حلمه بالشفاء ما زال نيئا ؛

سيظل مريضا بالحنين إلى مدينة لا تشبه مريم ،

ما عادت تمنح العابرين الشرفات و السحب بالمجان .

و يخرج في المساء مريضا ،

يمنح ظله للمصابيح رشوة ؛

كي لا تدل عليه .

يصيح بآخر ترام جامح ،

يوعز إليه أن يرحل المدينة إلى الجراج .

حين ينهضه العابرون ،

يتذكر بعد قليل أنه سقط ؛

فيفرك عينيه مازحا ,

و يضحك ملء قلب مريم .

و كفأر أعمي ،

يحاذي حوائط خشنة لا تعرفه ،

يبحث عن شوارع جانبية مظلمة ،

تحمل  فى شرفاتها المناشف وتناديه ؛

لتمسح ما اتسخ من الثياب و الذاكرة .

بقدر اتساع خطى مريم

يمشي ... و يمشي ...

أكثر مما تطيق الشوارع .

عبثا ، يفتش بأصابعه أصوات البنات عن مريم ؛

علها تسد رمقه لأن يكون أكثر آدمية

بفاكهة من فرح و دهشة ،

تزرعها في كفه حين تصافحه .

ولأنها تثق في خيالها

سوف تمنح نفسها لبراءته ،

حين تقرر :

أن تهندم أعضاءها لرؤاه وأصابعه ؛

فيعيد اكتشاف أنوثتها من جديد ،

الأنوثة :

أول عاشقة لمواسم جنى البنات على جسدها .

***

عتبة خروج:

لماذا كل شرفة يستظل بها

تصوب مزاريبها نحوه ؟

و لماذا كل سحابة ينتقيها

تمطر فقط عندما لا يكون ظمآن ؟

و لماذا مريم في شرفتها لا تري الأعمى و هو يراها ؟!