"هذا الرجل لا أعرفه" في ندوة اليوم السابع

ندوة اليوم السابع

القدس- المسرح الوطني الفلسطيني

clip_image002_8811a.jpg

ناقشت ندوة اليوم السّابع الأسبوعيّة المقدسية مساء اليوم الخميس 27 تموز رواية " هذا الرجل لا أعرفه" للروائية المقدسية ديمة جمعة السمان، وبدأت النقاش الكاتبة رفيقة عثمان أبو غوش التي أدارت الحوار، قالت: تعتبر هذه الرواية، جزءًا ثانيًا، لرواية "غفرانك قلبي"، حول تبوّء السلطة، والأطماع للوصول لرئاسة الحكم، بطرق غير مشروعة.

دار محور الرواية حول علاقة حب، وخيانة من قِبل بطل الرواية وحيد الذي أحبَّ منى، ولم يكن له النصيب بالزواج بها، فتزوَّجت، وانجبت طفلين؛ تزوَّج وحيد من ناهد الصحفيَّة؛ والتي ترقَّت الى منصب وزيرة في الدولة، وانجبت توأم بنات.

 ظلَّ وحيد يحمل مشاعر الحب لمنى، خاصَّة بعد ان توفي زوجها في حادث غرق، واصبحت منى تحت رعاية آل سالم، وقامت بإدارة مزرعتهم؛ عادت العلاقة بين وحيد ومنى تتوطَّد اكثر، واكثر بسبب انشغال ناهد عنه.

 تزوَّجت ناهد منى من مهندس المزرعة احمد، بعد غياب وحيد سالم عن البلدة واختفائه مدَّة طويلة.

 عاد وحيد من غربته واكتشف خيانة منى وزواجها من احمد، فارس أخو احمد عمل بالشرطة، لقي حتفه في حادث طائرة، خاض وحيد معركة الانتخابات وفاز برئاسة الدولة.

 اكتشف وحيد، سر قتل زوج منى المهندس احمد، وقتل زوجته ناهد؛ من خلال رسالة تركها أخوه فارس له معترفًا بقتل احمد؛ كي لا ينافس أخاه وحيد على رئاسة الحكم، ومن ثمَّ ، امر بقتل ناهد الوزيرة؛ كي لا تكشف سر القاتل.

 تطرَّقت الروائيَّة ديمة السّمان، لقضيَّة اجتماعيَّة هامَّة، متفشيَّة في معظم مدن وقرى مجتمعنا العربي؛ الذي تغيب عنه النزاهة والعدالة؛ للوصول الى كراسي السلطة؛ نجد انَّ العصبيَّة القبليَّة هي الغالبة، والفكر الجماعي والتبعيَّة ما زالت تحتل دورًا هامًّا في اتِّخاذ القرارات الرئيسيَّة، على حساب الافراد.

 كما أشارت الروائيَّة في الرواية، عندما اكتشف وحيد سلوك اخيه فارس؛ الذي أجرم وقتل؛ كي يضمن نجاح أخيه وحيد بالرئاسة، لم يجرؤ على البوح بالحقيقة، إخلاصًا لوصيَّة جدِّه؛ الذي أوصاه على الحفاظ على وحدة العائلة وتضامنها معًا مهما حصل.

 تطَرَقت الروائيَّة ديمة السَّمان، لموضوع هام في المجتمع، الوصول الى السّيادة بطرق غير مشروعة، وغير نظيفة، مهما كلَّف الأمر من صراع، وسفك دماء، والتَّخلي عن الأخلاق والمُثل، واتّباع مبدا "الغاية تبرِّر الوسيلة"؛ للحفاظ على الإرث العائلي، حيث لا مكان للفكر الفرداني المتعقّل في هذه المعركة؛ وينساق الإنسان النظيف وراء العصبيّة القبليَّة؛ لتحقيق أهداف الجماعة.

ورد بالرواية حدث غير مقنع للقارئ، وهو غياب بطل الرواية وحيد بشكل مفاجئ عن الحياة الاجتماعيَّة وعن اسرته، لمدَّة طويلة، دون ان يعرف أحد مكانه؛ وترتَّب على هذا الغياب تغيير في مجرى الأحداث القادمة.

تكاد الرواية تخلو من ذكر مكان محدَّد لحصول أحداث الرواية، وكذلك المكان؛ إلا إذا أشارت الكاتبة لذلك في الجزء الأوَّل.

 هدفت الكاتبة في إيصال الرسالة من الرواية للقارئ، وبشكل واضح لا يحتاج القارئ فيه لتفكير تحليلي للوصول اليها في نهاية النص الروائي؛ دون أن يلجأ القارئ للتفكير التحليلي.

استخدمت الكاتبة اسلوبًا روائيًّا فيه السرد الممتع والشيِّق للقارئ، بلغة فصحى سهلة ورصينة، تزخر فيها البلاغة المحسنات البديعيَّة، والخيال الخصب.

تخلَّل الرواية حوارات ذاتيَّة، تظهر الصراعات المكنونة بداخل الإنسان، الذي يحمل المبادئ والأخلاق، وبنفس الوقت يسعى للحصول على النفوذ والسّلطة. كما ورد صفحة 201، 202. " كنت اطمح أن، أصل إلى مركز الرئاسة بأيادي نظيفة نقيَّة شريفة، ملعون ذلك المجد الذي يصل إليه الإنسان بالدَّم، بقدر ما كنت اطمح للوصول إليه، فأنا اليوم أكره أن أنتسب إليه.".

 وُفّقت الكاتبة في اختيار العنوان، حيث فيه نوع من التشويق، بما يتلاءم مع احداث الرواية، وخاصّةً في نهاية النص، عندما قالت البطلة منى للمحبوب وحيد "الرجل الذي كنت اعرفه تغيَّر وتبدَّل، هذا الرجل لا أعرفه، لا اعرفه". استكرته عندما اكتشفت بأنَّ أخلاقه تبدَّلت عمَّا كانت عليه سابقًا، قبل استلامه السُلطة.

امنياتي للروائيَّة ديمة السّمان بالتوفيق الدائم.

وقال محمود شقير:

تكتب الروائية ديمة جمعة السمّان روايتها "هذا الرجل لا أعرفه" بضمير المتكلم، وتجعل بطل الرواية؛ وحيد، رجلاً ذا نزعة ذكوريّة؛ فنراه متسلّطًا على النساء؛ مستفزًّا من عمل زوجته؛ ناهد، غير راغب في رؤيتها في أيّ مكان إلا في المطبخ لكي تقوم على خدمته؛ ما تسبّب له في عذاب مقيم حين أصبحت زوجته وزيرة مشغولة في خدمة الشأن العام، تاركة زوجها يتلظّى في بؤس الوحدة والعزلة والحاجة إلى من يؤنسه.. هذه الحالة الأسريّة غير السويّة التي تشي بالتشظّي وعدم الانسجام في الأسرة العربية بوجه عام؛ تعرضها الكاتبة بتمعّن وإسهاب، وتجعل السرد منوطًا بالرجل كما لو أنها تريد أن تطبّق عليه القول المأثور: من فمك أدينك. . وهي لذلك؛ تدفع وحيد، زوج الوزيرة إلى تجديد علاقته مع منى التي كان وما زال يحبها رغم زواجها من ضابط. ولكي تصبح الطريق ممهّدة لاستئناف علاقة الحب هذه، فإن الضابط يغرق في البحر؛ وتصبح منى أرملة، ويؤدّي ظهورها من جديد في أفق وحيد، إلى غيرة ناهد وشكّها؛ ما يسهم في مزيد من تأزيم العلاقة بينها وبين زوجها. ومن دون شك؛ فإن الرواية مكرّسة لإدانة النزعة الذكورية لدى الرجل الشرقي، وفيها يتبدّى صراع الذكورة مع الأنوثة على نحو صريح، ولكي تنجح الكاتبة في مسعاها فإنها تذهب بالأحداث وبالتفاصيل المتفرّعة منها إلى حدّها الأقصى، فهي تجعل غياب ناهد عن البيت نتيجة الأسفار التي يتطلّبها منصبها الوزاري غيابًا يمتدّ لأسابيع، ويتكرّر هذا الغياب على نحو يدعو إلى مزيد من تذمّر زوجها. ولا تكتفي الكاتبة بذلك، بل إنها تستعين بالأقدار لكي تسهّل لها استمرار حبكتها الروائية والدخول في منعرجات جديدة؛ حادث الغرق الذي وقع لزوج منى ناتج عن تجلّيات الأقدار، وكذلك، فإن سقوط وحيد والتسبّب في كسر يده وساقه ناتج هو الآخر عن تجلّيات الأقدار، وقد جاء متزامنًا مع صدفة قَدريّة أخرى، تمثّلت في ذهاب الأسرة إلى الساحل وبقاء وحيد في البيت، لكي يسهل عليه اللقاء مع حبيبته منى. إن اللجوء إلى الأقدار والمصادفات تضعنا أمام وقائع معزولة عن سياقها الاجتماعي الذي تتوالد منه الصراعات؛ ولربما كان هذا مأخذي الأساس على الرواية المكتوبة بلغة جميلة وسرد سلس وحوارات متقنة؛ وامتدادًا لهذا المأخذ فإنني لا أرى مبرّرًا منطقيًّا لغياب وحيد ثلاثة أشهر من دون أن يّشعر منى بذلك؛ لكنّ الكاتبة أرادت له أن يختفي من المشهد لكي يعود ويُفاجأ بزواج منى. لولا هذا الغياب، والظنّ بأن وحيد قد مات، لما انتهت الرواية على النحو الذي انتهت إليه. ورغم كلّ التبريرات التي ساقتها الكاتبة حول غياب وحيد؛ فقد ظلّ هذا الغياب يشكّل حيلة فنيّة غير مقنعة تحيل إلى أزمنة الكتابة الرومانسية.  مع ذلك؛ تتبدّى خبرة الكتابة وإتقان عناصرها في هذه الرواية إلى حدّ غير قليل، وتحية للروائية ديمة جمعة السمان.

وكتب جميل السلحوت:

القارئ لرواية “هذا الرجل لا أعرفه” للأديبة المقدسية ديمة جمعة السمان، لا بدّ له أن يستعيد جزأها الأوّل “غفرانك قلبي”، وإن لم يفعل ذلك فسيلتبس عليه فهم بعض تطوّرات الأحداث في جزئها الثاني.

وقارئ جزئي الرّواية سيجد نفسه أمام رموز وأحداث وتساؤلات ستجبره على التفكير فيما ترمز إليه الكاتبة، ومن ضمن ما يجب الانتباه إليه هو زمن كتابة الرّواية، والأحداث التي تمرّ بها المنطقة حيث تعيش وتتأثّر الأديبة.

وفي تقديري -وحسب فهمي للرّواية- أنّ الكاتبة المعروفة لمن يتابع قراءة أعمالها الرّوائيّة بخيالها الخصب، وقدرتها الفائقة في تحريك شخصيّات رواياتها، وأسلوبها السّلس الذي لا يخلو من عنصر التّشويق، ولغتها الرّشيقة في سرد الأحداث والحوار، كانت تهدف إلى ما هو أبعد من قراءة سطحية لما جاء في الرّواية.

فملخّص جزئي الرّواية يدور حول رحيل قبيلة بدويّة طلبا للماء والكلأ، ولا تلبث أن تكتشف الزّراعة لتكون بداية استقرارها، وانتقالهم من السّكن في الخيام إلى البيوت الحجريّة، وبناء القرى والمدن، ولتتطوّر إلى بناء دولة وحكومة وأجهزة أمنيّة، ليتبع ذلك صراع على الحكم واستئثار عائلة شيخ القبيلة “آل سالم” بالحكم. وهذا ما ينطبق على تأسيس الدّول العربيّة، فهي في غالبيّتها لا تزال عبارة عن تحالفات قبليّة بعيدة عن الدّولة المدنيّة. والتّحالفات القبليّة جاءت دفاعا عن مصالحها في الرّضوخ لقبيلة قويّة استأثرت بالحكم وما يدور حوله من صراعات. وما يجري في عالمنا العربيّ من أحداث جسيمة فيما يسمّى “الرّبيع العربيّ” الذي حصد أرواح مئات الآلاف من البشر ليس بريئا من صراعات “القبائل” على الحكم، وما ترتّب عليه من تفريط بالأوطان وبالشعوب مقابل الاحتفاظ بكراسي الحكم وثروات البلدان والشّعوب.

وكأنّي بالرّوائيّة ديمة جمعة السّمّان تقول لقرّائها العرب، هذه هي حال دولكم المتصارعة والتي ما حصدت إلا الهزائم المتراكمة من خلال صراعات لا مبرّر لها.

لكنّ الأديبة السّمان التي تملك ناصية الكلمة وتجيد الفنّ اللرّوائيّ سهّلت الأمر على القارئ عندما طرحت الموضوع من خلال تطوّر العائلة والقبيلة، ومن خلال العلاقات الاجتماعيّة وما يصاحبها من حبّ وخلاف ومشاكل، فظهرت لنا في الرّواية العقليّة الذّكوريّة وكيفيّة تعاملها مع المرأة، فهذه العقليّة والتي تساهم بشكل وآخر في مصائب الأمّة وهزائمها لا تزال بعيدة عن تقبّل المرأة حتّى وإن كانت متعلمة، ومستحوذة على أعلى المناصب كأن تكون “وزيرة” على سبيل المثال.

يبقى أن نقول أنّ الرّواية عميقة في مضمونها، متقنة في بنائها الفنّي، وتثبت لنا من جديد أنّ الأديبة السّمّان تطوّر أدواتها في كلّ عمل روائيّ جديد لها.

وقال سامي قرة: كنت كلمّا طويت صفحة كي أنتقل إلى الصفحة التي تليها في رواية "هذا الرجل لا أعرفه" الصادرة عام (2018) عن مكتبة كل شيء الحيفاوية للروائية المقدسية المتميزة ديمة جمعة السمان أتساءل: إلى أين يريد أن يأخذنا الراوي وحيد؟ وكيف ستنتهي حكايته مع حبيبته منى؟ وهذه الحيرة لا تصاحب القارئ فحسب، بل هي أيضا تصيب جميع افراد عائلة آل سالم بالحيرة والارتباك. ويبدو أن العلاقة بين وحيد ومنى هي المحور الذي تدور حوله الأحداث، وهي المحرّك الذي يتحكم بسلوك وحيد وتصرفاته ويحدد علاقاته مع الآخرين. تتميز رواية "هذا الرجل لا أعرفه" بأنها تحتوي على مستويين من المعنى، المستوى الحرفي والمستوى المجازي. فعلى المستوى الحرفي نقرأ قصة وحيد آل سالم الشخصية الرئيسية في الرواية وكفاحه من أجل استرجاع أمجاد عائلة آل سالم، فنراه يفتتح مؤسسته الهندسية ويحقق نجاحا باهرا في أعماله، ويتلألأ اسمه كأحد كبار رجال الأعمال في وطنه، وفي النهاية بعد سلسلة من الأحداث الدرامية يصبح رئيسا للبلاد. يقع وحيد في غرام منى لكنه يتردد في الزواج منها، وفي النهاية تتزوج منى من ضابط في الجيش اسمه عادل الذي يلاقي حتفه غرقا، ومن ثم تتزوج من أحمد وهو مهندس زراعي يعمل مع منى، ويقوم فارس الأخ البكر لأحمد بقتله وإلقاء جثته في البئر. أمّا وحيد فيتزوج من شابة جميلة اسمها ناهد تعمل صحفية، وتجتهد حتى تصبح وزيرة الخارجية. وتتسم العلاقة بين وحيد وناهد بالغيرة والشك والنقد المتبادل لا سيما في ظل النجاح الذي تحققه ناهد. وعلى الرغم من زواجه من ناهد يبقى وحيد يتردد على بيت منى ويذكرها بالحب الذي مضى، ويحاول إحياءه من جديد، غير أن منى تصدّه وتذكره بأنها متزوجة وأن لها أولاد. لكن حبّه لمنى وبُعدها عنه يعكّر صفو حياته مع زوجته ناهد، ويسيء كثيرا لعلاقته مع أفراد أسرته خاصة فارس الذي دائما يميل إلى التحيز مع ناهد. إضافة إلى ذلك، نرى أن وحيدا مهووس بحب منى حتى أنه يتناسى الوعد الذي قطعه على نفسه باسترجاع عظمة آل سالم، فيعيش تائها، ويكاد يخسر أعماله ويقضي على جميع إنجازاته. وهذا ما يتنبه له أخوه فارس، ولذلك يقتل أحمد زوج منى ويقوم بوضع السم لها من أجل قتلها حتى يتمكن وحيد من الحصول على منى وإكمال مسيرة العائلة. لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن؛ لأن منى ترفض في النهاية الزواج من وحيد على الرغم من تهديده لها وترحل عنه؛ لأنه بالنسبة لها أصبح رجلا غريبا لا تعرفه. أمّا المستوى المجازي للرواية فينقلنا إلى واقع أليم، هو واقع الوطن العربي وما يعيشه من مآس وصراع. تمثل عائلة آل سالم وما يعتريها من صراعات داخلية الواقع السياسي كما نشهده اليوم في عالمنا العربي. فبالإضافة إلى الصراع على الأرض الذي نقرأ عنه في رواية "غفرانك قلبي" هناك صراع على السلطة. (ونحن نعلم أن الكثيرين من الحكام العرب في عدد من الدول تميزوا بقسوتهم وديكتاتوريتهم الكبيرة التي تسبب في إزهاق أرواح الآلاف من أجل المحافظة على كرسي الحكم، وإحكام القبضة على مقاليد السلطة في البلاد.) تحاول عائلة آل سالم الحفاظ على مكانتها الاجتماعية والاقتصادية بشتى الوسائل منها عن طريق العلم وعن طريق الانخراط في الأعمال التجارية، كما يفعل الابن الأصغر كريم وإلى حد ما وحيد، أو الالتحاق بالجيش كما يفعل فراس، أو عن طريق شراء الأراضي وفلاحتها كما تفعل الأم فاطمة، أو عن طريق الالتحاق بالحكومة كما يفعل وحيد في نهاية الرواية.  تمثل عائلة آل سالم الدولة الواحدة التي تعيش بسلام وأمن حتى ظهور قوة خارجية تعكر صفوها وتخلق اضطرابا في داخلها، وتحدث انشقاقا بين أفرادها. (نرى ونسمع ونقرأ كثيرا في الآونة الأخيرة عن التدخل الأجنبي في القضايا الداخلية لبعض الدول العربية، وأيضا عن الانقسامات الداخلية في الوطن العربي لأسباب طائفية أو عرقية أو قبلية أو مصلحية أو سياسية ودينية أو أيديولوجية، وهذه كلها تؤثر على العلاقات بين الدول). هذه القوة تتمثل في ناهد، فمنذ اللحظة الأولى التي تنضم فيها ناهد إلى عائلة آل سالم تبدأ العائلة في التهاوي والانزلاق نحو التشرذم والانشقاق، فنرى وحيدا يتشاجر مع أخويه كريم وفارس، ونرى فارس ينضم إلى صف ناهد، كما تحدث خلافات بين وحيد وأمّه، وهكذا تنهار وحدة العائلة كما تنهار وحدة الدولة العربية الواحدة. يصرخ وحيد في وجه ناهد: "أنت السبب في كل هذا.. أغربي عن وجهي.. أنت الفتنة وسبب الانقسام" (ص 138). فكل فرد من أفراد العائلة يعمل لمصلحته: فارس لتحقيق القوة والجبروت والسمعة في الجيش، ووحيد لتحقيق قوة اقتصادية وسياسية قد تساعده في تحقيق الوعد الذي قطعه على نفسه كي يحافظ على عظمة عائلته، وحتى ناهد القادم الجديد إلى العائلة تعمل من أجل نفسها وتحقيق شهرة لنفسها بوصفها وزير للخارجية. وهكذا يصبح التنافس الصبغة التي تميز العلاقة بين أبناء العائلة أو أفراد الدولة الواحدة، كما يصبح مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" هو المبدأ السائد الذي عن طريقه يحاول أفراد العائلة وخاصة فارس تحقيق مآربهم على الرغم من معارضة وحيد الآنية له؛ لأنه في النهاية يشعر بسعادة كبرى "في وصول آل سالم إلى سدّة الحكم، واسترداد السؤدد والمجد" (ص 202). حتى أن القتل يصبح من الوسائل التي يلجأ إليها الفرد لتحقيق غاياته. يقتل فارس أحمد وناهد، وقبله يفكر وحيد في قتل أحمد ويقول في نفسه: القاتل يُقتل.. وقد قتلني هذا الرجل.. أقتله.. أقتله.. أقتله" (ص 183).  وحيد وهاملت تذكرني شخصية وحيد بشخصية هاملت. سأجازف قليلا وأحاول فيما يلي أن أبيّن أوجه الشبه والاختلاف بين شخصية وحيد وشخصية هاملت. في نهاية رواية "غفرانك قلبي" يتساءل وحيد في حوار مع نفسه: "من سأكون؟ من سأكون؟ هل سأكون عظيما مثل أبي وجدّي.. هل سأتبع الحب ونداء قلبي؟" يتردد في تساؤل وحيد صدى ما يقوله هاملت في مناجاته الشهيرة: "أكون أو لا أكون؟" وكلتا الحالتين تعكسان الصراع الداخلي العميق الذي يعيشه كل من الشخصيتين. وفيما يتأمل هاملت الانتحار والأسباب التي تدعوه لعدم قتل نفسه والاستمرار في الحياة، يقرر وحيد العيش والبقاء حيًا لكن بأيّ صفة وكيف؟ فهو أمام اختيارين، هل يصبح عظيما مثل ابيه وجده أو يتبع قلبه ويتزوج من منى ويصبح زوجا وأبا "لا يتعدى طموحه الحصول على لقمة العيش" (غفرانك قلبي، ص 196). يختار وحيد أن يصبح عظيما وبالفعل يحقق طموحه لكن على حساب علاقته مع منى. وحيد شخصية مترددة دائمة التخبط وتائهة. يتأمل وحده في مسيرة حياته ويقول: "قصتي مع منى.. هل لها بقية؟ هنيّة أم شقية؟ أمّ أنني أعيش دوّامة في بحر الضياع، مشواري محصور بين السطح والقاع؟ تهت مع نفسي" ( ص 28). وحيد لا يملك شجاعة كافية كي يتخذ القرار وهذا واضح من طبيعة علاقته مع منى وناهد. فهو دائما يؤجل ارتباطه بمنى، كما أنه لا يستطيع أن يحدد ما هي طبيعة علاقته من ناهد؟ وما إذا يريد الاستمرار معها أم لا؟ هو ليس طائشا لكن عواطفه تتحكم فيه وليس عقله. وكذلك الأمر بالنسبة لهاملت. من ناحية، لا يقوم هاملت بأيّ عمل ضد عمّه كلوديوس؟ لأنه ليس متأكدا من أن عمّه قتل أباه بالتواطؤ مع أمّه، ومن ناحية أخرى لا يستطيع هاملت أن يحدد طبيعة العلاقة التي يريدها مع أوفيليا. وحيد يستغل ناهد عاطفيًا كما يستغل هاملت أوفيليا. ناهد تموت في النهاية وكذلك تنتحر أوفيليا. فكلتا المرأتين ضحيتا رجلين يتصفان بالأنانية والتلكؤ والنرجسية. تقول منى لوحيد بغضب: "أنت مريض بالنّرجسية.. الغرور والسيطرة وحب التملك" (ص 59)، وتتذمر ناهد منه وتقول: "آه من نرجسيتك التي تجعلك ترى كل عمل أمام أعمالك صغيرًا حقيرًا" (ص 74).  يسعى وحيد إلى الانتقام من أحمد زوج منى الثاني وإلى حد ما من ناهد؛ لأنه يشعر بضعف نحوها، وبالمثل يسعى هاملت إلى الانتقام من عمّه؛ لأنه قتل أباه. يحث شبح الملك هاملت الابن هاملت على الانتقام والثأر لمقتله. والانتقام من المواضيع الهامة في رواية "هذا الرجل لا أعرفه"؛ لأنه يصبح أداة في تحقيق الأهداف التي يرجوها الفرد، ولهذا السبب يقتل فارس أخا وحيد أحمد زوج منى وناهد. يفكر وحيد بالانتقام من ناهد ويقول في نفسه: "العذاب يحاصرني.. أريد أن أنام.. ولكن كيف وراحتي لا تكون إلا في الانتقام" (ص 175).  يتحكم الماضي بمصير وحيد كما يتحكم والد هاملت وشكواه من أنه قُتل على يد أخيه وزوجته بهاملت. يقول وحيد: "ما أصعب أن يكون الإنسان لبنة يشكلها الماضي بيد الأحلام! فيذهب به إلى عالم من الأوهام.. ويتوه بين الواقع والخيال" (ص 29). بل أن وحيد وهاملت يفقدان البصيرة والعقلانية بسبب تعلقهما بأحداث جرت في الماضي. ولا ننسى أن كلمة "الماضي" تتكرر كثيرا في الرواية، فالماضي إلى حد ما يسيطر على وحيد كما يسيطر شبح الملك هاملت وشكواه على هاملت الإبن.  استمتعت كثيرا في قراءة رواية "هذا الرجل لا أعرفه"، فهي رواية مكتوبة بأسلوب سلس جذاب وتعالج مواضيع عدة، شخصياتها معقدة وأحداثها رمزية تخضع إلى العديد من التفسيرات. الرواية كتاب مفتوح أمام القارئ لقراءته وتفسيره وإعطائه المعنى الأدبي الذي يراه مناسبا لكل وجهة نظره. 

وقال عبد الله دعيس:

رواية (هذا الرّجل لا أعرفه) للأديبة المقدسيّة ديمة جمعة السمان، صدرت مؤخرا عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، وهي الجزء الثاني من رواية (غفرانك قلبي) للكاتبة، والتي صدرت عام 2015، وأحداث هذه الرواية هي امتداد لأحداث الرواية السابقة، وهي امتداد لملحمة سياسيّة اجتماعيّة، استطاعت فيها الكاتبة أن تبني حيّزا مكانيّا مميّزا تماما كما بنت شخصيّات واقعيّة تتحرّك في هذا الحيّز الافتراضي. لكنّ القارئ الذي لم يطّلع على رواية (غفرانك قلبي) قد لا يستطيع تفسير بعض الأحداث في هذه الرواية أو تبرير تصرفات الشّخصيات الرئيسيّة فيها؛ حيث لم تشر الكاتبة إلى روايتها السابقة في هذا الكتاب، والذي قد يؤدي لحدوث لبس عند بعض القرّاء؛ إذ قد لا يفهم القارئ المستجد طبيعة المكان الذي تدور فيه أحداث الرّواية، أو طبيعة العلاقة بين وحيد ومنى، ورمزية المزرعة وشجرة الجمّيز فيها. ولا بدّ من فهم طبيعة المكان ورمزيّته من أجل فهم أفضل لأحداث الرّواية. فالمكان هو مكان خياليّ خلقته الكاتبة في رواية (غفرانك قلبي) وواكبت تطوّره من صحراء قاحلة إلى مدينة كبيرة ودولة وطنيّة، وهو ينطبق على أي مكان في العالم العربيّ. وثقافة ساكنيه تتفق مع الثقافة المشتركة للعرب أينما حلّوا، لذلك فإن فهم طبيعة هذا المكان، يساعد في فهم الرمزيّة الكبيرة في الرواية، والنقد العميق لما يدور في المجتمعات العربيّة، من خلال أحداث عاديّة، لكنّها تحمل أبعادا اجتماعيّة وسياسيّة. وللرواية جانبان: جانب اجتماعيّ، وجانب سياسيّ، بالإضافة إلى الأحداث الرومانسيّة فيها والتي تخدم هذين الجانبين. "البيت مملكة يا ولدي ... والمرأة في داخله ملكة." (ص 73) قالت فاطمة أم وحيد سالم لولدها متحدثة عن ضرورة ترك ناهد لكرسي الوزارة والتفرّغ لبيتها. هذه العبارة توضّح إحدى الجدليات التي تطرحها الكاتبة وتريد إثارة النقاش حولها من خلال كتابها، مسألة ما زالت تثير كثيرا من الجدل في المجتمعات العربيّة: هل أولوية المرأة هو العمل خارج البيت، أم عليها أن تخنق طموحها لتبني بيتا تسوده الألفة والطمأنينة؟ لن ينتهي الجدل حول هذا الموضوع، لكن الكاتبة طرحت عددا من النماذج للنساء في روايتها، أولها فاطمة نفسها والتي عملت بجدّ داخل مزرعة العائلة وفرّغت كل وقتها لها، ووسّعتها وضمّت إليها الأراضي، لكنّ بيتها دائما كان في مركز هذه المزرعة وأنشأت أبناءها على حبّ السيطرة والتّوسع، فكان فارس الضابط الكبير، وكريم التاجر الناجح، ووحيد رجل الاقتصاد، وعبير المحاميّة والزوجة. والنموذج الثاني هو ناهد التي كان لديها طموح كبير، وسعت للارتقاء في مناصب الدولة، جاعلة الاهتمام ببيتها وزوجها أمرا ثانويّا، فحقّقت النّجاح الكبير، لكنّ نهايتها كانت سريعة بجرعات من السّمّ وضعها فارس في قهوتها وهي في قمّة مجدها كوزيرة للخارجيّة. والنموذج الثالث هو منى، التي تخلّت عن حبّ وحيد في المرّة الأولى والثانية، ومالت إلى الاستقرار في بيت الزّوجيّة، لكنّ ذلك لم يمنعها أن تكون ناجحة في عملها، فقد أبدعت حينما عملت في وزارة الزّراعة، ثمّ عندما بنت مزرعة نموذجيّة أصبحت الأكبر في البلاد. والنموذج الأخير هي حنان والتي كانت ربّة بيت، وكانت المحور الذي ترتكز عليه العائلة في حلّ جميع مشاكلها، ويلتجئ الجميع إليها وقت الشّدة. (هل أنا ضعيف؟ كيف؟ وأساطين الاقتصاد ورجالات الحكم ترهب هيبتي؟ هل أنا قويّ؟ كيف؟ وسيّدة تتحكّم بحريّتي وتبيع فيّ وتشتري؟) ص 179 هذه العبارة التي قالها وحيد سالم وهو في أوج حيرته وتردّده بين علاقته بزوجته ناهد وعلاقته بحبيبة صباه منى، تشير إلى جدليّة العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع العربي، والتي تريد الكاتبة أن تشير إليها من خلال أحداث هذه الرّواية. فهل المرأة ندّ للرجل؟ وهل يرضى الرّجل أن يقترن بمن تفوقه ذكاء أو تنافسه في نجاحه؟ أم يريد للمرأة أن تكون جارية تحت سطوته؟ نلاحظ أن وحيد كنموذج للرجل العربيّ، لا يروق له تقدّم ناهد في المناصب ومنافستها له في مكانته في الدولة، ويتناسى أنّ علاقته معها بدأت عندما اغتصبها وهو في أوج قوّته، وأجبرها على ترك خطيبها، ولم يشعر بوخزة ضمير. أما عندما بدأت تتفوّق عليه، بدأ يشعر بمدى تقصيرها تجاه بيتها، وعزا الخلاف بينهما إلى هذا التقصير وتناسى أنانيّته بالتعامل معها. أمّا منى، فقد رفض الزّواج منها لسنين طويلة رغم الحبّ الجارف بينهما، والعلاقات الأسريّة المميّزة، والرّخاء المادي، معتذرا أن الزواج سيكون حائلا بينه وبين تحقيق أحلامه، ولم ينظر لها مرّة كرافد قد يكون له عونا في تحقيق أحلامه في إعادة السلطة والغلبة لآل سالم. ولم يرق له أنّها تزوّجت من غيره وبدأت تبنى حياتها بعيدا عن قيوده، فهل علاقة الرجل والمرأة تسودها أنانيّة الرجال ونرجسيّتهم؟  لكن هل نجحت الكاتبة في تقمّص شخصيّة الرجل، عندما جعلت الرّاوي هو وحيد سالم؟ أعتقد أنّ الجواب نعم، مع أنّ القارئ قد يلمح أحيانا شخصيّة أنثى داخل هذا الرجل! وإلا لماذا يعتبر الزّواج عائقا لتحقيق أحلامه، والنجاح في عمله؟ ربما كان هذا صائبا بالنسبة للمرأة، لكن الرجل قد يعزف عن الزواج لضيق ذات اليدّ، أو انسياقا وراء نزواته. هروب وحيد بعد طلاقه لناهد، وسفره إلى عواصم العالم لابتياع الهدايا لمنى دون أن يخبرها، مضحيا بمصالحه التي ترك منى أساسا من أجلها، لا يتوافق مع شخصيّة رجل أعمال ناجح، وإنما قد يكون أقرب إلى رومانسيّة أنثى. ونلحظ أيضا أنّ الشخصيّات الأنثويّة في الرواية هي الطاغية رغم أن الرواي رجل. أما الجانب السّياسي في الرواية، فهو يعكس الواقع السّياسي في الدول العربيّة أجمع، حيث التسلّط هو سيّد الموقف: ففارس الضابط الكبير هو من يدير الأمور ويتحكّم في رقاب العباد، وعندما ينجح شخص مدنيّ في الصعود إلى مراكز الدولة - ممثلا بناهد في الرواية - يكون ذلك تحت جناحه، ولا يسمح له أن يصل فعلا إلى صنع القرار، وينهي حياته بدم بارد.  وتظهر عقلية القبيلة، التي لم تفارق آل سالم من يوم أن تركوا الواحة وأصبحوا جزءا من المدينة والدولة. وكذلك الأمة العربية التي ما زالت تعيش في عقلية القبيلة، حتّى عندما تشظّت إلى دويلات أو إلى أحزاب سياسيّة، أصبح انتماؤها إلى هذه الشظايا تماما كانتمائها إلى القبيلة، رغم أن الانتماء القبلي لم يخبُ أبدا. نرى كيف يسعى آل سالم من خلال سيطرتهم على التجارة والزراعة والاقتصاد والهيمنة على الجيش إلى تطويع الدولة لتكون تحت وصايتهم، وحتّى عندما تُقام انتخابات، فهي من أجل إيصال وحيد سالم إلى سدّة الحكم.  وهل يمكن تداول السلطة في الدولة العربيّة؟ تبدو الكاتبة غير متفائلة، وتعتقد أن الحكام سيصلون إلى السلطة بالقوّة، وتقول على لسان وحيد سالم: (ملعونة مراكز الحكم التي نصل إليها على جثث الآخرين.) صفحة 202.

وإذا عدنا إلى رواية (غفرانك قلبي) نلحظ أن الكاتبة بدأت ببناء دولة جديدة، ثمّ بثورة على الحاكم المتسلّط، فكانت تبثّ الأمل بالتغيير، لكنّ هذا التغيير أتى فقط بحاكم متسلّط آخر، ثمّ أعاد الحكم إلى القبيلة! روايتا (غفرانك قلبي) و (هذا الرجل لا أعرفه) ملحمة أدبيّة تشرّح المجتمع العربيّ، وتثير العديد من التساؤلات عن طبيعة هذه المجتمع وإمكانيّة التغيير فيه، وهي تفعل ذلك من خلال أحداث دراميّة واقعيّة، وعلاقات اجتماعيّة متشابكة، ورومانسيّة عالية، وغوص في أعماق النّفس البشريّة. عمل رائع يستحق القراءة والدراسة العميقة.

وقال د. عبد الرحمن الخوجا:

هذا الرجل لا اعرفه، العنوان : يتناغم مع احداث الرواية.

1-  عنصر التشويق ، اجمل ما في الرواية .

- تواصل عبر التلفون - مدخل اللقاء الصحفي - مزرعة المرصد – السفر – عدم التبليغ – زواج منى للمرة الثانية – القتل ومن القاتل ؟!!

2-  الخط مناسب

3-  نوع الورق ممتاز

4-  لون الورق ، له رونق وجميل

5-  الترابط قوي جدا بالرواية مثل ص 19

6-  العقدة واضحة وجلية بالرواية

7-  البلاغة اللغوية التعبيرات والحكم قوية جدا

قوية جدا في صفحات مثل " الحياة لا تطيب مع الحذر الدائم وكثرة التعقيد " - قلبان تائهان جمعتهما الاقدار – مضى الصباح وانا اجتر عذابي – ص 11ان الدواء وحده لا يكفي لشفاء المريض ... ص204 .. احضر معك اياما جديدة تليق بهذا الفستان .

8-  التسلسل الروائي قوي جدا

9-  الخيال يصل بالقارئ نحو الافق التصوري

10-                     التحليل النفسي للشخوص يتناغم مع تسلسل الاحداث مع تواجد عنصر المفاجآت ، فمثلا ص 132 فهم وتحليل للشخصية من قبل ناهد .

11-                     عرض لكلمات التفكير الايجابي مثل ص 42 + ص145

12-                     قدرة على التعبير حول الصراع الاسري ص 85

13-                     الدقة النحوية والطباعة بلا عيوب .

افكار " تعبيرية " لتطوير الاداء بالرواية

1-  صورة الغلاف : معبرة ولكن يفضل ان تكون صورة الغلاف بحجم الكتاب

2-  مكان الحدث مجهول

3-  زواج وحيد فارس من ناهد ص 37" مبتور الرواية والحدث المكاني والحواري " !

4-  يفضل استخدام مهن بعيدة عن ضابط وظيفة زوج منى ووالد خلود فيفضل مهندس مثلا

5-  ص8 مش واضحة حرام عليك ؟؟؟ يت رجل !!!

7-ص83 حدث الطلاق يتناقض مع نهاية استمرار العشرة الزوجية داخل نفس البيت !!! والصراع يستمر ص 137

8-فراغ وبتر في منتصف ص 159 للفكرة " مضت الايام تشهد لمنى عظمتها ....

شكرا للروائية القديرة والمبدعة ديمة جمعة الســـــــــــــــــمان

وكتبت هدى عثمان أبو غوش:

روايّة "هذا الرّجل لا أعرفه"للرّوائيّة المقدسيّة ديمة جمعة السّمان صادرة عن مكتبة كلّ شيء حيفا2108 . أوّل ما يلفت القارئ في الرّوايّة هو عنصر المكان، حيث تعمدت الكاتبة أن تجعل مكان الرّوايّة مجهولا، دون أن تذكر اسم المدينة التي تجري فيها الأحداث، لربما من أجل التّعميم على أنّ مجريات أحداثها تحدث في كلّ مكان وفي أيّ دولة، فالقارئ للرّوايّة لا يستطيع أن يتخيّل مكان أحداثها ولا أن يستخلص موطن الكاتبة. ففي الأسطر الأولى تتجاهل الكاتبة على لسان بطل الرّوايّة وحيد اسم الشارع الفرعيّ واسم المدينة. "مكان مكتبها في شارع فرعيّ في المدينة". اتّخذت الكاتبة الزّمن كافتتاحية للتنقل من فترة إلى أُخرى، فبدأت الرّوايّة بعد سبع سنوات، بعد أربعين يوما، في الصباح، ذات مساء، في بدايّة الشّهر...إلخ. في بعض الأحيان استخدمت الكاتبة الزّمن بلا تحديد بالضبط (ذات مساء، ذات يوم)؛ لتجعل حدوث الزّمان يتطابق مع المكان المجهول. جاء عنوان الرّوايّة موفقا، فمن خلال أحداث الرّوايّة ظننت أنّ وحيد، هو الرّجل الذّي لا يعرف نفسه بسبب الحالة النفسيّة والعاطفيّة غير المستقرة وتصرفاته المتناقضة، إلاّ أنّ المفاجأة كانت في أنّ منى توصلت إلى حقيقة أعلنتها في النهايّة تتعلّق بوحيد الرّجل الذّي لا تعرفه، بسبب تخلّيه عنها وعدم جلبه الدّليل على مقتل زوجها أحمد. سلّطت الكاتبة مضمون روايتها على العاطفة والحب، أو فلنقل أنانيّة وحب التملك والحفاظ على السلطة، وغياب الزوجة عن البيت وإهمالها للزوج. وحيد يتزوج ناهد الصحفيّة والتّي تصبح فيما بعد وزيرة، ورغم عدم استقراره الأسري والعاطفي تجاهها إلاّ أنّه يبقى معها، وبالمقابل فإنّ ناهد تعلم بعلاقة وحيد الغرامية مع منى إلاّ أنّها من أجل الحفاظ على مكانتها الإجتماعيّة المرموقة فإنّها تبقى معه. حب وحيد لمنى يسقط من أجل الحفاظ على مركزه ومكانة آل سالم. فحين أصبح رئيس دولة، رفض تقديم الدّليل. عائلة آل سالم تعاطفوا مع ناهد من أجل الحفاظ على مكانة العائلة وخوفهم من جبروتها. جاء اختيار الكاتبة لاسم وحيد موفقا، فالاسم مرتبط بحال بطل الرّوايّة وحيد الّذي ظلّ وحيدا بلا حبيبة ولا زوجة في نهاية الرّوايّة. علاقة وحيد بناهد كان يسودها الوحدة من خلال غياب ناهد المتواصل عن البيّت، وشعوره بالإغتراب والوحدة حتى وهو في شهر العسل برفقة زوجته ناهد. شعور وحيد بالوحدة حين أنكره آل سالم، وتعاطفهم مع ناهد. أسهبت الكاتبة كثيرا في تسليط الضوء على غياب وانشغال الزوجة ناهد عن زوجها من خلال عملها وسفرها، وبرأيي الشخصي فإنّ الكاتبة أوصلت الفكرة عدة مرّات وكان بالإمكان الإستغناء عن بعض المشاهد التّي تكرّر الفكرة. جاء الحوار بالّلغة الفصحى بعيدا عن العاميّة، وهنا ربما تعمدت الكاتبة ذلك من أجل خلق روح الوحدة العربيّة للقارئ، ومن ناحية أُخرى فليس بوسع القارئ التّعرف على هويّة وموطن الكاتبة من خلال غياب الّلهجة المحكيّة. وقد جاءت الرّوايّة بلسان المتكلّم على يد بطل الرّوايّة وحيد، الّلغة فكانت سلسلة شيقة للقارئ.

وقالت نزهة الرملاوي: ما التغيرات الجذرية الاجتماعية التي تناولتها الكاتبة ديمه السمان في روايتها هذا الرجل لا اعرفه؟ لا أدري في الرواية التي بين أيدينا هل طرحت الكاتبة قضية المرأة أم قضية الرجل الذي لم يعد ( سي السيد ) في خضم هذه التحولات الجذرية في المجتمع العربي، بعد أن تقلدت المرأة أعلى المناصب والوزارات، فهل يليق بها النفور من المهام البيتية وعدم تحمل المسوؤلية تجاه البيت والزوج؟ أم هي طرق من طرق امرأة قيادية داهية ذات شأن ومكر، لا تنطبق على نساء أخريات يعشن في نفس الظروف؟ قدمت لنا الكاتبة ايحاءات عن رجل ذي جاه ومال، لم يعد قويا بماله أو جاهه ونسبه وحسبه أمام جبروت امرأة متحدية..لعوب تنصلت من جلدتها وشرفها من خلال لقاء عمل مع رجل عاطفي لا يتحكم برغباته، وتخليها عن خطيبها وأهلها.. وذلك يؤكد لنا رغم ادعائه بحب سابق لم يستطع نسيانه.. أنه أمام امرأة نرجسية تحكمها المصالح الشخصية للوصول لأهدافها. صورة المرأة القوية التي لا تعترف حتى بالطلاق امام الملأ.. وما فعلته بمنى كيدا وغيرة، فهل أرادت الكاتبة تثبيت مقولة ( لا تكاد النساء إلا النساء ) بالرغم من اعتلاء ناهد أعلى المناصب و إلا أن الغيرة تبقى وجه النساء الخفي. تحت العناوين 1- 6 تكررت المشاهد، احسست اني اشاهد فلما من السبعينيات، صاحب شركة قضية حب وفضيحة كادت ان تكون..لولا تدارك الأمر من الجهتين. في مجريات الأحداث كان من المتوقع حدوثها، رجل اعمال وعلاقاته بنوعين من النساء، الغيرة والعمل على حساب البيت والعلاقات الأسرية مع الزوجة التي أهملت بيتها وزوجها، فنقرأ علاقة باهتة فاترة أدت الى مواصلة التفكير بمنى، المرأة الأولى في حياة رجل الاقتصاد.. تسلسل الأحداث تكون في سيناريو معروف عودة العلاقة بمنى..الانتباه للأولاد من قبل وحيد بعد وفاة زوجها..حتما ستكون هذه النهايات.. ما الجديد في رواية ديمة السمان؟ تذكير القارئ بالقبلية والتفاخر بالنسب آل سالم..والقناعة بأن ناهد والوزارة ستزول..70-71 وذلك باستبدال كرسي الوزارة، بكرسي ملك ( ملك اقتصاد).. وسيزول كل ما يعيق النزعة القبلية عند آل سالم وعلى يد فارس. البيت مملكة، أحس وحيد بتهميش دوره وإهماله كزوج وزيرة، فقرأنا تأزما نفسيا واجتماعيا واضحا بين صفحات الرواية.. الافكار متباعدة بين الزوجين ناهد ووحيد..هي تعتبر خراب البيت مقابل المصلحة الوطنية بناء، وعمار..( مع ان الكاتبة لم تشر إلى موضوع وطني جعلها تتجاهل دورها كزوجة وتفضل العمل عليه، وتبدو مهمله متبرئة من احتوائه) في الحين ذاته ينظر وحيد الى قمة المرأة ومجدها يكون برعاية بيتها وزوجها، وأن لا تطغى القيادة على المهام البيتية والعلاقات الأسرية. اعتبرت ناهد وجودها كوزيرة حماية لمصالح زوجه الاقتصادية، لم تشر أحداث الرواية إلى شيء من ذلك. تمثلت في الرواية صور شاعرية جميلة في لحظات حب بدت واقعية في عدد من الصفحات..ص80 تطرقت الكاتبة الى كيد النساء وقد غلب بالواقع ..حينما فضح امر منى اثناء عملها بالمزرعة واتهامهما بفعل الحرام، من خلال سلطة ناهد التي أفقدت منى وظيفتها. عواطف الحب والشفقة والشك.. كانت واضحة في صفحات الرواية. في البداية عندما كانت تخرج ناهد كصحفية واعلامية لم تذكر الكاتبة حدث سياسي مهم..لتقنع القارئ باهمية خروجها ليلا وانهماكها الصحفي خارج البيت.. ولا بعد توليها الوزارة..ليتها اقحمت فترة تاريخية كالانتفاضة مثلا..أو حرب غزة..وادخلت بعض المشاهد والتضحيات التي استحقت بها ناهد ان تكون بها وزيرة.. انهماك الوزيرة ليل نهار في عملها أعاد وهجا للحب السابق بين زوجها وحيد وحبيبته السابقة منى.. السؤال هنا كيف رضيت منى أن تعيش بجوار هذه العائلة، وأن تعمل بالمزرعة، وهي مديرة ولها عملها ..كيف أقتنعت؟ هل كان للحب الماضي تاثير عليها مع أنها كانت تلغي الفكرة لإحيائه؟ هل أقنعتها أختها بذلك بعد موت زوجها؟؟ هل الفراغ الاجتماعي والجفاف العاطفي من غياب الزوجة (ناهد) أدى الى كل تلك المشاكل،من اغلاق باب الرزق أمام منى وطردها من وظيفتها، إلى طلاق ناهد وهي حامل؟ وضعتنا الكاتبة بمازق تفكيري..مهد لنقاط مهمة بالرواية..بعد أن بدت الرواية.. كأي مسلسل أو فلم درامي، علاقة بين رجل ذو جاه وامرأة متسلطة، وحياه زاخرة بالمشاكل الزوجية الكبرياء في النسب والقبيلة، مقابل السطوع والنجومية وتقلد الوظائف الوزارية. لم تبتعد الكاتبة بنا كثيرا..فالرواية واقعية بامتياز، أظهرت الحب والغيرة وعدم تقبل تفوق الآخر ونجاحه، وهذا ما لمسناه في الرواية..  لغة الكاتبة لغة عميقة وجميلة مشوقة للقراءة، فالحبكة ومجريات الرواية كانت بسيطة وواضحة أثناء سردها. تطرقت الكاتبة الى اللالتفاف الأسري الذي بدا واضحا في الرواية..وان نمط الاسرة الممتدة كان موغلا في كتابة الأحداث، فقد نوهت الى البساطة في التعامل وتنقل الحديث بين الأفراد وخاصة الأم التي وجهت كلاما به الأمل والمحبة لناهد..لكنها وقعت في سلاطة لسانها(93) من إحدى الأفكار المطروحة حق الزوجة المطلقة بالاستقرار في بيتها..وهذا ما طالبت به ناهد حين طلقت. موقف التأزم ص95 مقارنة موقف جد وحيد الذي وقف أمام حاكم البلاد يصغره وبحجمه..وموقف اخوته من زوجته الوزيرة التي يصعب محاربتها كما رأوا.  يبدو أن المشاكل البيتية انست وحيد مصالحه الاقتصادية.. لذا لم نلمس حدثا اقتصاديا مهما في الرواية، بغير مجرى الأحداث لصالح ناهد التي تدعي انها تسانده كملك اقتصادي.. لم تخرج الكاتبة عن صور التأزم النفسي عند وحيد..ولكن الشراكة مع منى في انشاء مزرعة . بدت كنوع من الهروب أو من الأمل في حياة يتقارب فيها المحبون. أحداث الرواية بما فيها من تأزم في العلاقات، شدت انتباهنا الى ناهد التي ترفض بشكل قاطع ان تكون في عداد المطلقات، تحول دون حدوث ذلك، ولم تجد صعوبة في الاحتفاظ بالبيت وزوجا خانعا بخضع لأوامرها، موجها وفقا لمصلحتها الشخصية، فمنصبها والحفاظ عليه، هو الأول في حياتها، ومن ثم بيتها وزوجها. تفجرت ذروة الرواية حينما توفي فارس، وقد كتب ورقة اعتراف لأخيه، بأنه قتل زوج منى الجديد المهندس احمد، وقتل زوجته ناهد بالسم البطيء.  وأظن أن الاقبال على القتل يتوج النزعة القبلية فيهم. سؤال، لو لم يمت فارس وبفترة قريبة من قتله للآخرين، كيف ستبدو النهايات؟ وهل الحدث كما رسمته الكاتبة قدرا لتنهي حكاية حب لبداية جديدة، محورها اظهار القوة السلطوية القبلية، ذات النسب والمال المتوازية مع ( السلطة الاقتصادية) عند آل سالم، وتحكمها في السلطة السياسية، فهل هذا ما قصدته الكاتبة؟ ام تريد اعلامنا أن السلطتين السياسية والاقتصادية يقتلان كل ما يعيق طريقهما نحو الوصول لتحقيق مصالحمها الخاصة أكثر من المصالح العامة؟ أم أزاحت لنا الستار عن الحقيقة التي كانت وما زالت مستشرية في مجتمعنا..ألا وهي سيطرة المجتمع الذكوري سيطرة قوية.. ولو بدت لولهة سيطرة العنصر النسائي وتوليها أعلى المناصب في الرواية؟ بدت أهداف الشخصيات في الرواية أهداف شخصية أكثر منها وطنية.. حتى عندما قارن وحيد زمن جده الذي حجم الحاكم، في المقابل رأى تهميشا وتحجيما لدوره هو أمام تسلط زوجته، وسيطرتها على البيت، وسيطرتها على أهله وكسبهم إلى جانبها، وخاصة فارس الذي استطاع في النهاية قتلها..لأنها بدأت تكشف تورطه بقتل المهندس.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. كيف بدأت ناهد تتكشف خيوط جريمة فارس في قتل المهندس؟ هل أصبحت محققة أم منصبها كوزيرة خولها للتحقيق في الجرائم؟ لم تشر الكاتبة إلى ذلك، بل ظل الغموض واضحا في اختفاء المهندس حتى النهاية، مما أضاف للرواية تشويقا وتساؤلات يحسب للكاتبة.. نهاية القصة حول علاقة وحيد ومنى كانت مشروطة، بتعرف منى على قاتل زوجها مقابل زواج حلم به الاثنان يوما ما، وظل حلم الارتباط بسيطر على وحيد.. إلا أن قطعت العلاقة، بقول منى هذا الرجل لا أعرفه..  تعتبر عودة وحيد لمنى بغير الدليل الذي وعدها به.. تغييرا في مكنوناته الشخصية، فقد اصبحت شخصية قوية جديدة ..متماسكة ومتعمدة الابقاء على السمعة الطيبة لآل سالم، والمجد الاقتصادي الذي سيلحقه مجد سياسي وذلك بترشيح نفسه للحكم.. وربما يكون ذلك التحول من شخصية ضعفت أمام تحكم النساء، إلى تقوية النزعة القبلية في دواخله التي ردته إلى خيامها الملوثة بالدم.  ..لو تناولت الكاتبة حدثا سياسيا مهما..لأقنعتنا بالفكرة التي تبنتها حول شخصية ناهد، وسفرها هنا وهناك، وأخذها من باب بيتها في منتصف الليل لأمور مستجدة، واتصالها بزوجها من مكتبها لتخبره أنها ستسافر لأسابيع خارج البلاد.  لجوء الكاتبة الى أسلوب السجع. في سردين مختلفين في الرواية، أحدهما ص75 ( اتق الله الذي اعطاك.. وبالمال احياك..ولا تجعلني من ضحاياك)..  جاءت أحداث الرواية مرتبة تحت أرقام.. كل رقم كون الأحداث بكل بساطة وسهولة. امتازت الرواية بالوصف واستعارة التشبيهات الملائمة للنص. وفقت الكاتبة بعدم إقحام أحداث لا تلائم الفكرة المبنية للنص، بل أضافت تميزا للتغيرات الاجتماعية الدخيلة في عالمنا العربي.. وأوقعتنا بسلسلة من الأسئلة التي تثار وفق الأحداث والفكرة المطروحة..  ربما جنحت الكاتبة للخيال في بعض المواقف، وأحسسنا أنها لا تمت للواقع بصلة، كتعرض وحيد وناهد للخطيئة من اللقاء الثاني بينهما، وكأنه لم يكن في قلبه حب لغيرها.. وتركها لخطيبها وأهلها بسرعة وبدون مقدمات..وهنا تاكيد لطغيان مصلحتها الشخصية وعثورها على رجل اقتصاد ثري تنازلت له عن شرفها في لحظات. هروب وحيد خارج البلاد واعتقاد الآخرين بموته، مع أنه رجل أعمال والأضواء والأعلام تكون مسلطة عليه. دور فاطمة الحماة تجاه كنتها ناهد وتقبلها تصرفاتها وغيابها المتواصل عن البيت ليل نهار والتعاطف معها. الشكوى المملة من وحيد في أكثر صفحات الرواية. ودور الأم في رعاية الأرض، واعتراف الأولاد بتعبها، وأنه آن الأوان لتستريح بعد أن قبلت منى العمل في الأرض مع عملها، وإقناعها بذلك العمل. كيف يكون ذلك؟ مع أن آل سالم بيدهم القوة الاقتصادية ولديهم المال والجاه، لم توضح الكاتبة لنا هل كانت الأم تدير شؤون الأرض من خلال سلطتها على الأملاك أم تواجدها مع المزارعين والموظفين؟ ميدانيا أم إداريا.. وذلك مدعاة لأن تكون مثقفة، ولكن النزعة القبلية تجرها في مواقف كثير، فقد كانت دائما تذكر وحيد بان ما يقوم به ليس من أفعال آل سالم. وفقت الكاتبة بعرض الأحداث وعمقها وعذوبة كلماتها وأسلوبها الشيق وتبنيها لفكرة التغيير الاجتماعي، وطغيان المصالح الشخصية على المصالح الوطنية.  الحبكة النهائية للرواية كانت مشوقة.. وامتازت بلغة راقية فيها الكثير من السلاسة والوصف والعواطف الملائمة للحدث أو الحالة العاطفية..  والسؤال الذي يطرح.. هل النزعة القبلية والتحكم الذكوري السلطوي أوصل فارس إلى قتل ناهد التي تفوقت مركزا وشهرة على آل سالم؟ أم احساسه أنها عرفت بجريمة قتله للمهندس فقتلها؟

وكتبت نزهة أبو غوش:

في رواية " هذا الرّجل لا أعرفه" للرّوائيّة المقدسيّة دِيمة السّمّان خلقت الكاتبة صراعًا حقيقيًّا ما بين شخصيّات روايتها؛ كي توصل لأذهان القارئ فكرة أساسيّة تعيشها مجتمعاتنا العربيّة خاصّة، وهي النّزاع على السّلطة والتّمسّك بكرسيّ الحكم و" الغاية تبرّر الوسيلة".

عاش بطل الرّواية وحيد سالم صراعًا مريرًا ما بين حياته الشّخصيّة الاجتماعيّة، وبين حياته الاقتصاديّة والسّياسيّة. ظلّ متمسّكا بحبّه القديم للمهندسة الزّراعيّة منى رغم زواجها بغيره وتخليها عن حبّها له، في الوقت نفسه تعلّق بحب جديد لناهد الّتي مارس معها الخطيئة قبل الزّواج.

هذه العلاقة خلقت في نفسه صراعا قويّا لم يقدر على الخلاص منه. نرى بأنّ وحيد في الرّواية خلق لنفسه أزمة جعلته يعيش حياة صعبة ينقصها الحبّ والاستقرار. تزوّج بفتاة دون تفكير أو تخطيط، بل كان زواجه تغطية لغلطة قام بها مع الفتاة ناهد الّتي لم يعرفها مسبقا.

شيء آخر أوقع به وحيد بأزمة، وهو الصّراع على السّلطة. من سيكون المسيطر في البيت، المرأة أم الرّجل؟ وهل يقبل سلطة المرأة وجاهها ومركزها الاجتماعي والسّياسي كوزيرة مهمّة لا يستغنى عنها في موقعها السّياسي؛ أم يثور ويحتجّ ويطلب حقّه كرجل في المجتمع الشّرقي؟ أم هي قضيّة انسانيّة بحتة لرجل أراد الحبّ والاستقرار وبناء عائلة ذات ركائز سليمة، منعت تحقيقها امرأة ذات مصلحة ماكرة لعوب؟

هنا نجد بأنّ الكاتبة السّمّان قد طرحت قضيّة حقيقيّة تواجه مجتمعاتنا العربيّة خاصّة، الصّراع ما بين الذّكورية وبين الأنثى على السّلطة؛ وهذه بحاجة إِلى نقاش ودراسة عميقة أكثر.

ظلّ الصّراع مستمرّا خلال مراحل الرّواية مع باقي شخصيّاتها. هل تقبل عائلة آل سالم وضع الزّوجة السّياسيّة ناهد ونفورها من حياتها الأُسريّة مع ابنهم وحيد؛ أم ترفضه وتقف بجانب الابن؟

بدا الصّراع واضحًا بين أفراد الأُسرة، هل يقفون جانب الابن أم الكنّة؟ حيث وقفوا جانب الزّوجة؛ خوفا على اهتزاز مركز الأُسرة أمام النّاس وبقاء اسم عائلة آل سالم مرموقا في المجتمع؛ وربّما ايضا خوفا على أنفسهم من المكانة السّياسيّة الرّفيعة الّتي تحملها كنّتهم!

موقف الأخ فارس كان واضحا، وهو رفض تصرّفات الأخ وحيد ووقوفه جانب زوجته، حيث أظهرت أحداث الرّواية، حبّ هذه الشّخصيّة للمصلحة وحبّه للارتقاء على أكتاف الآخرين، وخاصّة زوجة الأخ.

ظلّ الصّراع دائرا حتّى نهاية الرّواية. الحبّ القديم، أم الاستقرار الّذي لم يتحقّق؟

محاولة وحيد التّقرّب أكثر من منى حبيبته الأولى بعد مقتل زوجها المهندس لم تحظ بالنجاح؛ لأنه هو المتّهم في القتل.

معرفته بأنّ أخاه فارس هو القاتل جعلته يعيش صراعا أقوى. هل يسلّم القاتل للعدالة ويحظى بحب منى، أم يرضخ للنّزعة القبليّة في حبّ السّلطة والجاه حسب وصيّة الجد؟

لقد غلب الخيار الثاني وهو السلطة والكرسي السّياسي على الخيار الأوّل

حيث تحوّل وحيد من رجل اقتصادي معروف إِلى ترشيحه لنفسه كرجل سياسي؛ وكان في نظر منى" هذا الرّجل لا أعرفه".

وقال د. عز الدين أبو ميزر:

( هذا الرجل لا أعرفه ) للأديبة المتألّقة ديمة السّمان .لا بصفتي كناقد أدبيّ أو ناقد سياسيّ أو فيلسوف اجتماعي. بل كقاريء يزعم أنه يتذوّق الأدب ويطرب للكلمة الحلوة وتجذبه الجملة البليغة إذا جلست مبتسمة في مكانها الذي يليق بها وما خلقت إلا لأجله فتعطي النتيجة المطلوبة منها تأثيرا في عقل وقلب القاريء والمستمع عندما توجد عنده الدّهشة وتولّد الإنبهار، واللهاث جاهدا للإنتقال من لذّتها الى لذّة أخرى طمعا في لذّة تكون أطعم وأوقع في في النّفس ولها أثرها الكبير في العقل والقلب. استطاعت الكاتبة في روايتها الأدبيّة هذه أن توائم بين شخوص روايتها والذين لا يتعدّى عددهم عدد أصابع اليد الواحدة إلا بواحد أو اثنين. ولا أعني بالمواءمة المطابقة فقد كانوا جميعا كالرّيح المتقلّبة لا تستقرّ على حال. فهم أهواء متضاربة ومتنافرة في أحيان كثيرة رغم الرّومنسيّة الًتي أضفتها الكاتبة بلغتها الأدبيّة الجميلة على بعض شخوص روايتها والبعيدة عن الابتذال الى القسوة أحيانا دون جرح ولا خروج عن اللياقة والأدب في مواقف القسوة وعدم الإتزان احيانا في الحكم على الأشياء، لتضارب أهوائهم. كل ذلك بلغة فيها من الذّوق الرّفيع ما فيها، ومن جمالٍ وحسن اختيار للكلمة والجملة الأدبيّة ما يجعل القاريء المتذوّق للأدب وعذوبة اللفظة وخصوبة المعنى وشموليّة الانطباع يستدل بكل سهولة على مدى وسعة اطّلاع الكاتبة من جهة، وعلى مقدرتها وتمكّنها من الصّياغة المحكمة لكل فقرة من فقرات روايتها، بأسلوب جميل فيه من شدّ انتباه القاريء والتشوّق لكشف ما هو بعد، والتي تجذبه إليه ولا تبعده عنه او تنفّره منه. وكذلك المواءمة بين السياسة التي هي فن الممكن وفيها ما فيها من مصالح وخداع وذكاء يميل للشر أكثر بكثير من ميله للخير والذي إن وُجد فلا يكون إلا طعما لشيء آخر فيه تحقيق مصلحة أكبر وربح أوفر. رغم سعة اطّلاع الكاتبة النفسيّة قراءة وتجربة إلا أنّها لا تخرج عن كونها أنثى وهي في وصف دقائق أحاسيس بنات جنسها وطريقة تفكيرهن في أمور كثيرة أدقّ وأبرع وقد استخدمت ذلك بكلّ حرفيّة وذكاء. أما بالنّسبة للرّجل فمالت في تحليل نفسيّته الى آراء بعض الرّجال ببعضهم وهم الى الحقيقة أقرب ولكنّ الفارق أنّ شخوص كل كاتب والبيئة التي تحيطه ويعيشها ويكتب عنها تختلف من واحد لآخر. وكذلك كاتبتنا لم تخرج وتنسلخ عن جوّها ومحيط بيئتها. ختاما أبارك للكاتبة المبدعة السيّدة ديمة السّمان إصدارها وروايتها ( هذا الرّجل لا أعرفه ) مع أن كل الرّواية تدور حول هذا الرّجل بكل أحوال حياته وتقلّباتها العاطفيّة والنّفسيّة والماليّة وتضارب النّزعات الانسانيّة فيه من خير وشَرّ تدل دلالة واضحة على عكس ما جاء في العنوان. فهذا الرّجل تعرفه جيّدا بكل ما فيه من خبث وطيبة وذكاء وبلادة واندفاع وجرأة حتى على الحقّ وخنوع وضعف وقد قامت بتعريفنا عليه جيّدا جدّا. شكرا للكاتبة العظيمة ومبارك لها إصدارها مرّة أخرى وأشد على كلتيّ يديها مهنّئًا ومشجّعا.

وقالت سوسن عابدين الحشيم:

الرّواية تحكي قصة شاب خذلته حبيبته وتزوجت من غيره لعدم قبوله الزواج منها حتى ينهي تعليمه الجامعي ويصبح مهندسا معروفا ذا صيت وشهرة، تتوالى الاحداث ويتزوج من فتاة اعلامية طموحة تصل الى الشهرة والمجد ولكن على حساب بيتها وزوجها، وتصبح وزيرة لها مسؤوليات جمة وسفريات كثيرة تتركه فيها وحيدا لفترات طويلة. أبدعت الكاتبة في توظيف الشخوص واستخدام الحوار الذي زاد من عنصر التشويق، اللغة كانت سهلة وبسيطة تناسب الحياة الريفية التي يعيشها الشخوص باسثناء زوجة البطل والذي اختارت الكاتبة اسمه وحيد لشعوره بالوحدة اثناء أحداث الرواية. اتجهت الكاتبة الى تسلسل الاحداث بشكل يوحي للقارئ انه يحضر فيلم او مسلسل يتخيل فيه الاسخاص وانفعالاتهم وتفكيرهم وحركاتهم ومشاعر الغضب والعاطفة التي سيطرت عليهم. ركزت الكاتبة على العاطفة لبطل الرواية وحيد الذي يعيش في صراع دائم بين الوفاء والاخلاص لزوجة لا تأبه به وتتجاهله لاهتمامها الكبير لعملها وبين خيانته مع حبيبته السابقة وحبه الاول، كانت هذه حبكة الرواية، حيث كان لوفاة زوج حبيبته وانتقالها للعيش عند اهل زوج اختها وهم اهله الذين احتضنوها مع طفليها واعتنوا بها لانها أرملة الاثر الكبير في تأجج العاطفة لديه ورجوعه الى حبه الأول. الكاتبة هنا تعرض قضية اجتماعية تثير الجدل بين عمل المرأة خارج البيت وتأثيره على نجاح الحياة الزوجية تثير بها بعض الاسئلة في هذا المجال، هل عمل المرأة يؤثر فعلا على العلاقة الزوجية او هل الزوج له حقوق وعلى المرأة اعطاء كامل حقوقه مع انها لها عملها ووظيفتها؟ هل يحق له الخيانة لانها مشغولة عنه؟ تتسلسل أحداث الرواية باتخاذ قرار بعد تفكير عميق من وحيد للتخلص من زوجته بعد طلاقه منها والرجوع اليها بشروطها الابقاء على علاقتهم الزوجية صوريا امام الناس فقط لعدم المساس بمركزها الرفيع كوزيرة ، يسافر بعيدا لمدة ثلاة اشهر يجوب الدول الاوروبية لاحضار بدله الزفاف لحبيبته وهدايا لحبيبته ليفاجئها بقراره الزواج منها، يرجع وحيد ولكن يصاب بخيبة امل اخرى بعد زواج حبيبته منى من مهندس طموح يصل الى المجد والشهرة بنجاح المشروع المشترك بين منى ووحيد والذي كانت شراكتهما سرا لا يعلمه احد..هنا ينهار وحيد ويرجع الى زوجته مكسورا ومنهزما في معركة الحياة التي يعيشها حب لحبيبته لم يعرف التخلص منه وحب لزوجته التي لا يقدرها لبعدها عنه، كانت نهاية الرواية مفاجئة جدا للقارئ وغير متوقعة ، نهاية مأساوية تدخل القارئ في دوامة الحيرة لماذا انهت الكاتبة بهذه النهاية المؤلمة وفاجعة القتل المتعمد من قبل اخيه الرئيس فارس ليقتل زوج حبيبة اخيه المهندس أحمد زوج منى ، وقتله لزوجة اخيه الوزيرة هند بسم بطئ لكي يحافظ على مركز العائلة الكبير ومجد ال سالم بالبلاد .. كما انهت الكاتبة حياة الاخ فارس باسقاط طائرته وبوفاته ووفاة زوجة وحيد الوزيرة هند دمرت حياة البطل انتقاما لافعاله وعدم تقديره لجهود زوجته ونجاحها الباهر في الحياة. تنقلب الاحداث على وحيد وتتهمه حبيبته بالقاتل لزوجها ولكن برسالة وصلت الى وحيد بعد وفاة اخيه فارس يعترف فيها انه هو من قتل زوج منى وهو من خطط لقتل زوجة اخيه لانها كانت ستعرف وتتحرى عن الجريمة اذا كان زوجها هو القاتل ام لا ، تنتهي الرواية باقناع وحيد لحبيبته منى انه برئ من دم زوجها وانه ان الاوان ليلم الشمل ويتزوجوا ويعيشوا في هناء وسعادة ويذهب ليحضر دليل براءته الرسالة واعتراف اخيه بجريمته ، لكن عاطفة التشاؤم التي تخيم على وحيد طول الرواية تمنعه من اعطائها دليل البراءة ويصبح رئيسا بدل اخيه ويتخلى عن حبه الاول منى فيتركها ويتجه الى المركز والرئاسة ليحافظ على مجد ابيه الشهيد واجداده الاشداء ، فلا يريد ان يبيع مجدهم بحبه ... يترك منى سر ضعفه وانكساره ليحتفظ بالقوة وتنتهي الرواية.

وقالت رائدة أبو صوي:

رواية (هذا الرجل لا اعرفه) للروائية المقدسية ديمة السمان كانت بمثابة نافورة مشاعر فجرتها الأديبة السمان.

نجحت السمان أن تتقمص شخصية بطل الرواية وحيد، حيث يظهر ذلك جليا وتضحا من خلال "المونولوج" الذي جاء على لسانه.

محطات عشناها مع الرواية:

سوداوية الفراغ الداخلي في اعماق بطل الرواية تظهر على غلافها فاحم السواد، وتدفق المشاعر تظهر باللون الاحمر الذي كسر حدة هذا السواد.

عشنا ملحمة، فيها اسرة ارستقراطية لها نفوذ . عشنا صراع بين الجاه والمال والمشاعر. شعرنا بتأنيب ضمير وحيد بسبب حب قديم لا زال يسكنه. وزواجه من ناهد المرأة المتسلقة التي كانت تعمل بالصحافة . تزوجت وحيد وتركت خطيبها.. وجود ناهد في حياة وحيد اضاف شيئا جديدا الى حياته من جهة ووترها من جهة أخرى. شخصية ناهد لم تعجبني ,. هي شخصية مريضة نفسيا تعمل اي شيء في سبيل الوصول لاهدافها.

 معطم شخوص الرواية كانت من آل سالم. لم يتشتت القاريء بالعكس، عاشها بتفاصيلها مع أبطالها، واستمتع بكل حدث فيها زما تحمله من رمزية وصلت للقارىء بأسلوب سلس. .

 بناء الرواية من البداية الى النهاية مغايرة لما عهدناه في الروايات المحلية . في الرواية تسلسل وتشويق في سرد الاحداث صور خيالية لكنها واقعية . الروائية فتحت ابوابا كانت مغلقة وطرحتها لتثير جدلا مشى مع القارىء من بداية الرواية الى نهايتها . كانت أشبه بكرة ثلج بدأت صغيرة ثم كبرت وفي النهاية ذابت وأطلقت صرخة ( هذا الرجل لا اعرفه ).

وقال ناصر التميمي:

تتحدّث الرواية عن مواضيع هامّة تتمثل في مجتمعنا العربي، ومن أبرزها قضيه عمل المرأة، فهل يحق للمرأة أن تخرج من بيتها وتعمل، أم عليها أن تدفن آمالها وطموحها وتبقي حبيسه البيت، تربي الأطفال وتعتني بالزوج؟ هل يفقد الرجل رجولته عندما تكون زوجته عاملة؟ هل غياب الزوجة عن الزوج ذريعة للبحث عن بديلة لها؟ هل عمل المرأة نعمه للرجل أم نقمه عليه؟ كل هذا يختبئ بين ثنايا رواية هذا الرجل لا أعرفه، وتتجسد في العلاقة بين وحيد سالم رجل الأعمال وزوجته السيدة ناهد رئيسة الوزراء، ويثور جدال ونقاش حول ذلك، فوجدنا سالم غير راض عن زوجته وعن عملها وغيابها المتكرر فيقول في الصفحة١٢٢: كيف تكون ناهد مظلومة والليل في منتصفه، والرجل قابع في البيت والمرأة خارجه؟ متي كان الرجال ينتظرون النساء في البيوت؟ كان وحيد دائم الشكوى، ومن كثرة شكواه أصبح الأهل لا يأبهون بها، وانتهي الحال بين وحيد سالم وناهد بالطلاق واختفاء وحيد سالم دون أن يخبر أحدا، وإخفاء أمر الطلاق من قبل ناهد خوفا على مكانتها المرموقة حيث أنها قامت بأعمال الشركة في فتره غياب زوجها، ولم تترك بيتها، أمّا مني تلك العشيقة التي كان يتحين الفرص للقاء بها فقد زوجها مرتين؛ لقول مني أنت من زوجتني لأن زواجه منها كان عائقا أمام مصالحه، تصرّف وحيد بعد ما طلق ناهد وغيابه مدة طويلة دون أن يخبر أحدا لا يمت بصلة عن تصرف انسان واع مسؤول، إذ أنه ضرب بمصالحه عرض الحائط، وبأءت آماله بالخيبة بعد ما عاد يحمل الهدايا وفستان الفرح، فوجد العروس في أحضان رجل آخر، فتح باب التحقيق وغياب زوج مني واتهام وحيد سالم بقتله، وغياب الجثة أعطت الرواية عمقا أكبر ، وأن المناصب تبني على جثث الآخرين، أمّا بالنسبة للغة الكاتبة فهي لغة قريبة من القلب، محبببة إلى النفس تشد القاريء للاستزادة منها.

وقال صلاح الزغل:

صلاح الزغل من حيز ليس بغريب علينا من مساحات الوطن العربي كتبت الأديبة "ديمة السمان " الجزء الأول من روايتها هذا الرجل لا أعرفه وكان بعنوان"غفرانك قلبي"عام ٢٠١٥ وأحداث الجزء الثاني لهذه الرواية امتداد لأحداث الرواية آنفة الذكر من الناحية السياسية / الاجتماعية ونجد في هذا الحيز الافتراضي شخوصا تتفاعل مع بعضها البعض بواقعية، حيث لا يشعر قارئ الرواية أنّه غريب عن الشخصيات والأماكن التي أرادت لها الأديبة أن تكون أماكن افتراضية. يستطيع القارئ أن يرى المكان بعفوية وهو يمتد على خارطة الوطن العربي بأحداث وسلوكيات عادية تتلون اجتماعيا وسياسيا. كان الوضع الاجتماعي لهذه العائله متميزا بالدموية، فقد قتل الجد الأكبر للعائلة وأخذ ابنه بثأره، وقام الحاكم بإعدام الابن، ولكن الأبناء استطاعوا بناء عشيرة قوية على أنقاض ما دمر في مرحلة دموية سابقة. تنوعت شخصيات الرواية ما بين الضابط فارس القائد العسكري المتحكم بمن حوله، وكريم التاجر المشهور، ووحيد االمهندس الذي بنى خلال سبع سنوات فقط امبراطورية عقارات وانشاءات ضخمة متحكما في اقتصاد الدولة، وحنان المحامية وعبير زوجة فارس. أمّا الوجه الاجتماعي للرواية فيتمثل في حرية المرأة وممارستها أعمالها ونشاطاتها بحرية، وأول شخصيّة هي الوالدة فاطمة التي تنتمي لجيل الآباء، وبانية مجد وعزة العائلة من عقارات، أبنية وأراض منتشرة هنا وهناك، وهي الداعية إلى أن تكون المرأة ملكة في بيتها مفضلة البيت على العمل كوزيرة، والمقصود هنا ناهد زوجة ابنها وحيد التي سرقتها وظيفةالوزيرة من زوجها، ومسؤولياتها كربّة بيت، وما زلنا نتحدث عن شخصية ناهد التي استطاعت بطموحها أن ترتقي وتحقق النجاح الكبير، وأن تنتقم من حبيبة وحيد وملهمته والتي استطاعت ان تقف الى جانبه عدة مرات. دبرت ناهد لمنى مكيدة الطرد من وزارة الزراعة بحجة العمل الإضافي، واستطاعت لي ذراع وحيد صاحب السطوة والجاه ورجل الاقتصاد الأول، وتلجأ منى للاستقرار في بيت الزوجية والابتعاد عن لعنة وحيد، إلا أنه ظل يلاحقها شاكيا لها همومه من خلال استغلال ابتعاد ناهد عنه وسفراتها الى الخارج بحكم وظيفتها كوزيرة للخارجية، أمّا حنان فكانت مثالا للملجأ الذي يأوي إليه الجميع لحل مشاكلهم. هناك جدلية كبيرة في علاقة وحيد مع زوجته ناهد وحبيبة صباه منى، ولكنه استمر بمعاملة منى وكأنها دمية يلعب بها ويرميها ثم يعود إليها عند الحاجة. وإذا ما عدنا إلى سلطة العشيرة والتسلط وبسط النفوذ، فبعد أن كنا نرى فارس ضابطا شجاعا انقلبت شجاعته الى حقد دامٍ أدّى الى مقتل زوج منى، والتخلص من ناهد بجرعات من السّمّ؛ كي لا يكشف سرّ وفاة احمد زوج منى الذي قتل، وألقي في بئر مهجور، هذا هو الوطن العربي وحكم العائلات القبليّ، وحكم القمع والعصا بدون جزرة، لقد استطاعت الروائية والأديبة ديمة السمان أن تشرح عملية تداول السلطة في الدول العربية معترفة على لسان وحيد سالم "ملعونة مراكز الحكم التي تقوم على جثث الآخرين"ص٢٠٢، لقد غاصت الأديبة في أعماق النفس البشرية محاولة ايجاد تغيير ايجابي من خلال أحداث درامية واقعية موثرة وموجعة أحيانا، رومانسية جميلة أحيانا أخرى، استطاعت الأديبة أن تتحدث بصوت الرجل على لسان وحيد سالم، وأن تتحدث بلسان الأنثى بنجاح تام.

و نتهت الرواية حيث بدأت فكان عنوان الرواية للكاتبة ديما السمان قد أخذ اللون الأحمر وهو نفس جملة النهاية "هذا الرجل لا أعرفه" ربما كان هذا افضل عنوان لرواية لا تتغير فيها الأسماء وإنما تتغير فيها النفس البشرية سعيا وراء الجاه ، إسم العائلة، المال والمناصب العليا. قد تتغير المشاعر ويتحول الحب إلى إستغلال وطريق للوصول لأهداف نرجسية ومادية بحتة. رواية تتصف باللامكان واللازمان ؛ حيث تركت مساحة للقارئ لتخيل الشخوص ، المكان والزمان . تعكس الرواية واقع اجتماعي بحت قد تواجهه مجتمعات مختلفة منها المجتمعات العربية كالبرجوازية ، السلطه والهرمية جميعها تمتاز بها مجتمعات مختلفة ولكن بطرق مختلفة. ركزت الكاتبة في الرواية على علاقة الرجل بالمرأة التي تسود معظم مجتمعاتنا والتي تتميز بالسلطه حتى وإن كان يكللها الحب، فقد يزيد أسر المرأة في سلطة الرجل كلما زاد حبها له مستغلاً بدوره صدق حبها، ولكنها سرعان ما تتحرر منه عندما تبدأ تحركها قوة الإرادة والعقل متغلبة على المشاعر التي كانت تقودها اليه ليشبع حاجاته . ذلك الرجل يقع بين امرأتين، إمرأه يصل من خلالها الى السلطه ولكنها لا تحبه ولا يحبها، وإمرأه يكون قد اسره حبها في الصغر وظل يلاحقه ذلك الحب حتى بعد زواجه من تلك التي لا تملك سوى الدهاء، المكر ، الغيرة والغرور على الرغم من المناصب الوزارية العالية التي وصلت إليها؛ لكنها لا تتحرر من تلك المشاعر السلبية لوعيها الداخلي أنها بحاجة لذلك الرجل كوجه إجتماعي ليس إلا ، مدركة أن قلبه ليس معها. يضعه هذا الوضع في حالة تخبط عاطفي وتوهان نفسي بين ما يريد وبين ما لا يريد. هذا الرجل اسمه. وحيد ولكنه ليس الوحيد في المجتمع الذي يحمل الصفات السابقة بل هو ضحية ونتاج لما زرعه مجتمعه فيه دون تفكر أو تأمل فكان يسير في ركب القطيع ويلبس لباس العادات والتقاليد المتوارثة أبا عن جد بحلوها ومرها . ندم على انه لم يكون شخصيته المتفردة ولكن بعد. فوات الاوان وخسارته لحبه الحقيقي. قالقتل هو أحد مكونات الرواية يدل على ضعف النفس البشرية أمام مغريات الحياة والسلطة وهذا ما نراه جليا في جميع دول العالم فالقتل أصبح لغة لإضعاف دول وإحتلالها ونهب خيراتها. التسلق والخداع للوصول الى مناصب عليا أحد مكونات الفساد الذي يسود المجتمعات . عمل المرأه خارج المنزل وداخله ايضا لا زال موضوعا جدليا وعالقا. تقدم المرأة وحصولها على مراكز تفوق الرجل يضع الرجل في دائرة من الشك في رجولته ؛ لانه قد يفقده سلطته على المرأة ويلغي تبعيتها له، فهي عندما تكون مكتفية ذاتيا وماليا بالتحديدعوامل الانفصال تكون أسهل بالنسبة لها من إمرأة ليس عندها إكتفاء مالي. أما المُحبّة تضع حدا لهذا الحب على الرغم انه لم يتغير لديها، لكنها تكتشف مدى غربتها عن هذا الرجل مع مرور الوقت ، فتزداد المسافة والبعد ذلك البعد النفسي الذي ولدّته نزواته وحاجاته ونرجسيته. نشكر السيدة الفاضلة ديما السمان على هذه الرواية التي أثارت مواضيع إجتماعية جدلية لازالت تعاني من آثارها الشعوب وتدفع ثمنها الأجيال .

وشارك في النقاش من خلال مداخلات قيمة كل من: محمد يوسف القراعين، ماجد الماني، عبد الشويكي، هدى الخوجا، سهير زلوم، رندة شرف، فايز عبد اللطيف، زياد القيمري، ماجدة صبحي والطفلة المبدعة ابنة التسعة أعوام روعة ناصر التميمي.

وسوم: العدد 783