الباحثة صبرينة جعفر تقدّم "أرض الحكايا" لسناء الشعلان في الندوة الوطنية في الجزائر

clip_image002_c92ec.jpg

سناء الشعلان

clip_image004_d0256.jpg

صبرينة جعفر

clip_image006_0400f.jpg

قدّمت الباحثة الجزائريّة صبرينه جعفر دراسة نقديّة عن المجموعة القصصيّة  " أرض الحكايا" للأديبة الأردنية ذات الأصول الفلسطينيّة د.سناء الشعلان،وذلك في النّدوة الوطنيّة الجزائريّة : التّلقي والتّأويل بين سلطة القراءة وفضاء المشاهدة " التي عُقدت في جامعة محمد بوضياف في المسيلة في الجزائر بالتّعاون بين مخبر سيميولوجيا  المسرح بين النظرية والتطبيق و كلية الآداب واللّغات في الجامعة.وقد عُقدت النّدوة تحت رعاية الأستاذ الدكتور كمال بداري مدير جامعة محمد بوضياف بالمسيلة.

وقد قدّمت الباحثة صبرينة جعفر ورقة بحثيّة بعنوان : " السرد الغرائبيّ في القصة القصيرة النسائيّة بين الجماليّة والتأويل: أرض الحكايا لسناء الشعلان"،وقد ذكرت في معرض ملخّص الورقة : القصة القصيرة من الأجناس الأدبيّة التي أخذت قسطا كبيرا من التجديد على المستويين الشكلي والمضموني، الشيء الذي يجعلنا أمام تساؤل كبير، فهل قارئ القصة القصيرة في حلتها الحداثيّة الجديدة يملك الآليات والاستعدادات الكافية لتلقيها وقراءتها قراءة صحيحة وتأويلا صائبا للوصول للمعنى المنشود فيها؟ أم يعجز عن حل شفراتها فيبقى مكانه على هامش وحافة النص؟ وهنا تفقد الحلقة بين القاص/المتلقي.

المجموعة القصصيّة **أرض الحكايا** للقاصة سناء شعلان تكتنز الكثير من الترميز والغموض والتشفير معتمدة في ذلك باقة من الأدوات الإجرائية لإنشاء عوالمها القصصية الحداثية، فسمة الغرائبيّة كست مجموعتها هذه.

التجريب والتجديد شيء جميل وأمر مقبول ولكن الذي يحدد ذلك القارئ/ المتلقي، فيا ترى ماهو حظ هذا الأخير في مجموعة القاصة سناء شعلان؟ "و

وذكرت الباحثة صبرينة حعفر في ورقتها البحثية : " تحـــــــــــليل ومنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاقشة: كان للمرأة العربية المبدعة الحضور القوي في المجال الأدبي، خاصة التجارب المتنوعة ونقلتها في قوالب متعددة، والقصة القصيرة إحداها عاكسة لنا جماليات الكتابة النسائية.

"فالقصة القصيرة شأنها شأن الرواية أو أي عمل أدبي آخر تتجاوز حقل الأدب بمساعدتها لنا على إدراك الحقيقة، وهذا الإدراك قد يحتاج إلى تجاوزات في البنى السردية وإيجاد صيغ جديدة للقول، وعندها يصير التغير في شكل البنى السردية تعبيرا عن الحرية أو الوعي الذي يقول عليه في بناء نسق سردي يتمتع بالحيوية والاستيعاب وأدوات الخطاب غير المكررة التي تشحذ الإدراك، وتعلي من قيمة الخيال الذي ينتقد الواقع ويتهم زيفه"[ii]. قد عكست لنا وجها جديدا للقصة القصيرة في حلتها الحداثية المصبوغة بفعل التجريب في شتى المستويات.

"فالقصة القصيرة في الأردن نالت نصيبا كبيرا من التجديد على مستوى الشكل والمضمون ومن أبرز أشكال التغيير على مستوى الشكل، التجاوز التقليدي للبنى السردية التقليدية، وقد ساعدت على هذا التجديد مجموعة من العوامل على رأسها نضوج مواهب إبداعية أخذت على عاتقها مهمة التجديد، فضلا عن استعداد القارئ لقبول أشكال الحداثة والتجديد والتطوير مهما بالغت أو تطرفت في القصة القصيرة"[iv].

إذا وفق القارئ في قراءة النص القصصي الحداثي قراءة صحيحة معنى ذلك قد توصل إلى الفهم المنشود وهو ضرب من أضرب التفسير والتأويل فلا تأويل بدون فهم ولا فهم بدون قراءة واعية وتلقي صائب لأن "فعل التلقي....هو فعالية تجاوبية تفاعلية بين النص والمتلقي، وبين المتلقين أنفسهم....ومن هنا كان اهتمام ياوس بتجربة المتلقي الفعلي أو العادي نابعا من هذا الفهم لفعالية التلقي إذا النصوص لم تكتب ليقرأها فقهاء اللغة، بل إن الأمر يقتصر في المقام الأول على تذوقها، أما التأويل التأملي فهو نشاط يأتي متأخرا ومن شأنه أن يستفيد كثيرا إذا ما استحضر تلك التجربة المباشرة التي سبقته، وبهذا المعنى فإن عملا أدبيا قد يشكل ضربا من ضروب التلقي ونوعا من أنواع القراءة لنص من النصوص"[vi].

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، ما هو القص الحداثي وما هي الحداثة؟.

يجيبنا (مالكم برادبري) قائلا: "القص الحداثي هو التحليل والتأمل والهروب والخيال وإطلاق العنان للأحلام وهو ينبع من مشكلة أن عالم الواقع ليس وحده الذي أصبح غريبا عن ذات الإنسان بل إن الذات نفسها أصبحت مشكلة بالنسبة لذاتها وكثيرا ما يغرق قص الحداثة في الأسطورة.... والحداثة إعادة نظر في المرجعيات والقيم والمعايير وهي رؤيا جديدة وتعبر عن المقلق والعجائبي والمثير...." [viii].

ويقول الكاتب شاكر في نفس المقام "إن كتاب (أرض الحكايا) يتكشف في سلسلة حكايات تكتنز بطاقة التلغيز والترميز والغموض الذي يشهد حساسيته الجديدة في ميتا سحرية اللغة والمعنى ويقترح للسميائية تؤول إلى مقتربات جمالية عالية في اللغة على وتر المغامرة الجمالية وتعددية البنى النصية"[x].

نجد طائفة تفصل بين الغريب والعجيب حيث حدد "-جنس الغريب: إذا قرر القارئ أن قوانين الواقع تظل سليمة وتسمح بتفسير الظواهر الموصوفة.

-أما جنس العجيب: إذا قرر أنه ينبغي قبول قوانين جديدة للطبيعة يمكن تفسير الظواهر بها"[xii]. فالقارئ هو سيد الموقف يحمل النص إلى بر الأمان عن طريق تفاعله الإيجابي وتلقيه الفعال له.

وفي موضع آخر نجد من جمع بين مفهومي الغريب والعجيب حيث "جاء بهما مقترنين معا لاعلى سبيل التساوي في المعنى كما يزعم البعض وإنما على سبيل التمييز بين المتتابعين وكأن الأول (الغريب) لا يفي بالغرض فجيء بالثاني (العجيب) زيادة في المعنى وتعميقا للدلالة وتحقيقا للخصوصية المبتغاة"[xiv].

*مجموعة (أرض الحكايا) وبعض أدواتها الإجرائية الغرائبية:

1-العـــــــــــــــــــــــتبات النصية:

"يقول المثل المغربي (أخبار الدار على باب الدار) ولا يمكن للباب أن يكون بدون عتبة. تسلمنا العتبة إلى البيت، لأنه بدون اجتيازها لا يمكننا دخول البيت. ما أكثر العتبات وما أصعب اقتحام أي فضاء دون اجتياز العتبة، العتبة فضاء"[xvi].

فسمة الغرائبية تظهر للوهلة الأولى في عناوين المجموعة (أكاذيب البحر، الجدار الزجاجي، الطيران على ارتفاع 1000 دقة قلب، اللوحة اليتيمة، الشيطان يبكي، سداسية الحرمان) فهذه العناوين تكسر أفق تلقي القارئ ولكن في الوقت نفسه تشوقه وتحفزه إلى معرفة المعنى الخفي فيها.

"فالقارئ يلتمس الحافات الحادة للنص الحكائي ابتداء من بنية العنونة الموسومة قصديا –أرض الحكايا- إلى منظوماتها القصصية للنصوص التي تنتقل من القوى الكامنة للنفس المثيرة بأحلامها ومقاصدها ورغباتها إلى مد جسورها الخفية مع العالم"[xviii].

فالقاصة تعمد على اختيار اللحظة الحاسمة في القصة وتسعى إلى تقديمها بطريقة خيالية فنتازية مما يعكس لنا غرائبية الشخصية في مجمل أعمالها. ففي قصة (المارد) تقول: "عندما فتح قمقمه النحاسي، لم يصدق أنه يرى النور لأول مرة منذ أربعة آلاف سنة. فتح عينيه بتثاقل، زفر بشدة. فثار الغبار في رئتيه، اضطرب بقوة، خرج من القمقم بنزق على شكل دخان جهنمي، ثم استوى ماردا عظيما......

طوح بالقمقم بعيدا في البحر –أحد بعد ذلك لم ير المارد. إلى  أن نعاه البحر لأمواجه، لكن أسماك البحر سمعت صوت سكرات موته فقد تحطم قلبه العاشق وغدا ألف شظية على يدي الإنسية الجميلة"[xx].

ففي قصة أكذوبة الأمواج تقول: "البارحة كتب لخاتون خطابا أصفر.... من جديد أرسل خطابا أحمر ...على عجل لبس خاتم الزبد بمساعدة أمواج البحر ...كان مقامه تماما....فأرسل لها خطابا أخضر..... حملت الأمواج رجاءه وهي تشعر بغيظ غريب وسرعان ما لفظته مع القيء المفاجئ الذي داهمها...." [xxii].

منذ الوهلة الأولى تعلن القاصة البعد الغرائبي لإهدائها سواء في عنوانها، أو في محتواه وكان على النحو التالي:

"إهداء مسروق....

إلى سليل الأساطير والعمامات السوداء الذي سافر ولم يعد بعد أن كتب على عجل على بوابة صحرائها:

كانت مدينة القحط طيلة سنوات ثلاث مدينة لا تطاق.........

لكن عينيك صيرتا القفر واحة يهوى القلب إليها...." [xxiv].

وفي بناء عالمها القصصي شخوصها تصدر أفعالا لا منطقية تجنح إلى الفنتازيا والخيال أكثر من الواقع وهذا ما يخلق لدى القارئ الدهشة والصدمة وكسر أفق توقعه وهي تحمل شخصياتها ضربا من الحيرة والشك والاضطراب والفزع.

وتجسد الغرائبية أيضا في أن قصصها تبدأها بالخاتمة تاركة القارئ في صراع نسج واسترجاع وترتيب الحوادث في ذهنه، وهذا ما نجده في قصة اللوحة اليتيمة.

"إلى روح طارق العساف الذي ابتلعه الماء، ويتم لوحته".

ثبتت على واجهة مخملية بارزة الأضواء المسلطة عليها أبرزت أحزانها ووحدتها.....بحزن خاص يناسب خطوطها السوداء التي تحاصر بقعا لونية صفراء يتيمة في حداد أسود"[xxvi].

-قصة "دقلة النور":

منذ البداية يحيلنا العنوان إلى الرمز الأسطوري المتمثل في الثمرة الأسطورية (دقلة النور).

الجدول التالي يلخص الأحداث:

النص الفني الأسطورة

*رجل ثري.

*أمنية الرجل حمل شتلات النخيل لزراعتها في كاليفورنيا.

*لم تتحقق الأمنية (فشل الزراعة).

*رق قلب المرأة (دقلة نور) للرجل.

*الحصول على دقلة النور المرأة.

*امرأة فقيرة.

*أمنية المرأة للذهاب إلى الحج.

*لم تتحقق الأمنية (ماتت).

*رق الرسول صلى الله عليه وسلم لحالها.

*الحصول على تمور دقلة نور.

[xxviii].

وهكذا أحدثت القاصة أبعادا جمالية بتوظيفها (للأسطورة) منها البعد الفني والثقافي والجغرافي والأدبي والنفسي.

*قصة المارد:

"عملت الكاتبة على اقتباس الشخصية الأسطورية المتمثلة في المارد وكذلك القمقم الذي يعد من الموجودات الأسطورية والقصر وممالك الدنيا الكلمات المقتبسة من حكايات ألف ليلة وليلة وكذلك العدد أربعة الرمز الأسطوري المقتبس من قصة الصياد والعفريت"[xxx].

3-المرجــــــــــــــــــــــــــعيات الديـــــــــــــــنية:

*(قصة الشيطان يبكي): "استفادت القاصة من شخصية الشيطان في قصة (شيطان يبكي) فصورت هذه الشخصية بحلة جديدة هو أن الشيطان الذي كان قد أغرق الأرض شرورا ولم يكف عن إزعاج السماء، أصبح البشر أكثر منه شرورا بعد أن كان معلما للبشر أصبح تلميذا في أكاديمية البشر"[xxxii].

*قصة الباب المفتوح:

"لقد أفادت القاصة كثيرا من الشخصيات الإسلامية التي كان لها دور في إثبات العدالة والحق والصدق، وظفت شخصية (سليمان الفارسي) مستمدة موقفه الواضح في محاسبة السلطان في استغلال بيت مال المسلمين لكي تكون عبرة للسلاطين في هذا الزمان"

[ii]  سناء شعلان، أرض الحكايا، مجموعة قصصية، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي، دار الكتب القطرية، 43، 2007، ص3-4.

[iv]  عبد الناصر حسن محمد، نظرية التلقي بين ياوس وإيزر، كلية الآداب جامعة عين شمس، دار النهضة العربية، 32 بن عبد الخالق ثروت، القاهرة، 2002، ص12.

[vi]  عبد الناصر حسن محمد، نظرية التلقي بين ياوس وإيزر، ص21-22.

[viii]  شاكر مجيد سيفو، القص الغرائبي في أرض الحكايا، صنعاء نيوز، الأربعاء 29 نوفمبر2017-

www.sanaa news.net                          

[x]  لؤي علي خليل، العجائبي والسرد العربي، النظرية بين التلقي والنص، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، الطبعة 01، 1435هـ/2014، ص32.

[xii]  حسين علام، العجائبي في الأدب من منظور شعرية السرد، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، منشورات الاختلاف، الجزائر، الطبعة 01. 1431هـ/2010م، ص33.

[xiv]  الخامسة علاوي، المرجع نفسه، ص32.

[xvi]  عبد الحق بلعابد، عتبات، ص67.

[xviii]  سناء شعلان، أرض الحكايا، ص13-14.

[xx]  عبد الحق بلعابد، عتبات، ص127.

[xxii]  عبد الفتاح الحجمري، عتبات النص، البنية والدلالة، شركة الرابطة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1996، ص26.

[xxiv] غنام محمد خضر، فضاءات التخييل، ص80.

[xxvi]  سناء شعلان، السرد الغرائبي والعجائبي، ص36.

[xxviii]  عبد العزيز بو الشعير، غادامير من فهم الوجود إلى فهم الفهم، دار الأمان، الرباط، منشورات الاختلاف، الجزائر، الطبعة 01، 1432هـ/2011م. ص45.

[xxx]  سناء شعلان، أرض الحكايا، ص100.

[xxxii]  سناء شعلان، أرض الحكايا، ص176-177.

[xxxiii]  الشخصية في قصص سناء شعلان، المرجع نفسه، ص107.

وسوم: العدد 804