زلة الناقد و الأكاديمي الكبير : البحر البسيط يقتل الشعر.. !

تابعت احتفاﺀ الناقد الجزائري الكبير الدكتور عبد الملك مرتاض بإحدى قصائد الشاعرة المصرية المتألقة هبة الفقي و إعجابه ببيتين منها أيما إعجاب.

و لأن القصيدة من البحر البسيط فقد أبدى الناقد الأكاديمي العريق تعجبه إذ كيف تكتب الشاعرة قصيدة رائعة على هذا البحر ؟ لأن رأيه أن البسيط يقتل الشعر ..!!!!

حاضرَنا الدكتور مرتاض في مرحلة الدراسات العليا في جامعة صنعاﺀ عام 1990 م على ما أذكر و كان عددنا محدودا فأنا أعرفه عن قرب ..دمث الأخلاق طيبا متدينا جاحظيا في الأدب وهرانيا متواضعا .

و لكن هذا لا يمنحه صكّ البراﺀة من الخطأ ..

البسيط يقتل الشعر ؟ 

ألم تر شعرا و شعرية تعالي عنان السماﺀ في قصائد الجاهليين البسيطية كرائعة النابغة : 

يا دار مية بالعلياﺀ فالسندِ

أقوت و طال عليها سالف الأمدِ 

أو كرائعة الأعشى : 

ودّع هريرة إن الركب مرتحل 

و هل تطيق وداعا أيها الرجلُ ؟ 

هل أذكر أمثلة أخرى من الروائع طيلة العصور ..من فطاحل الشعراﺀ و عمالقة القريض ؟ 

سأكتفي بذكر أمثلة خالدة كبائية أبي تمّام المجيدة ( فتح الفتوح)  باستهلاله الشهير  لها قائلا : 

السيف أصدق أنباﺀ من الكتبِ 

في حدّه الحدّ بين الجدّ و اللعبِ 

و أذكر أيضا ميمية المتنبي التليدة : 

وا حرّ قلباه ممّن قلبه شَبِمُ 

و من بجسمي و حالي عنده سقمُ 

و أعظم هجائيات المتنبي قصيدته الدالية الذائعة -  هي من البسيط أيضا - : 

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ 

بما مضى أم لأمر فيك تجديد 

و الحقيقة ليس هناك ارتباط بين البحر و مستوى الإبداع في الشعر ..البحر قالب و الشاعر يصب فيه خليطته الفنية فتكون النتيجة تحفة ذهبية أو(  كاتّوهْ ) محروقا بالبلادة ..

أيها الكبار ..تعبتم 

فاستريحوا 

حفظكم الله من زلات اللسان و جنبكم زهايمر الزمان ..

وسوم: العدد 813