قصة المفتاح العجيب في اليوم السابع

clip_image002_07a42.jpg

القدس: 12-9-2019 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس قصة "المفتاح العجيب" لمنصورة "ميسون"محمد التميمي الصادرة عام 2019 عن دار العماد للنّشر والتّوزيع في الخليل-فلسطين. وتقع القصّة التي أبدعت رسوماتها منار نعيرات في 24 صفحة من الحجم الكبير.

افتتحت الأمسية ديمة جمعة السمان فقالت:

الكاتبة تشغل منصب مديرة مدرسة، تتحسس هموم الأطفال وأحلامهم، ارتأت أن تخاطب الأطفال بلسان طفل آخر عاش تجربة قاسية.

القصة تتحدث عن طفلة تجاوز الحاجز الاسرائيلي العسكري للتوجه إلى المسجد الأقصى في القدس لأداء الصلاة، الا أن الجندي يمنعها لأنها لا تحمل هوية زرقاء، وليس لديها التصريح الخاص لدخول المدينة المحتلة.

الاحتلال منع الطفلة من حقها في العبادة، ومنعها من حقها في التجوال في مدينتها الفلسطينية. غضبت الطفلة، وبقي حلم دخول القدس يراودها.

القصة جميلة، وإخراجها موفق جدا، ألوانها جذابة، ورسوماتها متقنة وبديعة للفنانة المبدعة منار نعيرات.

الطباعة واضحة، والحروف كبيرة تتناسب وعمر الطفل، والورق مصقول ، والغلاف مقوى.

قد يعتقد البعض أن كتابة قصص الأطفال فن سهل، لا يحتاج لمعرفة عميقة ولا يحتاج للغة معقدة ولا لصور أدبية. فهم لا يعرفون أن أدب الأطفال هو من أصعب ألوان الأدب. قليلون هم من يتقنونه.

قصة الأطفال تحتاج إلى وجود هدف واضح، ورسالة واضحة، وتحتاج إلى عرض متسلسل واضح ، عنصر تشويق، شخصيات مقنعة، واقع ممزوج بالخيال، لغة سهلة، ونهاية سعيدة.

الهدف من قصة المفتاح العجيب كان واضحا جدا، اللغة سهلة، والأسلوب جميل. والخيال جميل  ايضا.

إلا أن الرسالة لم تكن واضحة برأيي، وكيفية الانتقال من بيت جود إلى المسجد الأقصى لم يكن واضحا!  فهل أرادت الكاتبة أن تقول أنّ الطفلة جود دخلت القدس على ظهر حصانها الذهبي وفتحت باب المغاربة بأحلامها اليقظة؟

أمْ أنّ جود غفت ورأت فيما يراه النائم ما قرأناه في القصة؟ أم حصل هذا ولم يكن حلما؟ وماذا بعد.. أين الرسالة؟

بالنسبة للطفل بقيت الأمور مبهمة.. كانت النقلة غير واضحة.

يا حبذا لو أن الكاتبة أشارت في النهاية أنه كان حلما، وأن جود صحت من النوم سعيدة، وحدثت أمّها بما رأت في حلمها.. أو أنها مثلا شعرت أنها سقطت عن الحصان، فصرخت مفزوعة... صحت من النوم .. وأتت أمها مسرعة تهديء من روعها إلخ ، وبعدها حدثت أمّها بما رأت، ممّا فتح نقاشا بينهما عن أهمية القدس، وبأن الأمّ طمأنتها أن الحلم سيتحقق لا محالة. وأن كل شيء يبدأ بحلم ثم يصبح واقعا... إلخ.

بهذه النهاية السعيدة، تصل الرسالة بوضوح للطفل، وتبث الأمل في نفسه، وتطمئنه أن القدس ستعود لأصحابها.. ولن تبقى محتلة تحت سيطرة العدو المغتصب.

وقال جميل السلحوت:

مضمون القصّة يدور حول منع جنود الإحتلال الطفلة جود ووالدها من زيارة القدس والصّلاة في المسجد الأقصى؛ لأنّهما من مدينة الخليل، ولا يستطيعان دخول القدس التي يغلقها المحتلون أمام أبناء شعبها من المناطق التي احتلت في حرب حزيران 1967. وبقيت جود حزينة تحلم بزيارة القدس.

و" كانت جود تجلس حزينة تفكر، فإذا بها ترى أمام عينيها حصانا ذهبيّا جميلا، .....ركبت جود الحصان العجيب" ص12. وتصل جود القدس وتصلي في الأقصى؟، وتفتح باب المغاربة بمفتاح ذهبيّ؛ ليدخل المصلّون يهتفون "القدس قدسنا وبوّاباتها لنا ، والأقصى أقصانا" ص22.

الأسلوب واللغة: لغة الكاتبة فصيحة وبسيطة تناسب الأطفال المستهدفين، وأسلوبها سلس لا تعقيد فيه.

الرسومات: الرسومات التي أبدعتها منار نعيرات جميلة وتناسب النّص.

تردّدت كثيرا في الكتابة عن قصّة الأطفال هذه، والتي قرأتها أكثر من مرّة، وذلك لأكثر من سبب منها أنّ هذا هو الإصدار الأوّل للكاتبة، والطّريقة التي عالجت فيها دخول جود إلى القدس التي يغلقها المحتلّون في وجوه أبنائها. فإذا كانت الكاتبة تعني بالحصان العجيب التّشبّه بالبراق الذي حمل خاتم النبيّين صلى الله عليه وسلّم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في معجزة الإسراء والمعراج المعروفة، فقد وقعت في خطأ كبير، لأنّه لا معجزات بعد الرّسول، وإذا قصدت أنّ الفلسطينيّين يزورون القدس في أحلامهم، ويهتفون لها في هذه الأحلام فقد وقعت في خطأ أكثر فداحة. فالقدس لأبناء شعبها الفلسطينيّ رغم أنف كلّ من يقول عكس ذلك، وفيها أقدس مقدّسات المسلمين "المسجد الأقصى" وأقدس مقدّسات المسيحيّين "كنيسة القيامة"، وهي مدينة التعدّديّة الثّقافيّة، التي يشهد كلّ حجر فيها أنّ بناته عرب، وتراب القدس مجبول بدماء الشّهداء من أبنائها الذين دافعوا عنها وحموها عبر تاريخها. ومن غير المعقول أن يزورها أبناؤها في الأحلام، بل يجب أن يبحثوا عن طرق ترغم المحتلين على الرّحيل عن المدينة؛ ليستطيع أبناؤها وأتباع الدّيانات من زيارتها والتّعبّد فيها. فالقدس ليست مدينة خياليّة، وأبناؤها موجودون فيها وفي أكنافها أيضا.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

"المفتاح العجيب" للكاتبة منصورة محمد التّميمي"أو بإسمها المتداول "ميسون"،لدار العماد للنّشر والتّوزيع،الخليل،2019.وقد حدّدت  الكاتبة الفئة العمريّة للقصة  ما بين الثامنة والثانيّة عشرة.

تدور أحداث القصّة حول  الطفلة جود، من مدينة رام الله،حيث تلجأ إلى الخيال من أجل تحقيق حلمها لدخول مدينة القدس، وزيارة معالمها بعد أن منعها جنود الإحتلال من الدّخول بحجّة عدم وجود تصاريح ،فتستعين بالحصان والمفتاح العجيب لتنتصر  لحلمها.

نجد في القصّة التّحدّي والإصرار من أجل تحقيق الهدف بالرّغم من الصعوبات والقلق النفسي، حيث لجأت جود إلى الخيّال والأحلام، لأنّ الواقع سجين ومعقّد. وقد جاء الخيال كعلاج نفسي مؤقت لجود حيث أشبعت الحالة النفسيّة التّي أصابتها فتحوّلت من حالة الحزن والقلق إلى حالة فرح وسعادة .

لكن من  خلال هذا الحلّ يفهم القارئ أنّه لن تنتصر المدينة يوما ما، ولذا علينا أن نواصل النّصر من خلال الحلم والخيال، ونستسلم لواقعنا المرير، فإلى متى سيظلّ الفلسطينيّ يكتفي بالحلم؟

حسب رأيي إنّ الهدف من هذه القصة، هو إثارة قضيّة الحرمان والمعاناة التّي يواجهها الفلسطيني من أجل دخول القدس، هو انتزاع الحق الطبيعي والشرعي من قبل الإحتلال، ففي القصّة لا يوجد علاج لقضيّة دخول القدس بحريّة دون تصاريح سوى الأحلام.

استخدمت الكاتبة الحوار، حوار الجندي مع والد جود، حوار جود مع الجندي،  لم يكن حوار بين جود والحصان، حيث جاء فقط عن طريق السّرد بطلب جود من الحصان أن يطير بها إلى مدينة القدس. وحسب رأيي لو أنطقت الحصان لكان جميلا كي يجذب الطفل، وخاصة لدوره الهامّ في القصّة وعدم الإكتفاء بلغة جسد الحصان الذّي حرّك رأسه وهو يقترب منها بمحبة.

في القصّة قيّم تربويّة حيث يتعرّف الطفل من خلال القصّة على بعض معالم القدس(باب المغاربة، باب العمود، قبة الصخرة) ومن النّاحيّة الدّينيّة "الإسراء والمعراج."

ويكتسب مفاهيم جديدة لا تنتمي لعالمه "تصريح، هويّة زرقاء."

استخدمت الكاتبة الخيال، الحصان الذهبيّ الذّي يمتاز بالأجنحة والقوّة الخارقة، المفتاح العجيب الّذي تفتح به جود الباب المغلق على يد الإحتلال، جاءت الأسماء في القصّة نكرة دون اسم ما عدا جود. ولم نعرف عمر جود، هل هي طفلة أم صبيّة إلاّ من خلال الرسومات الموضحة التّي تبيّن أنّها طفلة.

جاءت الّلغة بالفصحى، بسيطة  مناسبة لعمر الأطفال ومشّوقة، وجاء سرد القصّة بضمير الغائب، والخط في القصّة واضح ومريح للطفل، العنوان "المفتاح العجيب " فيه تشويق للطفل لمعرفة سرّ المفتاح، وقد جاءت الرّسومات للفنّانّة منار نعيرات، بشكل جميل متناسقة مع النّص ،واضحة والورق متين وسميك.

وكتب محمد موسى عويسات:

خلاصة القصّة: أنّ الطّفلة جود تتوجّه مع والدها من رام الله إلى القدس لتصلّي في المسجد الأقصى وتزور المدينة، فيمنعهما الجنود عند الحاجز العسكريّ من دخول المدينة، بحجّة أنّهما لا يملكان بطاقة هويّة زرقاء، ترجع جود مع أبيها حزينة باكية. ظلت جود ليالي وأيّاما تحلُم بالمدينة وزيارتها والصّلاة في مسجدها، وفي أحد الأيام وجدت أمامها حصانا ذهبيّا له جناحان، ركبته فطار بها إلى المدينة، حلّق بها فوق قبّة الصّخرة، ورأت جمعا غفيرا من النّاس في باب المغاربة يمنعهم الجنود من دخول المدينة، نزلت جود عن الحصان وبمفتاح ذهبيّ فتحت الباب وصهل الحصان صهيلا طويلا فهرب الجنود، دخل النّاس المسجد هاتفين القدس لنا والأقصى لنا.

القصّة طبعت طباعة طيّبة، على ورق مقوّى وبخطّ كبير واضح، وعدد السّطور لا يتجاوز السّتة سطور في بعض الصّفحات، ولا يقلّ عن سطرين في صفحات أخر، وقابل كلّ صفحة من صفحات القصّة صفحة عليها رسوم تعبّر عن المضمون، فكانت صفحات القصّة إحدى عشرة صفحة يقابلها إحدى عشرة صفحة من الصّور. كانت الرّسومات جميلة معبّرة وجذّابة للأطفال وألوانها منتقاة بعناية.

فكرة القصّة تتمحور حول منع الاحتلال النّاس ومنهم الأطفال من الوصول إلى المدينة، وصدّهم بالحواجز العسكريّة، وحرمانهم من المسجد الأقصى والصلاة فيه، ممّا يورّثهم الحزن والأسى. وقد نجحت الكاتبة في تقديم هذه القضيّة للأطفال في قصّة قصيرة لطيفة تناسب أعمارهم. جعلت الحلّ في أن تتخيّل الطفلة (جود) نفسها تدخل المدينة على حصان ذهبيّ يحلق فوق قبّة الصخرة، وتتمكّن من فتح باب المغاربة لجموع النّاس بمفتاح ذهبيّ عجيب. وكان عنصر التشويق في القصّة حاضرا وناجحا. وكان الجانب الانفعاليّ المشاعريّ واضحا ومناسبا للطفل القارئ، فالحزن للمنع من دخول المدينة، والتعجّب من الحصان الذهبيّ والمفتاح الذهبيّ، والفرح بالدخول للمسجد، كلّها مدركة لدى الطفل القارئ.  

من النّاحية اللغويّة استخدمت الكاتبة لغة فصيحة تناسب المرحلة العمريّة المستهدفة، وكانت الكلمات مضبوطة ضبطا سليما، وهذه أعطتها قيمة جليلة، وجاءت ببعض الألفاظ الجديدة المناسبة من مثل: مزلاج، مصراعي الباب، واجمين، عادت أدراجها وغيرها. واستخدمت الحوار البسيط، ووظّفت أساليب الاستفهام، والتعجّب، والأمر والنّهي. وهكذا تكون القصّة من النّاحية اللغويّة قد أدّت وظيفة تعليميّة في الجانب اللغويّ. كما أدّت وظيفتها أو غايتها الفنّيّة في تقديم نموذج قصصيّ يحتذي حذوه الأطفال في مثل هذا العمر، وبخاصّة في جانب التخيّل والخيال وطريقة القصّ البسيط. ونجد القصّة أيضا تأخذ جانبا تربويّا في تعظيم مدينة القدس ومقدّساتها في نفوس الأطفال، وتوسيع مداركهم على أنّها محتلّة محاصرة، ليدركوا الظّلم الذي يمارسه الاحتلال. بل قد جاء هتاف الناس: (القدس لنا، الأقصى لنا) يحمل جانبا تربويّا عظيما، وقد جاءت على جانب تثقيفيّ بذكر قبّة الصّخرة وباب العامود الذي بدا في القصّة أنّه البوابة التي تؤدّي إلى المسجد الأقصى، وذكر باب المغاربة، وأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قد دخل منه ليلة الإسراء والمعراج.

وممّا يؤخذ على هذه القصّة أنّها لم تأت بآية أو حديث يتعلّق بالقدس والمسجد الأقصى، أو قول مأثور أو بيت شعر يبقى لصيق ذهن الطفل القارئ. ومن بعض الأمور اللغويّة التي قد تعدّ من المآخذ، ولكنّها لا تضير القصّة ولا تبخسها، من مثل: أين تذهبون؟ فالأصل أن تكون: إلى أين تذهبون؟ لأنّ الفعل ذهب متعدّ بإلى. وقولها في ص22: (فإذا به يُفتح على مصراعية) الأصل أن يستخدم فعل المطاوعة: ينفتح، أي: فإذا به ينفتح على مصراعيه. وكذلك قولها: (تدفّقوا ... من داخل باب المغاربة) الأصل: من خلال باب المغاربة. في ص12: كلمة (إلهي)  جاءت بدون همزة القطع. وفي نفس الصّفحة لم توضع علامة التّعجّب لعبارة: ما أروع المنظر!. وهناك أيضا قولها القبّة الذّهبيّة، الأفضل أن تكون (المذهّبة). أمّا بخصوص تسمية المكان فأرى أنّه لو ذكر حائط البراق لتصحيح التّسمية التي فرضها المحتلون وهي ( حائط المبكى).

وقالت هدى خوجا:

لوحة الغلاف صورة الطّفلة جود والحصان الذّهبيّ والمفتاح العجيب، صور ورسومات جميلة للأطفال وألوان زاهيّة.

الألوان متناسقة ، جود الطّفلة الصّغيرة تحلم كلّ يوم بالتّجوّل  في القدس والصّلاة في المسجد الأقصى، وتزرع أغراس الزّيتون.

حجم الأوراق مناسب والخط كبير ومشكّل بالحركات ، الصّور واضحة ومعبّرة.

      قصّة جميلة من واقع المدينة المقدّسة وهي حلم كلّ طفل، وستتحقق الأحلام يوما ما.

       في ص12 " عندما وصل الحصان مدينة القدس دخل من باب العامود ، ثمّ توجّه مسرعا فوق قبّة الصّخرة" هنا حبّذا لو تدرّجت الكاتبة في الوصول إلى قبّة الصّخرة، من خلال مسار درج باب العامود ثمّ إحدى الأبواب المؤدية لقبّة الصّخرة والمسجد الأقصى.

ص16 " افتحوا لنا الأبواب أيّها الجنود."

      والصّورة ص17 جندي واحد أمام الباب، حبّذا لو كانت الصّورة تعكس الواقع

   وفي نهاية القصّة كان الأجدر أن  تكون جود بالثّوب الفلسطيني مع غطاء الرأس، لقدسيّة المسجد الأقصى ، وجمال وعبق المكان.

النّهاية حلم سعيد سيتحقق على أرض الواقع.

وقال الدّكتور عزالدين أبو ميزر:

القصة خيالية ممّا أسمّيه أنا أحلام اليقظة، وكانت من تخيّلات الكاتبة على لسان بطلتها. لوجمعنا كلمات القصة وحروفها لما تعدّت الصفحة الواحدة، كقصة قصيرة وقصيرة جدا، لا تأخذ أكثر من ثلاث دقائق في قراءتها، لكن ما بذل فيها من جهد فهو كبير وكبير جدا، نشكر الكاتبة عليه ونشكر كل  من شارك في إخراج هذا الاصدار.

أقول إنها أحلام يقظة، ومن منّا لم يحلم في حياته حال كان صغيرا أم كبيرا ذكرا كان أم أنثى، نتيجة الظروف يمر بها كل إنسان في جميع مراحل حياته وهو يقع تحت ضغوط أحوال سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عاطفية، أو أي نوع من الضغوط التي لا يمكن حصرها أو إحصاءها على مرّ الزمان وتغيّر الأحوال وتجدد الأحداث، ويكون الانسان فيها في حالة عجز لا يستطيع فعل شيء ساعتها، فيلجأ إلى تخيّل أشياء خارقة وفوق العادة تساعده على تحقيق ما يريد، نتيجة للمعاناة وانعدام الحيلة.

فمن منا صغيرا أم كبيرا لم يحلم لو أن لديه (طاقية إخفاء). كمثل بسيط يستطيع بها تحقيق ما يريد دون أن ينتبه إليه أحد.

الفكرة في حدّ ذاتها جميلة ورائعة، ولكنّها ناقصة إذ لم أجد فيها الإيحاء لفعل شيء للوصول إلى المبتغى على أقلّ تقدير.إذ أن الحصان الذهبي والمفتاح الذهبيّ جاءا إليها من غامض علم الله، ومن حيث لا تدري. وما أقصده في قولي أن جميع العلوم التي توصل اليها العلماء ماكانت ابتداء غير خيال علميّ عُمل على تحقيقه فتحقّق. حيث أنّ القائمين على ذلك قد عملوا الشيء ولم نرَ كيف فعلوا ذلك وأخبرونا أن ما قاموا به قابل للتحقيق. وهنا يكمن الفرق.

الكتاب من حيث الشكل والورق اللامع والصور الملونة وتشكيل حروف الكلمات وانعدام الأخطاء المطبعية مثار اهتمام، ووجود خطأ واحد  في قصة لا تتعدى الصفحة الواحدة من القطع المتوسط سيكون مصيبة وجريمة لا تغتفر.

وقالت رفيقة عثمان:

 من الناحيّة الفنيّة والمونتاج، يبدو الكتاب متقنا، الغلاف جذَاب ولامع، ورسمته جميلة، لطفلة تحمل مفتاحا ذهبيّا، وخلفها حصان بلون أصفر، أوراق الكتاب سميكة وقويّة، حروف القصّة كبيرة، وواضحة؛ ورسومات القصّة مُعبّرة.

  نسجت الكاتبة قصّة المفتاح العجيب من وحي الخيال، الذي يُعتبر مهمّا من الناحية التربويّة؛ وذلك للتنفيس عن المشاعر الدفينة لدى الأطفال، والتعبير بشكل بديل للحقيقة التي يعجز فيها الطفل تحقيقها علنًا في الوعي؛ خاصّة من جيل 3-8 سنوات، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الخيال الوهمي المحدود بالبيئة. بجيل 6-8 سنوات مرحلة الخيال المنطلق، يهتم الطفل بعوالم الخيال، تصبح القصص الخياليّة  مصدرًا من مصادر المتعة والترفيه؛ حيث يتماهى الأطفال وينسجمون مع الأحداث، وتكون مصدرا هاما لمتعتهم وتنمية قدراتهم على الإبداع والابتكار.

  نجحت الكاتبة ميسون في كتابة قصّة المفتاح العجيب، في خلق قدرة لدى الطفلة؛  التي حُرمت من دخول القدس مع والدها، بحجّة عدم حوزتهما على هويّة زرقاء؛ وجعلت الكاتبة المستحل مستجابا؛وتحقيق الحلم بواسطة جواد ذهبي طار بها للقدس، وزيارة مسجد الأقصى، واستخدامها للمفتاح العجيب؛ لفتح باب المغاربة، وهروب الجنود من المكان. أعتبر هذا العمل إنجازا كبيرا قامت به الطفلة جود.

من الممكن ملاءمة هذه القصّة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما دون الثامنة؛ نظرا لأهميّة الخيال في نموّهم العاطفي والعقلي والاجتماعي، ولا تلائم الأطفال الذين يُميّزون ما بين الواقع والخيال بالأعمار المتقدّمة.

هدفت الكاتبة من طرح مضمون القصّة، بغرس الانتماء، تعريف الأطفال على الهويّة الشخصيّة والدينيّة، وأهميّة القدس ومعالمها، والمسجد الأقصى في حياتهم، وخلق الدوافع ومحبّة زيارة القدس مهما كان الأمر صعبا.

لغة القصّة سهلة أدخلت الكاتبة كلمات تثري القاموس اللغوي لدى الأطفال مثل: تصريح – أتجوّل – عادت أدراجها – حصان ذهبي – قبّة الصخرة – هتفوا – حضنت – معالم تاريخيّة وحضاريّة – يُحلّق عاليا – جمع غفير – ليلة الإسراء والمعراج – ذُهل -وقفوا واجمين – متلألئ – صهل الحصان – رفرف عاليا بجناحيه – مزلاج باب المغاربة – يُفتح على مصراعيه – يهتفون.

 نهاية القصّة كانت مُفرحة فيها انتصار الطفلة جود، وبتجوالها في مدية القدس فوق الحصان العجيب، ومقدرتها بفتح باب المغاربة الُمغلق أمام المُصلين بمفتاحها العجيب. هذه النهاية الخيالية، تتيح للأطفال التنفيس عن رغباتهم؛ وتنمّي لديهم الخيال نحو اللجوء إليه عند استحالة تحقيق المطلوب.

اختارت الكاتبة عنوانا مُوفّقا للقصّة " المِفتاح العجيب"، نظرًا لقدرته العجيبة على فتح باب المغاربة.

وقالت نزهة أبو غوش:

حملت القصّة قيما دينيّة ووطنيّة، حيث جعلت الكاتبة منصورة من البطلة جود طفلة تعشق القدس، وتتمنّى أن تتجوّل بها وتدخل مساجدها وكنائسها وحاراتها وشوارعها. ّوتتمنّى أن تصلّي في المسجد الأقصى، ومن خلال هذه القصّة تعزّز هذه القيم لدى أطفالنا الصّغار؛ من أجل أن يتربّوا عليها.

أضاءت القصّة معرفة للطّفل عن المعاناة الّتي يحملها الشّعب الفلسطيني المحاصر خلف المعابر والحواجز والجدار ممّا يوسّع من مداركه وتوجّهاته لما يدور حوله.

استخدمت الكاتبة الخيال الّذي يهواه الطّفل ويستمتع به إِلى مدى بعيد، وخاصّة حين يجد نفسه غير قادر على تحقيق أهدافه، نحو بطلة القصّة جود الّتي راحت تحلم بحصان ذهبيّ غريب يأخذها إِلى القدس ويتجوّل بها في سمائها وترى كلّ شيء، ووصل بها الخيال أن تحمل معها مفتاحا سحريّا عجيبا؛ كي تفتح باب المغاربة الّذي اغلقه المحتلّ أمام المصلّين.

نجد أنّ قصّة " المفتاح العجيب"  قد خلقت الهمّة وروح المبادرة لدى البطلة جود، ولم تخلق لديها الكسل والاستسلام والرّضوخ حتّى وإِن كان حلما؛ ممّا يعكس هذا الشّعور لدى الأطفال عند قراءتهم القصّة.

في القصّة وثّقت حقائق تاريخيّة مستقبليّة، نحو غلق باب المغاربة، وردّة فعل النّاس في المدينة، كذلك ذكرت حقيقة دينيّة وهي دخول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام من باب المغاربة في ليلة الاسراء والمعراج؛ هذه الحقائق ترسّخ  في ذهن الطّفل مفهوم جذوره وانتمائه للمدينة المقدّسة.

قصّة " المفتاح العجيب" نجد بها عناصر الاستمتاع والتّشويق من خلال الأحداث والحبكة المتقنة والحل في نهاية القصّة الّذي يسبّب الفرح للطّفل.

اللغة في قصّة منصورة التّميمي سلسة وواضحة للأطفال، حرّكت الكلمات بشكل جيّد ممّا يساعد الطّفل غلى القراءة، وهناك بعض المفاهيم والمصطلحات اللغويّة الّتي تضيف إِلى المخزون اللغوي لدى الطفل في المدرسة الابتدائيّة.

الرّسومات في القصّة للفنّانة الفلسطينيّة، منار نعيرات أرى بأنّها رسومات متقنة ذات ألوان جميلة ومفرحة، كما أنّها تعبّر عن عواطف، وأحداث، وأفكار القصّة.

وقال سامي قرة:

تشبه الطفلة جود في قصة الأطفال "المفتاح العجيب للكاتبة منصورة محمد التميمي الطفلة أليس في قصة "أليس في بلاد العجائب" للكاتب الأمريكي لويس كارول. ففي كلتا القصتين يمتزج الواقع مع حالة اللاوعي للطفلتين. ففكرة الحلم في الروايتين تقدّم تفسيرا للأحداث العجيبة والغريبة، ومن خلالهما تحاول الطفلتان تفسير علاقتهما مع العالم. فالحلم في رواية "المفتاح العجيب" يفسر العلاقة بين جود والمدينة المقدسة. والحدث العجيب في قصة "المفتاح العجيب" هو ظهور الحصان الذهبي، ووجود الحصان يُحتم وجود الحلم للتعبير عنه؛ لأنه في واقع الحياة لا يوجد حصان ذهبي له جناحين ويستطيع أن يطير.

تحزن جود كثيرا لأن الجندي منعها ومنع والدها من الدخول إلى القدس، وهي لا تستطيع عمل أي شيء إزاء ذلك؛ هي طفلة بريئة حتى أنها لا تدري السبب الحقيقي لمنع الجندي دخولها إلى القدس، فتسأله: "ممنوع منعّا باتّا لماذا؟" (ص 4). ويمثل سلوك الجندي بالنسبة لها أحجية لا تجد حلا لها، ويزيدها إحباطا لدرجة أنها تتوسل إلى الجندي أن لا يحرمها من الدخول إلى القدس. تخضع جود ووالدها لإرادة الجندي ويعودان إلى مدينة رام الله. لكن تبقى جود منشغلة بموضوع القدس وزيارتها لها.

العلاقة بين جود والقدس قوّية، لكنها ليست علاقة مادية فحسب بل هي أقرب إلى العلاقة الروحية، فالقدس بالنسبة لجود هي جنة عدن، ذلك المكان الجميل الطاهر بمساجده وكنائسه الذي لا تستطيع جود الوصول إليه. لكنها في الواقع تريد أن تصل إليه ولذلك نراها تركز كل طاقاتها لتحقيق مرادها هذا حتى لو عن طريق الحلم. فتظل تحلم كل ليلة بأنها تزور القدس وتصلي في المسجد الأقصى. وتمثل زيارتها الخيالية للقدس تحديًا لإرادة الجندي.

يتمتع الأطفال بخيال خصب ومن الطبيعي أن يحلم الأطفال.  وعبر عدسة خيالها ترى جود أمامها حصانا ذهبيا جميلا له جناحان ينقلها ويطير بها إلى القدس. وفي النهاية ترى جود معالم القدس وسكانها، وبمفتاح عجيب تفتح باب المغاربة لهم كي يتمكنوا من الدخول إلى المسجد الأقصى. تنتهي القصة بلهجة متفاؤلة تدل على مستقبل أفضل لأطفالنا. فلكل طفل وطفلة مفتاح ذهبي يستطيعان به الانطلاق في الحياة.

أمّا فكرة الحصان فتستحق الوقوف عندها بعض الشيء. فلكل ثقافة أساطيرها، ونرى أن الحصان يظهر كثيرا في تلك الأساطير. فمثلا كان  للبطل اليوناني بلروفون قاتل الوحوش حصانا اسمه بجاسوس؛ والحصانان باليوس وكزانثوس كانا يقودان عربة أخيل في ملحمة "الإلياذة" لهوميروس؛ حتى أن الإسكندر الكبير كان له حصانه الخاص ويُدعى بيوسيفالوس؛ ونرى أهمية الحصن في قصص رعاة البقر، فلكل بطل حصانه الخاص. فالعلاقة بين الحصان والبطولة والأبطال علاقة وثيقة. وما جود سوى طفلة بطلة تتحدى أوامر الجندي عن طريق حلم جميل وحصان أجمل. وتحقق بطولتها الطفولية على طريقة الأطفال.

وقالت الطفلة روعة ناصر التميمي:

قصة جميلة ومؤثرة، حيث أن القصة جسدت واقع ومعاناة الشعب الفلسطيني التي تتمثل في منعهم من زيارة مدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى المبارك، هذه المعاناة ليست معاناة جود بمفردها، بل معاناة كل الشعب الفلسطيني الذي يقبع تحت سيطرة المحتل وظلمه،  نحن نعرف أن الإنسان عندما يفكر بالشيء ويتمناه يراه في المنام، ومن شدة شوق جود لزيارة المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس كانت الأحلام صديقة لها في تلك الليلة، فاستطاعت أن تخترق الحواجز وتزور القدس وتصلي في المسجد الأقصى المبارك، وتفتح باب المغاربة، لم تنتظر جود عمل تصريح زيارة، بل سبقها حلمها في تحقيق أمنيتها.

وسوم: العدد 842