تاريخ الآداب الإنسانية (10) "بدايات ومؤثرات"

(10) نقاء الخيال:

ومن هنا تأتي ضرورة الدعوة إلى المحافظة على نقاء الخيال الإسلامي الأدبي من التلوث الذي يعكر صفوه ويمحو تميزه، ويريد خلط الأخيلة في الآداب العالمية تحت مسمى التحديث والتطور، وهو ما صنعه تيار الحداثة حين وقع بعض أبناء جلدتنا في وهم الحداثة. وبدأ عندهم خلط الآداب الوثنية وصورها الفنية حين ظنوا أنهم يصنعون تجديداً ويبدعون ويحدثون، لقد خلطوا صورة الحضارة الوثنية الفنية بالأبنية الفنية لحضارة التوحيد، وبذلك جلبوا التلوث للأدب العربي مما شوّه صورته وتميزه واستقلاله، حين استعملوا الصور والرموز والأساطير والأبنية الفنية للحضارات الأخرى،

يقول الدكتور وليد قصاب:

(لقد نشر الأدباء العرب النصارى الرموز والفنيات التي تعلموها من دينهم في نصوصهم الأدبية، فانتشرت عقيدة التثليث والصلب والفداء في رواياتهم وأشعارهم وفنونهم، وكذلك قام أدباء الطوائف الأخرى بإحياء رموز طوائفهم في إنتاجهم الأدبي والرموز الصوفية.

وأخذ الأدباء من أبناء العرب المسلمين يقلدونهم ويتأثرون بهم، فتم استيراد الرموز الثقافية في الثقافة اليونانية والرومانية والأوربية، وهي رموز وأساطير ذات دلالات وثنية ومصادرها أسطورية وخرافية، مما عكر الأبنية البلاغية والفنية وأدى إلى انتشار الغموض وتلوث خيال الأديب العربي الذي أباح لنفسه استيراد هذه الرموز تحت مسمى التحديث)(40).

وهكذا جلبوا بجهلهم ثقافات ورموز الوثنية من مختلف الجهات ليجعلوا من الأدب العربي مكباً لنفايات الوثنيات القديمة والحديثة، وخلطوا تاريخ وثقافة (العقل المتصل بالوحي والأنبياء) مع تاريخ (العقل المنفصل) الذي رفض الإيمان بالوحي والأنبياء، وهما ضدان لا يجتمعان إلا في العقول التي تلوثت بثقافة الخلط وعدم التمييز، وتبارى الحمقى في إحياء الوثنيات التي اكتشفها علم الآثار الحديث، وخرافات الصوفية الشرقية، وكل ما تيسر لهم من أديان الإنسان البدائي الذي انفصل عن الوحي، وأسس حياته وأديانه على حرية عقله وهواه (الدين البدائي-الصوفي-تعدد الآلهة-الدين الفلسفي) كل ذلك لدفن الحقيقة (دين التوحيد)، وطمس المعالم والتعمية على عقول الناس، وهم في ظنهم أنهم بذلك قد انتصروا على العرب والعروبة والإسلام، وما كسبوا إلا انكشاف نياتهم...

*(عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية )*ملاحظة :هذا الموضوع له مراجع وهوامش.

وسوم: العدد 890