تجنيس السرد العجائبي

مشكلة التجنيس:

يطرح تجنيس النصوص إشكالا حقيقيا يرتفع إلى مستوى "المعضلة"، وقد عبر غير واحد من الدارسين عن هذه المشكلة التي تواجه المشتغلين بالأدب عامة وبنظريته خاصة، من هؤلاء جيرار جونيت الذي عرض لهذا الإشكال في كتابه "مدخل لجامع النص"، حيث انتهى من تقليب النظر في هذه المسألة إلى أنه بالرغم من الاجتهادات العديدة المطروحة داخل نظرية الأجناس، فإنه لا يوجد من بين هذه "الاجتهادات" موقف، في ترتيب الأنواع، "أكثر طبيعية" أو "مثالية" من غيره، ذلك صريح قوله:

"نرى أنه لا يوجد بشأن ترتيب الأنواع الأدبية موقف يكون في جوهره أكثر "طبيعية" أو أكثر "مثالية" من غيره، ولن يتوافر هذا الموقف إلا إذا أهملنا المعايير الأدبية نفسها كما كان يفعل القدماء ضمنيا بشأن الموقف الصيغي. لا يوجد مستوى "جنسي" يمكن اعتماده كأعلى "نظريا" من غيره، أو يمكن الوصول إليه بطريقة "استنباطية" أعلى من غيرها، فجميع الأنواع أو الأجناس الصغرى والأجناس الكبرى لا تعدو أن تكون طبقات تجريبية، وضعت بناء على معاينة المعطى التاريخي، وفي أقصى الحالات عن طريق التقدير الاستقرائي انطلاقا من المعطى نفسه؛ أي عن طريق حركة استنباطية قائمة هي نفسها على حركة أولية استقرائية وتحليلية أيضا. ولقد رأينا بوضوح هذه الحركة في الجداول (الحقيقية أو القابلة للوجود) التي وضعها أرسطو وفراي، حيث ساعد وجود خانة فارغة (السرد الهزلي، السرد العقلاني، المنفتح) على اكتشاف جنس كان بالإمكان ألا يدرك مثل المحاكاة الساخرة"[1].

من الواضح تماما أن نظرية الأنواع تصطدم في مباشرتها التجنيس بمعضلات عدة. وقد أثرت هذه "المعضلات" على كفاية الأنظمة المعتمدة في تجنيس نصوص الأدب، حيث تظهر المعضلة الحقيقية عندما يتصدى الدارس لتجميع أنواع ظهرت في حقب تاريخية مختلفة، إذ من الثابت المعلوم أن الأنواع تتغير من حقبة لأخرى تبعا لتغير الأنساق الاجتماعية والتاريخية التي تحف إنتاجها وتلقيها. وهو ما تفطن إليه توماشوفسكي وقرره بالقول: "لا يمكن إقامة أي تصنيف منطقي وصارم للأنواع. فالتمييز بينها هو دائما تمييز تاريخي، بمعنى أنه مبرر فقط خلال مدة زمنية معينة، فضلا على أن ذاك التمييز يصاغ في الوقت نفسه من ملامح متعددة، وملامح نوع يمكن أن تكون طبيعتها مختلفة كل الاختلاف عن طبيعة ملامح نوع آخر، في نفس الوقت تبقى تلك الملامح متساوقة فيما بينها نظرا لأن توزيعها لا يخضع إلا للقوانين الداخلية للتركيب الجمالي"[2]. لهذه الاعتبارات مجتمعة قرر ماري شافر أنه "من بين كل المجالات التي تخوض فيها النظرية الأدبية يعتبر مجال الأجناس، دون شك، واحدا من أشدها التباسا"[3].

ويمكن لهذا الالتباس الذي يطيف بمتصور الجنس الأدبي أن يرتد إلى عوامل ثلاثة أساس[4]: يتصل الأول بالعلاقة الجدلية بين الجنس والنص؛ فإذا كان تجنيس النصوص إنما يتحقق بفحص الآثار الأدبية المفردة لاكتشاف قاعدة تشتغل عبر عدة نصوص[5]، فإن الأثر الفردي لا يتشكل إلا من خلال الشروط التي يحددها الجنس. وهو ما يجعل العلاقة بين النص والجنس علاقة جدلية تتجه فيها الحركة من الأثر إلى الجنس، ومن الجنس إلى الأثر، لأن تحديد الجنس رهين بالنص، وتشكل النص متوقف على الجنس. وقد اعتبر الجنس الأدبي، تأسيسا على هذا الفهم، "أوامر دستورية تلزم الكاتب وهي بدورها تلتزم به في وقت واحد"[6]. إن العلاقة بين النص والجنس علاقة تلازمية لدرجة يمكن معها القول "إن كل وصف لنص هو وصف لجنس"[7]. ويتمثل العامل الثاني في نسبية المعايير، إذ ليس ثمة من اتفاق بين النقاد على المعايير التي ينبغي اعتمادها في تجنيس النصوص، كل ما اتفقوا عليه أن عملية التجنيس تقتضي وجود معيار يتشكل النص وفق قواعده، واستنادا إلى هذه القواعد تجري عملية تصنيف النصوص إلى أجناس وأنواع. أما العامل الثالث فيكمن في اختلاف وجهات النظر بين الدارسين حول متصور "الجنس الأدبي" نفسه، وهو ما تؤكده مقررات تودوروف عن التعقيدات التي تطيف بهذا المتصور مما يفضي إلى تباين الأنظار النقدية بصدده تبعا لتباين المرجعيات واختلاف زوايا النظر: "إن الأجناس توجد في مستويات متباينة من الكلية، وإن مضمون هذا المفهوم إنما يتحدد بوجهة النظر التي يقع عليها الاختيار"[8]. وقد ترتب عن التباس متصور الجنس الأدبي أن تعددت التحديدات التي تعاقبت على هذا المصطلح منذ أرسطو إلى يوم الناس هذا، نظرا لاختلاف المعايير المعتمدة في تجنيس النصوص وتصنيفها، ففي الوقت الذي نجد فيه البعض يعتمد "السمات المهيمنة" معيارا في التجنيس، نجد بعضا آخر يميل إلى اعتماد "الصيغ المضمونية". وإلى جانب هذه العوامل الثلاثة يمكن أن ينضاف عامل رابع، يتصل بما هو مقرر عند بعض الدارسين من أن النص الأدبي الحقيقي ليس يخضع لمقتضيات النوع خضوعا تاما، ولكنه يخوض على الدوام، صراعا لا يهدأ ضد متطلبات النوع وقواعده، في محاولة منه لتحقيق طموحه إلى "الخصوصية" و"الفرادة"، اللتين تختصانه بسمات فارقة تميزه من غيره من النصوص الأخرى التي يشترك معها في الارتقاء لنفس النوع. إن النص العظيم، من منظور هذا التصور، هو الذي ينجح في شق عصا الطاعة على متطلبات النوع ومقتضياته. غير أنه مهما بدت مشكلة التجنيس شاقة ومعقدة فإنه بمكنتنا الانتهاء، مع ذلك، من خلال فحص التحديدات المختلفة التي تعاقبت على متصور "الجنس الأدبي" إلى معنى يجعل الجنس مرتبطا بوضع التقاليد التي تشكل أفق الانتظار عند المتلقي فترسم له طريقة استقبال النص. كما يرتبط بالتقاليد المتصلة بنوع الموضوعات والأساليب التي يمكن أن تتحقق داخل النص نفسه؛ بما يعني أن الجنس الأدبي مرتبط أساسا بترسيخ "تقاليد" معينة[9].

إن الإشكالية الأنواعية مرتدة في أصلها إلى هذه العلاقة الملتبسة التي تجمع بين النوع الأدبي والأثر الفردي، فما من شك في أن صاحب الأثر إنما ينتجه في تحاور وتفاعل مع آثار أخرى سابقة، إما أنه يحاكيها فينهج نهجها وينسج على منوالها أو يتمرد عليها فينتهك أسسها ومقوماتها. وعندما يستقبل القارئ هذا الأثر فإنما يستقبله وفق "أفق انتظار" معين أساسه جملة من القواعد مستخلصة من قراءات سابقة، تشكل – في مجملها- "تقاليد النوع". لهذه الاعتبارات كان من الصعب الدفاع عن الأطروحة التي ترى أن الأثر فردي وناتج إلهام شخصي من دون أن يدخل في علاقة مع آثار الماضي، ثم إن النص ليس مجرد نتاج تركيبة سابقة الوجود مكونة من الخصائص الأدبية المفترضة، ولكنه، إلى جانب ذلك، تحويل لهذه التركيبة[10].

إن خصوصية الأثر لا تحول دون تجنيسه، حيث إنماء الأثر إلى نوع بعينه ممكن – تبعا لمقترح تودوروف- عبر حركة ذهاب وإياب: من الأثر إلى النوع ومن النوع إلى الأثر. وهو ما يجعل كل وصف لنص وصفا لجنس[11].

إن دراسة الأنواع عمل متأرجح بين الممارسة التطبيقية التي تنطلق من النصوص، والعمل التصوري التجريدي الذي ينطلق من التنظير. ومن هنا رأى بعض الدارسين في النوع مرتبة وسطى بين النص والنمط، حيث "النمط هو النموذج والمثال الذي يختزن مجموعة من السمات الأسلوبية، والنوع هو المتصرف بطريقة أو بأخرى في تلك السمات. أما النص فهو المنجز أو المظهر الملموس للنمط والنوع"[12].

يرتد أصل المشكلة الأنواعية إلى علاقة النوع بالأثر: هل هي علاقة تدجين واحتواء أم صراع وتمرد؟

تكون العلاقة بين الأثر والنوع تدجينا واحتواء عندما ينزع الأثر إلى "الثبات"، وتكون تمردا وصراعا إذا نزع الأثر إلى "التحول". في حال الثبات يخضع المؤلف للنوع فينشئ أثره وفق مقتضيات النوع وتقاليده. ويكون استقباله – تبعا لذلك- وفق "السنن" التي ترسخت في ذهن القارئ من قراءات سابقة تخلق لديه "أفق انتظار" يتوافق وتقاليد النوع.

أما التحول فيظهر عندما ينزع الأثر إلى التحرر من قبضة النوع فيجاوز عامدا حدوده ويخرق قواعده وتقاليده. وتتميز خصيصة "التحول" هاته بأنها لا تتوافر في جميع النصوص، ولكنها وقف على نصوص بعينها تمثل في تاريخ الأدب نصوصا- معالم تنتهك المعايير وتتمرد على السنن الأدبية السائدة في عصرها بما يقود، في المحصلة، إلى توسيع النوع حيث "كل رائعة حقيقية تخرق قانون جنس مقرر زارعة بذلك البلبلة في أذهان النقاد الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى توسيع الجنس"[13].          

إذا كان ثبات النوع يقود إلى الإقرار بوجوده، فإن تحوله يساعد على تبين رحلة تشكل النوع وتطوره. وقد ذهب بعض الدارسين إلى أن هذه العلاقة المتقلبة بين النوع والأثر، تقتضي الانطلاق من مجموعة من النصوص المفردة للوصول إلى نمط النوع، الذي يشكل صيغة جامعة عليا يحددها كارل فيتور بأنها "تجريد [...] أو الرسم التصوري كما يكون، إن جاز القول، البنية الأساسية التي لا توجد إلا في شكل خصوصيات صافية؛ أي أجناسية الجنس"[14].

إن أجناسية الجنس، باصطلاح فيتور، لا ترتبط بأثر واحد يمكن اتخاذه أنموذجا لذلك النوع، ولكنها متعلقة باستقراء جملة من الآثار الفردية، لأنه "لايمكن لأي نسخة مفردة أن تكون نمط الجنس [...] إننا نحصل على نمط جنس أدبي معين بفضل دراسة جامعة لكل الآثار الفردية التي تنتمي إلى هذا الجنس"[15].

أنماط الخطاب:

إن الاهتمام بتجنيس الخطابات المختلفة ليس وليد الدراسات النقدية الحديثة كما يتبادر إلى الذهن لأول مرة. ولكنه يضرب بجذور عميقة في مختلف النظريات النقدية التي أنتجتها الإنسانية، حيث نجد الاهتمام بالتمييز بين أنماط الخطاب في أقدم نظرية نقدية معروفة لدينا، وهي النظرية الأرسطية. فقد حاول أرسطو في كتابه "فن الشعر" ـ كما هو معروف ـ أن يستخلص أنماط الخطاب الخاصة بالقول الشعري استنادا إلى مفهوم "المحاكاة" الذي يحيل إلى الطريقة التي يعكس بها الأدب الواقع، معتمدا العلاقة بينهما معيارا للتفريق بين أنواع الخطاب الثلاثة (الملحمة والمأساة والملهاة) ومن ثم الأنماط (الواقعي والتخييلي والتخيلي). لأن كل نوع يستدعي نمطا خاصا به.

في الفصل الثاني من "فن الشعر" يميز أرسطو بين الأعمال التخييلية استنادا إلى مستوى الشخصيات من حيث التسامي. فيرى أن الأبطال في الأعمال التخييلية قد يكونون "أفضل منا أو أسوأ أو مساوون لنا"([16]).

ففي المأساة يكون البطل أكبر من الواقع وأرفع من محيطه الطبيعي. ويكون نمط الخطاب هنا من طراز المحاكاة العليا. في حين يكون البطل في الملاحم مطابقا للواقع ومساو لنا. وتقتضي متطلبات النوع في هذه الحال أن يستجيب الشاعر لانتظارات متلقيه ولا يخرج عن قوانين الاحتمالات كما يتوقعها "الجمهور". وفي هذه الحال نكون أمام قصص واقعية من طراز المحاكاة الدنيا. أما الملهاة فتحاكي شخصيات دنيا في الواقع وهنا يكون الخطاب من النمط الساخر.

وقد تواترت هذه القسمة الثلاثية في معظم الدراسات التي عنيت بمسألة تمييز الخطابات من حيث الأنواع والصيغ والأنماط. يلتقي في ذلك نقاد الأدب والفلاسفة والأنثربولوجيون. ويبدو أن هذا التقسيم الثلاثي تميز بكفاية إجرائية عالية مكنته من أن يستوعب جميع الأنماط الخطابية التي أنتجتها الإنسانية للتعبير عن تجربتها في مختلف العصور والبيئات بدءا بالأنماط البسيطة الحاكية للتجارب الواقعية (اليومية) وانتهاء بالأنماط الأكثر تعقيدا الممثلة لتجارب فوق واقعية (أسطورية).

يستطيع الدارس أن يعثر على كثير من الدراسات الغربية التي تناولت قضية الأنماط الخطابية. وإن كانت جل هذه الدراسات تنطلق في دراسة الأنماط من زاوية نظر محددة تتمثل في تحديد "مفهوم الواقعية في الأدب". من هذه الدراسات مقال إيان واط "الواقعية والشكل الروائي" الذي خصصه لدراسة "الأدب الواقعي" كما تمثله أعمال زولا وبلزاك وفلوبير، في مقابل الأعمال السابقة عليهم (روايات القرون الوسطى تحديدا) التي تمثل النقيض (الأدب اللاواقعي). ولما كانت أطروحة إيان واط حول واقعية أو لاواقعية الرواية الفرنسية لا تدخل ضمن مقاصد هذه الدراسة المتوجهة أساسا إلى دراسة وفحص أنواع الخطاب وأنماطه في الثقافة العربية، فإننا سنقتصر في مقال واط على المفاهيم والتصورات التي لها علاقة بالغاية التي رسمناها لهذه الدراسة. يتعلق الأمر بالجزء الذي يقدم فيه واط العناصر التي تتحكم في واقعية الأدب حيث أجملها فيما يأتي:

1 ـ الشخصية: يعتمد واط الشخصية معيارا أساسا في تحديد نمط النص السردي من حيث "الواقع والتخييل". فالتفريق بين النص الواقعي والتخييلي يستند إلى "تفريد الشخصية"([17]) أي طريقة تمثيل شخصية ما([18])؛ فالمؤلف في الكتابة الواقعية يراعي قواعد "المنطق"([19]) في اختيار شخصية تنتمي إلى الواقع المألوف ومنحها اسما يأخذ بعين الاعتبار الطريقة التي يسمى بها الأفراد في الحياة العادية([20])، وتكون لها نفس الوظيفة في الحياة الاجتماعية([21]). أما أسماء الشخصيات في أشكال الأدب السابقة على الواقعية فلم تكن فيما ـ يقرر واط ـ تتعامل مع الشخصيات بصفتها كيانات مفردة كليا لأنها بدلا من أن تموضعها في سياق الحياة المعاصرة، فإنها كانت تفضل الأسماء التارخية أو الأسماء النمطية([22]) مقصية بذلك كل استحضار للحياة الواقعية أو المعاصرة([23]) "وعلى النقيض مما هو مألوف في الحياة اليومية لم تكن شخصيات التخييل تملك اسما عائليا وشخصيا في الوقت ذاته"([24]).

2 ـ الزمن: يعتبر واط الزمن:"القوة الموجهة لتاريخ الإنسان الفردي والجماعي"([25]).

ومن هنا اعتمده محددا في التفريق بين "الواقعي" و"التخييلي" تفريقا يصل حد القطيعة" بين النمطين ([26]). ففي الوقت الذي تستخدم فيه التقاليد الأدبية التخييلية قصصا لازمانية بصفتها مرآة لحقائق أخلاقية ثابتة، فإن زمن الرواية الواقعية يتميز بحبكته التي تتناول تجربة ماضية بصفتها سببا للحدث الحاضر([27]). كما أن الرواية الواقعية تتميز عن الأعمال التخييلية السابقة على الواقعية بإلحاحها على "السيرورة الزمنية"([28]). كما تتميز باهتمامها بتطور الشخصيات داخل مجرى الزمن([29]). إن الزمن مقوم أساس عند واط للتفريق بين نمطين من السرد: سرد واقعي مؤطر ضمن سيرورة زمنية وسرد تخييلي يتميز بأنه لا زمني.

3 ـ المكان: يتحدد المكان في ـ تصور واط ـ بوصفه الملازم الضروري للزمان([30]). ومن هنا اعتمده معيارا لتمييز السرد الواقعي من التخييلي. حيث الأول محكي يقع داخل محيط فيزيقي واقعي. في حين يتميز المكان في السرد التخييلي بسمات فوق واقعية (المدن السحرية...).

4 ـ الأسلوب: تتحدد الرواية الواقعية عند واط باعتبارها :"نقلا للحياة الواقعية. إنها "واقع مكتوب" كما قال فلوبير. ومن ثم كانت وظيفة اللغة في السرد ـ النقل الواقعي مرجعية([31]) تترفع عن توظيف اللغة توظيفا زخرفيا لتنقل الأحداث كما وقعت فعلا طامحة بذلك لأن تكون عرضا أصيلا لتجربة الأفراد الحقيقية([32]). وفي مقابل ذلك لا تنشغل التقاليد الأسلوبية السابقة على الواقعية (التخييلية) بالتطابق بين الكلمات والأشياء بقدر ما كانت تهتم بالجماليات الظاهرية التي يمكن لاستعمال البلاغة أن يضفيها على الوصف وعلى الحدث([33]).

هذه هي المقومات الأربعة التي يقترحها واط للتمييز بين الأنماط السردية، وإن كنا نلحظ أنه اقتصر على نمطين هما الواقعي والتخييلي. ولم يلتفت إلى أنماط سردية أخرى من قبيل السرد العجيب مثلا. ويرجع ذلك إلى انشغاله بتحديد مفهوم الواقعية في روايات أوروبا القرن التاسع عشر تحديدا.

تعرض رولان بارث لقضية الأنماط الخطابية في مقاله:"أثر الواقع" الذي خصصه لدراسة "الوصف الخارجي" عند فلوبير من خلال روايته الشهيرة:"مدام بوقاري". حيث خلص إلى أن الغاية الجمالية للوصف عند فلوبير ممتزجة بمقتضيات "واقعية" بسبب تقيدها بصحة المرجع. مما يجعل القيود الجمالية محكومة بقيود مرجعية([34]).

ويظهر الاهتمام بمسألة الأنماط عند ما يميز بارت بين "الواقعي" في علاقته "بالتاريخي" و "التخييلي" و "المشابه للواقع". حيث "الواقعي" يرتبط ـ فيما يقرر بارت ـ "بالتاريخي" لأنه "منذ العصور القديمة كان "الواقع" إلى جانب التاريخ"([35]) وهو ما يتعارض مع "المشابه للواقع" (نظام المحكي). "فالتاريخي" حقيقة موضوعية (صحة المرجع) أما "المشابه للواقع" فخاضع "لرأي الجمهور". ومن هنا لم يكن "المشابه للواقع" فهو المرجع الأساس في المحكى التاريخي الذي يفترض أنه يروي "ما حدث فعلا"([36]) وبذلك يتحول التاريخ إلى "محكي واقعي" يعيش إلى جانب المحكيات "المشابهة للواقع" التي تدخل عند بارت في "الأدب الواقعي" الذي يباين "الواقع" بسبب التعديل الذي يلحق الجزئيات" الناظمة للعمل السردي. فيتحول من "دليل تقرير" إلى "دليل إيحاء"([37]) فاقدا بذلك كثيرا من مصداقيته الواقعية دون أن يفقد القدرة على "الإيهام" بنقل الواقع ومطابقته. لأن "المحكي الأكثر واقعية... يتطور تبعا لطرق لا واقعية" وهو ما يسميه بارت "الوهم المرجعي"([38]).

يرتبط الواقعي ـ عند بارت ـ بالخطاب التاريخي الذي يحكي "ما حدث فعلا" وفي مقابله يضع "التخييلي" المتصل "بالأدب الواقعي" ويسميه "المشابه للواقع".

ويمكن اعتبار تودوروف من النقاد الذين فحصوا قضية تنميط الخطابات من منظور مختلف. وذلك في سياق محاولته "تجنيس العجائبي" والكشف عن قاعدة اشتغاله في كتابه "مدخل إلى الأدب العجائبي"[39].

يتحقق العمل الأدبي عند تودوروف ـ بين قطب الواقع وقطب الخيال، يمثل القطب الأول "القاعدة" أو "المعيار" ويمثل القطب الثاني "الخرق" أو "الإنزياح" ويتحدد "نمط" الخطاب حسب درجة القرب أو البعد من أحد القطبين. فإذا أمكن تفسير العمل استنادا إلى قوانين "الواقع" ومعايير "المألوف" يتم تأطيره ضمن "الخطاب الواقعي". وفي حالة ما إذا احتاج إلى قوانين جديدة غير قوانين الواقع لتفسيره فإنه يؤطر ضمن "الخطاب المتخيل".

من الواضح أن تودووف يهتم أساسا بالأنماط اللاواقعية، حيث العجائبي، عنده، مرتبط بلحظة "التردد" التي يشعر فيها القارئ وهو يواجه نصا ما أنه يواجه حدثا "فوق طبيعي" وغير خاضع لقوانين الطبيعة. وبعد لحظة التردد يتم تنميط الخطاب وفق "موقف القارئ". فإذا رأى أن قوانين الواقع تساعد على تفسير العمل الأدبي، فإنه يندرج ضمن "الغريب" وإذا رأى أنه يحتاج لتفسيره إلى نظام آخر غير النظام المألوف فإنه يندرج ضمن "العجيب". أما "العجائبي" فلا يحيا سوى في "لحظة التردد"؛ أي حيرة القارئ إزاء النظام الذي يحكم النص: المألوف (الواقعي) أم اللامألوف (المتخيل). ولذلك كانت عملية التجنيس (التفريق) بين أنماط الخطاب مرتبطة بالقارئ والشخصية عند خروجهما من "لحظة التردد"([40]).

يبدو تودوروف مهتما بتصنيف الأنماط غير الواقعية "فالغريب" ما قارب الواقع و "العجيب" ما ابتعد عنه. ولم يلتفت إلى الأنماط التي تطابق الواقع الذي تمثله المحكيات التاريخية لأنها أنماط لا تثير "التردد" أو "الحيرة" في تصنيفها مادامت تنقل الواقع "كما حدث فعلا".

السرد العجائبي ومعايير التجنيس:

يعتبر الزمن مكونا أساسا في كل عمل سردي. لأنه لا يمكن حكي "حدث" ما إلا بعد وقوعه، ولا يمكن لأي "حدث" بما أنه "فعل" أن يتجرد من الزمن أو يفلت من قبضته. فكل حدث واقع بالضرورة في "زمن" متنزل فيه ومؤطر ضمنه. ولذلك اعتبر الزمن معيارا ضابطا في التفريق بين الخطابات المؤطرة ضمن "فن السرد"، لأنه عنصر مساعد في مجال تمييز الخطابات من حيث الأنواع والصيغ والأنماط. فإذا كان السارد يهتم بتحقيق التواريخ (زمن الأحداث) وتدقيق أسماء الأعلام فإننا نكون أمام سرد "واقعي". أما إذا قدم السرد غفلا من المؤشرات الزمنية المحددة للحقبة التاريخية التي تتنزل فيها الحكاية، فإننا نكون أمام سرد تخييلي (غير واقعي). ومن ثم تتغير إستراتيجية تلقي النص السردي تبعا لتحولاته الأنواعية (نادرة – سيرة - حكاية - موعظة ...) وتجلياته النمطية (واقعي ـ تخييلي - تخيلي).

لكن معيار الزمن لا يكفي وحده لإضفاء سمة "الواقعية" على السرد، إذ نصادف في موروثنا النثري كثيرا من الأنواع السردية التي تعتمد في صوغها على المادة التاريخية أوتحاكيها على الأقل، حيث ترفق ببيانات محددة لأمكنة جغرافية حقيقية مع تعيين تواريخ محددة للوقائع والأحداث. وهي في حقيقة الأمر وقائع مختلقة من "وضع" القصاص والمحدثين الذين عرف عنهم الإغراب والإغراق في الخيال حتى تنفق بضاعتهم لدى العامة. ولذلك نرى أن التمييز بين أنماط الخطاب (الواقعي ـ التخييلي ـ التخيلي) ينبغي أن يرتهن إلى الأصول والمبادئ الآتية:

1 ـ طبيعة المادة السردية: يمكن اعتماد طبيعة المادة السردية من حيث الوقوع والاحتمال معيارا لتمييز السرد "الواقعي الخالص" (التاريخي) من "السرد التخييلي" و"التخيلي"، حيث الأحداث والوقائع تنتمي في النمط الأول إلى مجال التاريخ: "ما وقع فعلا" أي أن الحوادث قد جرت والمصائر تحددت. ويمكن الرجوع إلى المدونات والمظان التاريخية المعروفة للتثبت من الوقائع وتدقيق البيانات المتصلة بالشخصية والمكان والزمان.

إذا كان الواقعي يتميز بـ"الوقوع" لمطابقته حوادث وقعت فعلا، فإن التخييلي يتأطر في دائرة الاحتمال (الممكن الوقوع). لأن البعد التخييلي المناظر لهذا النمط من الخطاب يفرض على القارئ إرجاء قبول وقوعها ولو توافرت عدة مؤشرات (زمانية ومكانية) توكد وقوعها فعلا. لأن تلقيها يتم باعتبارها " تخييلا " (ممكن الوقوع) أو " تخيلا " (محتمل الوقوع ولكنه لم يقع بعد.)

2 ـ طبيعة المرجع: تفرض قواعد "الواقعي" أن تكون السرود ـ الوقائع المقدمة "متطابقة" مع الحقيقة التاريخية. ومن هنا كان "المرجع" في هذا النمط من السرد ماديا وملموسا يتيح التحقق من صحة الرواية إجمالا. والتفاصيل التي لا يمكن التأكد منها تكون مجهولة بالنسبة للتاريخ نفسه. أما المرجع في السرد التخييلي والتخيلي فيكون ملتبسا. لأن النص السردي قد يكون مزاوجة بين الواقع والخيال كما هي الحال في السرد التخييلي. وقد يكون خيالا صرفا كما هي الحال في السرد التخيلي.

من الواضح أنه لا يمكن التأكد من صحة الأحداث والوقائع في هذا النمط السردي حتى وإن وجدت مؤشرات تربط الوقائع المقدمة بالتاريخ. إذ تلقيها يتم باعتبارها داخلة في دائرة "الممكن" أو "المحتمل" الذي "لا يطابق" الواقع وإن كان يمتح مادته الحكائية من الخيال.

3 ـ ميثاق النوع: يعتبر الميثاق النوعي معيارا لتمييز أنماط الخطاب المختلفة. لأن مرجعية الخطاب وطبيعته من حيث الوقوع والاحتمال تحدد تبعا للواعد النوع الذي يكتب وفقه النص الأدبي، باعتباره المبدأ المنظم لقواعد التواصل بين منجز الخطاب ومتلقيه. وتمييز الأنماط في هذا المستوى يتم استنادا إلى "قانون الكتابة"؛ فالنمط الواقعي التاريخي يقوم على أساس "المطابقة" (مطابقة الواقع) فيما يقوم النمط التخييلي على أساس "المشابهة". والقارئ يتلقى كل نمط تبعا "للميثاق النوعي". ويمكننا التمثيل لذلك بالسيرة الشعبية التي تنبني على وقائع وشخصيات تاريخية معروفة (عنترة ـ سيف بن دي يزن ـ الظاهر بيبرس). وبالرغم من أن عمل راوي السيرة الشعبية، لاعتماده مادة تاريخية متداولة في تقديم السيرة الشعبية يشبه عمل المؤرخ التقليدي، فإن قارئها أو سامعها لا يتلقى وقائع السيرة الشعبية باعتبارها "تاريخا"، ولكنه يتلقاها باعتبارها "تخييلا". ولذلك فهو لا يتساءل عن صحة المرجع بقدر ما يعجب من براعة الخيال.

4 ـ الشخصية: تعتبر الشخصية مكونا أساسا في الأنواع السردية بصفة عامة، فهي أساس كل عمل سردي. فالشخصيات هي المنجزة للفعل، المضطلعة بالدور المفضي إلى الحدث. ونظرا للأهمية القصوى التي تكتسيها الشخصية في "السرد"، فقد حظيت بعناية النقاد والدارسين وخاصة المهتمين بالسرديات منهم الذين اتخذوا من "الشخصية" موضوعا للفحص. فنظروا لها من زوايا مختلفة، ودققوا أشكالها ووظائفها في أنواع سردية متباينة (القصة ـ الخرافة ـ الأسطورة...). وقد تنوعت النظرة إلى الشخصية ووظيفتها تبعا لتغير المرجعيات وزوايا النظر المعتمدة في كل دراسة على حدة. ولعل دراسة فيلب هامون: "سميولوجية الشخصيات الروائية" أن تكون أبرز الدراسات التي انشغلت بتحديد الأنماط السردية وفقا لأنماط الشخصية.

لقد قسم هامون الشخصية إلى مستويات ثلاثة: مدلول الشخصية ـ دال الشخصية ـ دليل الشخصية. وفي المستوى الأول قدم ثلاث صور للشخصية (مرجعية ـ إشارية ـ استذكارية). وسنقتصر من بين هذه الصور الثلاث للشخصية من تقسيم هامون على الصورة الأولى (الشخصية المرجعية) لأنها الوحيدة التي تتصل بموضوعنا وتخدم غرضنا، وإن كان هامون يشير إلى أنه لا توجد حدود فاصلة بين الصور الثلاث لكونها متداخلة. ويمكن للشخصية الواحدة أن تندرج ضمن الأنماط الثلاثة في نفس الوقت.

يمكننا من خلال استدعاء تصورات هامون والاستفادة من إشاراته تمييز مستويات ثلاثة في الشخصية هي (المرجعية ـ التخييلية ـ العجائبية)[41].

1 ـ الشخصية المرجعية (الواقعية): وهي الشخصيات المستندة إلى مرجع خارج ـ نصي (هو الواقع التاريخي المعروف) أو مرجع نصي كتابيا كان (المظان والمدونات التاريخية) أو شفاهيا (الأحداث والوقائع التي يتحصل عليها المؤلف عن طريق المشافهة). ويتميز هذا النمط من الشخصيات "بالاسم العلم" الذي ينهض بوظيفة "تفريد" الشخصية، بحيث يحيل الاسم العلم على شخصية واقعية واحدة ولا يمكن أن تكون متعددة. وهي الأسماء التي نصادفها باستمرار في كتب الأدب والشعر والتاريخ، من قبيل محمد الرسول (ص) والخلفاء مثل عمر بن الخطاب وهارون الرشيد، والشعراء (عنترة ـ أبو نواس...) والزهاد (رابعة العدوية - صالح بن عبد الجليل – الأوزاعي) أو ملوك العجم ( أردشير- أبرويز ). يتصل الأمر بأسماء مؤشرة على أعلام وشخصيات يتم استدعاؤها من التاريخ العربي والإسلامي والإنساني.

2 ـ شخصيات تخييلية: وهي شخصيات "مشابهة للواقع" . ومن هنا تلتقي مع الشخصية المرجعية لكنها تختلف عنها في أنها لا تحمل ملامح خاصة بها، تميزها عن غيرها وتعمل بالتالي على "تفريدها". فهي وإن كانت تحمل ملامح واقعية تقربها من الشخصية المرجعية. لكن هذه الملامح لا تتصل بـ"المفرد" بقدر ما تتصل بـ"المتشابه" و"المتعدد" الذي يختلقه المؤلف أو الراوي لمقاصد سردية محض. مثل الفارس، والخليفة، واللص، والمحتال... وغيرها من الشخصيات التي نستطيع أن نصادفها في الواقع من دون أن تحمل ملامح متميزة. إنها "نسخ متعددة" تمثل "أنماطا إنسانية". ولذلك لا تختص في الغالب "باسم علم". وإن وجدت فإننا لا نعثر عليها في كتب التاريخ. إنها من "إبداع" المؤلف و" اختلاقه" فيتعامل معها، لذلك، بالكثير من "الحرية" التي لا يتيحها له التعامل مع "الشخصيات الواقعية". ومن ثم لا يتقيد "بالبيانات التاريخية" كما هو الأمر بالنسبة للشخصية الواقعية، فلا يتحرج، في هذه الحالة،   من المبالغة والتزيد والاختلاق لأنه غير معني "بمطابقة الواقع" فما يهمه هو "براعة الخيال".  

3 ـ الشخصية العجائبية: ويتميز هذا النمط من الشخصية عن النمطين السابقين بكونه مفارقا للواقع والمألوف مفارقة تامة. وتنبع هذه "المفارقة" المولدة لسمة "العجائبية" من طبيعة التكوين الذاتي للشخصية وطريقة تشكيلها المخالفة تماما لواقع التجربة الإنسانية. ولذلك فهي لا تمتح مرجعيتها من "الواقعي" ولكن من "الثقافي". إنها تقطع مع الواقع لتؤسس واقعا متخيلا محضا. ومن الشخصيات "العجائبية" التي تفنن السارد العربي في وصف عالمها "العجيب" الجن والسحرة والأولياء والممسوخات.

وقد ينطلق المؤلف من شخصية لها "مرجعية" نصية فيقوم باستدعائها من بطون المصنفات الدينية والأدبية والتاريخية، أو كتب الرحلات لإنتاج "سرد عجيب" وهو ما يفضي إلى تداخل الشخصيات المرجعية مع الشخصيات العجائيبة على نحو ما نجد في السير الشعبية التي تجمع بين شخصيات تاريخية واقعية وأخرى أسطورية خارقة.

ترتهن نمطية الخطاب ـ شأنها في ذلك شأن أنواعيته ـ إلى الطرائق الخاصة التي تعتمد في حكيه وسرده. فمثلما تتعدد أنواع القول تبعا لتعدد استراتيجيات الإرسال وتنوع شرائط الاستقبال. فيتلبس الخطاب الواحد أنواعا عديدة وفق الطريقة التي تعتمد في حكيه والاستراتيجية التي تجتبى لتصريفه وتحقيق مقاصده. فيكون "نادرة" في الخطاب المنصرف للتفكه، و"موعظة" في الخطاب المنصرف للتدبر. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن النمطية، فالسرود تتوزع إلى أنماط حسب التجليات الخطابية التي تعتمد لتصريفها والمقاصد التي يصدر عنها منجزوها فيما يتصل بالصحة والصدق. فالمادة السردية الواحدة (الحدث) تتوزع إلى أنماط حسب طريقة حكيها ومقاصد نقلها. فقد تقدم في خطاب يعتمد قدرا كبيرا من التدقيق في طبيعة المروي ومدى مطابقته للواقع استنادا إلى الطرائق المعتمدة في التثبت من صحة المرويات وفي هذه الحال نكون أمام واحد من أنماط السرد هو السرد الواقعي المستند إلى وقائع تاريخية حقيقية.

وقد تقدم نفس المادة السردية في خطاب لا يلتزم بالوقائع الحقيقية ولا بمطابقته للواقع مما يجعلنا أمام سرد تخييلي لا يتقيد منجزه بمعيار "الما صدق" في الحكاية. ولذلك يقدم سردا تمتزج فيه وقائع حقيقية وأخرى خيالية.

وقد يقدم خطاب آخر نفس المادة السردية بطريقة تحافظ على بعض تفاصيلها لكنها تضيف إليها كثيرا من الوقائع المختلقة التي تجعل منها خطابا منتميا إلى فضاء متخيل لا يخضع لقوانين الطبيعة ولا يراعي منطق الواقع فنكون في هذه الحال أمام نمط سردي مختلف هو السرد العجائبي.

 

[1] - جيرار جونيت: مدخل لجامع النص، ترجمة: عبد الرحمان أيوب، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط 1، 1985، ص: 76.

[2] - توماشو فسكي: "نظرية الأغراض" ضمن "نظرية المنهج الشكلي"، نصوص الشكلانيين الروس، ترجمة: إبراهيم الخطيب، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، مؤسسة الأبحاث العربية، ط 1، 1982، ص: 217.

[3] جان ماري شافر: من النص إلى الجنس ضمن "نظرية الأجناس الأدبية"، تعريب عبد العزيز شبيل، مراجعة حمادي صمود، كتاب النادي الأدبي الثقافي بجدة، ط 1، 1994، ص: 130.

[4] -لؤي خليل عباس، تجنيس العجائبي، علامات، ع57- 2005 ص: 388

[5] - تزيفتان تودوروف، مدخل الى الأدب العجائبي، تر. الصديق بوعلام، دار الكلام- الرباط . ط1- 1993ص: 27.

[6] - رينيه ويليك وأوستن وارين: نظرية الأدب، ترجمة: محيي الدين صبحي، مراجعة حسام الخطيب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1987، ص: 236.

[7] - تودوروف: مدخل إلى الأدب العجائبي، ص: 31.

[8] - نفسه، ص: 29.

[9] ـ تقاليد النوع عند تودوروف عبارة عن "قاعدة تشتغل عبر عدة نصوص" ـ مدخل إلى الأدب العجائبي، ص: 27. وعند رينيه وليك "تقاليد استطيقية في الأساليب والمواضيع"- مفاهيم نقدية، تر. محمد عصفور، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ع. 110 ـ 1987، ص: 311. وعند فانسون "صيغ فنية عامة لها مميزاتها وقوانينها الخاصة وهي تحتوي على فصول أو مجموعات ينتظم خلالها الإنتاج الفكري على ما فيها من اختلاف وتعقد" ـ نظرية الأنواع الأدبية. تر. حسن عون، منشأة المعارف ـ الإسكندرية، (د.ت)، ص: 31.

[10] - نفسه ص: 30.

[11] - نفسه، ص: 31.

[12] - رشيد يحياوي: مقدمة في نظرية الأنواع الأدبية، ، إفريقيا الشرق، ط 2، 1994 ص: 8.

[13] - القولة لعالم الجمال الإيطالي كروتشه وردت في "أدب العصور الوسطى ونظرية الأجناس" ضمن نظرية الأجناس الأدبية، ترجمة: عبد العزيز شبيل، ص: 54. . وقد سخر كروتشه من هذا الإجراء الذي يعتبره قصورا في نظرية الأنواع التي يعتبر من أبرز مناهضيها. يقول في كتابه "المجمل في فلسفة الفن"(ص: 82): "ما من أحد يجهل أن التاريخ الأدبي مملوء بالحالات التي يخرج فيها فنان عبقري على نوع من الأنواع الفنية المقررة، فيثير انتقاد النقاد، ثم لا يستطيع هذا الانتقاد أن يطفئ إعجاب الناس بهذا الأثر العبقري، ولا أن يحد من ذيوعه، فما يسع الحريصين على نظرية الأنواع إلا أن يعمدوا إلى شئ من التساهل، فيوسعوا نطاق النوع أو يقبلوا إلى جانبه نوعا جديدا، كما يقبل ولد غير شرعي، ويظل هذا النطاق قائما إلى أن يأتي أثر عبقري جديد، فيحطم القيود ويقلب القواعد".

[14] - كارل فيتور: تاريخ الأجناس الأدبية ضمن نظرية ألجناس الأدبية، ص: 33.

[15] - نفسه، ص: 32.

[16] ـ أرسطو ، فن الشعر تر. عبد الرحمن بدوي، ترجمه عن اليونانية وشرحه وحقق نصوصه، عبد الرحمن بدوي، دار الثقافة – بيروت 1973.ص: 8.

[17] ـ إبان واط، الواقعية والشكل الروائي، ضمن كتاب الآداب والواقع، ترجمة عبد الجليل الأزدي، محمد معتصم، تنميل للطباعة والنشر، ط 1- 1992، ص: 19.

[18] ـ نفسه، ص: 19.

[19] ـ نفسه، ص: 19.

[20] ـ نفسه، ص: 19.

[21] ـ نفسه، ص: 19.

[22] ـ نفسه، ص: 19.

[23] ـ نفسه، ص: 20.

[24] ـ نفسه، ص: 20.

[25] ـ نفسه، ص: 20.

[26] ـ نفسه، ص: 20.

[27] ـ نفسه، ص: 23.                                                                    

[28] ـ نفسه، ص: 23.

[29] ـ نفسه، ص: 23.

[30] ـ نفسه، ص: 27.

[31] ـ نفسه، ص: 31.

[32] ـ نفسه، ص: 28.

[33] ـ نفسه، ص: 29.

[34] ـ رولان بارت ، أثر الواقع ضمن كتاب الآداب والواقع، ترجمة عبد الجليل الأزدي، محمد معتصم، تنميل للطباعة والنشر، ط 1- 1992، ، ص: 41.

[35] ـ نفسه، ، ص: 42.

[36] ـ نفسه، ص: 42.

[37] ـ نفسه، ص: 44.

[38] ـ نفسه، ص: 43.

[39] - تزيفطان تودوروف، مدخل الى الأدب العجائبي، تر. الصديق بوعلام، دار الكلام- الرباط . ط1- 1993

[40] ـ يعتبر تودوروف العجيب والغريب جنسيين خطابيين.

[41]- فيليب هامون ، سميولوجية الشخصيات الروائية تر. سعيد بنكراد ، دار الكلام – الرباط – 1990 ص : 24

وسوم: العدد 903