تطبيقات وتوجيهات وفق نظرية الاتصال اللغوي

د. عبد الرحمن الحطيبات

د. عبد الرحمن الحطيبات

مشرف اللغة العربية

مدارس الجامعة الملك فهد للبترول –  الظهران

[email protected]

في ضوء نظرية الاتصال  يطرح السؤال الآتي نفسه : كيف لهذه النظرية  أن تجد طريقها في تدريس اللغة العربية  ؟

فيما يلي مجموعة من التطبيقات التي تشكل أساساً من أسس بناء التعامل مع نظرية الاتصال اللغوي  :

1. إن هناك فرقاً بين صورتين لتعليم اللغة اتصالياً. هناك الصورة الضعيفة، وهي التي يتم فيها تزويد الطالب  بمجموعة فرص لاستخدام اللغة في الاتصال. وهناك الصورة   القوية، وهي التي تستثار فيها الإمكانات اللغوية عند الطالب  في مواقف اتصال طبيعية. إن هذا هو الفرق بين تعليم الاتصال من خلال اللغة، وبين تعليم اللغة من خلال  الاتصال. والكتاب الجيد هو الذي تسود فيـه الصورة القوية لتعليم اللغة اتصالياً، فتكثر فيه الفرص التي يتم فيها توظيف المصادر اللغوية، والثقافية المتاحة في المجتمع حتى يمكن للطالب أداء المهام الاتصالية التي يكلفون بها في المهارات اللغوية المختلفة.

2. إن هناك نوعين من الاتصال : اتصال بين الفرد ونفسه Interlingual Communication وهو الذي يدور داخل عقل الفرد في أثناء علاقته بالآخرين، وتبادله وجهات النظر معهم وهناك اتصال بين الفرد والآخرين Interlingual Communication، وفيه يتم تبادل المعلومات والمعارف بين فرد وآخرين. والكتاب الجيد هو الذي يساعد على تنمية كل من النوعين عند الطالب ين باللغة العربية، فيدرب الطالب  على التفكير بالعربية ويدربه أيضاً على تبادل الآراء مع غيره بالعربية.

3. إن مواقف الاتصال التي يستخدم الفرد اللغة فيها مواقف غير محدودة، ومن غير الممكن استيعاب الكتاب لها، وتدريب الطالب  على المرور بها جميعاً. من هنا تصبح تنمية القدرة على الاختيار بين البدائل والتكيف مع مواقف الاتصال الجديدة هدفاً أساسياً من أهداف تعليم اللغة في الكتاب الجيد.

4. إن المادة التعليمية الجيدة هي التي تحول الكفاية اللغوية عند الطالب إلى كفاية اتصالية حسب ظروف كل مجموعة، فقد يكون من بين الطلبة  من لديه خبرة سابقة محدودة باللغة، وقد تختلف أهدافهم من تعلم اللغة، وقد تتفاوت قدراتهم ودوافعهم إلى غير ذلك من متغيرات يجب أخذها في الاعتبار عند إعداد المادة التعليمية بحيث تناسب كل فئة منهم.

5. ينبغي بناء المادة التعليمية على أساس التحليل الدقيق للحاجات اللغوية عند الطالب ، وتحويل هذه الحاجات إلى وظائف لغوية تشبعها المادة التعليمية المقدمة في الكتاب.

6. ينبغي أن يؤدي الكتاب ثلاث وظائف أساسية بالنسبة للمادة التعليمية :

الأولى : تقديم نماذج منها.

الثانية : تمكين الطالب  من ممارستها.

الثالثة : تدريب الطالب  على إنتاج مثلها.

7. ينبغي استثارة دوافع الطلاب على تعلم اللغة، وذلك بتعريفهم بأهداف الموضوع ، وموقع هذه الأهداف من مواقف الاتصال الحقيقية في الحياة. إن الكتاب الجيد هو ذلك الذي يتعرف الطالب  من خلاله على أهداف كل أداء لغوي مطلوب منه القيام به، أو كل معلومة مطلوب منه أن يعرفها سواء نص الكتاب عليها صراحة، أو استنتجت من ثناياه.

8. إن هناك فرقاً بين معنى الجملة، والطريقة التي تستخدم بها في سياقات معينة. إن هناك عدة طرق وأساليب لأداء اللغة في الحياة، والمطلوب أن تعرف هذه الطرق والأساليب، وليس مجرد معرفة المفردات والتراكيب والجمل. والكتاب الجيد هو ذلك الذي يقدم للطالب الطرق التي تستخدم بها هذه الجمل في الحياة، وليس المقصود هنا مجرد المفردات أو الجمل التي تتكون منها، وإنما أيضاً الإشارات المصاحبة لاستخدام هذه المفردات والجمل، أو ما يسمى باللغة المصاحبة التي سبق الحديث عنها.

9. ينبغي أن يحرص الكتاب على توجيه الطالب إلى أن الاهتمام يجب أن ينصب على المعنى وليس على البراعة اللفظية ! لا انفصال في نظرية الاتصال بين الشكل والمعنى والتركيز هنا ينبغي أن يكون على نقل الأفكار والتعبير عنها وتحقيق هدف المرسل من رسالته.

10. ينبغي قياس قدرة الطالب باستمرار على إدراك موقع الحرف والكلمة والجملة في إتمام عملية الاتصال بشكل معين.

11. ينبغي اعتماد الكتاب على نصوص أصلية موثقة، فهي أقرب إلى الحياة وأصدق في التعبير عنها، مع تعديل ما يلزم تعديله من أجل أن يصلح لتأدية الأغراض التعليمية والتدريبات.

12. ينبغي تقديم نماذج من المواد الأصلية Authentic materials التي تستخدم في المجتمع حتى يتعرف الطالب  على أشكال هذه المواد في الحياة وأسلوب التعامل معها. ومن هذه المواد الأصلية :

أ) نشرة أخبار حقيقية.

ب) نسخة من جريدة عربية.

ج) تذكرة لإحدى شركات الطيران العربية.

د) قائمة طعام بأحد الفنادق العربية.

هـ) أنشودة  من الأناشيد  المؤثرة .

و) تعليمات تشغيل جهاز باللغة العربية.

ز) خرائط لبلاد عربية.

ح) طوابع بريد عربية.

ط) نماذج لملابس عربية.

13. ينبغي تنويع النصوص والتدريبات اللغوية بحيث تغطي الأنواع المختلفة للكفاية الاتصالية، أو المكونات الأساسية لها وهي :

ــ الكفاية النحوية          ــ الكفاية اللغوية الاجتماعية

ــ كفاية التخاطب أو الخطاب   Discourse              ــ الكفاية الاستراتيجية

14. يخضع ترتيب المهارات اللغوية في الكتاب لاعتبارات خاصة بأهداف البرنامج واحتياجات الطلاب ، وليس لاعتبارات تقليدية مطلقة. فقد يبدأ بالاستماع في كتاب بينما يبدأ بالكلام في آخر، ليس هناك إذن، في المدخل الاتصالي، ترتيب مطلق للمهارات اللغوية.

15. ينبغي إبراز التكامل بين المهارات اللغوية بالشكل الذي تتم به في الحياة، فقد يتدرب الطالب  على الاستماع من خلال حوار بينه وبين غيره، وقد يتدرب على القراءة من خلال الكتابة... وهكذا.

16. ينبغي أن تتعدد الاستجابات اللغوية التي يدرب الطالب  على استخدامها في الموقف الواحد، مثل عبارات الشكر التي ترد في حوارات معينة، مما يعني البعد عن الأسلوب التقليدي في تدريس كتب تعليم اللغات .

17. ينبغي التخلص من تقديم القواعد اللغوية عن طريق الجمل المصطنعة، أو المعزولة عن سياقها. وأن تكون المادة اللغوية المقدمة في الدرس متاحة للطالب، يستطيع أن يجدها في يسر.

18. يفضل توزيع الظاهرة اللغوية على عدد من الدروس حسب ورودها في مواقف الاتصال، وعدم تركيزها في درس واحد. وعلى سبيل المثال يقدم موضوع العدد في دروس مختلفة، وكذلك أدوات النفي والاستفهام وغيرها. ليس من اللازم إذن أن نأتي على كل جزئيات الظاهرة اللغوية في درس واحد حتى لا يشعر الطالب  بالإحباط.

19. ينبغي اختيار المفردات ذات الصلة الوثيقة بمواقف الاتصال، مما يساعد الطالب  على أداء الوظائف اللغوية المطلوبة في الموقف الاتصالي، ولا ينبغي في مثل هذا الموقف الاعتماد على القواميس في انتقاء هذه المفردات،

20. ينبغي توفير الفرص لكي يتحرك الطالب  في أنشطة اتصالية، ومواقف طبيعية تنقل الحياة على قدر الإمكان إلى حجرة الدراسة.

21. ينبغي عدم المبالغة في التوقعات من الطالب ، إن هناك فرقاً بين الكفاية الاتصالية لدى الطلاب عندما يستخدمون اللغة الفصيحة، وبين الكفاية الاتصالية لدى من لا يستخدم  العربية الفصيحة ويتحدث باللهجات المحلية.

22. ينبغي أن تحتل الاختبارات التكاملية مكانها في كتب تعليم اللغة في ضوء المدخل الاتصالي، إذ هي أقدر على قياس الأداء العام في اللغة عند الطالب . من هذه الاختبارات التعبير الشفوي والتحريري، الإملاء، واختبار التتمة.

توجيهات عامة

ينبغي أن يتفهم المعلم التوجيهات الآتية حتى يستطيع تدريب طلابه على الاتصال الفعال :

1. تدريب الطلاب على الاعتماد على ما لديهم من خبرات وتجارب.. فلا يتكلمون عن أشياء لا عهد لهم بها أو لا خبرة لهم عنها لمجرد الرغبة في الكلام.

2. قبول مستويات التعبير التي تصدر عن الطلاب ما دامت الرسالة واضحة وعدم تكليفهم ما يصعب عليهم خاصة في المستوى الابتدائي لتعلم اللغة.

3. تدريبهم على عرض الفكرة بتفصيل أكثر حتى تصل إلى الآخرين.

4. مناقشة المفاهيم الموجودة عند الطلاب والتأكد من صحتها.

5. تدريبهم على إدراك الفروق الدقيقة بين الكلمات المتشابهة، حتى تختار أكثر الكلمات مناسبة لموقف الاتصال.

6. توجيه الطلاب إلى أن الاهتمام يجب أن ينصب على المعنى وليس البراعة اللفظية.

7. تقديم الرسالة من خلال عدة قنوات للاتصال، فقد تصلح إحداها لما لا تصلح له غيرها.

8. التأكد من عدم وجود مشوشات تؤثر على الرسالة.

9. الحرص على استخدام السياق في عرض الأفكار الجديدة حتى تساعد الطلاب على فهمها سواء من خلال تتابع الأحداث أو واقعية السياق.

10. التأكد من فهم الطلاب للفكرة من خلال متابعتهم بالأسئلة أولاً بأول، وتكليفهم بإعادة عرض الفكرة عليه ليتأكد من فهمهم لها.

11. البناء على خبرات الطلاب وتقديم الأفكار الجديدة في عبارات مألوفة حتى لا يجتمع على الطالب صعوبتان، حداثة الفكرة وصعوبة اللفظ.

12. التأكد من وضوح الصوت ومخارج الحروف وتمييزها.

13. إشاعة جو من الوئام بين المعلم والطالب.. فالطالب لا يحسن استقبال رسالة من معلم يكرهه.

14. التأكد من أن الطلاب على علم بالأصوات المختلفة وقادرون على التعرف على الفروق بين الأصوات.

15. على المعلــم أن يأخذ في الاعتبار جميع العناصر الموجودة في مجال الاتصال (حجرة الدراسة، الحالة النفسية للطلاب، طبيعة المادة، هدف الاتصال وقت التدريس وغيرها). 

المراجع

. ميشال زكريا : الألسنية وعلم اللغة الحديث، المبادئ والأعلام، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

. نايف خرما وعلي حجاج : اللغات الأجنبية، تعليمها وتعلمها، الكويت، سلسلة علم المعرفة.

. Brown, H.D. : Principles of Language Learning and Teaching, Englewood Cliffs, 1980.

. Brumfit, C. : Communicative Methodology in Language Teaching, Cambridge, Cambridge University press, 

. Critchfield, - David - Lawrence : A Field Guide for Continued Study for the Arabic Language in Yemen and Oman, Peacecorps, Washington, D.C

. Finocchiaro, M. : English as a Second Language from Theory to Practice, New York, Regents Publishing Company, SNC.

. Gremmo, M. : زLearning a Language or Learning to Read in Riley, P. (ed) Discourse and Learning, London, Longman. 

. Howatt, A. P. : A History of English Language Teaching, Oxford, Oxford University Press.