حرية الإبداع وحدود الحق والعدل

زغلول عبد الحليم

الإبداع في أصله رأي للمبدع في شكل من الأشكال الأدبية يقدمه للمجتمع ليساهم في نهضته لا العكس) الكاتب يكتب والقارئ يقرأ أو لا يقرأ فهو حر في اختيار ما يقرأ.. والكاتب أيضا حر في اختيار ما يكتب. أما "الناقد" فليس حرا ً في فرض ما يراه من أصول ونظريات متعلقة بفن الأدب على كل من يكتب فن الأدب بمختلف أجناسه.. فالناقد لا يملك تجاه الكاتب شيئا ً لأنه أصلا ً يعتمد على معلومات من الدرجة الثانية عن العمل الذي أنتجه الكاتب. هذا ليس تقليلا ً من أهمية دور الناقد على الإطلاق.. ولكن توضيح لمهمة الناقد حسب المنهج الذي يراه.. ولا يمكنه غير ذلك فيما أرى.. ولكن أن يعتمد أسلوب وضع الكاتب في خانة فنية ثابتة وينزل عليه أحكامه النقدية بين صائبة وطائشة دونما قراءة واعية للنص الأدبي.. فهذه جناية على العقل والفكر معا ً. لن أذهب بعيدا ًعن ما أقصده.. وهو أن للكاتب الحرية الكاملة في أن يدخل من أي باب من الأبواب شاء الناقد أم أبى. اختيار الإطار العام حق الكاتب وحده ولا يستطيع ناقد أن يثنيه عنه. فمثلاً الرومانسية كإطار عام وباب يدخل منه الكاتب إلى عمله الأدبي لا يقلل في رأيي من أهمية العمل أو صانعه.. لأن المنتج النهائي تصقله الموهبة والدربة. الدخول من باب الرومانسية قد يكون تمهيد حسن لاستقبال ما ليس بالحسن! قلنا أنه لا يستطيع ناقد ما أن يفرض منهجه على أي كاتب.. وإلا كان الخلق الأدبي مرحلة من مراحل العمل النقدي.. وهذا ما لا يتصور عقل.. وأبلغ ما قيل من هذا الشأن قول "د/ طه حسين" قبل ما يزيد عن نصف قرن: (لا أضع قصة فأخضعها لأصول الفن.. ولو كنت أضع قصة لما التزمت إخضاعها لهذه الأصول لأني لا أومن بها ولا أذعن لها ولا أعترف بأن النقاد مهما يكونوا أن يرسموا لي القواعد والقوانين مهما تكن.. ولا أقبل من الناقد مهما ارتفعت منزلته أن يدخل بيني وبين ما أحب أن أسوق من حديث.. وإنما هو كلام يخطر لي فأمليه ثم أذيعه.. فمن شاء أن يقرأه فيقرأه ومن ضاق بقراءته فلينصرف عنه. يجب أن تكون الحرية هي الأساس الصحيح للصلة بين القارئ وبيني حين أكتب أنا ويقرأ هو) (من كتاب سحر الرواية للدكتور فاطمة موسى ص87). قد يقول قائل أن رأى الدكتور طه حسين مرجعه إلى ما عرف عنه مما ذكره الرافعي.. ولكن هو رأى مطروح في قضية وجوب إخضاع المنتج الأدبي من عدمه لقواعد النقد أثناء الولادة الأدبية.. إذا صح التعبيرّ المسألة ليست تفصيل أقمشة نسائية أو رجالية ونظر في كتالوجات الأزياء ،لا، أن خلق العوالم القصصية أمر يتعدى كل هذه الخطوط.. وإلا أصبحت المسألة ( قص ولزق)! وفى اعتقادي أن الأديب الموهوب لا يمسك المحماة أثناء الولادة! أن كتابة المقال تختلف جذريا عن كتابة الأدب الروائي.. أن اللحظة التي يحياها المبدع لحظة لا تتكرر مطلقا.. أنها اللحظة الممتازة التي لا تعود أبدا! تأتى غيرها ولكنها هي بالذات لا تعود! ربما تكون التالية أقل امتيازا ً ولكنها لا تعود أيضا. اللحظات الفنية نوع من الإلهام أو الغياب الكامل عن الحاضر لتأمله عالمه.. وهو يجرى حواليه بشكل أو بآخر. المبدع يحيا لحظات أخرى وحيوات أخرى لا نعلمها إننا لا نعلم إلا ما يريد أن يعلمنا إياه.. فكيف نقيده بقواعد ونصوص تفقد إبداعه المعنى.. وربما تأتى على قواعده من الأساس. مرة أخرى أعود إلى رأي الدكتور طه حسين وأراني أؤيده فيما ذهب إليه من رأي. هل سيستريح الناقد لو أن الكاتب وصف عملية الاغتصاب تفصيلا ؟ هل سيكون عندئذ واقعيا؟: ومن منا لا يعرف كيف يكون الاغتصاب.. أن الكاتب هنا يعلو فوق الواقع ويدفعنا معه إلى هذه القمة لحبه للفن الذي تكفى فيه الإشارة ويعنى التلميح فيه عن التفصيل,, خاصة عند مثل هذه المواقف لسبب قوى يراه الكاتب.. وهو التزامه بمنظومة القيم العليا التي تمثل العمود الفقري للمجتمع. وقد يكون هذا الرأي في ذاته هو العيب الذي يراه بعض النقاد.. وهو أنه لا علاقة للأدب بمنظومات القيم.. ولكن البعض يرى ضرورة الالتزام بالمحافظة على منظومات القيم.. خاصة العليا منها. (في كتابة التراجم الذاتية لا يخجل البعض من ذكر انحرافاته وشخبطاته أو انحرافات والده أو والدته أو أخته.. وهذا النوع من الكتابة في نظر الباحث لا يعدو أن يكون تهديدا لمنظومة القيم العليا في المجتمع رغم التصفيق الحار الذي نسمعه من جانب بعض النقاد، لا أدرى لماذا؟). وهنا نقطة جديرة بالملاحظة.. وهي أن يوضع الكاتب في خانة الوعاظ ويوصف بأدبه بأدب الحكمة ويقذف بالطوب والحجارة.. وكان المطلوب منه أن يجعل من روايته علبة من علب الليل حتى تكون مقبولة فنيا وواقعية فلا واقعية إلا في علب الليل.. نعم إنها واقعية.. ولكنها واقعية منحرفة واقعية الساقطات.. وهي موجودة فعلا ً.. ولكن ألا تكفي الإشارة إليها؟! ما الذي يضاف للعمل الأدبي حين يصف مبدعه تفاصيل لحظة الهبوط؟ لا شيء.. ولكن قد يراه بعض النقاد أنه الأستاذية في التناول! ربما. أن نقاط الهبوط لا يمكن أن تعطى العمل الأدبي قيمة إلا إذا كانت تؤدي دورها بالفعل.. حينما نتذكر خاصة على التفصيل الذي أشرنا إلى أنه يعجب البعض من النقاد. ولكن البعض الآخر- فيما أعتقد – يميل إلى التلميح فهو يشحذ الذهن ويثير العاطفة والفكر معا ً.. ولتقرأ معي هذا النص: (واشتد عزف الليل على كمانه المسحور، فسرت النفحات في الأعصاب، وصنفت الكائنات فصارت أزواجاً، وجعل كل نصف يناجي نصفه الثاني بهمس عجيب وأطلق الربيع بواكير بخوره في هذه اللحظة فعطر نشوة الدنيا واستحال الظلام إلى ستر من الحرير ترف مع النسيم وترقص مع الأنغام.. وأحسست أنا وهى أننا جزء من الكون أو كأن الطبيعية تآمرت علينا. كنت أقرأ في عينيها كتاباً مفتوحاً قرأت مثله في عيني .. لم أكن أنا أنا.. ولم تكن هي هي .. كنا معدنين في سعير المنجم لابد أن تخلط النار عنصرينا.. لم أكن أنا في هذه الحالة صاحب فكرة.. وإنما كنت في الدوامة أدور معها حيث تدور. أما هي فكانت على النقيض ورأيت بعد برهة مفاتيح الكنوز في يميني لم يستعص علي باب لا.. ولم يزجرني حارس ولكن: آه !! لا تدع خيالك يجمح بك فقد كنت نصف كريم!!) من رواية شجرة اللبلاب لعبد الحليم عبد الله ص 138 ، منشورات مكتبة مصر ، القاهرة ، 1949. هل هذا الموقف الذي يعرفه كل إنسان في سن البطل.. محتاج إلى تفصيل أم إلى تلميح؟ أيهما أكثر قبولاً قول الكاتب: فلا تجعل خيالك يجمح بك ! أم أنه يذكر لك تفاصيل اللقاء بين البطل وفتاته!! لكل مبدع من المبدعين قلم يملأه حين يكتب بإحساسات قلبه وكل حرف يكتبه هو به لصيق.. الكاتب يكتب نفسه، نعم يكتب نفسه شاء الناقد أم أبى. وقد ذكر (أندريه جيد) ضمن ما ذكر في كتابة عن (ديستوفسكي) من منشورات عويدات ، لبنان، سنه 88 ص 2003. (أعتقد أنه ما من تشوه أو انحراف في الطباع كالذي تقع عليه لدي العديد من شخصيات ديستوفسكي إلا ونجد مصدره في إحدى إهانات الطفولة). الكاتب يكتب نفسه! أن يقولها أندريه جيد فهي صحيحة.. أم أن يقولها كاتب عربي.. فيمكن أن تكون صحيحة إن لم تكن هي الخطأ بعينه!. وعلي كل حال، الأخذ عن الغير لا غبار عليه في حدود أمرين: أولهما: ألا تنزل من النفس منزله التقديس. ثانيهما: عدم الانبهار كما يقول د/ عبد العزيز حمودة. مع العلم أن الكثير يأخذون عن كتاب الغرب دون فحص أو نظر.. فما يقوله الأستاذ/ بالكولديج فرانس أو السوربون هو الكلمة النهائية فيما نتناوله من قضايا.. ربما تكون من أخص خصائص حياتنا الثقافية أو منظومة قيمنا. إن مفاهيم عديدة يجب أن يتأملها الإنسان قبل أن يستخدمها.. بل وعليه أن يُحسن تأملها فلا يبقي للمفهوم ظل غامض.. هناك ضرورة مُلحه أن تكون المفاهيم وظلالها واضحة تمام الوضوح في ذهن الكاتب المبدع حتى لا يقع فريسة الانطباعات المضللة التي تقوده وعمله إلي دائرة النسيان.. علاوة علي ارتباط المفاهيم المشار إليها بمنظومة القيم التي تحكم المجتمع ككل. فليس من المعقول أن يشير أحدهم إلي أن القيم تتغير بتغير أحوال المجتمع، القيم لا تتغير.. إنما الذي يتغير مفهوم الناس عن القيم، ولا يمكن أن تكون العوامل الاقتصادية وحدها هي محرك الدوافع الإنسانية وإلا نكون بذلك قد أسقطنا إلي غير رجعه البعد الروحي للإنسان أو شطرناه إلى شطرين! فتظهر لنا مفاهيم اللاادرية، العبث، من خلال كتابات أدبية يختارها كتابنا أو تبذل لهم علي إنها المعراج إلي القمة وكلها كتابات معروفة.. إلا إنها ليست معروضة علي منظومة قيمنا الخاصة.. فنأخذ المفيد منها ونطرح الفاسد بعيداً عنا. لا سلطان علي الكتاب المبدع.. ولكن بعيداً عن تهديد الأدب والفن لمنظومة القيم أو بعبارة أخري أوضح.. وربما تكون أقسى في نظري.. إنه لا يصح أن يعبر الأدب إلا عن روح الأمة ليستنهض قواها وينير غدها.. بعيداً عن مفاهيم الوعظ والإرشاد والخطابة قد يكون الدخول من باب الرومانسية نوع من إعداد قارئ لما هو أصعب بكثير من مر الواقع الذي يعانيه! أن حكاية فن الأدب تمس أمن الأمة دون شك.. شريطة إلا يصبح العمل الأدبي مواعظ وإرشادات.. حتى لا يفقد كعمل أدبي خال من الإسفاف. معضلة. نعم، معضلة في نظر أصحاب نظرية البعد الواحد للإنسان والذين لا يرون فيه إلا حاجياته المادية فقط، إشباع الغريزة، ليس إلا، وهذا منطق لا يتفق مع الواقع. فتصوير (زولا) لشخصياته تخضع لهذا المنطق فهي لا تتفق مع الواقع.. إنها تتفق فقط في ناحية وتهمل ناحية واقع مزور.. وكذلك أدب (موارفيا) وغيره من الكتاب الذين يفقدون الرؤية الكاملة للإنسان إلا وهي المادة والروح. وقد ساد الغرب تلكم الفكرة التي كادت تذهب بالبقية الباقية من منظومة قيمة!!.. والذي اعتقده في هذا الشأن أن الأساس التي تقوم عليه منظومة الغرب هو في ذاته أساس هش حتى وإن أطلق عليه البعض اسم حضارة. إنها الوثنية الرومانية أو الإغريقية! وأوروبا هي وريثة (الحضارة) العرجاء.. (حضارة) البعد الواحد!. وقد يعجب البعض من وصف الدكتور "مراد هوفمان" للحضارة الأوربية بأنها حضارة الخمور أو مجتمع الكحول، إن الفصل بين القيم المتكاملة لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كارثة أخلاقية (مع ملاحظة أن هناك نظرية تفيد بأنه لا صلة للإبداع بالأخلاق!). لذا فظلت أعمال بعض الكتاب العرب بعيدة عن التناول النقدي بدعوي إنها أعمال مرتبطة بالأخلاق أو بقيم المجتمع الزراعي بعيدة عن غليان الواقع والأمة.. وكان المجتمع الزراعي بدون مشاكل وبدون غليان. لقد تخلص البعض مما يفسد رؤيته للعمل الأدبي.. تخلص من الواقع المزيف وتمسك بالواقع الحقيقي.. فأنتج أعمالاً بعيدة عن أثارة الغريزة قريبة من الإشارة إليها علي أساس إنها ضرورة لها ضوابطها حتى لا تكون هي الفوضى والعبث. لقد التزم البعض بمنهج وقيد نفسه بقيد أحبه ودافع عنه وارتبط به وهو إلا يكسر منظومة القيم. وقد يري البعض أن علاقة منظومة القيم بالأعمال الأدبية والفنية علاقة فاترة جداً.. ويلزم أن نحرر الأعمال الأدبية من كافة القيود والضوابط.. وأن تقوم الأعمال الأدبية والفنية كما هي حتى ولو كانت تتعارض مع منظومة القيم.. فلا مانع أن نقدم صورة للأنبياء كما نراها! أو كما قدمت أحداهن رؤيتها للخالق سبحانه وتعالي. أعتقد أنها الفوضى رغم الصياح العظيم الذي نسمعه يدافع في (بلاغه) أن أعداء الأدب وأعداء الفن وأعداء النجاح قد الحقو بالأمة الأضرار البالغة!! بلاء ما بعده بلاء. وكان الأدب لابد له أن يعبر فقط عن الشهوات! وأن ينحصر الفن في رسم الجسد العاري! وسبحان الله نحن لا ننكر الواقع الحقيقي ولا نزين الواقع المزيف. لم يسلم بعض الأدباء الكبار من النقد المتحيز.. النقد الذي يري دائماً بعين واحدة ويبني مواقفه النقدية على السماع.. ولا ندري سبباً واحداً موضوعياً لهذه النظرة وما يخفف من ألمها إنها أصابت العديد من أبناء الجيل الذي أسس الأدب الروائي في عالمنا العربي حتى قال أحدهم أن (.....) لا يفرق بين الأدب والطبيخ! وهو أمر خطير في التناول النقدي للأعمال الأدبية والفنية، وقال أخر عن أدب (.....) إنه أدب الفراش أما (......) فلم يتناوله أحد بالنظر .. لماذا؟ لمجرد أنه صاحب رؤية لا تعجب الكثير من النقاد فاجتمعوا علي رفض أدبه وسلوكه معاً . ماذا نقول؟ جو ثقافي سام عاش فيه ومعه مجموعة الأدباء الكبار مهما اختلف النقاد حول أعمالهم.. لقد قتل النقاد مجموعة كبيرة من الكتاب. نعم.. قتلوهم بالإهمال وإطلاق المعايير السخيفة علي أعمالهم.. رغم قبول القارئ وأدعي بعضهم مثل الأستاذ/ غالي شكري أن أعمال بعض الأدباء الكبار لا تصلح إلا لقراءة النساء في البيوت.. ولا أدري لهذا الوصف وصفا إلا إنه لا يوصف!. وصف إجرامي يقتل في صمت، دون رصاص! أما وصف الراقصات بالوطنية.. فهو عمل أدبي جليل، والسخرية من القدر علم ما بعده علم ، والاستهزاء بالمثل والتعرض بالسخافات للعلماء أمر مقبول وجائز وضروري وهام. بلاء ما بعده ولا قبله بلاء وتسألني ما بال حديقتنا؟! وأنا اسأل ما بالك تسألك؟! هجوم شرس علي منظومة القيم العليا بدعوي إنه لا حدود للإبداع! هل هذا منطق؟! إنها دعوة لإسقاط مفاهيم بذاتها مثل العفة والأمانة والستر حتى يتحول سلوك الناس المحكوم بالقيم والخلق إلي سلوك بهيمي ويسقط المجتمع في بئر لا قرار له أمر غريب وهجوم شرس علي كل عمل أدبي له صله بالعقيدة أو تحكمه العقيدة. لا ندري لماذا؟! سنوات طويلة أسس فيها النقاد لمدرسة محاربة الإبداع المؤسس علي العقيدة تحت دعوي إنه لا حدود للإبداع .. دعوة حمل رايتها في العشرينات الأستاذ "سلامه موسي" متأثراً تأثراً شديداً بالغرب وكتابة حتى وصفهم بأنهم علموه في كتابة (هؤلاء علموني) أننا لا نحجر علي حرية الاعتقاد مطلقا ً.. ولكننا نقول لمن يحاربنا في عقيدتنا ويصفها بما لا يليق قف مكانك. ولا أدري لماذا لا تعمل وزارات الثقافة عملها من وقف هذا السيل من الكتب والآراء التي تحطم القيم وتدعو للإسفاف والمسخرة.. لماذا؟! وإذا قامت جهات الرقابة بعملها قام الأدعياء من نومهم ليفصحوا عن خبيئتهم ثم يعودوا إلي النوم مرة أخري.. سخف وبلاء وواقع مشحون بالتخلف والعجز. ولا أدري أيضا لماذا لا تعمل وزارات الإعلام علي تحجيم هذا البلاء المسمي بالأعمال الأدبية والفنية التي تسئ إلي العقيدة؟! لماذا كاهذا الاهتمام بأهل المغني بصورة ملفته للنظر. إثارة وعري وتفاهة وتقليد أعمي لكل ما هو غربي باستثناء أعمال وبرامج قليلة جدا تعمل في ساعات ميتة. ماذا جرى لهذه الأمة.. هل نسيت الأمة عقيدتها رغم بناء الجوامع وإقامة الشعائر! ليست الشعائر وحدها هي الدين! أعتقد أنه لا يمكن نسيان ما اقترفه النقاد في حق بعض الأدباء العرب الكبار.. ولكن فساد الحياة الأدبية التي كانت سائدة حينذاك.. والتي لا تزال رائحة فسادها تزكم الأنوف السليمة سيطر علي كل الأدمغة فانزوى كل منهم في بيته بعد حصاره إلي أن لقي ربه . ومن القاتل؟! وحتى الآن يبحث الضمير الأدبي عن القاتل! هل أسرفت في القول؟ أن الاستهزاء بالقيم من خلال الأجناس الأدبية قد كسر المنظومة الأخلاقية وحول المجتمع إلي غابة تتصارع في الرغبات والأجساد صورة مزيفة للواقع. إن واقعنا له خصائصه وواقع أوربا وأمريكا له خصائصه وما يصلح هناك لا يصلح هنا.. أن المفاهيم التي تعرضها الروايات والقصائد واللوحات تدعو في علمها إلي إسقاط المفاهيم العقدية وإبعاد القيم بشكل نهائي حتى يسقط المجتمع في هاوية الرذيلة تحت دعوي عريضة: حرية الإبداع! والذي أعرفه أن حرية الإبداع لا يمكن أن تخرج عن حدود الحق والعدل وكذلك حرية الرأي، فالإبداع في أصله رأي للمبدع في شكل من الأشكال الأدبية يقدمه للمجتمع ليساهم في نهضته لا العكس. والسؤال الآن: هل يستطيع أي مواطن في الدولة العبرية أن يرفض كلمة واحدة فقط من منظومة القيم التي تحكم المجتمع العبري؟! لقد هانت علينا عقيدتنا ولا حول ولا قوة إلا بالله.