برد وفاء ابريوش الدّافئ

برد وفاء ابريوش الدّافئ

جميل السلحوت

[email protected]

عن دار فضاءات للنّشر والتوزيع في عمّان، صدر كتاب"برد دافئ" للكاتبة الفلسطينية وفاء ابريوش، وهو عبارة عن مجموعة نصوص تقع في 226 صفحة من الحجم المتوسط، وصمّم غلافها خالد ابريوش.

القارئ لهذه النّصوص سيجد نفسه أمام كاتبة تملك ناصية اللغة، وتعرف كيف تتلاعب بجمالياتها، تماما مثلما تجثم على صدرها هموم كثيرة تحاول البوح بها، تلجأ إلى الخيال والرّمز لتعبّر عن مكنون دواخلها، طرقت مواضيع شتّى وكأنّها تبحث عن راحة تفتقدها، هي قلقة بشكل دائم، والقلق واحد من الأمور التي تطلق الابداع، ولولا القلق الذي يصاحب الكتّاب لما كانت هناك كتابة، أو لكان الناس كلّهم كتّابا. كتبت عن نواحي إنسانية، وعن وطن ذبيح سليب، وشعب يعاني ويحلم بالعودة والسّلام والطّمأنينة،، كتبت عن المرأوهمومها وعن الحبّ والحياة من جوانب مختلفة، لكن يبدو أنّ لها عشقا تاريخيّا مع القهوة، فوصفتها وصفا جماليا لافتا وفي أكثر من نصّ. وكتبت عن الحرب والسّلام والطفولة الذّبيحة وغيرها.

 ووفاء ابرويش في اصدارها الأوّل هذا، الذي صنّفته على أنّه نصوص، يبدو أنّها تسرّعت في اصداره، وهذا ما يقع فيه غالبيّة الشّباب في الماضي والحاضر والمستقبل أيضا، وهذا حقّ لهم لا نقاش فيه، لكنّ وفاء ابريوش تعتبر استثناء في هذه الحالة، لأنّ موهبتها الأدبيّة بائنة لا غبار عليها، واصدارها هذا ينبئ بأنّها ستكون كاتبة ذات شأن اذا ما واصلت طريقها، ونمّت موهبتها بمزيد من المطالعة والاطلاع. ففي اصدارها هذا عدّة أصناف أدبيّة، فهناك قصص قصيرة جدّا مكتملة، وكان بالامكان اصدارها في كتاب منفصل، حتى أن بعض نصوصها تحوي أكثر من أقصوصة واحدة في ثناياها، ولغة الكاتبة لغة شعريّة، وبعض نصوصها فيها ايقاع وموسيقى وتعتبر قصائد نثر مكتملة أيضا، ولو انتبهت الكاتبة لذلك، لكان بامكانها أن تصدر ديوان شعر نثريّ أيضا، لكنّها اختارت أن تجمع كتاباتها كلّها بين دفّتي كتاب واحد، صنّفته على أنّه نصوص، وهذا حقّها طبعا.

والقارئ لنصوصها أيضا سيجد فيها جنوحا إلى التّفاصيل الصّغيرة غير المقحمة، وهذا من ميّزات الرّواية، فكتابتها عن القهوة في أكثر من نصّ على سبيل المثال، ووصفها لها ولطريقة احتسائها، ولمن يحتسيها، ألحّت على وعيي أنا بأنّ أقول بأنّ كاتبتنا قادرة على كتابة رواية تكون القهوة بطلتها الرّئيسة.

فباقة "ورد دافئة"لكاتبتنا ومبارك لها هذا الاصدار.