من قضايا القصة في التراث النقدي للأديب الراحل محمد حسن بريغش

الطيب أحمد رحماني

من قضايا القصة في التراث النقدي

للأديب الراحل محمد حسن بريغش

الطيب أحمد رحماني

فن القصة مما شغل به الناقد الراحل محمد حسن بريغش دراسة ونقدا، وتوجيها وتشجيعا، لما كان يبصره من أثر لهذا الفن على المتلقي صغيرا أو كبيرا، ولما له من امتداد الى كتاب الله تعالى، وحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتاريخ الأمة، ومن القضايا التي اهتم بمناقشتها الأستاذ بريغش نذكر:

القصة بين الشكل والمضمون:

كتب بريغش مبحثا بعنوان " الإطار الفني للقصة "[1] ناقش فيه بعض العناصر والشروط الشكلية التي يتطلبها فن القصة، مشيرا إلى نسبية هذه العناصر وقابليتها للتطور والتحديث باستمرار، وأنه ليس من المفيد للقاص أن يتقيد بأطر محددة، وإنما المفيد أن يأخذ الحرية الكافية للإبداع بشرط أن يحافظ على المبادئ والأصول العامة التي ينطلق منها والحدود الرئيسية لفن القصة.

وحذر من العواقب التي تنتج عن الأخذ بالأطر الفنية الغربية دون تمحيص ولامعالجة، ودعى في الوقت ذاته إلى الرجوع إلى القرآن الكريم والحديث الشريف والتراث التاريخي والأدبي والاستفادة منه في هذا الباب.

وبالرجوع إلى الدراسات التطبيقية التي قدمها بريغش لمجموعة من الأعمال القصصية ،يتبين أنه غالبا ما يشير إشارات سريعة إلى العناصر الشكلية دون أن يتعمق في تحليلها ونقدها انطلاقا من العمل المدروس، يقول في سياق تحليل المجموعة القصصية ( نحن نزرع الحب) للكاتبة شمة الكواري: " وكان للكاتبة أسلوبها المتميز، أسلوب التصوير الموحي، والرمز الخفيف مع التعابير الشاعرية،والتجريد الذي يدعو للتأمل والتفكير في بعض الأحيان، وهي تمزج بين طريقة السرد وطريقة الإيحاء والتصوير وتداعي الأفكار والصور مع استعمال الرمز بطريقة حسنة"[2]

وهذه الإشارات – وإن كانت مفيدة في تشخيص رؤية بريغش لشكل القصة – تبقى غير كافية للدفع بالإنتاج القصصي المدروس إلى مزيد من الـتألق واتقان الأدوات الفنية لهذا الفن، فضلا عن تقديم مفهوم متكامل للقصة انطلاقا من نماذج تطبيقية.

أما فيما يخص مضمون القصة فقد حظي بنصيب وافـر من اهتمام بريغش، ففي شق التنظير تحدث عن طبيعة المواضيع التي يمكن أن تمثل مصدرا لهذا المضمون مشيرا إلى تنوعها خاصة بالنسبة للقصة الإسلامية التي تستند إلى تصور شامل يغطي كل دروب الحياة بشرط أن يعي القاص هذا التصور على حقيقته وانطلاقا من أصوله ومنابعه الصحيحة.

ومن أهم المواضيع التي يمكن أن تستلهمها القصة الإسلامية في العصر الحديث:

 - التاريخ بعد دراسته من وجهة نظر إسلامية صحيحة،

 - المجتمع وما يعيشه من تغيرات ومشاكل على جميع المستويات،

 - السياسة وما تحمله من خفايا ورموز...

وقد انتقد بريغش الكيفية التي اعتمدها بعض الكتاب في تناول بعض المواضيع، كالإفراط في جوانب على حساب أخرى أو التركيز على ظواهر اجتماعية وتناولها بطريقة سلبية تقود إلى نتائج خطيرة على حساب المتلقى كما هو الشأن في موضوع المرأة والجنس، إضافة إلى تشويه موقف الإسلام من قضايا مختلفة...

إن هذه الأخطاء - في رأي بريغش – لا تقل خطورة عن الإخلال بالخصائص الشكلية لفن القصة، بل هي أخطر من ذلك، لما لها من أثر على القراء الذين يهتمون بهذا الفن.

إن القصة الإسلامية قصة هادفة، وغايتها تلتقي مع غاية الأدب الإسلامي وهي حمل رسالة الإسلام وتبليغها إلى المتلقين والقراءة بمختلف ألونهم وأجناسهم، وهذا يدفع القاص إلى وضوح التصور ونقائه من كل الشوائب والمؤثرات، وحكمة في توظيف فن القصة، " والحكمة أن يكون واعيا لما يقول ويصور وواضحا لما يهدف ويريد، وفاهما ومدركا للتصور الإسلامي في الموضوع الذي يختاره لقصته..."[3]

وقد دفعت هذه المحاذير بريغش إلى تتبع القصص الإسلامي بالتحليل مركزا على ما شابه من اختلالات ونقائص علة مستوى المضمون، مثمنا ما لاحظه من إشارات دالة على ملامسة الغاية النبيلة والأهداف المرجوة. وقد نالت روايات وقصص نجيب الكيلاني حظها الوافر من هذا التتبع، وكانت مادة للتحليل والنقد، وكثيرا ما كان النقد شديدا إذا لاحظ بريغش خروجا عن التصور الصحيح في تناول بعض القضايا وعرض بعض الآراء كما هو الشأن مع رواية ( رأس الشيطان ) حيث قال فيها : " القصة تتبنى ما قاله الحكم ما بين سنتين ( 52- 1976 م ) وماطرحه الاتحاد القومي، ثم الاشتراكي من أفكار وشعارات، وكان الإسلام أثناء ذلك مبعدا ومحاربا، ومحكوما عليه بالتأخر والرجعية ... ولقد ساعدت القصة على إعطاء صورة مشوهة عن الدين وحملته في هذه الفترة ..." [4]

ومن ملامح مضمون القصة أن يتسم بقدر مهم من الصدق[5]، وأن لا يجنخ إلى الخيال المفرط ويفقد صلته بالواقع مطلقا، قال بريغش مثمنا صنيع ابراهيم عاصي في مجموعته ( حادثة في شارع الحرية):" ومن مميزاته أنه التزم بالواقعية الصادقة، واختار الموضوعات التي تحز فى أكبادنا، وتذيب كيانا ... وكان في واقعيته جريئا يعبر عن صدق وتصور متميز..."[6]

ومهما يكن فالقصة لدى بريغش فن له مميزاته وخصائصه الشكلية الخاصة به، كما هو شأن سائر الفنون، غير أن هذه المميزات تبقى قابلة للتطوير والتحديث، ومن حق الأديب القاص أن يسهم في ذلك بما أوتي من قدرة وموهبة . ويبقى الشكل أجوفا إلا إذا حمل مضمونا هادفا محددا بإحكام وموجها وجهة صحيحة في ضوء رؤية واضحة وبعيدة المدى.

 القصة بين التقليد والتجديد

يرى بريغش أنه ليس من الضروري أن يلتزم الأديب القاص بشكل تام ما تعارف عليه المهتمون بفن القصة من أطر و أدوات فنية، بل من حقه أن يجرب ويتطلع إلى التجديد والإبداع، متجاوزا عقدة التبعية والإحساس بالنقص التي قادت كثيرين إلى تقليد الغرب[7] وتضخيم ما توصل إليه من أطر فنية من خلال تجارب متعددة.

لقد أضحت القصة الغربية بعناصرها وأشكالها تقليدا يصعب تجاوزه[8] مع أن كثيرا منها لا يوافق المبادئ والاصول التي يقوم عليها التصوير الاسلامي ويخشى من هذا أن ينجرالانتاج الادبي الاسلامي في هذا الباب إلى مواقع الادب الاخرى والمدارس المختلفة بكل ألوانها ومصطلحتها وبواعثها ويفرغ من روحه الحقيقية وأصالته المتميزة ...[9]

والقاص المسلم عليه أن يتحرر من هذه العقدة ويتخلص من هذه القيود، ما دام التبدل والتغيير والتطور من سمات فن القصة، يقول بريغش " ... لننظر إلى المحالات الحديثة في هذا الفن وغيره، ومدى التبدلات التي أرادها أصحاب المذاهب الحديثة لفن القصة والمسرح والشعر. فلماذا نحجر على الأديب المسلم أن يشق طريقه بحرية وجرأة؟ ولماذا نجعل الشروط الفنية لهذا الفن وغيره قيودا تمنعه من الابتكار والتجديد ..." [10]

إن هذا الأديب ينتظر منا ــ على العكس من ذلك ــ أن ندعمه ونقف إلى جانبه بالدراسة والتوجيه، ولذا كان بريغش حريصا على دراسة التجارب القصصية التي يبدعها أدباء إسلاميون متميزون بتشبتهم بالمبادئ الإسلامية وحرصهم على الدفاع عنها بما يملكون من قدرة فنية لا تتقيد بما عرف في الشرق أو الغرب من أطر وأشكال. يقول في سياق تحليل المجموعة القصصية( ميلاد جديد) للكاتبة حنان لحام : " وأفضل عندي أن أرى تجربة من هذه التجارب الأدبية التي برئ صاحبها من الخلفيات المعقدة، ورمى إلى بعيد كل المواضيع والمصطلحات والقيود - وليس القواعد - التي اصطنعتها يد الشياطين وهم يمسكون بقيادة الأدب العالمي من أن أرى تجربة لها من الشهرة ما لها، لكنها لا تستطيع التخلص من أثر هؤلاء الشياطين على الأدب. وهذه مهمة لا يقوى عليها إلا المتميزون الناضجون الذين وضحت عندهم حقائق التصور الإسلامي" [11]

غير أن دعوة بريغش إلى الإبداع والتجديد لم تتجاوز حيز الإثارة والتنبيه إلى اقتراح خطوات وإجراءات عملية من شأنها أن تنهض بفن القصة الإسلامي، وتنقذه من خطر التعبية والتحجر الذي شاب كثيرا من القصص العربي الحديث في ظل هيمنة أتباع المذاهب الغربية على مراكز القرار ووسائل النشر والإعلام. وإن كانت دعوة بريغيش بالرجوع إلى القرآن الكريم والحديث الشريف والتراث التاريخي والأدبي والنهل منه، وتحفيز الأدباء على تفعيل قدراتهم الفنية الكامنة وحشدها لخوض معركة التجديد ... إن كان كل هذا مهما فإنه مازال في حاجة إلى متابعة عملية من قبل الدارسين والمبدعين تستنطق التراث وتستفيد منه في بناء فن قصصي إسلامي أصيل.

القصة والفنون الأدبية الأخرى:

أشاربريغش في عدة مواضع إلى أن فن القصة مجال واسع، ومن ذلك قوله :" ... لست ممن يتوقفون عند صورة محددة للقصة، بل هناك مجال رحب وصور كثيرة يستطيع الكاتب استخدامها في كتابة القصة شريطة النجاح".[12]

 وهو لا يرى حرجا في اشتمال القصة على لمسات من الفنون الأدبية الأخرى كالمقالة والخاطرة والخطبة ... بشرط أن تحافظ على إطارها العام المتعارف عليه، ففي سياق تحليل قصة (إنهم فتية) للكاتبة سلمى الحورى – مثلا – يقول: " ... لم تتردد في الاستشهاد بالنصوص القرآنية أو الحديثية قي القصة، بل عمدت إلى تثيق هذه النصوص في هامش الصفحات متجاوزة تلك العقدة التي يتوقف عندها بعض المشتغلين بالأدب، المتتلمذين على الثقافة الغربية مدعين أن الطريقة المباشرة أو استخدام مثل هذه النصوص يضر بالفن الأدبي ويوقعه بالوعظ، وكأن الوعظ خلة مقيتة "[13]

وكثيرا ما توقف بريغش عند الحدود الفاصلة بين القصة والمقالة لما لاحظه من جنوح لدى كثير من المبدعين إلى مميزات المقالة[14] يقول متسائلا: " ما الفرق القصة الحديثة والمقالة؟ وماهي حدود كل منهما؟ وأين تنتهي تخوم المقالة لتبدأ القصة؟ أو كيف نتبين تخوم كل منهما ونعرف أن الكاتب قد اجتازالفواصل - الموهومة – بين هذا النوع الأدبي أو ذاك أو بالعكس ؟ هل يمكن أن نلغي في وقت ما الفواصل والحدود بين الأنواع الأدبية ؟ وإذا كان هذا ممكنا فهل هو مفيد؟ وما مردود ذلك على الأدب وعلى الأديب وعلى القارئ؟"[15] وكان مبعث هذه الاسئلة رغبة بريغش في توضيح إمكانية حضور بعض خصائص المقالة في القصة في حدود المحافظة على الإطارالعام لفن القصة. وأهم ما يحد هذا الاطار عنصر السرد والحكي يقوق متحدثا عن عبد بن مسعود ومجموعته (الأخدود): " ولماذا لا يستحضر روح الحكاية – دوما – فيما يكتب ليبقى في إطار فن القصة، لأن الحكاية – بشكل من الأشكال – تبقى المعْلم الذي يعطي القصة ميسمها، والحكاية لا إشكال وصور تتسع لكل التجارب"[16]

إن شرط الحكي – في نظر بريغش – يوحد كل الأنواع السردية المختلفة من رواية وقصة قصيرة واقصوصة ... في إطار واحد هو فن القصة، لذا لا يجد حرجا في إطلاق مصطلح " قصة " على كل نص سردي دون الإلتفات إلى هذه المصطلحات الحديثة التي تميز بين الأنواع المختلفة ذات الطابع السردي.

وتبقى القصة _ بهذا المفهوم العام_ ذات أهمية لما لها من فعالية في التعبير عن الأفكار والرؤى والفلسفات والآراء وقدرة على تصوير كثير من الأمور وجعلها واضحة أمام القارئ بصورة حية فاعلة. [17] لذا كان بريغش يوليها اهتماما وخصها بجانب مهم من دراساته النظرية والتطبيقية.

أما عن علاقة القصة بالمسرح، فإن بريغش لا يرى أي وشائج للقربى بين الفنين، بل على العكس من ذلك يعتبر فن المسرح دخيلا أجنبيا متأثرا بالعقائد الوثنية اليونانية القديمة، في مقابل امتداد القصة وانبعاثها من المصادر والأصول الإسلامي بما فيها القرآن الكريم والحديث الشريف... وقد انتقد بشدة ما ذهب إليه الكيلاني من الزعم بأن التأثر والتأثير واضح بين الفنين.[18]

إن المفهوم الواسع الذي اختاره بريغش للقصة وكذا التساهل الذي أبداه بخصوص حدود هذا الفن، وموقفه من المسرح، كل ذلك يبقى في حاجة إلى إعادة نظر وتقييم في ضوء الضوابط التي تحكم الفنون الأدبية بشكل عام، والسردية منها على وجه الخصوص، في ظل استحضار المؤهلات الذاتية والتطلع إلى الاستفادة مما جد في الساحة الأدبية من أطر وأشكال قد تكون مفيدة في تطوير القصة الإسلامية، وتنويع الإبداع الأدبي بالتأصيل لفن مسرح إسلامي .

 القصة والمرأة:

سبق وأن ذكرت أن بريغش كان يهتم بتحليل مضامين القصص أكثر من أشكالها، وهو إنما فعل ذلك إنطلاقا من موقف يقر بقابلية الأدوات والأشكال للتبدل والتغير في إطار من الحفاظ على الأصول والمبادئ وبشرط الحفاظ كذلك على حدود فن القصة. في الوقت الذي تبقى المضامين مرهونة بطريقة تصرف الأديب وكيفية تناوله لها، فقد يحسن استعمال الأدوات والأشكال ويطوعها للتعبير عنها فيكون ناجحا، وقد يخطئ ويجانب الصواب ويكون فاشلا.

ومن أهم المواضيع التي توقف عندها بريغش موضوع المرأة الذي طالما أغرق به الأدب الحديث، وبالغ في تناوله بطريقة سلبية تهدف إلى الإثارة الرخيصة والدعاية المجانية إلى الفساد الأخلاقي، الذي سعى أنصار الأفكار الهدامة والمذاهب الضالة إلى إشاعتة في صفوف الصغار والكبار بالعالم في ظل الحضارة المادية.

وقد نال فن القصة نصيبه الأوفر من ذلك لما له من خصائص تجعل منه أداة سهلة... يقول بريغش: " لعل أكثر كتاب القصة يحرصون على اختيار الشخصيات النسائية لتكون من أبطال قصصهم ورواياتهم، وكثير منهم أيضا يقرنون بين المرأة والجنس، ويكون لهذه الشخصيات أثر كبير في إضفاء صفة التشويق على هذه القصص، وإلهاب العواطف، وتأجيج الصراع ، ولاتختلف في ذلك القصة التاريخية أو الاجتماعية أو السياسية..."[19]

وهذا لايعني أن تخلو القصة تماما من ذكر المرأة أو التطرق إلى العلاقة العاطفية، وإنما تحضر المرأة باعتدال يراعي الضوابط الشرعية، ويخدم الأهداف المشروعة انطلاقا من استحضار الدور المركزي للمرأة في المجتمع يقول بريغش:" القصة الاسلامية – كما أتصورها – تنظر إلى الحياة أو تعرضها من منظور صحيح متوازن، لاتهتم بالمرأة لانها تمثل الجنس واللذة، ولا تطرح الحب في كل قصة بوجود المرأة... بل تهتم بالمرأ ة لأنها نصف المجتمع ولأن النساء شقائق الرجال، ولأن مسؤوليتها في الحياة لاتختلف ولاتقل عن مسؤولية الرجل"[20]

وكان حري بالقصاصين أن يبرزوا هذا الجانب الايجابي للمرأة للإسهام في رفع بعض مظاهر الضيم الذي طالتها في مجتمعاتنا بفعل عوامل متعددة منها الجهل وابتعاد الناس عن فهم دينهم وتحكيم شريعة الله في حياتهم...[21]

القصــة واللـــغة:

من العناصر الأساسية لبناء القصة أن تعتمد على لغة عربية فصيحة وسليمة وقوية، وقد خصص بريغش محورا بعنوان " اللغة في القصة " في سياق تحليل رواية ( الذين يحترقون ) انتقد فيه تساهل نجيب الكيلاني -في بعض الأحيان- باللغة الفصيحة وجنوحه إلى العامية، وحذر من سعي أعداء الإسلام لإبعاد هذه اللغة وقطع الصلة بكتاب الله وإحلال العامية واللهجات والأحرف العربية...[22] ولذا من واجب الأديب المسلم أن " أن يعمل حتى تصبح الفصحى لغة الحديث كما هي لغة الكتابة ولغة العامة كما هي لغة الخاصة " [23] وتربية أذواق القراء على تذوق جمالها ومعرفة خصائصها الفريدة...[24] ولتحقيق ذلك لابد من التطلع إلى الجذور الأصيلة لهذه اللغة المتمثلة في القرآن الكريم والحديث الشريف والتراث الأدبي العربي القديم يقول بريغش " إن دراسة هذا الأدب ( أي الأدب العربي القديم ) لها علاقة بفهم اللغة العربية وأسرارها، وفهم تطورها وعلومها ولن يتاتى لنا ذلك إلا بفهم كتاب الله سبحانه وتعالى ، لأنه كتاب العربية الأول الذي ثبت قواعد اللغة وأعطاها مدلولاتها البعيدة، وفتح لها آفاق الدنيا. وكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتراث الأدبي الموثوق للعصر الجاهلي والعصور الأولى "[25]

وقد ثمن الكاتب بعض الأعمال القصصية التي سعت إلى مثل هذا، ومنها الجهود التي قام بها بعض الأدباء الإسلاميين ومنهم أبو الحسن الندوي الذي اهتم باللغة العربية الفصحى في كل أعماله - على سعتها وتنوعها – ومن بينها مجموعة من القصص للأطفال عن الأنبياء والمرسلين بأسلوب سهل يوافق أعمار الصغار وأذواقهم، ويزيد من ثروتهم اللغوية من خلال الألفاظ السهلة والأسلوب الممتع الشائق ...[26]

إن اللغة العربية لغة عقيدة ودين، وهذا المبدأ يوجب على الأديب المسلم أن يحافظ عليها قوية عزيزة سليمة من كل شائبة، وأن لا يتساهل في حقها مهما كانت الدوافع الفنية التي يروج لها البعض باسم الواقعية وخصوصية الأجناس والأنواع الأدبية... في الوقت الذي يحرص فيه الأعداء على نشر لغاتهم وجعلها حية وفعالة في كل الميادين المعرفية.

               

[1] - دراسات في القصة الاسلامية المعاصرة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1،1414ه-1994م،ص 29-32

[2] - في القصة الاسلامية المعاصرة دراسة وتطبيق، مؤسسة الرسالة، بيروت،ط1،1420ه-2000م، ص 191

- دراسات في القصة الاسلامية المعاصرة، ص 20[3]

 [4] - المصدر السابق ، 96-97

 [5] - آداب الاطفال أهدافه وسماته،مِؤسسة الرسالة،بيروت،ط2، 1418ه-1997م ، ص 217-218

[6] - في الادب الاسلامي المعاصر،مكتبة المنار ، الزرقاء، الأردن،ط2، 1405ه-1985م، ص 242

[7] - في القصة الإسلامية المعاصرة، ص 13

[8]- ويرى بريغش أن هذا التقليد طال حتى المضامين فكان كثير منهم يحرص على حضور أفكار ومصطلحات لأن الغربيين وأتباعهم كانوا يركزون علبها في إبداعاتهم ، ومن ذلك ما يتعلق بموضوع المرأة والجنس كما سيأتي.

[9]- دراسات في القصة الإسلامية المعاصرة ص 9 – 10 وأنظر ص 46 – 47

[10]- المصدر السابق ص 11-12

[11] - في الأدب الإسلامي المعاصر، 247

[12] - في القصة الاسلامية المعاصرة ، ص 159

[13] - المصدر السابق ،ص 115

[14] - انظر المصدر السابق، ص 159-171-210...

[15] - في القصة الإسلامية المعاصرة، ص 158

[16] - المصدر السابق، ص 162

[17] - الأدب الإسلامي ليس نظرية بل هو قديم مستمر،حوار مع الأستاذ بريغش، مجلة الأدب الإسلامي ع42،1425ه-2004م، ص 43

[18] - أنظر الفصل الرابع ضمن كتاب " دراسات في القصة الإسلامية المعاصرة" وهو بعنوان: ذ. نجيب الكيلاني بين القصة والمسرح

[19] - دراسات في القصة الاسلامية ، ص 51 ضمن مبحث بعنوان " المرأ ة في القصة " في سياق تحليل رواية ( الذين يحترقون ) لنجيب الكيلاني انظر ص 51-58.وبريغش يتوقف هنا ليناقش عنصرا من عناصر السرد وهو الشخصيات غير أنه ناقشه من زاوية الإشارات المضمونية التي يحيل عليها.

[20] - دراسات في القصة الاسلامية، ص51

[21] - المصدر السابق ص 28.

[22] - المصدر السابق، ص 60

[23] - المصدر السابق، ص نفسها

[24] - في القصة الاسلامية المعاصرة، ص 147 وللقصة دور مهم في ذلك خاصة لدى الاطفال انظر: أدب الاطفال أهدافه وسماته، ص 222-223

[25] - في الادب الاسلامي المعاصر،ص 43-44.

[26] - أبو الحسن الندوي الأديب الناقد،ص 77