قصة على ألسنة الحيوانات

د. سامية صادق سليمان

قصة على ألسنة الحيوانات

د. سامية صادق سليمان

مدرس الفلسفة الاسلامية كلية الأداب

قصة " الملك المخلوع والملك المخدوع – تأليف : د غيضان السيد علي  "طرح سياسي للوضع السياسي الراهن في الوطن العربي      

جامعة بني سويف

أدرك كاتب هذه القصة د غيضان السيد علي ... أن للطفل عالمه الخاص  الذي يسبح فيه بخياله، ويفكر فيه، ولا يقل الطفل تفكيرًا عن الكبار، بل كثيرًا ما تكون القوة الذهنية عند الطفل أقوى من تفكير كثير من الكبار.

واستخدم الكاتب الرمزية في التعبير وهي الطريقة التي تمكنه من التعبير عن ما يريده بطريقة غير مباشرة .

و  تعد التنشئة السياسية  من أهم متطلبات العصر وبخاصة لدي الأطفال ، فقد أثبتت الأحداث الحالية في وطننا العربي  وحالات التخبط الشديدة ، والتعصب الأعمي التي نعاصرها،  أننا بحاجة شديدة لنشر الوعي السياسي  لدي الشعوب وبخاصة لدي الأطفال .

ويأتي  فن القصة  في مقدمة الابداعات التي يمكن أن تقدم للطفل ،حتي يتمكن من تنشئة سياسية  جيدة ، فالقصة تبني مواقف للطفل، فينشأ محبًا لوطنه، وتغرس في نفسه العقيدة الراسخة، وحب الخير وأهله، والبعد عن الشر ، كما تعلم القصة الطفل البطولة والتضحية والإقدام في مواقف معينة، فينشأ  على الشجاعة، وبهذا تحمي الأمة نفسها وحدودها وتحقق طموحاتها وآمالها وسيادتها....

وانطلاقا من تثقيف الطفل وتعريفه بحقوقه وواجباته

يقوم الكاتب بتوضيح مفهوم المشاركة السياسية في اختيار الحاكم ، وخلعه اذا لم يقم بالمطلوب منه ، وان لم يكن علي قدر المسؤلية ..

  

ويبدأ كاتب هذه القصة ، بلحظة وجود فراغ سياسي في الدولة بعد استبعاد الحاكم الطاغية ،أو الملك المخلوع ، ولكن ماذا بعد ؟ هل سيتمكن الشعب المقهور منذ سنوات طويلة عاني فيها ، واغتصب حقه في العدالة والمشاركةأن يختار حاكمه الجديد ، بعد أن رسخ  مفهوم الحرية لدى الشعوب بعد الثورات .

 وإذا تفاوت المرشحون في الفضل بين القوة والأمانة، فينبغي الموازنة بين المصالح والمفاسد ، وعلي الشعب اختيار من يحقق له حقه في الحرية والعدالة والأمن .

وقد لوح الكاتب الي أهمية مشاورة أهل العلم والخبرة، فإنهم أعرف بحالها ورجالها ومن يصلح لها.فهل قصد الكاتب بهؤلاء: النخبة؟ ان كان قصدذلك، فقد تهاوت هذه الفئة بعد الربيع العربي وظهر سوء نية كثير منهم في ظل الأحداث السياسية التي مرت بها بلادنا العربية ..

وقد رمز الكاتب الي المرشحين بالحيوانات المشهورة والبارزة ، ومنهم الثغلب الذي تم رفضه بسبب صفاته المعروفه من مكر ودهاء ، قد يستغلها ضد الشعب ، وان كان الحاكم بحاجة الي هذا الدهاء أحيانا ..

أما المرشح الثاني وهو الحصان الذي كان يرمز له الكاتب بمرشح يحب الشهره ويتجمل بزهو الكلمات والمنظر البديع في اشارة الي وجوب الحذر من الانخداع بالكلمات الرنانةوالمناظرالبديعة وارتباطه أحيانا بفراغ الجوهر .

كذلك رفضت الحيوانات صاحب الصوت العذب لأنه لا يمتلك مقومات الحاكم العادل الذي لايجب أن يعتمد فقط علي رنين الكلمات وعذوبتها ، وكذلك تم رفض  صاحب القوة المفرطة(النمر) الذي يمكنه استخدامها لقمع الشعب و بذلك يصنع من ذاته دكتاتورا جديدا لا يمكن مجابهته أو التخلص منه.

أما القرد الذي أظهر حكمته ، فقد رضيت به الأغلبية  ولكن بشروط ، ولما أخل بتلك الشروط قررت الأغلبية استبعاده ، لانه ببساطة لم يتمكن من احتواء الشعب ولا تقدير الموقف والمسؤلية التي القيت علي عاتقه ، حتي وان وقع في الأخطاء نتيجة الخداع ، وليس سوء النية ، فالقانون لا يساند المخدوعين  ولا يحمي المغفلين .

 لكن من الملاحظ أن  خلعهم للحاكم الساذج  هذا ضد ما تم استبعاده كحاكم وهو الثعلب الماكر فهل هم يريدون المكر أم السذاجة؟

وهذه القصة من الحكمة والمآثر الأخلاقية التي تُمثل ذخيرة خلُقية لكل قارئ  وبخاصة الطفل تفيده في كل حياته على اختلاف مواقفها.

 ومن خلال هذه القصة عميقة المعني نري أن الأدب الموجه للطفل يحتاج  مناإلى الكثير من العناية،  لانه يؤسس الوعي والواقعية والخيالية للطفل .

والحقيقة أن هناك تطورا جديدا في النشر للطفل  في السنوات الأخيرة، فأدب الطفل في الوطن العربي ارتكز في السنوات الأخيرة علي العديد من التجارب المختلفة،  والاهتمامات الكبيرة التي ربما تدعمها والمسابقات والتنافسات في هذا المجال ، لتترك لنا موادا غزيرة وتؤسس لنسق مختلف قادر على ترك أثار عميقة لدى الطفل..